أمراض نفسية خطيرة تلاحق الأمريكان العائدين من العراق

 شبكة النبأ: يعاني الأمريكيون العائدون من العراق خصوصا الجنود المنتدبين لاغراض قتالية من أسوأ الامراض النفسية والكآبة والعقد وذلك بسبب تواجدهم لفترات طويلة نسبيا في جو من الخوف والتعامل اليومي في العمليات الحربية وافقدهم هذا الجو عدم مراعاة الجوانب الانسانية باقل صورها. وكذلك الحال مع من تسرحوا عائدين الى بلادهم حيث تناوشتهم تلك الامراض وقادة بعضهم الى الانتحار.

فقد اظهرت دراسة اجريت على جنود اميركيين منتشرين ضمن وحدات مقاتلة في العراق ان واحدا من كل عشرة جنود قال انهم اساؤوا معاملة مدنيين عراقيين كما قال اكثر من ثلثهم انهم يوافقون على استخدام التعذيب للحصول على معلومات من متمرد. بحسب الـ الفرانس برس.

واظهرت الدراسة والتي اجراها فريق لمراقبة الصحة العقلية في الجيش الاميركي وجود مشاكل مستمرة تتعلق بمعنويات الجنود، كما خلص الى ان مسائل الصحة العقلية الخطيرة تنتشر اكثر بين الجنود الذين يبقون لفترة اطول في المهمات القتالية او ينتشرون للمرة الثانية او الثالثة في العراق.

وتعد هذه اول دراسة تجرى على عينة من الجنود وقوات المارينز من الوحدات القتالية حول مسائل تتعلق بالشخصية والاخلاقيات، وقد دلت اجاباتهم على تصلب مواقف الجنود العاملين على الجبهة تجاه المدنيين.

فقد اعترف نحو 10 بالمئة من الجنود الذين شملتهم الدراسة انهم اساؤوا معاملة مدنيين او دمروا ممتلكات حتى عندما لم يكن الامر ضروريا.

كما قال اقل من نصف الجنود والمارينز انهم سيبلغون عن قيام احد زملائهم بتصرف غير اخلاقي.

وقال اكثر من ثلثهم انه يجب السماح باستخدام التعذيب لانقاذ حياة زميل لهم.

وفي تعليق على ذلك سعت الجنرال غيل بولوك نائبة رئيس الخدمات الطبية في الجيش الاميركي الى التمييز بين افكار الجنود حول التعذيب وتصرفاتهم.

واوضحت ان "هؤلاء الرجال والنساء يشاهدون اصدقاءهم يصابون وان يكون لهم هذا التفكير طبيعي". واضافت "لكنهم لا يطبقون هذه الافكار، ولا يقومون بتعذيب الناس".

وقد طلب الجنرال جورج كايسي قائد القوات الاميركية في العراق سابقا من الفريق الذي اجرى الدراسة تضمينها اسئلة عن النواحي الاخلاقية.

وشملت الدراسة 1320 جنديا و447 من عناصر المارينز وجرت في الفترة بين اب/اغسطس وتشرين الاول/اكتوبر 2006 في العراق.

وردا على سؤال لمعرفة ما اذا كان التعذيب مسموحا لانقاذ حياة جندي او عنصر من المارينز قال 44 من المارينز ان ذلك مسموح في مقابل 41% للجنود.

وحول ما اذا كان ينبغي السماح بالتعذيب لجمع معلومات مهمة حول المتمردين قال 39% من المارينز و36% من الجنود ان ذلك مسموح.

فقط 38% من المارينز و47% من الجنود الذين شملتهم الدراسة قالوا ان "كل الاشخاص غير المقاتلين يجب ان يعاملوا باحترام وكرامة".

واكد واحد من اصل كل اربعة مارينز او جنود انهم مستعدون لتعريض انفسهم للخطر لمساعدة شخص غير مقاتل في خطر.

وعلى صعيد التصرفات في ساحة المعركة اقر 7% من المارينز و4% من الجنود انهم ضربوا او ركلوا اشخاصا من غير المقاتلين عندما لم يكن الامر ضروريا.

