بعد نصف قرن من الاحتلال.. ذكريات مريرة وانقسامات متعمقة

 شبكةالنبأ: هزمت اسرائيل في حرب عام 1967 العرب فيما يعرف باسم (حرب الايام الستة) من خلال مناورة سياسية وعسكرية بمساعدة الولايات المتحدة واحتلت الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية العربية حيث اخرجت اسرائيل القوات الاردنية منها، ثم احتلت قطاع غزة وسيناء المصرية، وهضبة الجولان السورية، وكل ذلك حصل في ستة ايام!!!، ولا تزال تداعيات هذه الحرب بعد مرور نصف قرن دون ما حلول جدية تلوح في الافق، وتعتبر القدس في قلب المشكلة مع اسرائيل حيث يقول اليهود انها عاصمتهم الابدية بينما يطالب العرب بها باعتبارها موطنهم وعاصمتهم قبل ولادة الكيان الصهيوني في عام 1948.

وفي كل ذكرى سنوية لاستيلاء إسرائيل على القدس الشرقية العربية قبل 40 عاما ينظم الاف من الشبان اليهود وهم يغنون ويلوحون بالاعلام مسيرة وسط المدينة القديمة المقدسة في ظل حراسة مكثفة من الشرطة.

وعادة ما يتابع هذا العرض الوطني جمهور أقل تعاطفا سواء أكان من المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين من سكان المدينة أم من يهود متدينين لا يأبهون بالسياسة يدلفون للصلاة غير مبالين. بحسب رويترز.

وتعكس المطالب الوطنية والدينية المتعارضة التي تبدو على الوجوه الانقسام الذي اضحى اكثر عمقا منذ توحيدها عمليا عام 1967 بعد ان أخرج الجيش الاسرائيلي القوات الاردنية من شرق المدينة بعد يومين من بداية ما اطلق عليه حرب الايام الستة في الخامس من يونيو حزيران.

وتصف اسرائيل المدينة بانها عاصمتها الموحدة الابدية ولكن هذا الوضع لم يحظ باعتراف دولي قط. واصبح ذلك جليا حين قاطع سفراء اجانب احتفالات ضخمة اقامتها الحكومة الاسرائيلية بمناسبة الذكرى الاربعين "ليوم القدس" والتي جرت في الشهر الماضي حسب التقويم العبري.

وتتركز السفارات الاجنبية في تل ابيب واقامت بعض الدول قنصليات تتعامل مع الفلسطينيين في القدس الشرقية.

وتأسست اسرائيل تنفيذا للوعد "بالعودة الى صهيون" حيث بني معبدان يهوديان قديما. غير ان كثيرين في اسرائيل اليوم يفضلون التطلع الى القدس من بعيد.

وكشفت استطلاعات رأي في الاونة الاخيرة أن نحو ثلثي الاسرائيليين يعارضون التخلي عن القدس الشرقية مقابل ابرام اتفاق سلام مع الفلسطينيين الا ان 78 في المئة لا يريدون الاقامة في المدينة التي اشتهرت بفقرها والشقاق السياسي فيها كما اشتهرت بتقواها.

ويقول شالوم ييروشالمي المعلق في صحيفة معاريف الاسرائيلية واسعة الانتشار "تحولت القدس في عام 2007 لثلاث مناطق منفصلة تصاعد التوتر فيما بينها."

ويضيف "يمثل اليهود العلمانيون والتقليديون المقيمون في القدس الغربية المدينة الاولى واليهود المتشددون مدينة ثانية تنمو وتتطور ويقيم عرب القدس الشرقية في مدينة ثالثة تنمو سريعا ولكن على مساحة متناقصة."

ويصف رئيس بلدية القدس اوري لوبوليانسكي وهو يهودي متشدد انتخابه في عام 2003 بانه مهم لتحقيق الترابط بين نصف مليون اسرائيلي يقطنون المدينة. واشاد لوبوليانسكي مرارا "بالتنوع الثقافي" للقدس فيما دعا الحكومة لاخذ اجراءات لضمان ان تعمل على بقاء أغلبية يهودية فيها.

والامر بمثابة نقمة لنحو 230 الف عربي من سكان القدس. ويشكو كثيرون منهم من تفرقة فيما يتعلق بمزايا تقدمها البلدية ويشكو اخرون من انكار اسرائيل مطالبتهم بالجزء الشرقي كعاصمة لدولة فلسطينية في المستقبل.

كما يبدي الفلسطينيون استياءهم مما يعتبرونه تفرقة متعمدة في تفسير لوائح تخطيط وإقامة بهدف ابعادهم عن المدينة.

واستوطن نحو 200 ألف يهودي في اجزاء من القدس التي ضمتها اسرائيل عقب حرب 1967 مما عزز احساس الفلسطينيين بالاستبعاد من المدينة التي يوجد بها اثنان من الاماكن المقدسة لدى المسلمين واقدس الاماكن المسيحية فضلا عن كون المدينة موطنا لليهودية.

واثر هجمات انتحارية فلسطينية خلال الانتفاضة التي اندلعت في عام 2000 شرعت اسرائيل في بناء جدار امني في الصفة الغربية يقطع القدس الشرقية ليقيم خارج اسواره الاف من سكان القدس من الفلسطينيين الذين يعتبرون المدينة وطنهم الشرعي.

ويقول خليل التفكجي وهو فلسطيني متخصص في شؤون القدس "نشغر باننا مثل الغجر في مدينتنا نقيم بها ولكن لسنا مواطنين."

وتابع "تريد اسرائيل القدس بالكامل كعاصمة لها ولكن ماذا سيحدث غدا.. القدس مفتاح للسلام."

