المربد الرابع تحد ثقافي بوجه التخريب والارهاب

 شبكة النبأ: مهرجان المربد السنوي الذي انطلقت فعالياته في البصرة ولمدى اربعة ايام وفي هذه الظروف غير المستقرة والمفعمة بلغة القتل وتدمير كل ما هو إنساني وجميل من قبل الارهاب وسيوف التخلف المتعطشة للدمار والفوضى انما تعد اقامة المهرجان المربدي ردا قويا وصائبا على الفعل الدوني الناكص الى حضيض السوء والرذيلة، كذلك تأكيد الفعل الثقافي والتأسيس للعمل الخير من اجل الوصول الى تحقيق إنسانية الانسان وتحصين كرامته في دولة سعيدة وحكومة عادلة.

وقد انطلقت فعاليات مهرجان المربد الشعري في دورته الرابعة في البصرة وحضرها أكثر من 1000شخصية من الوجوه الثقافية والسياسية والمسؤولين الرسميين اضافة الى اعداد غفيرة من المواطنيين.

وقال كامل شياع وكيل وزير الثقافة لوكالة (أصوات العراق) " المربد الرابع يحمل أكثر من دلالة ويعد تجمعا للمبدعين العراقيين في موسم مفتوح للشعر والبوح بالمسكوت عنه والمأمول وهو بؤرة يلتقي فيها مبدعو العراق ليمسكوا بالنبض الاول للكلمة والرؤية وهو ايضا أفق للتنوع والتعدد والاكتشاف."

وأوضح " المربد ليس مجرد كلام بل هو منصة للمنجز الابداعي والفكر الناقد وملتقى للتجارب والاتجاهات عراقيا وعربيا .. ملتقى لم يأخذ بعد مداه المفتوح .. فما زالت هناك قيودا خارج ارادتنا ومازالت الظروف الشاذة تلقي بظلالها على هذه اللحظة المرهفة والكاشفة."

وأضاف " في مربد هذا العام وفي المرابد التي سبقته في السنوات الثلاث الماضية تجسد نوع الشراكة البناءة بين وزارة الثقافة واتحاد الأدباء في العراق واتحاد أدباء البصرة الذي ما زال يجاهد ليصنع للمربد ملامحه الواعدة وفضاءه المتسامي في مدار الرؤيا الشعرية التي تستنطق المجهول وتستحضر المعاني المطمورة في تتابع الايام العادية."

وخلص شياع " ليكن هذا الحدث منطلقا لثقافة العراق الآتي بزخم تاريخه ووعود مستقبل طالما حلمنا به ."

من جانبه قال الناقد ياسين النصير: " المربد هذا الكيان الموفي الشامخ ؛علينا أن نديم بقاءه وأن نتشدد بالحضور والمشاركة فهو فارزة بين مراحل وطريقا نسلكه كلما ضعنا أو افتقدنا الفنار."

وأوضح النصير " أنا شخصيا أعول على المربد الكثير وأمنيتي أن يكون أكثر تنظيما واوسع مشاركة وأن يصار الى وضع برنامج دقيق للاختيار والمشاركة وأن لاتترك الامور للصدف أو المناسبة."

وأضاف " من يصعد منصة المربد هو امتياز له وهو تزكية ثقافية ..نأمل ان نجد مربدنا دائما."

وقال الشاعر  موفق محمد " مهرجان المربد يواصل مسيرته مؤكدا أن الثقافة هي وحدها القادرة على لملمة الوطن الجريح الذي أنضجه الساسة حتى احترق غير آبهين لكل هذه الحرائق التي اكلت الاطفال والشيوخ مخلفة ملايين اليتامى والارامل."

وأضاف: " الدماء تجري ونحن  لانجيد غير الوقوف دقيقة حداد واحدة على ارواح الشهداء ناسين امهاتهم واطفالهم في مهب الريح."

يذكر أن الشاعر موفق محمد هو احد الشخصيات الادبية الثلاث التي ستكرم خلال هذا المهرجان وهناك ايضا الروائي الراحل مهدي عيسى الصقر والشاعر كاظم الحجاج أضافة الى الشاعر موفق محمد.

مهرجان المربد يحتفي بالروائي مهدي عيسى

واحتفى مهرجان المربد بالروائي والقاص الراحل مهدي عيسى الصقر وذلك في إطار فعاليات المهرجان.

وقال الروائي والقاص محمود عبد الوهاب ، من اصدقاء مهدي عيسي الصقر: إن حفل التكريم أقيم  في قاعة (عتبة ابن غزوان)  وحضرها المئات من الادباء والمهتمين بالشأن الثقافي والمواطنين البصريين.

