
شبكة النبأ: من المثير ان ما تدعي به الحكومات التي
تدافع عن الديمقراطية وحقوق الانسان يكون موجها حسب مصالح تلك الدول،
فتارة تكون الدعوة الى تحرير الشعوب من براثن الدكتاتورية والحكم
التسلطي شعارا مقدسا لدى الغرب يتوجه به ويحشد العالم نحو مصالح معينة،
وفي اخرى تتبخر معاني هذا الشعار لتتحول الى مصالح مشتركة يسيل لها
اللعاب ولا يمكن حينها تذكر الديمقراطية ومشاريع الدفاع عن حقوق
الانسان...
واشاد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بالعلاقات الليبية
البريطانية التي "تغيرت بالكامل" بعد مباحثات استمرت ساعات مع الزعيم
الليبي معمر القذافي في مدينة سرت (500 كلم شرق طرابلس) في مستهل جولة
افريقية تشمل ثلاث دول.
ولدى خروجه من خيمة القذافي الذي استقبله بحفاوة وصف بلير المباحثات
التي اجراها بانها "ايجابية وبناءة". وقال رئيس الوزراء البريطاني
للصحافيين "ان العلاقات بين بريطانيا وليبيا تغيرت بالكامل في السنوات
الاخيرة". بحسب فرانس برس.
واضاف "اننا نقوم بتعاون كبير جدا في مجال محاربة الارهاب والدفاع
وان علاقاتنا التجارية تزداد قوة وعقد الاستثمار هذا هو دليل على ذلك".
ووقعت اتفاقية بين شكري غانم مدير المؤسسة الوطنية للنفط والمدير
التنفيذي لشركة "بريتيش بتروليوم" النفطية البريطانية انطوني هيوارد
للتنقيب عن الغاز في ليبيا بقيمة 900 مليون دولار بحضور بلير ورئيس
الوزراء الليبي البغدادي المحمودي في سرت في قاعة واغادوغو. وقال بلير
ان هذه الاتفاقية هي "دليل على مدى تحول العلاقات بين البلدين".
وعلى مستوى مكافحة الارهاب قال بلير ان ليبيا هي مصدر مهم للمعلومات
حول تنظيم القاعدة.
وكان بلير اوضح على متن الطائرة التي حطت به في ليبيا ان الزعيم
الليبي شخص "يسهل التعامل معه". واضاف اثر لقائه القذافي "قبل بضع
سنوات كان من المستحيل ان تقوم علاقات كهذه بين بريطانيا وليبيا. وكان
من المستحيل ان اقيم مثل هذه العلاقات مع الزعيم القذافي". وتابع قائلا
"الآن كل شيء تغير وهو تغيير لصالح ليبيا ولصالح بريطانيا وللمنطقة
برمتها".
وبهذه الزيارة الى ليبيا يستهل بلير جولة افريقية هي الاخيرة قبل
تركه منصبه بعد اقل من شهر والتي تشمل ثلاث دول هي اضافة الى ليبيا
سيراليون وجنوب افريقيا.
وكان مكتب بلير اعلن ان المباحثات بين بلير والقذافي ستتناول ايضا
مسالة دارفور ومصير الممرضات البلغاريات الخمس والطبيب الفلسطيني
المحكوم عليهم بالاعدام في ليبيا بتهمة نقل فيروس الايدز الى اكثر من
400 طفل ليبي.
كما التقى بلير خلال زيارته الى سرت وفدا من اسر هؤلاء الاطفال.
وقال ادريس الاغا الناطق الرسمي باسم الاسر لفرانس برس ان بلير "لم يات
بحلول" لكنه "ابدى تضامنه مع اسرى الاطفال واكد العمل على دعم صندوق
بنغازي" الذي يقوم بمساعدة العائلات. واوضح الاغا ان "الجلسة لم تكن
تفاوضية".