ذكرى الحرب تشعل ذكريات مريرة

ورغم مرور 40 عاما على احتلال القوات الاسرائيلية قطاع غزة مازالت الجدة الفلسطينية أم علي تجاهد لتتقبل مصيرا محتوما انتهى بها لتعيش لاجئة معظم سنوات عمرها.

حين فرت أم علي من قريتها قرب ما يعرف الان في اسرائيل بمدينة عسقلان خلال حرب عام 1948 التي تشكلت على أثرها الدولة اليهودية سارت جنوبا ولجأت الى قطاع غزة الذي كان حينها تحت الادارة المصرية. بحسب رويترز.

لكن في السادس من يونيو حزيران عام 1967 حين كان عمرها 44 عاما وجدت نفسها مرة أخرى تحت الحصار حين احتلت القوات الاسرائيلية القطاع الساحلي في اليوم الثاني مما يعرف الان باسم حرب الايام الستة التي حطمت أمل أم علي في العودة الى موطنها الذي قضت فيه أيام طفولتها.

والان تجد أم علي وقد بلغت 84 عاما من العمر صعوبة في ان تستحضر أمام أحفادها الذين يعيشون معها في مخيم الساحل الفلسطيني التابع للامم المتحدة صور قريتها سوافير التي فرت منها قبل نحو 60 عاما مضت وهي تحمل أولادها بين ذراعيها.

وقالت أم علي في حسرة "ياريت أنا مت وما غادرت أرضنا."

سألها أحد الاحفاد وهو يلعب الى جوارها وقد ارتدت الملابس الفلسطينية التقليدية وجلست على أرض متربة غير مرصوفة "زرعتوا عنب يا جدة."

أجابته وقد لاحت على وجهها بسمة مقتضبة وهي تتذكر حياتها الغابرة في قريتها البعيدة "اه زرعنا. كان عندنا كل شيء في بلادنا."

اما الان فالحياة بالنسبة لها صعبة حتى رغم انسحاب اسرائيل والمستوطنين اليهود من القطاع قبل عامين. فاسرائيل تفرض نطاقا أمنيا مشددا على القطاع في الوقت الذي تسببت فيه العقوبات الدولية التي فرضت على الحكومة الفلسطينية التي ترأسها حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وأيضا المنافسة المريرة بين الفصائل الفلسطينية في اصابة الاقتصاد الفلسطيني الهش

بالشلل.

وفي نهاية المطاف تلقي أم علي مثلها مثل كثير من الفلسطينيين اللوم في كل هذه المعاناة على "النكبة" كارثة اقامة دولة اسرائيل عام 1948 وعلى "النكسة" حرب عام 1967 التي خسرها العرب أمام اسرائيل. وقالت "طبعا هذا كله بسبب الهجرة."

ويردد اخرون في مخيم الساحل الذي يعيش فيه نحو 90 ألف فلسطيني تحت ادارة منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للامم المتحدة (اونروا) وجهة النظر القائلة بأنهم خدعوا من جانب دول عربية.

وقال أبو محمد (58 عاما) وهو يستند الى عصاته "لقد تعرضنا لمؤامرة عربية ودولية".

وتذكر رجل اخر رفض الكشف عن اسمه الامال العريضة التي ثارت عشية الحرب التي خاضتها ضد اسرائيل مصر والاردن وسوريا وقد وقف من ورائها العراق والكويت والسعودية والجزائر.

وقال، قالوا لنا لا تقاتلوا فقد جئنا بسبع جيوش عربية. ولكنهم هزموا مثل الفراشات. العرب رقصوا ولم يقاتلوا.

ومصير اللاجئين الفلسطينيين هو من القضايا الشائكة التي تقف حجر عثرة في طريق التوصل الى تسوية سلمية بين اسرائيل والفلسطينيين بالاضافة الى وضع القدس التي احتلتها القوات الاسرائيلية بشطريها الشرقي والغربي في السادس من يونيو حزيران عام 1967 .

واسرائيل الحريصة على الاحتفاظ بأغلبية يهودية وغير المستعدة لفتح الباب امام النظر في مزاعم عن ملكية الاراضي ترفض اي حل يتضمن عودة مئات الالاف من العرب ودخولهم الدولة اليهودية.

لكن تلك الديار المهجورة مازالت تهيمن على ذكريات يجترها في مرارة فلسطينيون في مخيمات القطاع وفي الضفة الغربية المحتلة وما ورائهما.

ولأم حازم الان التي كانت في حرب عام 1948 في الرابعة من عمرها فقط 11 ابنا وابنة يسألونها دوما عما اذا كانوا سيعودون يوما للوطن.

عباس في ذكرى النكسة: الدولة الفلسطينية هدف أضحى قريبا!!

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطاب ألقاه يوم الثلاثاء في ذكرى مرور 40 عاما على ما وصفه "بهزيمة كبرى" للعرب على يدي اسرائيل في حرب عام 1967 التي تعرف باسم حرب الايام الستة ان الدولة الفلسطينية هدف "أضحى قريبا". بحسب رويترز.

وأبرز الاشتباك الذي جرى بين حركة فتح العلمانية التابعة لعباس وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) وفشل الرئيس الفلسطيني في ابرام اتفاق تهدئة بين نشطين فلسطينيين واسرائيل العقبات القائمة على طريق التوصل الى سلام طال انتظاره.

وقال عباس في خطاب تلفزيوني "على صعيد وضعنا الداخلي فان ما يقلق الجميع هو ما اصطلح على تسميته بالفلتان الامني أو بتعبير أكثر تحديدا وقوفنا على حافة الحرب الأهلية".

واندلع اشتباك دام نحو ثلاث ساعات في قطاع غزة قرب معبر المنطار التجاري في أشرس اشتباك بين فتح وحماس منذ أسبوعين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 7 حزيران/2007 -19/جمادي الأول/1428