ماذا سيحدث في اليوم التالي للانسحاب الامريكي من العراق؟!

 شبكة النبأ: يبدو مثل هذا السؤال صادما رغم ان الكثير من العراقيين لا يرغب ابدا بالاحتلال وقد يقول ذلك من عفو الخاطر لكن وقوف سؤال مثل هذا والالتفات الى الخلفية والارض التي تضيئها الشمس بوهج قوي واستعادة الحسابات فان الجواب يتغير حتما وهو ياخذ الوضع الراهن بضمن حسابات هذا الجواب الصعب.

ماذا سيحدث فعلا؟، هل الوضع منسجم الى درجة تخول جميع الاطراف السياسية ان تنهض وفق مشتركات اساسية؟، هل ان الجوار متناغم مع الكلية العراقية بلا تفريق؟،هل ان الصراع الايراني الامريكي يعمل في دائرة اخرى غير الملعب العراقي؟.

السؤال الاول مختزل كبير وواسع لأسئلة يطول تعدادها والاجوبة قد تكون بحوثا مطولة في الشان العراقي هذه القضية المستطيلة منذ عام 2003 .

الصحفي علي الطالقاني يقول، من الطبيعي ستحدث عمليات واسعة من قبل الميليشيات بكل انواعها المعروفة حاليا سنية كانت ام شيعية، وقطعا ستكون تداعيات الاوضاع الحادة في تلك المرحلة تؤول الى حرب اهلية ان لم يكن هناك فعل دولي حقيقي يسيطر على الساحة وهذا سيكون صعبا ايضا وذلك لتاخر فعاليته بطبيعة الحال ان وجد، وقد يكون اثناء الكارثة اذ تبلغ النيران مساراتها القاسية.

فيما قال الاعلامي عصام حاكم، هناك الكثير من الاصوات التي تنادي وتفكر بصوت عالي بخروج المحتل، علما بانها لم تاتي بجديد فالكل ينشد هذا الهدف السامي ولا اعتقد بالمرة بان هناك ثمة عاقل يرغب ببقاء المحتل على ارضه، ولكن هناك جملة من التساؤلات تقول وماذا بعد المحتل؟ فالواقع يعبرعن ملايين الاشكالات  في النسيج الاجتماعي ومن ثم هناك  ايضا عدد لا يستهان به من الازمات السياسية والفكرية تنذر بحرب، هي اشد وطأة من بقاء القوات الاجنبية، ناهيك عن تلك الاخطار والاطماع الخارجية والتي هي بالتاكيد تعزف على وتر الطائفية والانتماء الديني، بالاضافة الى ما يختلج في نفوس الدول الاقليمية والمجاورة من اجل الانقضاض على موارد البلد وخيراته".

وفي الجانب الاخر هناك خطر يتجسد بالشرخ الواضح في مكونات ونسيج هذا الشعب وهذا ظل على الدوام كأحد العراقيل امام استتباب الامن والتحرك التنموي في البلاد.

وليس الامر محصور في الدائرة العراقية وانما ايضا يحتدم في الاوساط الدولية والاعلام  العالمي، ففي تقرير أعدّه »معهد بروكينغر يتألف من 130 صفحة عنوانه (الاشياء تتداعى) تأكيداً على ان لا تخطيط لليوم التالي للانسحاب ولا حتى لما يجب فعله الآن في اطار الاستراتيجية الجديدة. حسب تقرير نقلته صحيفة الوطن.

وقال ستيفن سايمون من مجلس العلاقات الخارجية والذي كان عمل في البيت الابيض فترة الرئيس كلينتون (هنالك مشكلة حقيقية في التحدث حول اليوم التالي للانسحاب من العراق)!

ويؤكد فيليب زيليكو الذي عمل نائبا لوزيرة الخارجية كونداليزا رايس، اذا ما انسحب الامريكيون فإن امر العراقيين سينتهي بخوض الحرب على طريقتهم، وسيكون ذلك ابشع من النزاع الدائر حاليا!

فيما قال سايمون، ان الامريكيين والقوات الدولية ينبغي ان تكون جاهزة حال انسحابها من العراق للعودة اليه، للتدخل الانساني في حال تحول العنف الى تطهير عرقي.

 وحيث يقول مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية جون الترمان كما جاء في تقرير لجريدة الوطن ان الصراع المحتدم بين الديموقراطيين والرئيس بوش سوف لن يصل إلى مستوى قطع الامدادات عن القوات العاملة في العراق مؤكدا أن الديموقراطيين سيكتفون بما حققوه من انتصار بحشدهم ما يكفي من الاصوات في مجلس الشيوخ والنواب لتمرير مشروع الموازنة وربطه بجدولة الانسحاب مطلع السنة المقبلة.

وتوجد معارضة شعبية فعلية للطرح الديموقراطي بقطع الإمدادات لان الاكثرية تقف إلى جانب القوات العسكرية رغم معارضتها للحرب على خلاف ما جرى إبان حرب فيتنام ويضيف الترمان إلى ذلك عاملا آخرا هو الانقسام داخل الحزب الديموقراطي نفسه حول قضية الانسحاب واخفاق قيادته في الحصول على ثلثي الاصوات لنقض الفيتو المرتقب من الرئيس بوش، ويتضح هذا في مواقف نواب في مقدمتهم هيلاري كلينتون وجون كيري ورفضهما قبول طروحات زعيم مجلس الشيوخ هاري ريد بأن واشنطن خسرت الحرب.