وقال 12% من المارينز و9% من الجنود انهم الحقوا اضرارا او دمروا ممتلكات عراقية عندما لم يكن الامر ضروريا.

وردا على سؤال لمعرفة ما اذا كانوا سيبلغون عن عنصر في وحدتهم لانه الحق اصابة او قتل شخص غير مقاتل قال 40% من المارينز انهم سيفلعون ذلك في مقابل 55% من الجنود.

وقال ثلث المارينز الذين شملتهم الدراسة انهم سيبلغون عن عنصر في وحدتهم لاساءة معاملة غير مقاتل او عدم احترام الاوامر او انتهاك قواعد القتال او تدمير ممتلكات خاصة عندما لا يكون الامر ضروريا. وقال اقل من 50% من الجنود انهم سيبلغون عنه.

واظهرت الدراسة ان معنويات الجنود ادنى من معنويات المارينز مفسرة ذلك بان فترة خدمة المارينز اقل وتقتصر على ستة اشهر.

واوصت الدراسة اما بتقصير فترة خدمة هؤلاء الجنود في العراق والتي تمتد عاما او منحهم فترة تتراوح ما بين 18 و36 شهرا قبل اعادتهم الى العراق.

لكن الجيش يقوم بعكس ذلك حيث انه مدد فترة خدمة الجنود في كل مرة الى 15 شهرا لتطبيق خطة زيادة عديد القوات الاميركية في العراق، ويجد الجيش صعوبة في السماح للجنود بفترة استراحة لمدة عام في بلدهم.

كما خلص آخر مسح أجراه البنتاغون على الصحة الذهنية للقوات الأمريكية في العراق بحسب الـ CNN إلى أنّ ثلث الجنود وقوات المارينز الذين يشاركون في عمليات قتالية على مستويات عالية، يعانون من التوتر والاكتئاب والشدّ العصبي.

واستهدفت عملية المسح دراسة سلوكيات القوات على أرض المعركة وشملت 1300 جندي و450 من قوات المارينز العام الماضي، في رابع عملية من نوعها ولكنها الأولى التي تشمل المارينز.

وأظهر المسح أنّ الجنود الذين جرى نشرهم لأكثر من نصف عام أو الذين جرى نشرهم أكثر من مرة هم الذين يعانون أكثر من غيرهم من هذه الأعراض.

وكانت دراسة أجريت حديثاً أشارت إلى أن ثلث الجنود الأمريكيين العائدين من العراق وأفغانستان، خلال الفترة من عام 2001 إلى 2005، عانوا من اضطرابات نفسية وأمراض عقلية.

وعاينت الدراسة، التي أجراها باحثون من "جامعة كاليفورنيا" و"مركز سان فرانسيسكو الطبي VA" و نشرت في دورة "ارشيف الطب الداخلي" بيانات 103788 جندياً أمريكياً، 13 في المائة منهم من النساء، و54 في المائة منهم تحت سن الثلاثين، وثلثهم من عرقيات مختلفة، وقرابة نصفهم من الحرس الوطني أو الاحتياط.

وتعد الاضطرابات النفسيةK التي تعقب ما بعد التعرض للإصابة أو المرور بتجربة شديدة (post-traumatic stress disorder)K من أكثر الأمراض شيوعاً وقد ينجم عنها الإصابة بالاكتئاب، وإيذاء النفس وتشوش الذاكرة والإدراك.

وعانت شريحة بلغت 24 في المائة من الحصر النفسي (anxiety disorder) و24 في المائة باضطرابات عدم التأقلم، و20 في المائة من الاكتئاب.

وتقول الدراسة إن 13 في المائة من جميع العائدين من العراق وأفغانستان، والذين تلقوا العلاج لدى وزارة شؤون المحاربين القدامى، عانوا من  الاضطرابات النفسية التي تعقب ما بعد الإصابة، وهي نسبة تقل قليلاً عن 15.2 في المائة هي إفرازات حرب فيتنام.

