فرنسا واسبانيا مصدرين لتمويل القاعدة في المغرب العربي!

شبكة النبأ: الخلايا الكامنة للاسلاميين المتطرفين في فرنسا واسبانيا كذلك في الدول التي تساعد الاوضاع فيها على تواجد المنظمات المتنوعة فان هذه الخلايا تعد ممولا فعالا باتجاه تصعيد العمليات الارهابية.

ومعضلة المهاجرين المسلمين تتفاقم في البلدان التي يتواجدون فيها بسبب ما تقوم به القاعدة من عمليات التفجير والدمار ونشر الافكار المتطرفة وتشويه للاسلام، بحيث ينظر اليهم بعين الريبة، كذلك المضايقات التي تحصل في التفاعلات الحكومية والبلدية بالنسبة للخدمات.

وقد اتخذت الخلايا الممولة لتنظيم القاعدة عدة تمويهات وذلك بانشاء شركات او وكالات وهمية كستار لإدارة اعمالها، ويتجلى هذا التمويل لمنطقة المغرب العربي بشكل واضح.

فقد قالت صحيفة "البايس" الاسبانية نقلا عن الفرانس برس ان فرنسا واسبانيا تمثلان مصدري تمويل الارهابيين الاسلاميين التابعين للقاعدة في منطقة المغرب العربي من خلال خلايا نائمة للتمويل في البلدين.

واضافت الصحيفة ان فريقا من القضاة والمحققين يعمل منذ تشرين الاول/اكتوبر 2006 على كشف شبكة معقّدة تم تركيزها في فرنسا واسبانيا وتتولى تمويل ارهابيين يتحركون في المغرب العربي.

وتابعت الصحيفة التي تعبر عن تيار وسط اليسار المقرب من السلطة في اسبانيا: ان الانحراف والصدقات تمثل ابرز مصادر عائدات الارهابيين في فرنسا واسبانيا،كما تستخدم الشبكة دولاً لاتمارس رقابة مالية ولا تفرض ضريبة على الاموال.

واشارت الصحيفة الى ان تحقيقا اجرته المحكمة العليا الاسبانية اعلى هيئة جزائية في اسبانيا اظهر ان اموالا قدمت من الباهاماس وصلت الى اعضاء الشبكة الارهابية في اسبانيا وتم تمويهها من خلال فواتير باسم شركة تعمل في قطاع الاعلام في اليابان.

وزادت الشبكة الارهابية الاسلامية التابعة للقاعدة مؤخرا نشاطها في منطقة المغرب العربي. وتبنت الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر التي انضمت في ايلول/سبتمبر الماضي للقاعدة اعتداءين بسيارات مفخخة في 11 نيسان/ابريل بالعاصمة الجزائرية اوقعا 30 قتيلا واكثر من الفي جريح.

وقالت "البايس" ان الحرس المدني اكتشف ان افرادا معتقلين في اسبانيا لا يزالون يشاركون في هذه العمليات.

واظهرت تقارير لأجهزة مكافحة التجسس الاسبانية والاستخبارات العامة الفرنسية: ان فرنسا واسبانيا تمثلان هدفين يحظيان باولوية لدى الارهابيين في اوروبا بحسب الصحيفة.

وقالت المجموعة الارهابية في نص تبنيها اعتداءات الجزائر: ان اسبانيا ارض يجب ان تعود الى سلطة المسلمين بسبب كونها كانت تحت سيطرة المسلمين بين القرنين الثامن والخامس عشر الميلاديين.

جيب سبتة.. وتوترات ومخاوف

يفخر جيب سبتة الخاضع للسيطرة الاسبانية في شمال أفريقيا بمزيجه المتناغم من الثقافات، غير أن المخاوف من الارهاب تفسد العلاقات بين المسيحيين والمسلمين.

وفي ضاحية برنسيب في سبتة - وهي عبارة عن مجموعة غير مرتبة من المنازل على الطراز المغاربي تطل على أسوار الاسلاك الشائكة على حدود الجيب مع المغرب - يشعر الناس بالسأم ازاء التصوير المتواصل للمسلمين من جانب وسائل الاعلام على أنهم ارهابيون.

وقال محمد عبد السلام وهو قصّاب محلي لرويترز "انتهت الحرب الباردة.. لم يعد الاتحاد السوفيتي يمثل تهديدا.. أو الصين.. ويجب أن يتخذ الناس عدوا، العدو هم المسلمون والعرب."

واضاف "إذا ذهبت إلى الولايات المتحدة.. فأنا ارهابي.. واذا ذهبت الى أوروبا .. انجلترا على سبيل المثال .. فأنا ارهابي.. واذا أطلقت اللحية تماشيا مع سنة (النبي محمد (ص) .. فأنا ارهابي."

وشددت الحكومة الاسبانية الاجراءات الامنية في سبتة على الساحل الافريقي والتي لا تبعد عن اسبانيا الام سوى مسافة قصيرة يمكن قطعها بواسطة زورق عبر مضيق جبل طارق.

 بعد سلسلة من التفجيرات الانتحارية بقنابل في المغرب أعلنت جماعة على صلة بتنظيم القاعدة مسؤوليتها عنها أوائل ابريل نيسان.