ونقل مسؤول في مكتب بلير ايضا تعبير رئيس الوزراء عن "تضامن
بريطانيا والاتحاد الاوروبي والاسرة الدولية" وقوله ان "بريطانيا
ستواصل المساعدة بكل امكاناتها". واشار بلير الى ان "التقدم على صعيد
هذه المسالة سيحسن العلاقات بين ليبيا والاسرة الدولية".
بلير يشيد بالنموذج الليبي!!
واعتبر رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير أن ليبيا أصبحت نموذجا
لقدرة الدول على "تجاوز مرحلة المواجهة من خلال الحوار" مؤكداً على
أهمية الدور المستقبلي للعلاقات البريطانية الليبية وذلك خلال زيارته
لطرابلس التي شهدت توقيع اتفاقيات اقتصادية وعسكرية.
وشدد رئيس الوزراء البريطاني على أن العلاقات بين لندن وطرابلس "قد
تغيرت بشكل أكيد خلال السنوات الماضية" داعياً إلى إيجاد حل لقضية
الممرضات البلغاريات بما يضمن "مضي الاتحاد الأوروبي وليبيا قدماً" على
حد تعبيره. بحسب الـCNN.
وقال بلير إن لقاءه بالزعيم الليبي معمر القذافي "أوضح ما الذي يمكن
أن يحدث عندما تقترب دولتان من بعضهما البعض وتتركان الماضي خلفهما
وتصنعان الفرص لمستقبل بناء وتعاون لصالح شعبيهما" متقدماً بالشكر
للقذافي على مواقفه في هذا الإطار.
وبدأ بلير مؤتمره الصحفي في مدينة سرت بالقول "أريد قبل كل شيء أن
أشكر جزيل الشكر القائد القذافي على هذا الترحيب الدافئ" واصفا زيارته
بأنها كانت "زيارة بناءة جداً."
وتطرق رئيس الوزراء البريطاني إلى الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها
بين شركة "بريتش بتروليوم" BP والشركة الوطنية الليبية للنفط، واعتبرها
بـأنها "من أكبر الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها حتى الآن في مجال
النفط والغاز والتنقيب" وفقاً لما نقلته وكالة الجماهيرية للأنباء
(أوج).
وأضاف أن القيمة الحقيقية لما تتعلق بالتنقيب والإنتاج، تبلغ ستة
وعشرين مليار دولار، لمدة أربعين سنة.
بالمقابل أوردت مصادر مطلعة أن مسؤولين ليبيين ناقشوا خلال الزيارة
مع الوفد المرافق
لبلير إمكانية شراء صواريخ ووسائط دفاع جوي بريطانية، وأن قيمة
الصفقة قد تكون الأكبر في تاريخ الصفقات المماثلة بين البلدين وفقاً
لما أوردته وكالة "رويترز".
وحول هذه الاتفاقيات قال بلير: "المهم ليس الاستثمار الضخم فقط، بل
ما تحقق من تقارب بين البلدين أكثر من أي وقت مضى."
وكان القذافي قد أقام مأدبة عشاء في سرت ترحيباً برئيس الوزراء
البريطاني والوفد المرافق له علماً أنها الزيارة الثانية لبلير إلى
طرابلس وقد عبر القذافي عن تقديره "لما بذله من مجهود في سبيل تعزيز
التعاون بين البلدين وما حققته العلاقات الثنائية من تطور مطُرد."
كما كان لبلير موقف من قضية الممرضات البلغاريات المتهمات بحقن مئات
الأطفال بفيروس الإيدز حيث قالت وكالة الأنباء الليبية إن بلير "عبّر
عن احترامه لأسر هؤلاء الأطفال رغم ما صدر من بيانات عن وزارة الخارجية
في بلاده، وقال "بالتأكيد سنقوم بما يمكننا القيام به لمساعدة هؤلاء
الأطفال" على حد تعبيره.
