رحيل نازك الملائكة.. رائدة الحداثة في الشعر العربي

شبكة النبأ: رغم غياب نازك الملائكة عن المنتديات الثقافية في السنوات الاخيرة فانها ظلت في دائرة الضوء الادبي، حيث شقت منذ الاربعينيات للشعر مسارات جديدة مبتكرة وفتحت للأجيال من بعدها بابا واسعا للابداع دفع بأجيال الشعراء الى كتابة ديوان من الشعر جديد يضاف الى ديوان العرب... نازك استحقت الخلود في ميدان الثقافة والشعر لريادتها في الكتابة والتنظير والشجاعة في فتح مغاليق النص الشعري العربي.

وتوفيت بمستشفى في العاصمة المصرية الشاعرة العراقية الرائدة نازك الملائكة عن 84 عاما إثر هبوط حاد في الدورة الدموية.

وأبلغت الشاعرة العراقية ريم قيس كبه وهي من أسرة الملائكة رويترز، ان نازك الملائكة التي عانت من أمراض الشيخوخة في الأيام الأخيرة تدهورت صحتها فجأة ثم فارقت الحياة.

ولدت نازك صادق الملائكة في بغداد يوم 23 أغسطس اب عام 1923 في أسرة تحتفي بالثقافة والشعر فكانت أمها تنشر الشعر في المجلات والصحف العراقية باسم أدبي هو (أم نزار الملائكة) أما أبوها صادق الملائكة فترك مؤلفات أهمها موسوعة (دائرة معارف الناس) في عشرين مجلدا.

ودرست الشاعرة الراحلة اللغة العربية في دار المعلمين العالية وتخرجت فيها عام 1944 كما درست الموسيقى بمعهد الفنون الجميلة. ثم درست اللغات اللاتينية والانجليزية والفرنسية وأكملت دراستها في الولايات المتحدة عام 1954 حيث حصلت بعد عامين على شهادة الماجستير في الادب المقارن من جامعة وسكنسن.

والملائكة لقب أطلقه على عائلة الشاعرة بعض الجيران بسبب ما كان يسود البيت من هدوء ثم انتشر اللقب وشاع وحملته الأجيال التالية.

وعملت الملائكة بالتدريس في كلية التربية ببغداد ثم بجامعة البصرة ثم بجامعة الكويت وتعد من أبرز رواد الشعر العربي الحديث الذين تمردوا على الشعر العمودي التقليدي وجددوا في شكل القصيدة حين كتبوا شعر التفعيلة متخلين عن القافية لأول مرة في تاريخ الشعر العربي.

ونشرت الشاعرة قصيدتها الشهيرة (الكوليرا) عام 1947 فسجلت اسمها في مقدمة مجددي الشعر مع الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب (1926- 1964) الذي نشر في العام نفسه قصيدته (هل كان حبا؟) واعتبر النقاد هاتين القصيدتين بداية ما عرف فيما بعد بالشعر الحر.

وسجلت في كتابها (قضايا الشعر الحديث) أن، بداية حركة الشعر الحر كانت سنة 1947 في العراق. ومن العراق بل من بغداد نفسها زحفت هذه الحركة وامتدت حتى غمرت الوطن العربي كله وكادت بسبب تطرف الذين استجابوا لها تجرف أساليب شعرنا العربي الاخرى جميعا.

وكانت أول قصيدة حرة الوزن تنشر- قصيدتي المعنونة (الكوليرا) وكنت قد نظمت تلك القصيدة 1947 أصور بها مشاعري نحو مصر الشقيقة خلال وباء الكوليرا الذي دهمها وقد حاولت فيها التعبير عن وقع أرجل الخيل التي تجر عربات الموتى من ضحايا الوباء في ريف مصر، وقد ساقتني ضرورة التعبير الى اكتشاف الشعر الحر.

وصدر ديوانها الاول (عاشقة الليل) عام 1947 ببغداد ثم توالت دواوينها التالية ومنها (شظايا ورماد) عام 1949 و(قرارة الموجة) عام 1957 و(شجرة القمر) عام 1968 و (يغير ألوانه البحر) عام 1970. كما صدرت لها عام 1997 بالقاهرة مجموعة قصصية عنوانها (الشمس التي وراء القمة).

