شاكر العبسي والبانجو السياسي

العفريت الذي حضرته حكومة فؤاد السنيورة وعجزت عن صرفه

دكتور أحمد راسم النفيس

 في تقريره الشهير نقل سيمور هيرش عن مساعدي السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله قولهم (أنّهم يعتقدون أنّه هدف أساسي لأطراف عربية خصوصاً عملاء الاستخبارات الأردنية بالإضافة إلى الجهاديين السنة الذين يتبعون تنظيم القاعدة).

ونقل هيرش عن مسئول استخبارات أمريكي (إننا في خضم برنامج من أجل تعزيز القدرة السنية على مقاومة النفوذ الشيعي كما أننا نوزّع المال هنا وهناك بقدر ما نستطيع. والمشكلة أن مثل هذا المال يصل دائماً إلى جيوب أكثر مما تعتقد، مضيفاً «إننا نموّل الكثير من الأشرار الذين لديهم عواقب محتملة خطيرة غير مقصودة ولا توجد لدينا القدرة على تحديد أو الحصول على إيصالات بالدفع موقعة من الأشخاص الذين نحبهم، وتجنّب الأشخاص الذين لا نحبهم... إنها مغامرة تحتمل مجازفة كبيرة

وقال مسئولون أمريكيون وأوروبيون وعرب إن حكومة السنيورة وحلفاءها سمحت لبعض هذه المساعدات أن تصل إلى أيادي مجموعات سنية راديكالية صاعدة في شمال لبنان والبقاع وحول المخيمات الفلسطينية في الجنوب. هذه المجموعات، ولو صغيرة، يُنظر إليها على أنها حاجز في وجه حزب الله وفي الوقت ذاته فإن علاقاتها الإيديولوجية مرتبطة بالقاعدة).

في هذه الأجواء ظهر تنظيم فتح الإسلام كتنظيم خطر يملك إمكانات مالية وتسليحية ودينامية حركة وقدرة على التغلغل في أحياء طرابلس و "اجتذاب" عناصر متطرفة من جنسيات مختلفة فلسطينية ولبنانية وسورية وعربية. مما يعني أن هذا التنظيم بات واجهة وعنوانا لحالة أمنية إرهابية باتت موجودة فعلا وميدانياً وقادرة على تهديد الأمن والاستقرار. 

من هو شاكر العبسي؟؟

في حوار نشرته صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 1 مارس الماضي قال العبسي: كل الاتهامات ألصقت بنا، وقيل أننا وافدون من سورية علماً بأنني كفلسطيني أردني، تركت الأردن وأنا صغير جدا، ومنذ السبعينات، وأنا أتنقل بين المخيمات في سورية ولبنان. نحن كعسكريين في حركة فتح الموجودة في البلدين، نتواجد حيث يطلب إلينا أن نكون. عناصرنا كانوا موجودين في مختلف المخيمات اللبنانية قبل الحادثة الأمنية التي حصلت في نوفمبر الماضي في «مخيم البداوي». ويقول العبسي أن كل التهم التي حيكت حول حركته سببها الراية الإسلامية التي يحملها.

وحين سؤل من أنتم إذاً وكيف تشكلتم، قال: «نحن مجموعة من الشباب المسلم في تنظيم «فتح الانتفاضة» أعلنا راية «لا اله إلا الله» لما رأينا أن لا سبيل للوصول للهدف إلا بها، لأن كل الرايات السابقة أسهمت في إفساد شعبنا لقد ضيعنا الهدف لذا انفصلنا عن فتح الانتفاضة وعن أبو خالد العملة وقلنا تكراراً أن للرجل رؤيا قومية علمانية، ونحن لا نرى سبيلا غير الإسلام».

ولأن العبسي يرى أنه الوحيد الذي رفع راية لا إله إلا الله فقد أعلن عندما أحس بنشوة النصر بعد (فتح) مخيم نهر البارد «الآن تغير الأمر، وعرف أهل المخيم حقيقتنا وبات أهالي مخيمات أخرى يطالبون بدخولنا، وسندخلها كما دخل النبي (ص) المدينة باستقبال الأنصار له، هذا هو الذي يتم العمل عليه، هل سيحاصر الجيش كل المخيمات حينها؟ حالياً، نحن متواجدون هنا بشكل علني وفي مخيمات أخرى، وفي أصغر مخيمات الجنوب اللبناني، بشكل سري وعندنا مجموعات داخل فلسطين، وفي دول الطوق جميعها، ولنا اتصال بهم. هدفنا الوصول إلى بيت المقدس من كل الدول وليس من لبنان وحده».

واستكمالا لدوره في (إعلاء راية التوحيد) فقد أعلن تكفير جميع الأنظمة العربية دون استثناء، وتكفير الشيعة على وجه الخصوص والدعوة لمحاربتهم باعتبارهم "روافض".

كما أن المواقع التي احتلها العبسي قد تحولت إلى قاعدة تجمع للعناصر التكفيرية المؤمنة بأفكار تنظيم القاعدة والراغبة في مقاتلة النظم الكافرة والشيعة الروافض خاصة من الجنسيات السعودية والعراقية والمصرية واليمنية والسورية والباكستانية والليبية ويبدو أن بعض هذه العناصر قد عادت إلى بلدانها الأصلية بعد أن تلقت تدريبها وهو ما كشف عنه الرجل عندما قال أن لديه مجموعات داخل فلسطين وفي دول الطوق جميعها وهو على اتصال بهم!!.