وأشار إلى أن الروائي والقاص مهدي عيسى الصقر من كتّاب مذهب الواقعية، بدأ قاصا  وكانت مجموعته الاولى (مجرمون طيبون ) حيث يلمس فيها حبه وشغفه بالناس الطيبين وانحيازه اليهم واستمرار هذا الانحياز حتى رحيله."

وأضاف عبد الوهاب " كتب مجموعة قصصية (حيرة السيدة العجوز ) ومجاميع أخرى وبعد ذلك كتب الرواية وكانت آخر روايته (بيت على نهر دجلة ) كما كتب عن مدينته البصرة (المقامة البصرية) التي يتحدث فيها عن مدينته واصدقائه، وأشار إلى: أن  الصقر كان حريصا على أدبه ولاينبهر بالاشكال الجديدة التي لاتصب ضمن توجهاته في كشف معاناة الناس وكشف هموهم وأنه انقطع سنوات قليلة عن النشر ولم يكن انقطاعا عن الكتابة ثم واصل كتابة الرواية حتى روايته الاخيرة (بيت على نهر دجلة )."

وقال:" يكاد يكون هنا وشائج وعلاقات وخصائص فنية تربط الراحل بالكاتب غائب طعمة فرمان فكلاهما كاتبان واقعيان وكذلك مع الروائي فؤاد التكرلي غير أن الفارق بين مهدي وفؤاد ان الاخير يتميز بالكتابة عن المأزق الوجودي للانسان."

ومهدي عيسى الصقر من مواليد البصرة وتوفي في بغداد عام 2006 ويعد  أحد رواد القصة العراقية.

واصدر الكاتب  مجرمون طيبون وأشواق طائر الليل والشاهدة والزنجي ووجع الكتابة والمقامة البصرية وبيت على نهر دجلة وغيرها ما بين مطبوع ومخطوط ومهرجان المربد هو أحياء لسوق المربد القديم الذي تحول في العصر الاموي من سوق تباع فيه الابل إلى سوق عام يخرج إليه الناس كل يوم ويذهب كل منهم إلى مربعه أو حلقته أو شاعره ليستمع الى الشعر .

ويقول الشاعر مجيد الموسوي: بدأ المربد سوقا تباع فيه الابل في القرن الهجري الاول (المربد في اللغة هو متسع الإبل التي تربد فيه للبيع)، ولكنه تحول بعد فترة قصيرة الى سوق للشعر والثقافة، وبدلا من حلقات البيع والشراء عقدت حلقات يتوسطها  الشعراء كان أبرزهم جرير والفرزدق والأخطل وذا الرمة."

وأضاف الموسوي "كما كان سوق عكاظ  فى الجزيرة العربية أصبح  سوق المربد مرتعا لكل القبائل لعرض أشعارها ومفاخرها.. وأصبح في العصر العباسي أثرا مهما على الجميع زيارته والإطلاع على ما يجري فيه."

وتابع " في الأول من ابريل 1971 انطلق مهرجان المربد الأول إحياء لهذا السوق من قبل الحكومة العراقية فى عهد النظام السابق احياء وتوطيدا لمبدأ التواصل الفكري والثقافي ظاهرا واستدراجا للثقافة والمثقفين ومحاولة حشرهم في تبني مفاهيم وطروحات سياسية معينة ."

واستدرك الموسوي " نضجت في العصر العباسي  الحركة الأدبية وأنجبت أهم الشعراء والنحاة والأدباء، ولعل أهمية المربد تأتي من أهمية البصرة المدينة المتعددة الأعراق والثقافات والعادات، وكانت هذه أيضا هي ميزة المربد على عكاظ والأسواق العربية الأخرى سواء في الجاهلية أوالإسلام. "

وقال القاص والروائي الرائد محمود عبد الوهاب رئيس المهرجان لهذا العام: "المهرجان الثقافي شعريا كان أو غيره بنية ثقافية تعمل على تحقيق وظيفتها بتأكيد القيم الوطنية والاجتماعية والجمالية ".

واضاف عبد الوهاب:" لذلك فأن المهرجان ينبغي أن  لا يكون مهرجانا عابرا" وأوضح: " ولكي يؤكد وظيفته الثقافية ينبغي له ان يسعى من جانب آخر الى توثيق قراءاته ودرساته بكتاب سنوي عند اقامته يعد اضافة نوعية الى الحركة الثقافية ومسيرتها ، كما ينبغي أن يكون داعيا الى ما يوحد شعبنا لبناء عراق ديمقراطي آمن.

