تكريم الغرب لرشدي مكافئة له ام احتقار للمسلمين؟

عقيل عبد الله الازرقي

 قبل ايام منحت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية الكاتب الروائي سلمان رشدي، الذي توارى عن الأنظار بعد صدور فتوى إيرانية بقتله، لقب فارس. وقد سيق رشدي الى النجومية وبتركيز قل نظيره من الاعلام  ولان العصر يعيش حال  هوس وحمى  في الهجوم على شخص الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله وسلم)  وكان رشدي أحد عرابيها.

  والملفت ان تمنح شخصيه تعتبر مفرق طرق بين المسلمين والغرب مثل هذ اللقب.وهو باعث سوف يصنع متطرفين جدد وناقمين على الغرب  وخصوصا بريطانيا وهي الدولة الاكثر تضررا من التطرف على أراضيها  في اوربا. وتاريخ الغرب ليس غريبا في تكريم مثل هذه الشخصيات وهو يعيش حاله تخبط في زرع الكراهية في قلوب اكثر من مليار مسلم.  فقد  كافأ الرئيس جورج  بوش شارون حين وصفه بانه  رجل سلام في خطابه الذي القاه   في ليكسنغتون  بفرجينيا دون الاخذ بالجرائم التي ارتكبها في مخيم جنين وقتل المدنيين في الانتفاضة الاخيرة في الاقصى.

 وكذلك الحال في الاختيار الاشخاص الذين تمنح لهم جائزه نوبل وخصوصا في السلام  فقد منح كل من شمعون بيريز وهنري كسنجر جائزه نوبل للسلام وسط اعتراض من بعض افراد العائله فقد رفض بعضهم التصويت الى منح كيسنجر جائزه نوبل. فكل من الاثنين له جرائمه التي يتميز بها عن الاخر. حيث طالب صاحب كتاب( محاكمة هنري كسنجر) وهو كريستوفر هيتشنز  الصادر عن فيرسو، لندن- بريطانيا   وهو كتاب يتكون من اكثر من 159 صفحه يصف الكتاب الجرائم التي ارتكبها هنري كسنجر او انخرط  فيها في فتره توليه لوزاره الخارجيه لامريكا ومستشار الامن القومي في عهد الرئيس نكسون فيطالب بمحاكمه هنري كسنجر كمجرم حرب حيث يرى أن اعتقال ومحاكمة أوغستو بينوشيه, رئيس تشيلي السابق, ومحاكمة سلوبودان ميلوسوفيتش تعنينان أن القانون الدولي يشهد الآن تحولاً بإتجاه جلب مجرمي الحرب الذي دأبوا على الاختفاء خلف مناصبهم الرسمية والدبلوماسية الرفيعة.  ولهذا فإن تلك اللائحة تحتوي ست تهم رئيسية يمكن تجريم كيسنجر بسهولة إزائها نظراً لوجود الأدلة والبراهين والشهود, وهذه التهم هي: القتل المتعمد للمدنيين في الهند الصينية (فيتنام, كمبوديا,...), التآمر المتعمد في عمليات قتل جماعي وإعدامات في بنغلاديش, والانخراط شخصياً في التخطيط لقتل مسؤول دستوري رفيع في دولة ديمقراطية (تشيلي) لم تكن في حالة حرب مع الولايات المتحدة, الانخراط شخصياً في مؤامرة لتصفية رئيس دولة ديمقراطية (قبرص), تسهيل ودعم حملات الإبادة في تيمور الشرقية, الانخراط شخصياً في خطة لخطف ثم اغتيال أحد الصحفيين في واشنطن دي سي.

 والحال نفسه مع شمعون بيريز, كان شمعون بيريز كوزير وكرئيس وزارة وكشريك في السلطة مسؤولا مباشرا عن سياسات شديدة القسوة ضد العرب بعيدة جدا عن السعي من أجل السلام، من المبادرة إلى بناء أكثر المستوطنات إشكالية في منطقة الخليل إلى مجزرة قانا التي راح ضحيتها مئات النساء والأطفال اللبنانيين، والتي اعتبرها بيريز "خطأ" تتحمل مسؤوليته المقاومة اللبنانية لقرب مواقعها من مناطق سكن المدنيين في حين يكن الحظ ليقف الى جانب زعيم الهند المهاتما غاندي في ان يمنح الجائزه نفسها.

 وحتى لانذهب بعيدا عن رشدي. فهذا الكاتب لم يسبق   تعرف على كتاباته احد من قبل  ولم يظهر الى جو الاضواء الا عندما كتب روايه (أيات شيطانيه) وهاجم فيها الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله وسلم) واستحق على اثرها لقب مرتد قبل ان يكرم اليوم ويلقب بلقب فارس او (سير) من قبل الملكه إليزابيث الثانية.

كان  رشدي نجل رجل أعمال من مومباي وقد ولد لعائلة مسلمة عام 1947. وتلقى تعليمه في بريطانيا حيث درس التاريخ في جامعة كامبريدج والغريب ان رشدي كتب الكثير من الروايات التي لم تسلط الاضواء عليها  ولم تاخذ بعين الاعتبار فقد صدرت له رواية عام 1975 بعنوان جريموس ولم تعرف لا المؤسسات الادبية ولا القراء هذه الرواية الا بعد رواية (ايات شيطانية) فعلاقة الشهرة والنجومية جاءت بعد الرواية التي تهرطق بها. كذلك رويته (الارض تحت قدميها ) لم تفز بجائزه الكومنولث للكتاب وفاز بالجائزه الكاتب الجنوب افريقي   جي إم كوتسي   عن روايته العار والتي كانت قد صدرت في عام 2000 وكانت أراءه اكثر تطرفا مما هي عليه رواياته فقد   أعرب رشدي عن دعمه لرئيس مجلس العموم جاك سترو في تصريحاته عن الحجاب والمرأة المسلمة، وحذر مما وصفه "بشمولية" الاسلام. كما أنه أعرب عن تأييده للصحيفة الدنماركية التي نشرت رسوما مسيئه  عن النبي محمد(صلى الله عليه واله)، محذرا مما وصفه "بسلطوية" الاسلام  حتى ان اراء سليمان رشدي كانت      كانت عرضه للنقد من بعض الاوربين انفسهم.