من هو أبو خالد العملة؟؟

إنه أحد مسئولي (فتح الانتفاضة) وهو الذي كان يرسل العبسي للمواقع التابعة لمنظمته في لبنان ويمدهم بالهويات والأسلحة وسهل لهم التواجد داخل المخيمات الفلسطينية من وراء ظهر قيادة فتح الانتفاضة وعندما بدأت معالم التنظيم وتوجهاته في التكشف وأنه يؤوي عددا من عناصر تنظيم القاعدة المطلوبين في السعودية وسوريا كان الوقت قد فات حيث قام تنظيم فتح الانتفاضة بفصل العملة الذي جرى اعتقاله من قبل السلطات السورية ثم أطلق بعد ذلك.

أما عن سر التواطؤ بين العملة (اليساري العلماني) والعبسي (القاعدي) فيكشفه أبو موسى مسئول فتح الانتفاضة فيقول: فتشنا لنجد المال هو أساس العلة... وبالتدقيق المالي وجدنا لأبي خالد 12 عقارا في حي المزة الراقي في دمشق وعقارات لا يقل ثمنها عن 100 مليون ليرة سورية في منطقة جديدة عرطوز القريبة من دمشق" ويقال أيضا أن العملة كان يقوم بنقل الأموال من آل الحريري إلى العبسي.

راية لا إله إلا الله أم راية العملة الخضراء؟؟؟

السؤال الذي يتعين طرحه والإحابة عليه: من أين جاء العبسي والعملة بالأموال اللازمة لدفع وتلقي الرشاوى وما هو سر التحالف بين اليساري القومي والوهابي القاعدي وما هو سر اتهام مساعدي السيد حسن نصر الله لجهاز المخابرات الأردني تحديدا وليس الموساد مثلا بأنهم من يقفون وراء محاولة اغتياله؟!.

الإجابة على هذا السؤال أصبحت متداولة الآن وقبل أن تحدث هذه الأحداث وتقول إن شاكر العبسي هو فلسطيني ـ أردني عمل لحساب المخابرات الأردنية وكلف بمهمات داخل سورية ولبنان والأهم من ذلك كله أن المخابرات الأردنية لم تعتقل شاكر العبسي حين كان في الأردن أو بين الأردن والعراق في الوقت الذي اعتقلته المخابرات السورية وحكمت عليه بالسجن ثلاث سنوات نفذها بالكامل ولآخر ساعة منها.

هذا هو شاكر العبسي عميل المخابرات الأردنية حامل راية لا إله إلا الله وإحدى بركات نكبة بندر بن سلطان والذي أعلن نشر قواته في كل بلاد الطوق تمهيدا لما هو آت!!.

التهب الصراع بين حكومة السنيورة وتنظيم العبسي عندما حاولت هذه الحكومة إعادة التنظيم إلى القمقم الذي استنسخته فيه والعهدة على سيمور هيرش الذي قال أمس في لقاء مع ال CNN أن العنف الحاصل في لبنان الآن هو نتيجة محاولة حكومة السنيورة القضاء على جماعة فتح الإسلام التي سبق ودعمتها وذكر هيرش بالحرب في أفغانستان في الثمانينات حين كانت الإدارة الأمريكية تدعم أسامة بن لادن في مواجهة الروس وبالاتفاق أيضا بين بندر وأبرامز، حيث وعدت السعودية حينها بأنها تستطيع السيطرة على المجاهدين السنة لذا أنفقنا مالاً وأمضينا وقتاً طويلاً جداً، لكن الجهاديين السنة انقلبوا علينا، والآن لدينا النموذج نفسه كأننا لم نتعلم شيئا من الدروس السابقة، فعدنا واستعملنا السعوديين للمرة الثانية لدعم الجهاديين, والسعوديون يؤكدون أنهم يستطيعون السيطرة على مختلف هذه المجموعات مثل فتح الإسلام التي تتواجه الآن مع حكومة السنيورة.

ولأن النظم العربية جربت وجربت ثم عادت وجربت التحالف مع هذا الصنف من البشر من أجل تحقيق أغراضها ثم عادت لتصرخ من شدة المصاب والألم!!.

ولأن نظما تمتلك أجهزة استخبارية أقوى بمراحل من مخابرات السنيورة التي يقودها رجل آل الحريري وسام الحسن جربت تعاطي هذا الدواء القاتل ثم عادت باكية ويلها ورغم ذلك فهم يصرون على إعادة التجربة ولا بأس من إعادة دفع الثمن ولو لألف مرة.

ولأن العاقل يتعظ بالآداب ولا يلدغ مؤمن من جحر مرتين والبهائم لا تتعظ إلا بالضرب فيبدو والله أعلم أن الذين صاغوا خطة بندر ودفعوا لشاكر العبسي وأبو خالد العملة هم ممن لا يستخدمون العقل ولا يتعظون حتى بالضرب!!.

إنه إدمان الخطأ أو البانجو السياسي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 31 آيار/2007 -13/جمادي الأول/1428