هذا وكان الخبير في شؤون الكونغرس جوليان زيلزر اكد في تقرير له عن الأزمة السياسية الراهنة في واشنطن على ان الكونغرس لا يتخذ في العادة قرارات تتحدى البيت الابيض زمن الحرب مستثنيا بالطبع احداث فيتنام حينما ارغمت ضغوط الكونغرس الرئيس ريتشارد نيكسون على الانصياع للمطلب النيابي والانسحاب بعد قطع تمويل الحرب وسقوط سايفون في 1975.

ومن وجهة نظر زيليزر فان المعارضة الشعبية للحرب في العراق لم تصل حتى الآن إلى مستوى فيتنام، ولكن الأمر الذي لاشك فيه هو ان ادارة بوش تعيش عزلة حقيقية لاسيما وان الديموقراطيين ربما يكونون قد نجحوا في إحداث انشقاقات داخل الحزب الجمهوري تجلت في انتقال السناتور تشاك هايغل إلى صف معارضي الحرب.

ويوجد اجماع بين المحللين الامريكيين على تزايد امكانات واحتمالات انشقاقات جديدة في صفوف الجمهوريين خلال السنتين المتبقيتين من حكم الرئيس بوش مع مواجهة 21 نائبا من الحزب صناديق الاقتراع واضطرارهم الافتراق عن خط بوش اذا ما استمر وتواصل تنامي انهيار شعبية الرئيس وارتفاع القتلى بين الجنود الامريكيين في العراق والذي وصل خلال  الايام الماضية إلى نحو 3400 قتيل.

الديمقراطيين وتكريس السيطرة

ولعل ما يسعى إليه الديموقراطيون في المرحلة الراهنة هو سلب البيت الابيض الغطاء النيابي في قيادة معركة الرئاسة من خلال تصعيد الخطاب السياسي ضد الحرب لاستمالة الموجة الشعبية المعارضة للحرب وبالتأكيد فان انتخابات الرئاسة ستلعب دورا جوهريا ومفصليا في حسابات الكونغرس بعد ان ادت إلى ابتعاد نواب مؤيدين للحرب سابقا ومرشحين حاليا للرئاسة مثل كلينتون أو جوزيف بايدن عن تأييد الحرب سيرا وراء الشارع الامريكي والرأي العام الداخل الذي يبدي معارضة متزايدة لاستمرار وجود القوات الامريكية بالرغم من وعود بوش بان الهزيمة العسكرية مازالت بعيدة حتى الآن.

هذا وكان مسؤولان امريكيان قد كشفا ان الرئيس بوش قال لرئيس الحكومة العراقية نوري المالكي لدى اعداد الاستراتيجية الامريكية الجديدة في العراق امامك خياران: اما أن تنجح هذه

نجاح الخطة او رحيل المالكي

وذكرت جريدة (نيويورك تايمز) ان الرئيس بوش وصف المالكي بأنه مهندس خطة زيادة عدد القوات، الا أنه ابلغ زعماء الكونغرس (قلت للمالكي اما ان تنجح هذه الخطة أو ترحل)!

هذا في وقت قال مسؤول امريكي رفيع ان وزير الدفاع روبرت غيتس ضغط ايضا على المالكي لمنع البرلمان من الحصول على عطلة لشهرين ودفعه للعمل المثابر لتمرير قوانين ضرورية للمصالحة الوطنية واكد ان بوش على الرغم من حماسته للمالكي، الا انه بدأ يُظهر حماسة ودعما لرؤساء حكومة سابقين، والمقصود برأي المراقبين رئيس حركة الوفاق الوطني اياد علاوي.

في هذه الاثناء نفى مستشار المالكي للشؤون السياسية صادق الركابي، خضوع رئيس الوزراء لضغوط امريكية وابلغ جريدة (الشرق الاوسط) اللندنية: ان المالكي يتحرك ضمن اولوياته وليس اولويات الادارة الامريكية) وان حركته تجري مساراتها ضمن المعطيات الموجودة على الارض!.

وتتزايد المساجلات السياسية داخل الولايات المتحدة ودوائرها الفاعلة سواء المراكز البحثية أو مؤسسات السلطة المتعددة حول الانسحاب من العراق، وحذر السناتور جون ماكين الذي يأمل بأن يصبح رئيسا من تبعات كارثية، ان كان هناك انسحاب، وقال مخاطبا طلابا في معهد فرجينيا العسكري، "هذا خيار تاريخي وستؤثر عواقبه على امريكيين لم يولدوا بعد"، مشددا "على ان انسحابا غير مدروس للولايات المتحدة سيخلق ما سماه (منطقة مضطربة للارهابيين) الذين يؤمنون بأننا كأمريكيين هدفهم النهائي"، على حد تعبيره.

ونبّه ماكين من ان انسحابنا بالنسبة للعراقيين سيؤدي الى تطهير عرقي نكون متواطئين فيه!

في هذا الخضم من الافكار والآراء والتوقعات حول اليوم التالي للانسحاب وتفاعلات وتطورات الازمة المستفحلة داخل المؤسسة السياسية الامريكية من الحرب، يبدو من الممكن ان تنتهي الازمة بين الرئيس بوش والديموقراطيين باستخدامه لصلاحية الفيتو ونقضه مشروع الكونغرس وبالتالي ارغام النواب على صوغ مشروع جديد يتوافق مع توجهات الادارة يأخذ بنظر الاعتبار بعض مقترحات الكونغرس لكي يخرج الطرفان بصورة تحفظ ماء وجهيهما داخليا ودوليا.

اذ سيحقق الديموقراطيون نصرا رمزيا وسياسيا بسلبهم بوش الغطاء النيابي للحرب وستبقى للبيت الابيض الكلمة الاخيرة في ادارة الحرب بعجز الديموقراطيين عن تأمين %60 من الاصوات اللازمة لكسر الفيتو الرئاسي، حسبما اكد الترمان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 11 آيار/2007 -22/ربيع الثاني/1428