وفي مقاله في صحيفه الكاردين  بعنوان (سلمان ) نصحته بالسكوت وقالت على رشدي استبدال حملته الصليبية بكتابة الروايات.  فقد رد  كاتب المقال الذي نشر في صحيفه الكاردين  جيل فرازر حيث قال  ان على سلمان رشدي التأمل في مقولة كونديرا التي هي (يخاطر الكاتب باعماله لما يلعب دور الشخصية البارزة، فقد ينظر لكتاباته كامتداد لآرائه ومواقفه). فخلال الاسابيع الماضية، ركز رشدي على حوار (يشخص) مشاكل الاسلام الاخلاقية ويتساءل عن (العلاجات)المحتملة. وقد دعا الى اصلاح الاسلام حتى لا يبقى  متشدداً ومركزا في المساجد ومؤسسا على العقيدة  وانا وقفت عند هذه النقطة، فكيف يمكن انتقاد ديانة لانها  مؤسسة على العقيدة؟ كما اظن ان دعوة رشدي لاصلاح الاسلام هي تبسيط مبالغ فيه للامور.. انتهى).

 والغريب ان تصريحات رشدي اكثر سخفا من رواياته. حيث يقول الى صحيفه لمجلة ألمانية إن التطرف الديني هو "الشيطان المتطرف في عالمنا الحالي"، مؤكدا "جميع أصدقائي ملحدين.. لا أشعر بأني استثناء". وأضاف سلمان رشدي لمجلة دير شبيجل الواسعة الانتشار "إذ تطلعت إلى التاريخ سوف تجد أن الإدراك حول ما هو خير وما هو شر وجد دائماً وقبل الأديان. لقد اخترع الناس الديانات لاحقاً من أجل التأكيد على هذه الفكرة "   وتدور احداث روايه (أيات شيطانيه) حول  شخصيتين  رئيسيتين  هما صلاح الدين جمجة الذي هو هندي عاش منذ صغره في المملكة المتحدة وانسجم مع المجتمع الغربي وتنكر لأصوله الهندية وجبرائيل فريشته الذي هو ممثل هندي متخصص بالأفلام الدينية وقد فقد إيمانه بالدين بعد إصابته بمرض خطير حيث لم تنفعه دعواته شيئا للشفاء حيث يجلس الاثنان علي مقعدين متجاورين في الطائرة المسافرة من بومبي إلى لندن ولكن الطائرة تتفجر و تسقط نتيجة عمل تخريبي من قبل جماعات متطرفة وأثناء سقوط هذين الشخصيتين يحصل تغييرات في هيئتهم فيتحول صلاح الدين جمجة إلى مخلوق شبيه بالشيطان و جبرائيل فريشته إلى مخلوق شبيه بالملاك.

 في احد أحلام جبرائيل فرشته يرجع بنا سلمان رشدي إلى فترة صلح الحديبية ويبدأ فصل من الرواية بعنوان ماهوند وهذا الفصل من الرواية جرحت مشاعر المسلمين بصورة عميقة وماهوند هو اسم استعمل في القرون الوسطى من قبل المسيحيين المتطرفين لوصف الرسول محمد. الحبكة الرئيسية في هذا الفصل من الكتاب مستند على رواية ذكرت في سيرة الرسول حسب ابن إسحاق وفيها يذكر ابن إسحاق أن الرسول وأثناء نزول سورة النجم عليه همس له الشيطان بهذه الكلمات "تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى" و الآيات المقصودة هنا هي الآيات 18 و 19 من سورة النجم التي تنص على "أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى, وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى, أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى" وحسب الرواية فانه هنا همس الشيطان بهذه الكلمات "تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى" وهذا يعني انه تم ذكر تلك الأصنام بخير في القرآن وفي هذا إشارة على أن الرسول حاول بطريقة أو بأخرى تقليل معاداة أهل مكة لدعوته وكف الأذى عن أتباعه بذكر آلهة مكة بخير حيث يزعم البعض انه بعد هذه الحادثة ساد الوئام بين الرسول محمد ومعارضيه السابقين من أهل مكة حتى بلغ الأمر أن بعض المسلمين الذين كانوا مهاجرين إلى الحبشة هربا من قمع أهل مكة قد قرروا الرجوع.

  فالغرب اليوم يقدم جوائز الى شخصيه ليست لها  اهمية تاريخية ولا حضارية فقط  استحقاقا الى الاسائة التي اطلقها على  شخصيه الرسول الاكرم. لقد لام الغرب المسلمين عندما هاجمت الصحافة الدنماركية الرسول واعتبروا ان التهجم على شخصية الرسول هو امر داخل تحت مظله الديمقراطية.

في حين ان بعض الدول الاوربية تعتبر انكار المحرقة او التشكيك فيها هو جريمة.

 والاعجب ان تعتذر  شركة سوني العملاقة من كنيسة انكلترا لاستخدامها صور لكاتدرائية في مدينة مانشيستر في أحد ألعاب الكومبيوتر العنيفة     بعد مطالب من  مسؤولون كبار في الكنيسة الانكليزية بسحب اللعبة من الأسواق لأنها تظهر معركة تجري داخل الكاتدرائية ولا تعليق على ذلك.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25 حزيران/2007 -9/جماد الاخرى/1428