ومن بين دراساتها الادبية (قضايا الشعر الحديث) عام 1962 و(سايكولوجية الشعر) عام 1992 فضلا عن دراسة في علم الاجتماع عنوانها (التجزيئية في المجتمع العربي) عام 1974.

ورحبت الشاعرة شعراً بثورة رئيس الوزراء العراقي الاسبق عبد الكريم قاسم عام 1958 لكنها اضطرت لترك العراق وقضت في بيروت عاما كاملا بعد انحراف قاسم الذي،استهوته شهوة الحكم. بحسب قولها.

وكانت قد أقامت دار الاوبرا المصرية يوم 26 مايو ايار 1999 احتفالا لتكريمها، بمناسبة مرور نصف قرن على انطلاقة الشعر الحر في الوطن العربي، وشارك في الاحتفال الذي لم تشهده نازك الملائكة لمرضها شعراء ونقاد مصريون وعرب بارزون اضافة الى زوجها الدكتور عبد الهادي محبوبة الذي أنجبت منه ابنها الوحيد البراق.

وتعتبر نازك الملائكة من أهم رواد الشعر العربي الحديث وعلما من أعلامه، وعملت الملائكة بالتدريس في كلية التربية ببغداد ثم بجامعة البصرة ثم بجامعة الكويت وتعد من أبرز رواد الشعر العربي الحديث الذين تمردوا على الشعر العمودي التقليدي وجددوا في شكل القصيدة حين كتبوا شعر التفعيلة متخلين عن القافية لأول مرة في تاريخ الشعر العربي. وحصلت  نازك الملائكة على جائزة البابطين عام 1996.

ونعى  اتحاد الادباء والكتاب في العراق، رائدة الشعر الحديث الشاعرة العراقية نازك الملائكة. واعلن الناقد علي الفواز امين عام الشؤون الثقافية في اتحاد الادباء والكتاب في العراق أن الاتحاد  سيقيم في بغداد تأبينا كبيرا لها، كما سيحتفي بها نادي الشعر في اتحاد الادباء في العراق.

وعلق اتحاد الادباء على جدار مبناه في ساحة الاندلس ببغداد لافتة تابيينة كبيرة لفتت انظار المارة هناك نعى فيها الشاعرة. وكان اتحاد الادباء والكتاب في العراق قد خصص منتدى اطلق عليه اسم منتدى نازك الملائكة عمل طوال الاشهر الماضية على تفعيل حركة الشعر والنقد في العراق.

أدباء كربلاء يؤبنون نازك الملائكة

في مدينة كربلاء أقيمت ، السبت، أمسية على قاعة نقابة المعلمين أبّن فيها عدد من شعراء المدينة الشاعرة الكبيرة نازك الملائكة واعتبروا أن موتها يعد خسارة كبيرة للشعر العربي عامة والشعر العراقي خاصة.

فقد استذكر الشاعر محمد علي الخفاجي رحلته مع الشاعرة الملائكة حين كان طالبا في كلية التربية عام 1961 وقال لـ (أصوات العراق ) "في ذلك العام دخلت كلية التربية قسم اللغة العربية تلميذا لأجد المفاجأة الكبرى إن الشاعرة نازك الملائكة هي واحدة من أساتذتي الذين يدرسون مواد المنهاج فكنت تلميذها في درس النحو وكذلك تلميذها في درس العروض."

وأضاف "لم تكن الأهمية بالنسبة لي تنحصر في ذلك، إنما المفاجأة كانت شاعرة من رواد الشعر الحديث ألتقيها على مهل لسنوات الدراسية الجامعية."

وقال "أحفظ عنها أنها كانت جادة في درسها وعلاقاتها على أن ذلك لا يعني التبرم والصرامة، وكنت اعرض عليها قصائدي وكانت تخلي لي ساعة كاملة، ما زلت أتذكرها هي الساعة الخامسة حتى الساعة السادسة عصرا في قسم الجغرافية، كلما عرضت عليها إحدى قصائدي، وكانت تبدي ملاحظاتها حول القصيدة ..وكنت اخذ بتلك الملاحظات."

