اصدارات جديدة: مستقبل السياسة العراقية حيال المحيط الإقليمي والدولي

 

 الكتاب: مستقبل السياسة العراقية حيال المحيط الإقليمي والدولي

تحرير: سليم فرحان جيثوم

الناشر: مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية

عدد الصفحات: 176 من الحجم الكبير

عرض: حسن عبيد عيسى

 

 

 

 

شبكة النبأ: ضمن جهود مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية الرامية إلى بحث وتحليل نتائج ومعطيات المرحلة التي يمر بها العراق منذ نيسان 2003، فقد اصدر مؤخراً كتاباً بعنوان (مستقبل السياسة الخارجية العراقية حيال المحيط الإقليمي والدولي ).

 ساهم في تأليف فصول الكتاب السبعة كتاب من ذوي الخبرة والاختصاص الأكاديمي ممن لهم القدرة على استشراف مستقبل العلاقات السياسية للعراق في ضوء السياسة الخارجية انطلاقاً من العوامل الأساسية التي أسست عليها هذه المرحلة من تاريخ البلد.

 فتحت عنوان (السياسة الخارجية- دراسة نظرية) كتب د.سعد علي حسين التميمي المدرس في كلية العلوم السياسية بجامعة بغداد بحثه الذي نستطيع عده المقدمة الفنية للكتاب. والبحث هو سعي أكاديمي للإجابة على سؤال مركزي هو: لماذا تتصرف الدول المستقلة على النحو الذي تتصرف عليه وكيف يتم ذلك؟ إلا إن الإجابة على ذلك السؤال قادت إلى سلسلة من الأسئلة وحتمت الإجابة عليها ومنها ما المقصود بالسياسة الخارجية؟ وكيف تصنع؟ وما هي آليات تنفيذها.

لقد تلمس الباحث طريقة إلى الإجابة التي يظل القارئ ينشد التعرف عليها، فتوصل بعد أن نجح في حل الكثير من الإشكالات ألا أن ذلك يقود إلى ما يلي:

1.    المحافظة على استقلال الدولة وسياستها وأمنها القومي.

2.    زيادة قوة الدولة.

3.    تطوير المستوى الاقتصادي للدولة.

وجاء الفصل الثاني بعنوان (العراق دائرة التقاطع الإستراتيجي-قراءة في الصراع المخفي والمعلن) وهو بحث الدكتور باسم علي خريسان المدرس في كلية العلوم السياسية بجامعة بغداد.

لقد ركز الباحث على مستويات مختلفة من الصراع الملموس في واقع العراق انطلاقاً من كون ارض العراق مسرحاً لصراعات عديدة منذ أزمان التاريخ السحيقة وانه غير معني بأغلب تلك الصراعات.. أما على صعيد الواقع فثمة مستويات للصراع الذي يشهده العراق، منها الدولي، ومثاله هدف أمريكا في كسر إرادة الأطراف الدولية الأخرى في العراق، وهو الذي جعل الحرب شديدة الأثر في العراق لكونها نجمت عن دفع أمريكا لكل إمكانياتها العسكرية والسياسية. وأقل من المستوى الدولي، هناك الصراع الإقليمي، ولعل أول سمات هذا الصراع هو مقاومة المشروع الأمريكي من قبل بعض دول الإقليم التي استشعرت خطر ذلك المشروع.. ثم أن هناك تحسسا آخرا من الطموحات الكردية كما هو واقع حال السياسة التركية التي تخشى أن تطالها تلك الطموحات.

     بقي إن هناك أنواع أخرى من الصراعات قد تكون في نفس المستويات السابقة أو دونها درجة مثل الإخلال في التوازنات الطائفية السياسية وما ينجم عنها من توظيف سياسي يأخذ صيغة الصراع السياسي بغطاء طائفي.. وكذلك التعصب القومي ورفض التغير (ولو إن هذا لم يرق إلى مستوى الصراع وهو ما لم يناقشه الباحث).