وفي ديسمبر كانون الاول خص الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري سبتة وجيب مليلية الخاضع أيضا للسيطرة الاسبانية في شمال أفريقيا بالذكر، ووصفهما بأنهما أراض اسلامية "يحتلها" غزاة مسيحيون، ويخضع الجيبان للحكم البرتغالي والاسباني منذ قرون.

وتقوم قوات شرطة مدنية خاصة معززة بكلاب بوليسية للكشف عن المفرقعات بأعمال دورية حاليا عند المواقع الحدودية التي تعبرها يوميا الاف السيارات وعشرات الالاف من التجار المغاربة المحملين بأجولة البضائع التي يشترونها من سبتة لبيعها في بلدهم.

وتقول حكومة سبتة: إن الاجراءات الامنية الاضافية مطلوبة غير أنها عبرت عن قلقها من أن الدعاية السيئة المصاحبة لتلك الاجراءات قد تؤثر على السياحة.

وقالت يولاندا بيل المتحدثة باسم الحكومة المحلية: "أهل سبتة يذهبون الى أعمالهم بشكل طبيعي وهاديء كما كان دائما.. تماما مثل أي أسباني اخر أو أوروبي.. ليست سبتة وحدها التي هددها ذلك التنظيم" في اشارة الى شبكة القاعدة.

وأضافت: أن العلاقات بين الطوائف ممتازة في سبتة التي يمثل المسلمون الذين يتحدثون العربية 40 في المئة من سكانها والتي تضم أيضا أقليات هندوسية ويهودية معترفا بها.

وعلى النقيض من أسبانيا الام - التي يعود مولدها كدولة في العصور الوسطى إلى تاريخ طرد العرب المسلمين الذين حكموا أغلب أرضها لمدة ثمانية قرون، فقد عاش المسلمون دائما في سبتة.

وقالت بيل في مقابلة: "إننا جميعا مندمجون هنا.. نعيش معا في انسجام كامل."

غير أن كثيرين من المسلمين لا يتفقون مع هذا، وقالوا: إن المسيحيين لا يزالون يستخدمون - بشكل غير معلن - كلمة "البربر" المهينة لهم وإن زعم المغرب منذ فترة طويلة تبعية سبتة له يعني أنهم ينظر إليهم منذ زمن بعيد بعين الارتياب.

وكان عبد الكريم أحد أولئك الذين تحدثوا عن أيام أفضل مضت حيث عرض صورة فوتوغرافية لاجتماع لفريق كرة قدم بإحدى الضواحي لتوضيح وجهة نظره.

في الصورة الفوتوغرافية وقفت مجموعة من الرجال الذين ابيض شعرهم من المسيحيين والمسلمين كي تلتقط لهم صورة جماعية في حفل أقيم لاحياء ذكرى، المرة الأولى التي يرون فيها بعضهم بعضا منذ 30 عاما، وعندما كانوا صبيانا اعتادوا ممارسة ألعاب مع بعضهم بشوارع سبتة.

وقال عبد الكريم بينما كان يقف خارج أحد المساجد الكثيرة في سبتة لدى خروج الناس من صلاة الجمعة: إن الأمور لم تعد كما كانت عليه.

وأضاف عبد الكريم وهو حداد سابق: "جرت العادة على أن هذه ضاحية مختلطة السكان.. لكن كثيرين من المسيحيين تركوها."

وانعطفت الأمور نحو الأسوأ عقب هجمات 11 سبتمبر أيلول بالولايات المتحدة وبعد ذلك عندما شنت جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة هجمات في اسبانيا في عام 2004 أسفرت عن مقتل 191 شخصا في قطارات بمدريد.

وفي ديسمبر كانون الأول اعتقل 11 شخصا يشتبه في كونهم من المتشددين الإسلاميين في برنسيب في عملية للشرطة على غرار عمليات الجيش رغم إطلاق سراح عدد منهم فيما بعد،ولا يزال السكان هناك يشعرون بالسخط.

وقال محمد علي زعيم حزب المعارضة الرئيسي في سبتة: إن المسلمين عادة ما يشعرون بأن ولاءهم موضع شك. وقال "قدم مسلمو سبتة أدلة وفيرة على أنهم أسبان."

ورفض علي زعم معهد (إل كانو) البحثي الأسباني الذي يحظى باحترام واسع: بأن 15 في المئة من مسلمي أسبانيا بمن فيهم المهاجرون حديثا لأسبانيا الأم متعاطفون مع تنظيم القاعدة ووصف هذا الزعم بأنه مثير للسخرية.

وقال إن مسلمي سبتة يتصدرون قوائم العاطلين والتسرب المدرسي في أسبانيا وإن برنسيب تفتقر إلى خدمة جمع القمامة الملائمة وعادة ما تنقطع بها الكهرباء.

ومثل جميع المسلمين في سبتة دعا علي: إلى جعل العربية لغة رسمية بها وقال إن ذلك من شأنه أن يساعد أبناء المسلمين على الدراسة بشكل افضل. غير أن مسؤلا يعمل بحكومة الحزب الشعبي المؤيد بشدة للكاثوليكية في سبتة أعرب عن غضبه إزاء هذا الاقتراح،وقال "هاهي أسبانيا."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 4 حزيران/2007 -16/جمادي الأول/1428