احتلال القدس والقلق اليهودي الدائم

 شبكة النبأ: قد يكون التنقيب جادا للعثور على بقايا التاريخ النائمة في التراب لكن الامر مزدوج ومتحايث مع الفكرة الاستيطانية وتهويد المناطق العربية تحت هاجس ان العرب يتكاثرون ويؤثرون على الشكل الطوبوغرافي للارض، وطبقا لهذه الرؤية فانهم اما ان يشتروا بيوت العرب واما ان تجري مضايقتهم.

واخذت التساؤلات القديمة حول جدوى التعامل السلمي مع اسرائيل تطفو على السطح مجددا ومعها مجموعة من الصور الفوتوغرافية للقوات الاسرائيلية وهي تستولى بالقوة او التحايل على القدس الشرقية العربية والضفة الغربية وغزة، لتعيد إلى الاذهان واقعا بأن الصراع الفلسطيني لم يحسم بعد مع اسرائيل وهو مستمر نحو التفجر.

ولعل وداد شعباني انموذجا حيث تشكلت حياتها بالوحشة وعدم الانسجام مما يضطرها على الاغلب في آخر المطاف ان تبيع الدار وترحل.

وذهب كثيرون من جيران الأرملة الفلسطينية الأصليين بعدما اشترى أرضهم صندوق تراثي اسرائيلي والآن يعيش الى جوارها مستوطنون يهود، وعلى مقربة تجري حفريات اثرية في اطار برنامج سياسي يعتبرها في افضل الاحوال ضيفة على المكان.

وتقول شعباني من منزلها، كان هناك نوع من المجتمع هنا ولكنني أجد نفسي غريبة بين جميع هؤلاء الناس، وأصبح منزل شعباني المكون من حجرتي نوم مكانا غريبا وسط المتحف المفتوح الذي يعرف باسم (مدينة داود).

واستقطع المتحف من وادي سلوان المزدحم أسفل اسوار المدينة القديمة وهو ضمن عدة مشروعات تنفذها اسرائيل في القدس العربية الشرقية منذ الاستيلاء عليها قبل 40 عاما في حرب 1967.

بالنسبة للفلسطينيين مثل شعباني فان ضم اسرائيل القدس الشرقية وهو مالم يتم الاعتراف به دوليا قط كان سببا في بعض التحسن في ظروف الحياة ولكن صاحبه نوع من الشعور بغربة داخلية في ظل حكم الدولة اليهودية.

ويتعمق الشعور بالاستياء بصفة خاصة في القدس التي تتنافس عليها الديانات الثلاث مما يبرز الصراع الدائر رغم توحيد المدينة فعليا قبل أربعة عقود من الزمن.

ويحصل منظمو مدينة داود على تمويل من مانحين أجانب والحكومة الاسرائيلية، وهم لا يخفون هدفهم وهو زيادة تعداد السكان اليهود في مناطق من المدينة.

ويقول دورون سبيلمان المدير الدولي للمشروع، يعيش اليهود والعرب جنبا الى جنب في دولة اسرائيل في الوقت الحالي وايضا في (مدينة داود) يعيش اليهود والعرب جنبا الى جنب.

وقال، غير اننا نعتقد ان (مدينة داود) - القدس التوراتية- ومساحتها 14 فدانا ينبغي ان تكون مشروعا يهوديا فقط.

وشعباني مسيحية تزوجت من مسلم وتتحمل كل يوم ضجيج الحفريات الاثرية، ويطل عليها السائحون من انقاض (مدينة داود) التي اعيد تشييدها واحيانا يدخلون منزلها اعتقادا بانه جزء من عمليات الحفر.

كما يزورها ممولو (مدينة داود) الذين يحاولون اقناعها هي أو ابنائها ببيع المنزل ومغادرة المكان.

وتضيف، عرضوا على في احدى المرات 50 الف دولار وفي مرة اخرى شيكا وقالوا لنا ان بوسعنا ان نكتب فيه المبلغ الذي نطلبه، ولكننا رفضنا وسنواصل الرفض.

وتذكر محاولات بعض جيرانها اليهود لمصادقتها لكنها تقول ان الخلافات الثقافية وانعدام الثقة السياسية مشكلتان كبيرتان وتضيف، ينبغي ان تكون حذرا تجاه نواياهم.. كعربية اعلم انه يمكن استغلالي.

ويشكو مسؤولون فلسطينيون من ان عرب القدس الشرقية الذين باعوا ممتلكاتهم لليهود غالبا مايقومون بذلك بعد سنوات من السخط نتيجة عدم مراعاة البلدية الاسرائيلية السكان المسلمين والمسيحيين.

ويقول الاسرائيليون ان الصفقات التي تصل قيمتها احيانا لملايين الدولارات قانونية وتتم بالتراضي من خلال وسطاء بسبب تهديدات بالقتل للبائعين الفلسطينيين، وقتل عربي من القدس الشرقية بالرصاص في الضفة الغربية في العام الماضي بعدما اتضح ان المنزل الذي باعه انتهى به المطاف في ايدي يهود.