أما موضوع الإرهاب عابر الحدود، فثمة فقراء من المسلمين صاروا بضاعة لقادة هذا الإرهاب الذي يخلص الباحث إلى إنه إرهاب مزدوج، فالقوى الإقليمية التي مر بنا رفضها للمشروع الأمريكي، سلكت أسلوب الإرهاب لضرب وعرقلة هذا المشروع، في حين نجد إن الإدارة الأمريكية هي الأخرى وجدت الإرهاب وسيلة لمواجهة خصومها في العالم خصوصاً وان العراق الذي ستنفذ به هذه الوسيلة بعيد كل البعد عن الأراضي الأمريكية.

     وبحث الدكتور ستار جبار الجابري في (مستقبل علاقات العراق مع دول الجوار العربية) ومن خلال خبرة الباحث الذي هو أحد باحثي مركز الدراسات الدولية بجامعة بغداد، فإن بحثه الذي هو المبحث الأول من الفصل الثالث من الكتاب حاول استشراف مستقبل علاقات العراق مع دول الجوار العربية (الكويت والسعودية والأردن وسوريا).

    فالعلاقة مع الكويت يحكمها عاملا التاريخ والجغرافية، من خلال تخوف الكويتيين من العراق للسوابق التاريخية بشأن (الحقوق التاريخية للعراق والتي تعدها الكويت أطماعاً سياسية للحكومات العراقية المتعاقبة) كما نقل الباحث عن عدد من المصادر. إلا إن مستقبل هذه العلاقة (وخاصةً الجانب الاقتصادي) مرتبط بما سوف تسفر عنه الجهود المبذولة عالمياً وإقليمياً وعربياً في سبيل حل العديد من المشكلات العالقة بين البلدين. وتشكل قضية التعويضات والديون جانباً مهماً من هذه المشكلات، وكذلك قضية الأسرى.

الملاحظ على هذا الجانب إن المبادرة في شأن العلاقات العراقية الكويتية، مرهونة بيد الكويتيين وهذا الاستنتاج يخرج به قارئي البحث حتى ولو لم تكن هذه الرؤية متولدة لديه سابقاً.

    ولقد شخص الباحث عدم ثبات السعودية على موقف واحد بشأن العراق، قبل الحرب الأخيرة، دون أن يهمل الإشارة إلى كون السياسة السعودية أسيرة الآخرين، فهي كانت تريد الإطاحة بصدام حسين، إلا إنها ما كانت تفضل أسلوب الغزو، وإنما تريده تغيراً انقلابيا داخلياً عبر(أدوات محلية يمتلكها سنة العراق القائمون آنذاك على النظام) وإنها (لم تكن تريد أن يأخذ الشيعة دوراً طليعياً في قيادة العراق).. ولكن ما حصل بعد التغير التي قادت أدواته الإدارة الأمريكية إن الحساسية السعودية الرسمية من الشيعة والتشيع خفت كثيراً مرتكزاً على أسباب يعددها في بحثه.. إلا أن هذا التخفيف قابله قلق متبادل بين البلدين.

    وعلى الرغم من وسطية الموقف الأردني من التغير الحاصل في العراق إلا إن ثمة ما أزّم العلاقة بين البلدين خصوصا حيثيات قيام الأردني (رائد منصور ألبنا) بتفجير نفسه وسط مئات من العراقيين وما تبع ذاك من احتفاء به من قبل بعض الأردنيين الذين عدوه شهيداً خصوصاً وان الأردن الرسمي أوى أفرادا من عائلة صدام حسين لدواعٍ وصفت بأنها إنسانية.

    إن تلك الأزمة لم تعرقل الجهد المشترك من أجل الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية.. وان العراق كان يحث الأردن على ممارسة دوره في التأثير على القيادات السنية العراقية وإن زيارات لمسؤلين عراقيين على مستوى عال للأردن حفزت الأردن على دعم أي جهد لاستعادة العراق لأمنه واستقراره وإن الأردن ضمن ذلك يأمل في أن يرى (تعاوناً بين العراق ودول الجوار وخاصة العربية بشكل عام لإعادة الأمن والاستقرار فيه مما يدعم أمن واستقرار المنطقة).

