حوار الثقافات السبيل لإنهاء صدام الحضارات

 شبكة النبأ: انسجمت الآراء والاطروحات التي ادلى بها معظم من حضروا الى الندوة التي عقدت برعاية الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب والمقامة في العريش بمصر، وقد تداولت آراء الكتاب والادباء حول صراع الحضارات او التفاعل الحضاري والصراع الدامي الدائر في الوسط المشرقي من العالم والانتهاكات التي يقودها الطرف القوي في هذا الصراع ودور المقاومة والموقف الاستراتيجي منها.

وفي حين يسارع مثقفون عرب وأجانب للمشاركة في ندوات ومؤتمرات حول حوار الثقافات يجزم كاتب سوري في الندوة بأن ما يدور في السنوات الاخيرة تحت هذا المصطلح هو مجرد كلام زائف لا جدوى منه.

وقال محمد راتب الحلاق في ندوة (الكاتب العربي وحوار الثقافات) المقامة بمدينة العريش بشمال شبه جزيرة سيناء ان الحوار هو الاصل في العلاقات الانسانية فردية كانت أم جماعية بحسب تقرير رويترز.

لكنه يرى في الندوة التي يرعاها الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب أن مصطلحي الحوار والصدام غير دقيقين ويفضل عليهما مصطلح "التفاعل الحضاري" وهو عملية مستمرة في التواصل الانساني على أكثر من مستوى بخلاف ما يسمى بحوار الحضارات الذي يقتصر في رأيه على النخبة.

وأضاف أن ما اصطلح على تسميته بحوار الحضارات "بالصورة التي جرى بها الى الان يمثل قضية زائفة وغير مجدية لان الحضارة القوية لا تحاور ولا تناقش وانما تملي على الاخرين شروطها، والحضارة الضعيفة أو الراكدة لا تحاور ولا تناقش هي الاخرى وانما تكون في موضع القابل للشروط والاملاءات."

وشهدت تسعينيات القرن العشرين عقب انهيار الاتحاد السوفيتي اطلاق مقولات منها (نهاية التاريخ) للكاتب الامريكي من أصل ياباني فرانسيس فوكوياما الذي اعتبر النموذج الرأسمالي الغربي نهاية التطور الانساني و(صدام الحضارات) للامريكي صامويل هنتنجتون الذي فتح أبوابا على جدل لايزال يثير شهية مؤيدين ومعترضين.

وقال الحلاق ان الحضارة القوية تسعى لتعميم رؤاها وقيمها وتطلق على هذه القيم والرؤى صفة العالمية والانسانية وتتملكها رغبة في "تدمير رؤى الاخرين وقيمهم.

الحضارات التي روجها هنتنجتون ومن جاراه في التفكير سرعان ما تتهافت لحظة الانتباه الى الاختلال الفاقع بين موازين القوى اذ لا يمكن لعاقل أن يتصور ضعيفا يبادر الى الصدام مع من هو أقوى منه."

بصراحة أكثر يشدد الحلاق على أن "الصدام الذي يتحدث عنه هنتنجتون عدوان من جانب ومقاومة وممانعة ورد للعدوان من جانب اخر" مشيرا الى أن الغرب عبر خطابه الاعلامي يريد أن يعيد تشكيل عمليات الادراك عند غيره من الشعوب والنخب ليفهموا الامور كما يريد.

كما لفت الانتباه الى أن الدعوة الى ما يسمى بحوار الحضارات جاءت من الدول المستضعفة واصفا تلك الدعوة بالمثالية والنبل الذي يذكر بقيم انسانية مثل الحق والعدل مضيفا أن المرحلة الحالية من علاقة العرب بالغرب القوي تشهد "اعادة تشكيل جغرافية بلاد العرب والمسلمين (على غرار مؤامرة بريطانيا- فرنسا خلال الحرب العالمية الاولى والمعروفة باسم صانعيها) سايكس-بيكو."

ومن ثنائية الحق-القوة انطلق الكاتب الفلسطيني أحمد رفيق عوض مقارنا بين ممارسات اسرائيل تجاه الفلسطينيين وما يراه جرائم للرجل الابيض في معظم البلاد التي تم غزوها في مرحلة المد الاستعماري الغربي.

وقال: ان الرجل الابيض "كان يقتل ألف مواطن في زائير ثم يعمل قداسا في اخر النهار" مشددا على عدم جدوى الحوار بين طرفين غير متكافئين خاصة اذا كان أحدهما يتبنى نظرة عنصرية الى الاخر.

وقال عوض: ان ما يجري في فلسطين على أيدي الجيش الاسرائيلي الذي بسط سيطرته على كامل ترابها منذ أربعين عاما هو "فضيحة العالم، فلسطين فضيحة العولمة وحقوق الانسان والامم المتحدة ودعاوى الديمقراطية."

وكان رئيس اتحاد كتاب مصر محمد سلماوي وهو الامين العام للاتحاد العام للادباء والكتاب العرب قد قال في افتتاح الندوة بجامعة سيناء: انها تتزامن مع ذكرى مرور أربعين عاما على احتلال اسرائيل لاراضي دول عربية في الخامس من يونيو حزيران 1967.

