المعمّرون سعداء بالفرصة الاخيرة

سيزيدون ثلاثة اضعاف عام 2050

 شبكة النبأ: يتقاعد المسنّون ولكنهم لا يملّون بل يزدادون تشبثاً بالحياة، كل على طريقته. وفكرة التخلّي عن معترك الحياة يمكن ان تراود شخصاً في عز الشباب يجد نفسه مقيدا مثلاً او عاجزاً عن المتابعة، ولكن هذه الفكرة عادة بعيدة كل البعد عمّن بلغ الذروة من العمر.

وتلعب الظروف المعيشية والاجتماعية المحيطة دورا كبيرا في تحديد اعمار المجتمعات حيث تجد معدلات العمر مرتفعة عادة في البلدان الاكثر رفاهية واستقرار اجتماعي، ولكن ذلك له تاثير سلبي للشعوب المتحضرة التي تقنن نسبة المواليد بحيث تبدأ شيخوخة المجتمع لعدم التكافؤ بين نسبة المواليد والمسنين، كما هو الحال في اليابان مثلا.

ولعلّ الفيلم الكوميدي الفرنسي «تاتي دانييل» (1990)، للمخرجة إتيان شاتيلييه، يجسّد حال إزعاج حقيقي. ويروي قصة الجدّة دانييل التي تنتقل للعيش مع احد أحفادها وعائلتها، إثر موت خادمتها.

ويصبح همّها الوحيد التدخّل في كل شيء، حتى الأمور الحميمة بين الحفيد وزوجته، وإجبار الكل، كباراً وصغاراً، على التصرف بما يمليه عليهم مزاجها. هو فيلم كوميدي، ولكن لا أحد يتمنّى لنفسه أن يلتقي بعجوز مثلها.

وفي مسرحية «مريض الوهم» للفرنسي موليير، إشارة إلى مرحلة الكهولة وانتظار الآخرين دنو أجل ذلك الشيخ الذي يتستّر وراء «مرضه» ليكشف الأسرار والنوايا.

يقول تقرير لـ(الحياة)، المسنّون يربكون العلماء والعلم نفسه. وتفقد أحوالهم وأوضاعهم التجانس الذي ينطبق على معظم الفئات العمرية، منذ الولادة وحتى الخمسين أو الستين.

ولا يعود الطاعنون في السن يخضعون لمقاييس ومعايير عامة، كالتي تقوم على اساسها الدراسات وعمليات المسح الاجتماعية والطبية التي تشمل فئات عمرية معيّنة. فلكل كهل حالة جسدية ونفسية خاصة به. تجد ابن ثمانين تطلب نفسه الزواج من بنت ثلاثين ويضع شروطاً، مقابل ابن ستين صحيح ومعافى، ولكنه في الواقع عاجز حتى عن العيش.

الشبكة الكندية للعناية الطوعية في موقعها على الإنترنت caregiver.on.ca، تلقي الضوء على معتقدات ومفاهيم خاطئة حول التقدّم في السن، ومنها أن الكهولة هي طريق مسدود يسوده الحزن والإحباط، والكهل يخاف من فقدان استقلاليته وتخلّي أسرته عنه. وهذه حالات محصورة قد تحصل للبعض ولكنّها ليست عامة.

وتعزو الشبكة الكندية أسباب تلك المفاهيم الخاطئة لأنها حصلت لأحدهم، ومن طبيعة البشر،

أن يميلوا الى التركيز على الجانب السلبي للأمور. ومن الأسباب أيضاً تلك النزعة إلى وضع كل المسنّين ضمن مجموعة ديموغرافية واحدة، علماً أن عبارة «كبير السن» تغطي 40 إلى 50 سنة من العمر «المتبقي» افتراضاً.

والمسنّون يشكلون مجموعة شديدة التنوع. وحالتهم العقلية لا تنحدر أو تتدهور، كما يُعتقد. وقد تكون الذاكرة القصيرة لديهم (وهي للتعلّم) غير فاعلة، بدليل صعوبة تعلّم قيادة السيارة على المسنّ أكثر منها على الشاب.

ولكن الذاكرة الطويلة ممتازة فالمعلومات والذكريات تحمل الخبرة والحكمة في الحياة، كما تعتقد الشعوب القديمة. ولدى المجتمع نزعة إلى اعتبار الكهولة مشكلة لأنه تعوّد على التدخل للمساعدة أو العناية في أوقات الحاجة.

ومن حسنات التقدم في العمر أن معظم المعمّرين يبدون سعداء، على رغم المشكلات الصحية التي قد يتعرضون لها. وهم قادرون على التكّيف مع الظروف، وتعديل أولوياتهم بحسب ظروفهم وبمنأى عن ضغوط الحياة التي تكبّل الأصغر عمراً عادة. وأما السيئات، كل السيئات، فليست حكراً عليهم وحدهم.