وكانت مصادر ليبية قد أكدت أن رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير وصل
إلى ليبيا مستهلاً جولة وداعية في القارة الأفريقية، تهدف إلى حشد
التحركات حول أزمة دارفور والتغييرات المناخية.
وتزامنت تحركات بلير مع اعلان الرئيس الأمريكي جورج بوش، عن حزمة
عقوبات إضافية ضد السودان، مطالباً حكومة الخرطوم وقف عرقلة الجهود
الدولية الهادفة لوقف حمام الدم في إقليم دارفور.
اتفاقات للطاقة والدفاع
وقال رئيس الوزراء الليبي البغدادي المحمودي ان ليبيا سوف تشتري
صواريخ وانظمة دفاع جوي بريطانية بموجب اتفاق جديد للتعاون الدفاعي بين
البلدين. وستكون هذه أكبر صفقة حربية لبريطانيا مع ليبيا منذ رفع حظر
سلاح دولي على طرابلس في عام 2004.
ووقعت شركة بي.بي البريطانية العملاقة للنفط ومؤسسة النفط الوطنية
الليبية الحكومية اتفاقا يوم الثلاثاء للتنقيب عن الغاز الطبيعي
وانتاجه يتضمن التزاما مبدئيا قيمته 900 مليون دولار لعمليات
الاستكشاف. بحسب رويترز.
وزار بلير ليبيا لاول مرة عام 2004 في تأكيد لعودة ليبيا الى
المجتمع الدولي بعد تخليها عن محاولاتها للحصول على أسلحة محظورة
وموافقتها على دفع تعويضات لضحايا تفجير طائرة للركاب فوق اسكتلندا عام
1988.
واشاد بلير بالتعاون القوي في مكافحة الارهاب وفي مجالات الدفاع بين
بريطانيا وليبيا العضو في منظمة اوبك.
وقال بلير "العلاقات التجارية كما ترون من هذا الاتفاق الاستثماري
الضخم اليوم تمضي من قوة الى قوة."
واضاف قوله ان الاتفاق الدفاعي "سيقرب البلدين أكثر في التعاون في
مكافحة الارهاب والدفاع وبطبيعة الامر في التجارة."
وقالت بي.بي ان الاتفاق هو أكبر التزام تتعهد به في مجال التنقيب
والاستكشاف وانه يمثل عودتها الى ليبيا بعد غياب استمر اكثر من 30 عاما
بعد أن قام القذافي بتأميم مصالحها هناك عام 1971 .
وقال توني هايوورد الرئيس التنفيذي لشركة بي.بي في بيان "ليبيا بما
لديها من امكانيات هائلة من الغاز وموقع جغرافي موات ومناخ استثماري
متحسن امامها فرصة هائلة ان تصبح مصدرا لطاقة أنظف للعالم."
وسئل بلير هل تقارب الغرب مع ليبيا يمكن أن يكون مثلا يحتذى لايران
فرد بقوله "اعتقد انه من الممكن دائما ان تتغير العلاقات لكنها في
نهاية الامر تتغير على أساس الافعال."
وقال بلير "فيما يتعلق بايران فانه لا يساورني شك على الاطلاق في ان
الموقف هو نفسه من ناحية ان امكانية قيام شراكة موجودة دائما شريطة ان
تكون الافعال هي أفعال شركاء."
وقال المحمودي ان بريطانيا وليبيا تعتزمان توقيع اتفاق خلال العام
القادم ينص على ما سماه تبادل السجناء. ولم يسهب فيما يعنيه.
وفي مطلع العام الماضي صرح سيف الاسلام القذافي النجل الاكبر
للزعيم الليبي ان الافراج عن عبد الباسط المقراحي الضابط الليبي
المحكوم عليه بالسجن المؤبد في بريطانيا بعد ادانته في اعتداء لوكربي
يمكن ان يساعد في العفو عن الممرضات البلغاريات الخمس المحكوم عليهن
بالاعدام في ليبيا بتهمة نقل فيروس الايدز الى اكثر من 400 طفل ليبي. |