فسحة نفسية

تهاني خليل علي النيسر

  تعترض الإنسان بين الحين والآخر لحظات فتراه يدور من عمل لعمل سواء كان ذلك في البيت أو مكان العمل أياً كان مجاله، أو الأسواق أوغيرها. مما يجعله بين مد وجزر تتقاذقه أمواج الحياة في كل ما يدور حوله من أمور وأحداث لايكاد يستوعبها العقل البشري في ثوان. خاصةً مع متغيرات الحياة المعقدة التكنولوجية القفزة فوق سطح الفضاء.

لهذا يحتاج الإنسان في خضم تلك المتغيرات الحياتية اليومية – لفسحة نفسية – يروّح فيها عن نفسه، ويراجع حساباته هنا وهناك، الأمر الذي يجعله يعيد توازنه وقوته وطاقاته للحياة من جديد. ولقد تتعد تلك الوسائل الترفيهية الترويحية لديه  وبالتالي تختلف الرؤى حولها كلُ له وجهته موليها فالبعض يأخذ تلك الفسح في السفر والآخر في ممارسة هواياته كالرياضة وغيرها، والبعض يأخذها في العبادة والاعتزال والآخر في التنزه في المجمعات وهكذا دواليك..  وما تلك الأمور إلا جزء لايتجزأ من سرمدية الحياة وناموسها الإلهي.

لقد أصبح البحث عن الراحة بكل وسائلها الترفيهية ضرورة من ضروريات الحياة لابد من تعلمه لمواجهة ضغوط الحياة والتغلب على مشاكلها وضغوطها. فعادةً عندما يسيطر التوتر النفسي على شخص ما عندئذ لا يستطيع الإنسان أن يفكر بشكل سليم وحينئذٍ تصبح ردود أفعاله مبالغ فيها أو غير طبيعية ولهذا يمكن أن تنعكس بشكل سلبي على الصحة الجسمية والنفسية معًا.

وطبعاً الراحة مطلوبة بعد الجهد والجد.. وكذلك اللعب والمرح والترفيه عن النفس والترويح عنها بكل الأساليب المتوفرة.. والمشكلة تظهر حين ينعدم التوازن بين الجد واللعب ويستغرق الإنسان في اللعب لأوقات طويلة ولايستطيع الموازنة بين أوقاته..

 وهو بذلك قليل التحمل كثير التعب.. ويرتبط ذلك بالقيم والتربية وتكوين المجتمع وكثرة الملهيات، وبالظروف الشخصية أيضاً..

فالنفس البشرية خلقها الله تعالى متقلبة تماماً كالجو وذلك حسب طبيعة ظروف الحياة، ولكنه عزوجل أودع فيها العقل ليعرف الإنسان موقعه في الحياة ويميّز بين الخير والشر..

هذا المعنى يقودنا لقول الرسول الكريم (ص): «اغتنم خمساً قبل خمس : اغتنم شبابك قبل هرمك، وفراغك قبل شغلك، وصحّتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل مماتك».

وقول الشاعر أيضاً:

النفسُ كالطفل إن تهملهُ شّب             على حُب الرضاع وإن تفطمهُ ينفطم

وبالمناسبة فإن موسم الصيف أقبل وهو يستحق لقب موسم الفسح النفسية لجميع أفراد المجتمع.

لهذا أدعوكم – أعزائي – لتأخذوا لكم من الحياة فسح نفسية بين الحين والآخر كلما سنحت لكم الفرص، وكلما ضاقت عليكم الأرض بما رحبت :

فما أضيق العيش لولا نسمة الأمل

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 3 حزيران/2007 -15/جمادي الأول/1428