وأشارت الدراسة إلى فوارق طفيفة في الإصابات بين الجنسين، إلا أن الشباب - ما بين 18 عاماً و24 - هي الأكثر عرضة للاضطرابات النفسية.

الاضطرابات النفسية تصيب الدبلوماسيين

ولم تعد الاضطرابات النفسية حكرا على الجنود الاميركيين العائدين العراق، بل بات الدبلوماسيون الاميركيون الذين خدموا في العراق يبدون الأعراض ذاتها، حسبما كشف متحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية.

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، يسعى الجهاز الطبي في وزارة الخارجية لتقويم هذه الظاهرة. وأفاد المتحدث باسم الوزارة توم كايسي في هذا الاطار، بأنه من المقرر ارسال مجموعة اسئلة اعتبارا من الشهر الحالي الى حوالي 1400 مسؤول عملوا في العراق منذ اجتياحه عام 2003، تتناول وضعهم النفسي. وسيتم بعدها تشكيل خلايا دعم اعتبارا من يونيو (حزيران) لمساعدة عاملين قدامى في العراق ودول اخرى خطرة؛ حيث يرغم الدبلوماسيون على الذهاب للعمل فيها بمفردهم بدون عائلاتهم لتجنيبها المخاطر.

وقال كايسي ان دبلوماسيينا وموظفينا ومقاولينا يضطلعون بقسم كبير من مجهودنا في العراق وأفغانستان ومواقع أخرى بالغة الخطورة في العالم». وتابع انهم يقدمون تضحيات لا تقتصر على البقاء بعيدا عن عائلاتهم او العيش في اوضاع صعبة، بل انهم يعانون في بعض الاحيان لدى عودتهم من اعراض تتطلب منا مساعدتهم. وستوضع الاسئلة وتشكل خلايا الدعم من اجل مساعدة الذين يعانون من اعراض التوتر والإرهاق الناتجة عن صدمة او من امراض اخرى، على اساس تطوعي.

وأوضحت برندا غرينبرغ من مكتب الموارد البشرية في وزارة الخارجية، أن الدبلوماسيين الاميركيين عملوا على الدوام في مناطق يسودها الخطر وانعدام الاستقرار، إلا ان عدد المناصب في مثل هذه المناطق ازداد بمعدل يفوق ثلاثة أضعاف منذ 2001 ليصل الى حوالي 750 منصبا بينها 200 في العراق. وسبق ان عمدت وزارة الخارجية الى زيادة الرواتب والعلاوات المخصصة لهذه المناطق لتشجيع المسؤولين في الخارجية على الترشح لها على ضوء تزايد عدد هذه المناصب في العراق.

وان كان من النادر ان يخرج الدبلوماسيون العاملون في العاصمة العراقية من المنطقة الخضراء، إلا ان ظروف الحياة بالغة الصعوبة داخل هذه البقعة الخاضعة لحراسة مشددة؛ اذ تتعرض لهجمات عديدة بالصواريخ وقذائف الهاون وينام معظم العاملين فيها في مقطورات صغيرة.

وازداد الوضع صعوبة بعدما أطلق الرئيس الاميركي جورج بوش في مطلع السنة استراتيجيته الجديدة في العراق القاضية بمضاعفة عديد فرق إعادة الاعمار المنتشرة في البلاد. ويشرف مسؤولون من وزارة الخارجية على هذه الفرق المختلطة من المدنيين والعسكريين غير ان غالبية اعضائها من المقاولين الذين لن يشملهم التحقيق ولن يفيدوا من مساعدة خلايا الدعم.

وقلل دبلوماسي خدم في عدد من المناطق الصعبة من شأن التحذيرات حول تزايد عدد المصابين بأعراض التوتر، داعيا الى التعامل بحذر مع هذه المعلومات. وقال طالبا عدم كشف اسمه، ان وزارة الخارجية وضعت برنامج مقابلات الزامية مع الذين يمضون اكثر من تسعين يوما في مناطق خطيرة، موضحا أن هذا البرنامج يوفر لهم المساعدة للسيطرة على التوتر.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاثنين  7 آيار/2007 -18/ربيع الثاني/1428