وبحثت الندوة ايضا قضايا منها ( الكاتب العربي وأزمة المفاهيم.. صرع-حوار-تفاهم) و(الكاتب العربي وعلاقته بالثقافات العالمية) و(الكاتب العربي والتنوع الثقافي.. رؤية مستقبلية).

قيمة المقاومة

وشدد مثقفون عرب يمثلون اتحادات الكتاب في بلادهم على قيمة المقاومة بعيدا عن طاولات التفاوض في ندوة بمصر تتزامن مع ذكرى مرور أربعين عاما على احتلال اسرائيل لأراضي دول عربية في حرب 1967. بحسب رويترز.

وقال محمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب مصر في افتتاح ندوة (الكاتب العربي وحوار الثقافات) بجامعة العريش بشمال شبه جزيرة سيناء ان الندوة التي تُعقد في الأرض التي تحررت من الاحتلال الاسرائيلي تُعيد التذكير بأن الكُتَاب العرب سيظلون "الحصن المنيع ضد العدوان على الأراضي العربية وضد استهداف الهوية القومية (العربية) وضد دعاوى التطبيع مع عدو يتحدث بالسلام و (لكنه) يدفع بالأطفال والرجال والنساء والشيوخ الى النهاية الوحشية."

وقال سلماوي وهو الامين العام للاتحاد العام للادباء والكتاب العرب ان عنوان الندوة يدعو الى الحوار لكنه لا ينفصل عن إثارة قضية الاحتلال "إذ كيف يستوي الحوار وأحد أطرافه يرزح تحت نير غطرسة الاحتلال الوحشي البغيض".

وقال محمود شريف رئيس جامعة سيناء في الافتتاح ان انعقاد الندوة وإقامة الجامعة في مدينة العريش له دلالة خاصة حيث تقع المدينة على طريق حورس الحربي الذي أنشأه تُحتمس الثالث أحد أبرز الفراعنة في الأُسرة الثامنة عشرة حيث "طرد الهكسوس الذين غزو مصر من الشرق، كما طردناهم منها عام 1973 وسنظل نطاردهم حتى يتحرر كل شبر من الارض العربية" التي تحتلها اسرائيل.

وشدد الشاعر الفلسطيني المتوكل طه رئيس الوفد الفلسطيني على أن سيناء عادت الى مصر "بالمقاومة وبدماء الشهداء" مضيفا أن المسافة من فلسطين وتحديدا من مدينة رام الله الى مدنية العريش تستغرق بالسيارة ثلاث ساعات وبسبب "الاحتلال الاسرائيلي الفاشي النازي -الذي لا يُعَلِم أبناءه إلا القتل- ظللنا ندور ثلاثة أيام حتى نصل الى العريش" التي ما كانت لتحرر لولا "العبور العبقري" للجيش المصري عام 1973.

اشجار زيتون في سيناء

وزرع أدباء وكتاب عرب أكثر من مئة شجرة زيتون أمام جامعة سيناء بمدينة العريش الساحلية التي استضافت ندوة (الكاتب العربي وحوار الثقافات) كما أعلنوا في بيان ختامي مؤكدين رفضهم التطبيع مع اسرائيل مشددين على "مقاومة المحتل" في فلسطين ولبنان والعراق والصومال.

ونيابة عن الوفود العربية أبدى الكاتب اللبناني غسان مطر الرفض للتطبيع مع اسرائيل قائلا ان قضية العرب هي الحرية والتحرير رابطا بين الجنوب اللبناني الذي انسحبت منه اسرائيل في مايو ايار 2000 تحت وطأة ضربات المقاومة اللبنانية وشبه جزيرة سيناء التي بدأ تحريرها في حرب 1973 بعد وقوعها في قبضة اسرائيل منذ حرب 1967. ووصف مطر ما حدث في سيناء وجنوب لبنان بأنه معجزة.

وشارك أكثر من مئة كاتب من 13 دولة عربية في الندوة التي بدأت في شبه جزيرة سيناء برعاية الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب وتختتم بوقفة احتجاجية صامتة عند منفذ رفح الفاصل بين حدود مصر والاراضي الفلسطينية تجاوبا مع دعوة جامعة الدول العربية كافة المواطنين العرب للوقوف دقيقة صمتا احتجاجا على استمرار احتلال الاراضي العربية منذ حرب 1967 التي استولت فيها اسرائيل على هضبة الجولان السورية وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية الفلسطينية الشرقية وسيناء المصرية.

كما دعا البيان العراقيين الى نبذ النزاعات العرقية والطائفية وأدان ما اعتبره نهبا للثروات واشاعة للفوضى التي قال انها تضمن استمرار سيطرة الاحتلال على البلاد.

وأشاد البيان "بالمقاومة العراقية ضد المحتل الامريكي وحلفائه وأعوانه" محييا "المقاومة اللبنانية لتصديها للعدو الصهيوني وتحقيق نصر يرفع هامة هذه الامة."

كما حذر البيان من خطورة مشاريع قال انها معدة سلفا لضرب الوحدة اللبنانية وللهيمنة على السودان وتدخل "القوى الاجنبية" في الصومال والنيل من سوريا معلنا تأييد الادباء العرب "لاسترجاع الجولان المحتل كاملا... المقاومة بكل أشكالها حق مشروع للشعوب في الدفاع عن حقها في الحياة الحرة الكريمة والاستقلال والسيادة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 10 حزيران/2007 -22/جمادي الأول/1428