استطاع هذا المهرجان في دوراته الاولى  أن يحقق الكثير للثقافة العراقية والعربية وخصوصا في حركة الشعر العربي وتأسيس أو تأصيل قيم الحداثة فيه... ولكن بعد سلسلة حروب النظام السابق  تحول هذا المهرجان حسب ما يعتقد الكثير من المثقفين العراقيين والعرب الى منبر للمديح والثناء لرئيس النظام السابق وتكريس سياساته مما دعا أغلب المثقفين العراقيين والكثير من المثقفين العرب لمقاطعته وعدم حضور فعالياته.

وقال الشاعر كاظم الحجاج " من البديهي أن اقامة أي مهرجان ثقافي أو فني في هذا الظرف الدموي الطارىء هو نوع من الاستفزاز لغريزة الدم التي تمتلك السيادة بقوة السلاح وبتهديد الموت. "

واضاف الحجاج " لهذا فإننا لسنا أمام التقييم الفني لمنجز أي مهرجان أو تجمع ثقافي ، بل نحن أمام شجاعة التحدي باستمرارية الحياة. "

وأصر الادباء البصريون منذ انهيار التاريخ السابق على أن يستعيدوا مربدهم بعد ثلاث عقود من الهجرة القسرية حيث كانت أغلب فعالياته تعقد في بغداد، ودافعوا رغم الكثير من المعترضين عن بصريته العراقية او عراقيته البصرية، وأول ما فعلوه هو قطع صلتهم بالتسلسل السابق لدوراته التي كان آخرها دورته الثامنة عشرة عام 2002 ، وهاهي دورته الرابعة في تقويمه الجديد وشيكة على الانطلاق .

وقال الشاعر علي نوير، رئيس أتحاد أدباء البصرة: " بعد مسيرة شاقة بدأت منذ أكثر من شهرين تم خلالها تطويق معظم العقبات التي واجهناها واصبح أمر انعقاد هذه الدورة حتميا.

وأضاف نوير: " استكملت كافة التحضيرات التي نرجو أن تكون هذه المرة ناجحة ومتميزة وتتناسب مع مكانة مهرجان المربد".

وخصصت الحكومة المركزية مبلغ 100 الف دولار لتغطية نفقات فعاليات المهرجان الذي يقيمه اتحاد ادباء البصرة بالاشتراك مع الاتحاد العام للادباء والكتاب العراقيين وباشراف وزارة الثقافة العراقية.

واوضح نوير: " تم دعوة أكثر من 175 شاعرا وأديبا من العاصمة والمحافظات الاخرى بالاضافة الى دعوة سبعة كتاب وشعراء وفنانين عراقيين من المهجر وعشرة من الادباء والفنانين من الخليج العربي ."

سيكرم خلال الدورة الرابعة للمهرجان ثلاثة من الادباء العراقيين تثمنيا لمنجزهم الابداعي الذي رفد الثقافة العراقية بملامح جديدة وهم الروائي مهدي عيسى الصقر، والشاعرين كاظم الحجاج وموفق محمد.

واشار نوير: أنه" تم وضع برنامج حافل للشعر والادب والفن مع اقامة عدد من المعارض التشكيلية والفوتجرافية والخط العربي بالاضافة الى معرض للكتاب ومحاولة طبع العدد الخامس من مجلة فنارات واصدار كتاب فنارات الملحق بالمجلة وعشرة كتب أخرى لادباء البصرة."

وقال الشاعر خضر حسن خلف رئيس الهيئة التحضيرية للمهرجان: " ستعقد فعاليات المهرجان لثلاثة أيام بمعدل جلستين يوميا ستتخللها قراءات شعرية ؛ ومحاور نقدية " وأوضح أن "المحاور النقدية ستتناول المنجز الابداعي  للادباء المكرمين الثلاثة."

ويحاول المثقف العراقي أن ينهض من رماده ليخلق الأمل وينشد الحياة رغم كل الدماء النازفة والغيوم التي تكتنف سماء العراق، وعلى الرغم من أن البعض يرى عدم جدوى مثل هذه المهرجانات ويعتبرها ترفا لامبرر له وتجاهلا لكل مايحيط بالعراق من مخاطر، يرى الجزء الاعظم منهم انها ممارسة كبيرة للحياة  واستدراجا للامل ومحاولة للوقوف بوجه الخراب الماثل في كل شيء حيث يرون أن الثقافة هي كل ماتبقى للعراقيين من أثر يذكرهم بوحدتهم وحضارتهم وتأريخهم المشترك.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 6 حزيران/2007 -18/جمادي الأول/1428