المسنون يزيدون ثلاثة أمثال عام 2050

حذر تقرير للامم المتحدة من أن عدد من يبلغون سن الستّين وما فوقها من أعمارهم ربما يزيدون بنحو ثلاثة أمثال الى ملياري نسمة عام 2050 ويمثلون عندئذ نحو ربع تعداد سكان العالم المتوقع أن يصل الى 9.2 مليار نسمة.

ويتوقع تقرير "نظرة عامة على سكان العالم" الذي وضعه قسم السكان بادارة الامم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية وجرت مراجعته عام 2006 أن يزيد تعداد سكان العالم بنحو 2.5 مليار نسمة من 6.7 مليار حاليا خلال فترة الثلاثة والاربعين عاما المقبلة.

وتكهن التقرير الذي نقلته رويترز بأنه، "بينما يتجه تعداد سكان العالم نحو تجاوز تسعة مليارات نسمة بحلول عام 2050 ومن ثم الاستمرار في الزيادة فان تعداد سكان المناطق الاكثر تقدما لن يطرأ عليه تغيير يذكر وسوف يشيخون بصورة ملحوظة للغاية."

وأضاف التقرير أن معظم الزيادة في عدد السكان وفي الشباب في العالم من المتوقع أن تكون في الدول الاكثر فقرا.

ومضى التقرير يقول "في واقع الامر فان النمو السكاني كله يحدث في المناطق الاقل نموا وبصفة خاصة في مجموعة الدول الخمسين الاقل نموا التي مازال الكثير منها لديه سكان في مرحلة الشباب الذين من المتوقع أن يهرموا بصورة معتدلة خلال المستقبل المنظور." وأضاف التقرير "وفي باقي الدول النامية تشير التوقعات الى تسارع وصول السكان الى سن الشيخوخة."

وسيضاعف السكان الذين يعيشون عمرا أطول وينجبون أطفالا أقل عددا تقريبا عدد من يتجاوزون الستين عاما من العمر من 245 مليون الى 406 ملايين نسمة عام 2050.

وقال التقرير ان اتجاه عدم انجاب عدد كاف من الاطفال عوضا عمن يتوفون والسائد في الدول المتقدمة سوف يستمر بينما يتجه معدل الخصوبة في الدول الاقل تقدما الى الانخفاض لكنه لا يزال أعلى مما هو عليه في باقي أنحاء العالم.

وخلص التقرير الى أنه "نظرا لانخفاض النمو السكاني وتراجعه فان من المتوقع أن يظل سكان الدول المتقدمة بصفة عامة على ما هم عليه دون تغيير فعلي في الفترة بين عامي 2007 و2050 عند مستوى 1.2 مليار نسمة."

وأضاف التقرير "وعلى العكس من ذلك فان من المرجح أن يزيد سكان الخمسين دولة الاقل نموا بأكثر من الضعف من 0.8 مليار نسمة عام 2007 الى 1.7 مليار عام 2050." وأردف التقرير قائلا "ومن المتوقع أيضا أن يكون النمو في باقي دول العالم النامي نشطا وان كان أقل سرعة بارتفاع عدد سكانه من 4.6 مليار الى 6.2 مليار نسمة."

وأضاف التقرير أنه على الرغم من الحواجز الموضوعة أمام الهجرة فان الهجرة الدولية من الدول الفقيرة الى الدول الغنية من المتوقع أن تعوض نقص الايدي العاملة في الدول المتقدمة.

وعلى الرغم من ذلك كله فان النمو السكاني في 46 دولة بما فيها ألمانيا وايطاليا واليابان وكوريا الجنوبية ومعظم دول الاتحاد السوفيتي السابق والعديد من الدول الجزر الصغيرة من المتوقع أن ينخفض عام 2050 عما هو عليه الان.

وقال التقرير ان تعداد سكان دول أفغانستان وبوروندي وجمهورية الكونجو الديمقراطية وغينيا بيساو وليبيريا والنيجر وتيمور الشرقية وأوغندا من المتوقع أن يزيد بمقدار ثلاث مرات خلال العقود الاربعة المقبلة.

وخلص التقرير الى أن دول الهند ونيجيريا وباكستان وجمهورية الكونجو الديمقراطية واثيوبيا والولايات المتحدة وبنجلادش والصين من المتوقع أن يمثل سكانها نصف الزيادة السكانية في العالم التي من المتوقع أن تبلغ 2.5 مليار نسمة بحلول عام 2050.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاحد 6 آيار/2007 -17/ربيع الثاني/1428