اللاعنف والغضب

 شبكة النبأ: الامام محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) في طرحه لنظرية اللاعنف قرأ العنف واستنتج نقيضه تماما، فيقول رحمه الله:

ان القتل لا يقع إلا من جراء الغضب وهكذا كل مفسدة ومكروه، وذلك اعتمادا على قول الإمام جعفر الصادق عليه السلام: الغضب مفتاح كل شر.

فاثناء الغضب تتلبس الانسان مشاعر متنوعة من الاستثارة والهياج عندما يتعرض الى نوع من التصادم مع نمطية تفكيره او بما يعتبره هو بانه تصادم مزلزل لمكانته معنويا او ماديا، عند ذاك تكون ردة فعله غير المنضبطة تاخذ حيزا سلبيا وقد تكون عنيفة لدرجة يحدث فيها التعدي غير المحدود تجاه المؤثر عينا او بصورة غير مباشرة لربما على من يحيطون بالمؤثر او ما يتصل به من ممتلكات او معنويات شخصية.

وطبعا هذا الرد يرتبط بالعنف، وهو سلوك مشوب بالقسوة والعدوان والقهر والاكراه، وهو عادة سلوك بعيد عن التحضر والتمدن، تستثمر فيه الدوافع والطاقات العدوانية استثمارا صريحا بدائيا كالضرب والتقتيل للافراد والتكسير والتدمير للممتلكات، واستخدام القوة لإكراه الخصم وقهره، ويمكن ان يكون العنف فرديا يصدر عن فرد واحد كما يمكن ان يكون جماعيا او عن هيئة او مؤسسة تستخدم جماعات باعداد كبيرةعلى نحو ما يحدث في التظاهرات السلمية التي تتحول الى عنف وتدمير واعتداء او استخدام الشرطة للعنف في فضها للتظاهرات والاضطرابات، ويمكن تعريف العنف الناتج من الغضب بانه:

الاستخدام غير الشرعي للقوة او التهديد باستخدامها لإلحاق الاذى بالآخرين. بحسب ساندال بول روكنك.

والاستخدام هذا انما يخلق لدى الفرد الغضبان توازنا نفسيا على نحو ما او بما اصطلح عليه ثقافيا باشفاء الغليل، او قتل الحرقة في النفس الغاضبة وقد تشبه بالعطش الذي يحدث بعده الارتواء.

فهل حقا قد اشفت هذه السورة من الغضب والهياج الغليل المزعوم ام انها اضافت مأساة اخرى تتفرع الى امراض وعلل في الجسد الاجتماعي وقضت على التواصل الانساني في المحيط الاجتماعي على الاقل؟.

فالغضب يتعدى الاسرة اي يتعدى الزوج والاولاد والجيران وزملاء العمل والزبائن والمستخدمون لوسائط النقل والمتزاحمون على الطريق، ويعبر الى بنية المجتمع ذاتها وتدخل في الجوانب السياسية ربما بشكل اكثر تدميرا واوسع موات.

الغضبان تتغير سحنته وترتجف اطرافه وتضطرب الحركات التي يقوم بها كذلك لايستطيع ان يكبح تعالى صوته الذى يتحول مع الاستمرار الى ما يشبه بالنباح، فيما ياخذ الزبد يخرج من شدقيه ويبدو منظره مهولا وهو يحدق بالآخرين بعيون محمّرة، متوعدا او ضاربا الخصم بلا رحمة وهو يكيل الشتائم كيفما اتفق وكأنما تلبسته وحشية ادهى من وحشية الحيوان، وعموما فانه ينزل الى مستوى الدونيّة الى اقصى درجاتها، ويخرج من آدميته ومعناه كانسان الى شئ آخر ليس له مثال في المخلوقات التي يعرفها الانسان إلا كونها حالة في الذاكرة المعرفية الثقافية المتكررة لما يعرفه المجتمع بشكل مخلوط ثقافيا.

حيث ان مفهوم البطولة قد ارتبط ميثولوجيا في الذاكرة الجمعية للمجتمعات البدائية وبالاخص المجتمعات البدوية وهي عبادة القوي العنيف وقد سميت في العصور الحديثة بـ عبادة الشخصية، وشخصية القوي العنيف في حقيقة الامر صارت مثالا لكل افراد المجتمع حيث يصبو كل فرد ان يبدو في عيون الآخرين قويا عنيفا اي بمعنى انه بطل يستحق ان يعجب الآخرون به على منوال البطل الكبير الذي يعشعش في العاطفة النرجسية للتركيب النفسي الخاص جدا في قرارة الفرد، فما هو إذن علاج هذا الغضب؟.

وما هي الطرق لإعادة هذا الانسان الى آدميته؟.

أ ـ العمل على بث اسس اللاعنف، وبالاخص تلك التي طرحها الامام الشيرازي(قدس سره).

ب ـ تحويل نظرية الامام الشيرازي من اطارها الديني الى الاطر السياسية الاجتماعية والاقتصادية كعينة مماثلة للتطبيق.

ت ـ اجراء بحوث لنظرية الامام الشيرازي على الطرف الاجتماعي حصرا، وهذا بشكل عام وشامل تلتزمه آليات كبيرة تدير الخطاب، اما المعالجات الخاصة التي يقوم بها الفرد فتتلخص بالنقاط التالية:

1ـ ان يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وذلك لأن اشد جنود ابليس هو الغضب.

2ـ ان يعالج الانسان الاشياء سواء كان هدما او بناءا بكل لين ورفق حتى لا يتأذى احد..

3ـ ان يغير الغاضب وضعه الذي هو عليه، كأن يجلس اذا كان واقفا او يستلقي اذا كان جالسا وهكذا؟...

4ـ الاستحمام او الوضوء.

5ـ التفكير في فضائل كظم الغيظ والعفو والحلم وقراءة آية من الآيات.

6ـ استذكار غضب الله والعذاب العظيم وسوء العاقبة في الدنيا والاخرة.

7ـ ليتذكر الغاضب بان مطالب بعد الغضب بالاعتذار وما يعقب من ندم.

8ـ إزالة اسباب الهياج.

9ـ التفكير بخطوط الرجعة للصلح والمودة والتخلي عن الاحكام الحدية فليس هناك شئ مطلق مهما كان إلا ما يتصل بالله سبحانه وتعالى.

·  فاحمق الرجال من يظن انه اعقلهم، واعقل الرجال من لم يتجاوز الصمت عقوبة للجهال.

· وحكي: ان رجلا قال لآخر: والله لو قلت واحدة ( شتيمة او مثلبة) لأسمعتك عشرا.

· فقال الآخر والله لو قلت لي عشرا لما اسمعتك واحدة!.

· وقال الإمام على عليه السلام: لا حلم كالصبر والصمت، وقال ايضا: الحلم غطاء ساتر والعقل حسام باتر فاستر خلل خلقك بحلمك وقاتل هواك بعقلك.

........................................................

المصادر:

نظرية اللاعنف للشيرازي

الاخلاق والآداب الاسلامية.. عبد الله الهاشمي

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 26 حزيران/2007 -10/جماد الاخرى/1428