واعترف سبيلمان بان القرون الماضية شهدت حكما مطولا للعرب والصليبيين والعثمانيين. ويضيف ان الاثار غير اليهودية التي تستخرج في مدينة داود تسلم للمتاحف الاسرائيلية ويضيف ان أحد هذه الاثار يرجع للحضارة الاسلامية. ويقول سيلمان، حلمنا ان يزور العالم باسره القدس ويتفقد المدينة.

وقال، يعيشون فوق الارض وتحت اقدامهم تاريخ يهودي وتاريخ عربي وتاريخ مسيحي.

الاسرائيليون مختلفون

وعلى الرغم من ان غالبية الاسرائيليين يشعرون انهم كسبوا حربا للبقاء عام 1967 الا ان الجدل مازال مستمرا على مدى 40 عاما حول سياسة مثيرة للجدل لبناء مستوطنات يهودية على أراض احتلتها الدولة اليهودية خلال الحرب ويطمح الفلسطينيون الى اقامة دولتهم عليها بحسب تعليق رويترز.

فقد خفتت المناقشات الداخلية الصاخبة في اسرائيل حول القضية الفلسطينية خلال الست سنوات الماضية مع تواصل العنف ومع وصول حركة المقاومة الاسلامية (حماس) الى السلطة العام الماضي وهي حركة تنكر على اسرائيل حق الوجود.

لكن التساؤلات القديمة تطفو على السطح مجددا ومعها مجموعة من الصور الفوتوغرافية للقوات الاسرائيلية وهي تستولى على القدس الشرقية العربية والضفة الغربية وغزة التي تعيد إلى الاذهان واقعا بأن الصراع الفلسطيني لم يحسم.

ومع الاحتفال بذكرى حرب 1967 هذا الاسبوع نزل الاسرائيليون اليساريون الى الشوارع احتجاجا على استمرار الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية.

وفي المقابل ينظم المستوطنون اليهود مظاهراتهم ويحاولون استغلال اللحظة المواتية لاقناع اسرائيل بالتشبث بأراضي الضفة الغربية مهد التوراة.

وتكشف استطلاعات الرأي ان اسرائيل منقسمة تماما حول ما تسمى بحرب الايام الستة بين من يفتخر بالنصر وبين شعور متنام بعدم الارتياح من الانتقاد العالمي المتصاعد لاستمرار احتلال اسرائيل للاراضي الفلسطينية.

وقال افي ديجاني وهو خبير استطلاعات رأي ان استطلاعا نشر هذا الاسبوع وجد ان 63 في المئة من الاسرائيليين من مختلف أطياف التوجهات السياسية يعتقدون ان الحرب كانت "انجازا كبيرا".

ويقول ديجاني ان رغم ذلك فأن أكثر من النصف وبالتحديد 53 في المئة يشعرون ان اسرائيل فقدت بعض منزلتها الاخلاقية مشيرين الى تحفظات الرأي العام على عقود تالية من الحكم العسكري الاسرائيلي لاكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وسحبت اسرائيل قواتها والمستوطنين اليهود من قطاع غزة قبل عامين لكنها مازالت تسيطر على حدود القطاع ومعابره وتقوم بعمليات عسكرية ضد نشطين فلسطينيين يشنون هجمات صاروخية على بلداتها الجنوبية.

وقال ايلان جيلون وهو سياسي يساري خلال مناظرة تلفزيونية: اسرائيل خسرت شبابها وهي في التاسعة عشرة من عمرها، وانتقد سنوات الحكم العسكري الاسرائيلي للضفة الغربية.

ومن الناحية الاخلاقية يقول جيلون عن اسرائيل الدولة اليهودية التي قامت على انها دولة ديمقراطية في عام 1948 "هذا النصر هو نفسه كان انشدوة الموت.. الانجاز الاخير وبعدها بدأنا نغرق طوال 40 عاما."

ويقول اليسار الاسرائيلي ان استمرار التوسع الاسرائيلي في بناء مستوطنات يهودية على الاراضي المحتلة يشكل عقبة أمام جهود احياء محادثات السلام التي جمدت طويلا مع الفلسطينيين.

وانتخب ايهود اولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي قبل عام متعهدا بازالة المستوطنات اليهودية المعزولة في الضفة الغربية لكن الخطة جمدت منذ الحرب التي خاضتها اسرائيل ضد حزب الله في لبنان العام الماضي.

وأرجأ اولمرت خطط ازالة عشرات الجيوب الاستيطانية غير المرخصة في الضفة الغربية.

كما سمح أيضا بتوسيع بعض المستوطنات للوفاء باحتياجات ما يسميه "بالنمو الطبيعي" للسكان.

ويرى رون بونداك وهو مفاوض شارك في ابرام اتفاق السلام المؤقت مع الفلسطينيين عام 1993 ان المستوطنين "يغامرون بوجودنا" اي بوجود اسرائيل.

ويضيف بونداك ان الافتقار الى تسوية سلمية "سيؤدي الى تدمير الصهيونية" لان الفلسطينيين سيصبحون اجلا أم عاجلا أغلبية في اسرائيل.

ويتهم المستوطنون ويقدر عددهم الان بنحو 230 ألفا في الضفة الغربية اسرائيل بأنها فقدت الاصرار على الاحتفاظ بالاراضي التي يرون فيها حقا توراتيا ويقولون انها أبطأت نمو المستوطنات في السنوات الأخيرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 11 حزيران/2007 -23/جمادي الأول/1428