
شبكة النبأ: من الحرب الباردة الى الاحتراز الامني
العسكري المجلل بالصواريخ والرؤوس النووية ينتقل الفايروس العدائي عبر
السنوات بين روسيا والولايات المتحدة وهو يتخذ الاشكال المناسبة في كل
مرحلة جديدة.
فروسيا لا تستطيع ان تقف موقف المتفرج على مشروع الدرع الصاروخي
الامريكي دون ان تبرز العضلات، كذلك الجانب الامريكي فانه يمارس الضغط
على روسيا تحت ذريعة الديمقراطية التي ينتهكها الروس باستمرار وذلك من
اجل تأصيل وتغطية مشروع الدرع الصاروخي، من خلال خلق تغاضي متبادل
بينها وبين الجانب الروسي.
ولهذا الامر او ذاك فان الحرب الكلامية والاعلامية على قدم وساق
افضت اخيرا الى عقد لقاءات ومن ثم عقد قمة الثمان للتباحث في الامور
العالقة.
فقد اعرب الرئيس الاميركي جورج بوش عن " قلقه" حيال وضع
الديموقراطية في روسيا وذلك في مقابلة مع صحيفة "غازيتا فيبورزا"
البولندية نقلا عن فرانس برس.
وقال بوش "اننا قلقون على الديموقراطية في روسيا، يؤكد لنا فلاديمير
بوتين ان الديموقراطية بخير في بلاده لكننا نرى ذلك بطريقة مختلفة".
وقال بوش ايضا: "لا نتردد في الاشارة الى هذه المسألة وكذلك الى
علاقات روسيا مع جيرانها، لقد وقع اخيرا خلاف بين روسيا واستونيا، لم
يكن هذا الامر بالنسبة الينا مؤشرا ايجابيا". ورفض الرئيس الاميركي مرة
اخرى الانتقادات التي وجهتها روسيا في ما يتعلق بالمشروع الاميركي لنصب
عناصر من الدرع المضادة للصواريخ في بولندا وجمهورية تشيكيا. واعتبر
بوش "ان الكلام الروسي هو من نوع احياء للحرب الباردة بحسب التعابير
ذاتها التي استخدمها روبرت غيتس".
وطمأن جورج بوش مرة جديدة ان الدرع الاميركية المضادة للصواريخ لا
تشكل اي تهديد لروسيا. فيما تعتبره الاخيرة تهديدا مباشرا واحتواءا
لحدودها القومية.
وقال: "نريد ان تؤدي الدرع الى حماية الدول الحرة والديموقراطية من
الدول المارقة، روسيا ليست دولة مارقة ولهذا السبب لا داع لديها
بالتالي للخوف"، واعتبر ان "صداقة وثيقة" ممكنة بين الولايات المتحدة
وروسيا. واضاف الرئيس الاميركي: "ان صداقة وثيقة ممكنة حتى ولو كانت
هناك اختلافات بيننا حول عدد من المسائل".
وسيقوم بوش بجولة في اوروبا ستقوده الى تشيكيا وبولندا وايطاليا
والبانيا وبلغاريا على هامش قمة مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى
التي ستعقد من السادس الى الثامن من حزيران/يونيو في المانيا.
وكانت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس حملت مجددا في
بوتسدام (شرق المانيا) على روسيا متمنية ظهور روسيا "قوية انما بمفاهيم
القرن الحادي والعشرين" اي روسيا ديموقراطية.
وجاء كلام رايس في كلمة القتها في احدى قاعات قصر نوي كاميرن بعدما
تسلمت جائزة اريك فاربورغ من المؤسسة الالمانية "اتلانتيك-بروكي"
للجهود التي بذلتها من اجل اعادة توحيد المانيا بين 1989 و1991 عندما
كانت في الادارة الاميركية في عهد الرئيس جورج بوش الاب.
وقد سلمها الجائزة المستشار الالماني السابق هلموت كول الذي اشادت
به مؤكدة ان دورها في اعادة توحيد المانيا اقتصر على "المساهمة في
التفاوض على شكل الطاولة".وذكرت رايس التي تواجهت بشكل قوي مع نظيرها
الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع لوزراء خارجية مجموعة الثماني على بعد
مئات الامتار من القصر بالتقدم الذي احرز منذ العام 1991 في اوروبا
لكنها اشارت الى ان بعض الاهداف لم تتحقق بعد.
وقالت: "نريد ان تكون روسيا قوية انما قوية بمفاهيم القرن الحادي
والعشرين ليس فقط مع مركز قوي بل بمؤسسات قوية مستقلة داخل الحكومة
وخارجها ونظام قضائي وتشريعي قوي ومستقل ووسائل اعلام قوية ومستقلة
وانتخابات حرة وعادلة مفتوحة امام المراقبين".
ورأت رايس ان "مؤسسات ديموقراطية ومجتمعا منفتحا ليست ابدا مصدر
ضعف".
واعتبرت وزيرة الخارجية الاميركية: ان "حرية التعبير وحرية الصحافة
ليستا مصدر ضرر يمكن للدولة مهاجمتها كما يحلو لها" متحدثة عن نقاط
الخلاف الكثيرة بين واشنطن وموسكو.