    ولقد حقق استعراض مبتسر للعلاقات العراقية السورية أمكانية خلق رؤية وتصوراً عاماً لتحسين تلك العلاقات شريطة أن يلاحظ:

1.    بذل سوريا جهود لمراقبة الحدود ومنع التسلل والسعي إلى تعاون ثنائي يصب في هذا الاتجاه.

2.  وضع بنية أمنية إقليمية وتأسيس مجموعة اتصال تضم الولايات المتحدة والعراق ودول الجوار لمناقشة مستقبل العراق في المنطقة.

3.    تشجيع الاندفاع السوري نحو السوق العراقية والاستثمار السوري في العراق.

4.    تحويل جزء من الموجودات العراقية المحتجزة في البنوك السورية.

     المبحث الثاني ضمن هذا الفصل تضمن بحثاً عنوانه (السياسة الخارجية العراقية تجاه إيران). وهو معد من قبل الدكتور خليل الربيعي الأستاذ في كلية العلوم السياسية / جامعة بغداد. فهو بعد أن يتذكر توتر العلاقات التي قادت إلى حرب الثمان سنوات أن يرى إن العلاقات مع إيران تعتمد بالدرجة الأساس على قدرة الطرفين إلى حل وامتصاص حالة الاحتقان بينهما، وكذلك قدرتها على وضع عوائق وموانع أمام تكرارها مستقبلاً مع إيجاد عامل جذب دائمي لتعزيز تلك العلاقات وكبح أي توترات قد تغيرها.

 أما (مستقبل العلاقات التركية العراقية بعد الاحتلال) فهو عنوان المبحث الثالث من الفصل وهو من إعداد الدكتور حسين حافظ وهيب العكَيلي الباحث في قسم الدراسات الآسيوية بمركز الدراسات الدولية بجامعة بغداد. فأن الباحث وجد إن ثمة ثلاثة عوامل أساسية تتحكم في السياسة التركية إزاء العراق ما ينعكس تأثيرها على العلاقات ما بين البلدين، وهي القضية الكردية وتداعياتها على مستقبل الاستقرار السياسي في تركيا، ومستقبل الأقلية التركمانية والمصالح الاقتصادية التركية في العراق. وبعد مناقشتها مفصلاً يتوصل إلى أن ثمة متغيرات لها دورها الفاعل في مسار العلاقات بين البلدين، وهي:

1.   المتغيرات الدولية وأثرها في تعميق الدور التركي في الرؤية الأمريكية.. لقد حول الباحث هذا المتغير إلى واحة غنّاء من المعلومات والسرد التاريخي قادته إلى أن هواجس تركيا من غزو العراق وما جره الغزو من تضاؤل لأهمية الأراضي التركية عند الأمريكان بعد أن صار العراق كله بقبضتهم هي حصيلة مثمرة لذلك السرد التاريخي.

2.   الرؤية التركية للعراق ما بعد الاحتلال.. وهي رؤية تتجسد فيها العوامل الأساسية التي تتحكم في السياسة التركية والتي عددناها سابقاً.

3.     الرؤية الأمريكية للدور التركي في الشرق الأوسط بعد الاحتلال.

     أدى ذلك إلى خلاصة ختم بها الباحث بحثه تفيد بأن تركيا ستظل حليفاً مخلصاً للولايات المتحدة وان المصالح التركية في العراق ذات أر كبير على المستقبل التركي بكل أبعاده وعلى الساسة الأتراك أن يدركوا بأن جوهر الاستقرار في تركيا يرتبط بشكل مباشر باستقرار العراق وعلى تركيا أن تكون فاعلاً إيجابياً في هذا الاتجاه.