وتابع "كما أنها تكتب القصة القصيرة بأسلوب رأيته في حينها رشيقا في ذلك الوقت."

وقال "لا شك أن موتها بدأ منذ مرضها إلا أن فقدانها الآن يشكل خسارة عراقية وعربية للشعر والنقد؛ فقد كانت أول من وضع دراسة جادة عن الشعر الحديث وأوزانه وعروضه في كتابها ( قضايا الشعر المعاصر)."

وصدر كتاب ( قضايا الشعر المعاصر) سنة 1962 ووهو يعد أهم كتبها وطبع عدة مرات، ونظّرت فيها لحركة التجديد في الشعر العربي وحاولت تأصيلها في التراث العربي.

واضاف أن كتابها هذا "عد أول كتاب في هذا المجال حيث سمعت من إذاعة صوت العرب المصرية في حينها أن هذا الكتاب هو ثاني كتاب يهتم بعروض الشعر بعد الخليل بن احمد الفراهيدي الذي وضع الموازين الأولى لبحور الشعر في البصرة في العصر العباسي."

وتحدث الشاعر هادي الربيعي فقال "موتها خسارة فادحة لا يمكن تعويضها وموهبة فريدة جمعت باقتدار عجيب بين النقد والشعر وهي إنسان أحبت الحياة وعاشتها بامتلاء."

وأضاف "قدمت الشاعرة شهادتها عن هذا العصر بما يليق بأهميتها كمبدعة كبيرة ونحن نقول أن موتها في الغربة هو معنى آخر يضاف إلى معاني الخراب التي نعيشها في جميع جوانب الحياة."

في حين قال الناقد خليل الطيار "حين نذكر نازك الملائكة فهذا يعني العودة إلى التأسيس وهو تأسيس كان له فرصة أن يثبت غرسا في مملكة الشعر رغم كل التقاطعات التي أرادت أن تنحو بعيدا عن هذا الاتجاه."

 وأضاف" نازك الملائكة استطاعت أن تثبت ذلك الغرس عميقا في مملكة الشعر وأنتجت إبداعا سوف يبقى يحمل اسمها ما بقي الشعر."

أما الشاعر علاوي كاظم كشيش فقال "قبل ان لم  تكن نازك الملائكة  شاعرة ارتادت حداثة النص الشعري في حينها، فإنها معلم من معالم الوطنية العراقية."

 وأضاف "حري بنا الآن نعيد الاهتمام والاعتبار الأدبي والفني بإنجازات الشاعرة الراحلة ولا تكفي المواساة المرحلية." وتابع أن "رحيلها شكل نهاية للمثلث الإبداعي المتمثل بالسياب والبياتي والملائكة على أن العراق بلد خصب وينجب دائما مبدعيه" مشيرا إلى أن نازك الملائكة "مثلت الجرأة في فتح النوافذ الإبداعية ليتلوها مبدعون آخرون استثمروا جرأتها في كتابة النص العراقي المنفتح بأنواعه."

وأخيرا تحدث الشاعر حسين رضا قائلا "من المؤكد إن نازك الملائكة علامة متجددة في تاريخ الشعر العربي ولعلها مع زميليها السياب والبياتي شكلوا نقطة تحول في تاريخ الشعر بين رحلتني الشعر الكلاسيكي والعمودي برمته ما قبل منتصف القرن العشرين وما بعده."

وأضاف "ومن ثم فإنها مع زميليها فتحوا الآفاق أمام قصيدة النثر" مبينا أنه "لولا تلك الجرأة العلمية والإبداعية لما وصلت إلينا قصيدة النثر."

وختم بالقول "رحيلها المأساوي في زمن الخراب والاغتراب يشكل جرحا نازفا في خاصرة الثقافة العربية."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25 حزيران/2007 -9/جماد الاخرى/1428