واضافت: "يصعب علينا فهم الدبلوماسية الروسية حول الصواريخ ونأسف
لتحفظات روسيا على قبول الشراكة حول الدفاع المضاد للصواريخ الذي
نقترحه عليهم" في اشارة الى مشروع الدرع الاميركية المضادة للصواريخ في
اوروبا.
وقالت "نرى ان على روسيا المصادقة على معاهدة حول القوات التقليدية
في اوروبا مكيفة وليس تعليق التزاماتها بموجب المعاهدة السابقة" في
اشارة الى معاهدة القوات التقليدية في اوروبا التي وقعت في باريس في 19
تشرين الثاني/نوفمبر 1990 بين 22 ممثلا لدول حلف شمال الاطلسي وحلف
وارسو. والمحت رايس كذلك الى حرب النفوذ التي تتواجه فيها الولايات
المتحدة وروسيا في دول الاتحاد السوفياتي السابق.
واضافت: "نحترم مصالح روسيا لكن نحن نعتبر ان المصالح لا تخدم عندما
تعامل روسيا الدول المجاورة المستقلة وصاحبة السيادة مثل استونيا كما
لو انها تنتمي الى منطقة نفوذ سابقة". وتابعت رايس تقول: "لا نعتبر
كذلك ان وحدة اوروبا وحريتها منذ العام 1991 هما نظام غير عادل يفرض
على روسيا ويجب ان تتم مراجعته الان"، وشددت على ان "حرية الشعوب في
اختيار حكوماتها وحرية الامم في اختيار طريقها كل ذلك يشكل مصدر امن
دائم وليس تهديدا".وتحدثت خصوصا عن وضع كوسوفو النهائي الذي تواجهت
بشأنه مع لافروف. وقالت رايس "التحدي العاجل الذي نواجهه راهنا هو
كوسوفو، الابقاء على الوضع القائم غير محتمل والاستقلال تحت الاشراف
اولا هو السبيل الوحيد الواقعي والمرغوب به".
واضافت: "الان يجب تسوية مسألة الوضع النهائي لكوسوفو" معتبرة ان اي
تأخير كما تريد موسكو يشكل مصدرا لزعزعة الاستقرار، وخلال اجتماع وزاري
لمجموعة الثماني في بوتسدام تحول المؤتمر الصحافي الختامي الى مواجهة
بين رايس ونظيرها الروسي.
بوتين بين اللياقة والحزم
وفي القمة الاخيرة لمجموعة الثماني التي يشارك فيها سيمزج الرئيس
الروسي فلاديمير بوتين المصمم على ترك روسيا قوية وذات نفوذ على الساحة
الدولية بين سحر اللياقة والحزم في مواجهة الغرب الذي بات يراه اكثر
فاكثر بمثابة منافس اكثر قوة ان لم يكن خصما.
وقد تؤدي الاختلافات العميقة داخل مجموعة الثماني الى تحويل لقاء
ودي غير رسمي الى مواجهة بين الغربيين وروسيا التي كانت اخر الوافدين
الى هذا النادي الذي يضم القوى العظمى وهي العضو الاكثر اثارة للجدل.
بحسب فرانس برس.
وسيستخدم فلاديمير بوتين هذه القمة الاخيرة قبل مغادرته السلطة
المقررة بعد الانتخابات الرئاسية في 2008 ليشدد على ان روسيا ليست
"وحشا خرج لتوه من الغابة".
وتوقعت ماريا ليبمان من مركز "كارنيجي" في موسكو "ان بوتين لن
يستخدم لغة عدائية، سيسعى بالاحرى الى ان يظهر ان بلاده هي على قدم
المساواة مع الدول الاخرى، سيكون مبتسما ولائقا ولطيفا".
وتلعب موسكو ايضا دورا مهما في نزع السلاح النووي في كوريا الشمالية
واحتواء الطموحات النووية الايرانية.
وقد عزز تدفق البترودولار طموح روسيا في استرداد عظمتها وان استضافة
اول قمة لمجموعة الثماني على اراضيها في سان بطرسبورغ في 2006 كانت
النقطة المدروسة التي طبعت اعتراف الكبار بها.
سباق تسلح جديد
وشن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هجوما لاذعا على الغرب متهما
واشنطن بالامبريالية واشعال سباق تسلح جديد غير ان واشنطن قالت ان
السياسة الخارجية لخصمها في الحرب الباردة سابقا تظهر انها عتيقة
الطراز ولا تجاري العصر. بحسب ما نقلته رويترز.
وكان بوتين يتحدث من اجتماعه بزعماء مجموعة الثماني للدول الصناعية
الكبرى في المانيا وقال ان تجربة روسيا لصاروخين جديدين هما رد مباشر
على الخطوات الأمريكية لانشاء نظام دفاع صاروخي في أوروبا.
وقال بوتين في مؤتمر صحفي في الكرملين مع الرئيس اليوناني الزائر
كارولوس بوبلياس "لسنا البادئين بهذه الجولة الجديدة من سباق التسلح." |