    أما الفصل الرابع الذي خصص لدراسة (مستقبل السياسة الخارجية العراقية حيال مراكز الاستقطاب الدولي) فأنه تضمن مبحثين، أولهما (الولايات المتحدة)، وهو مبحث كتبه الدكتور خضر عباس علوان الباحث في مركز الدراسات القانونية والسياسية بجامعة النهرين، تساءل الباحث في صدر بحثه عما أذا كان للعراق دور في تحديد المرجعية السياسية العراقية وأولوياتها ؟ وما الذي تريده الولايات المتحدة من العراق وانعكاس ذلك على نظام حكمه ودوره الإقليمي والعربي؟

     فثمة رؤية أمريكية لأهمية العراق الدولية التي خلقتها ادوار العراق في العقود الأخيرة، تجسدت في ضرورة تحجيم دور العراق بشكل عام كونه القوة الإقليمية-العربية الفاعلة وإنه غير قانع بالوضعين الإقليمي والعربي وانه يتطلع نحو امتلاك عناصر القوة إضافة إلى كونه قوة غير محايدة وهو يسعى إلى توظيف امتلاكه للقوة إلى الإخلال بميزان القوى المجيّر لصالح إسرائيل.

    إن هذه الرؤية على وفق المكونات الأساسية لها كما ذكرنا أنفاً، أملت إعادة صياغة أوضاع العراق حتى لا تتحول المنطقة عموماً إلى ساحة تدني لوضع الولايات المتحدة الدولي حتى ولو كان العمل من أجل تلك الصياغة الابتعاد عن الاعتبارات الأخلاقية.

    ولقد اختص المبحث الثاني من هذا الفصل باليابان وهو من إعداد التدريسية نغم نذير شكر الباحثة في مركز الدراسات الدولية.

    حاولت الباحثة إلى أن تهيئ القارئ إلى إن السياسة الخارجية لليابان لم تعد توصف بأنها سلوك سياسي خارجي يسعى للحصول على موارد الطاقة والمواد الأولية اللازمة للصناعة والى أسواق تصريف منتجاتها الصناعية، فالدور الياباني الجديد على الساحة الدولية يتمثل في تطلع اليابان لممارسة دور عالمي بعد انتهاء حقبة الحرب الباردة.. وإنها جزء من الإستراتيجية الأمريكية.

    هذا الأمر بحيثياته يمكن أن يستحضر عندما تتم مناقشة السياسية اليابانية تجاه المسألة العراقية من خلال أمرين أولهما موقف اليابان من الحرب على العراق،هي على الرغم من إن الإدارة الأمريكية لم تطلعها على قرار شن الحرب إلا بوقت متأخر وعن طريق الهاتف إلا إنها سارعت إلى تأسيس غرفة عمليات طوارئ لمتابعة الحرب في العراق وعينت مبعوثاً خاصاً لها في العراق ووافقت على تقديم مساعدات إنسانية للاجئين الفارين من ساحات القتال في الداخل أو إلى دول الجوار العراقي المتضررة اقتصاديا والتعهد بأعمار العراق عقب توقف الحرب.

أما الأمر الثاني فهو دور القوات اليابانية في العراق.. فالمشاركة اليابانية في العراق بقوات عسكرية جاءت بعد جدل طويل أدى إلى تعديل بعض مواد الدستور الياباني.. عموماً فان تلك القوات أرسلت تحت بند المساعدات الإنسانية لتقوم بتقديم الخدمات الطبية وتوفير المياه الصالحة للاستخدام الإنساني وإعادة تأهيل المدارس والمرافق الأخرى كقنوات الري والطرق وصيانتها.

  وبلا شك فان الوجود العسكري الياباني في العراق والذي هو أول خروج عسكري لليابان خارج جزرها منذ استسلامها في الحرب العالمية الثانية، كانت له انعكاسات ونتائج، ولعل في مقدمتها تعديل الدستور الياباني كما أسلفنا، وان أحزاب المعارضة وجدت ذلك فرصة لمطالبة رئيس الوزراء بالاستقالة.. بينما نجد تشجيعاً وارتياحاً أمريكياً من هذه الخطوة اليابانية كونها تؤيد المسار الأمريكي في الحرب على العراق.

.....................................................

موقع مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية:

http://fcdrs.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 8 حزيران/2007 -20/جمادي الأول/1428