فتح الإسلام: مسلحون غرباء يروّجون للقاعدة في لبنان بأموال خليجية

 شبكة النبأ: مرة اخرى ينقلب السحر...، أن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط قد تحولت إلى معارضة إيران وسوريا وحلفائها من الشيعة بأي ثمن، حتى وإن عنى ذلك تأييد الجهاديين السنّة المتشددين الذين من المؤكد انهم سينقلبون على صانعيهم ومموليهم المعروفين من الامريكان والسعوديين فيما بعد.

أن الموقف الحالي في المنطقة يشبه كثيرا ذاك الموقف أثناء الصراع في أفغانستان في الثمانينات، الذي جعل القاعدة في دائرة الضوء، مع نفس الأشخاص المتورطين في الولايات المتحدة والسعودية بالتمويل والتسهيلات اللوجستية، واستمرار نفس أسلوب الولايات المتحدة لاستغلال الجهاديين وجعلهم ادوات تنفيذ تلفظهم متى ما أدّوا ما عليهم.

وفي مقابلة مع سي إن إن إنترناشونال من خلال برنامج "عالمكم اليوم" يتناول الكاتب الامريكي الشهير في مجلة نيويوركر سيمور هيرش العنف الدائر في لبنان على أنه نتاج محاولة من الحكومة اللبنانية للقضاء على مجموعة سنية مسلحة هي فتح الإسلام والتي كانت تؤيدها في الماضي.

واوضح هيرش ان التحول السياسي للتخندق ضد ايران وسوريا والشيعة عموما كان اتفاقا بين ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي وإليوت أبرامز نائب مستشار الأمن القومي والأمير بندر بن سلطان مستشار الأمن القومي السعودي، حين تم الاتفاق على أن يمول السعوديون سرا فتح الإسلام السنّية في لبنان كثقل موازن لحزب الله الشيعي.

وعندما سئل عن سبب تصرف الإدارة على ذلك النحو الذي تبدو فيه وكأنها تسير عكس اتجاه المصالح الأميركية، يقول هيرش إن الخوف من حزب الله في واشنطن، وخاصة في البيت الأبيض قد استحكم، بما أن الإسرائيليين هزموا أمامه في الصيف الماضي.

ونتيجة لذلك لم تعد إدارة بوش تعمل بعقلانية في سياستها. "نحن نعمل على تأييد السنة في أي مكان بأي طريقة ضد الشيعة. كما أننا نلعب على وتر تأجيج العنف الطائفي".

ويؤكد هيرش أن مخطط "تمويل فتح الإسلام كبرنامج سري اشتركنا فيه مع السعوديين جزء من برنامج أكبر وأوسع لبذل غاية الوسع في وقف تمدد العالم الشيعي، ولكنه ببساطة خاوزقونا".

من جهتهم يقول النازحون من مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين ان عناصر فتح الاسلام الطارئين على مخيمهم، بلحاهم الطويلة واسلحتهم الغريبة ودراجاتهم النارية، كانوا يثيرون الخوف بينهم حتى قبل بدء المعارك في محيط المخيم الاحد الماضي.

وفرّ الاف اللاجئين من المعارك الجارية بين الجيش اللبناني ومجموعة فتح الاسلام في محيط مخيم نهر البارد في شمال لبنان الى مخيم البداوي المجاور.وهم يصفون المقاتلين الاسلاميين الذين يحيطون انفسهم بهالة من السرية، بانهم عابسون دوما ومنطوون على انفسهم ويملكون اموالا طائلة في محيط فقير للغاية رغم انهم لا يعملون. بحسب فرانس برس.

ويقول احمد ياسين، وهو رب عائلة في الخامسة والاربعين، لجأ كما المئات غيره الى مدرسة، ان هؤلاء المسلحين كانوا يلازمون منطقتهم، في الطرف الشمالي من المخيم. كانوا يتكلمون قليلا ويقرأون المصحف. وكنا نتردد في توجيه الكلام اليهم.

واشار الى انهم دفعوا اعتبارا من خريف 2006 نقدا ثمن منازل وشقق واراض في حي قريب من الحقول والشاطىء.

وتابع لم ينصبوا اي حواجز، الا انهم كانوا يقومون بدوريات راجلة، ويحملون اسلحة جديدة لم نرها من قبل (...) كان لديهم كلاشنيكوف، انما ايضا رشاشات ام 16 صغيرة، وهي بنادق بلجيكية غالية الثمن، وقاذفات صواريخ غريبة.

طالبان في شمال لبنان!

واجمع الشهود في مخيم البداوي في حديثهم الى وكالة فرانس برس على وصف عناصر فتح الاسلام بالرجال الذين يرتدون جلابيب طويلة على الطريقة الباكستانية مع شعر ولحية طويلين وملثمي الوجه غالبا.

وكانوا يتنقلون داخل المخيم عادة بواسطة الدراجات النارية، اثنين على كل دراجة، تشق شوارع المخيم بسرعة فائقة.

ويروي احمد عبدالله (31 عاما) ان نساءهم محجبات تماما ويضعن قفازات سوداء، مشيرا الى ان افراد المجموعة يضعون ستائر على نوافذ بيوتهم لكي لا يتمكن احد من رؤيتهم. واولادهم لا يذهبون الى المدرسة.

وقال ان الجيش اللبناني الذي ينتشر عند مداخل المخيم، كان يعرف جيدا من هم ومكان وجودهم.لمدة اشهر، كانوا يدخلون ويخرجون من المخيم من دون ان يزعجهم احد.

وفجأة، اعتبارا من فبراير، ادركنا ان الامور لا تسير بشكل جيد لان الجيش عزز قواته وعناصر فتح الاسلام لم يعودوا يخرجون تقريبا من حيهم وبدأوا ببناء التحصينات.

الكثير من المال!

وقال علي الخطيب (45 عاما) »لا يمارسون اي عمل... ومع ذلك يملكون الكثير من المال. فهم يشترون من دون اي مفاوضة: اللحم كل عشرين كيلوغراما معا، والدجاج، كل اربع دجاجات... في عيد الاضحى، نحروا عددا كبيرا من الخراف ووزعوا على كل الجوار.

بينما اضطررنا نحن لنتجمع، كل ثلاث عائلات معا، لنشتري خروفا واحدا.

ويشير علي الى ان الامور بدأت تتعقد عندما اخذ عناصر فتح الاسلام يتعرضون لمستهلكي البيرة وللفتيات اللواتي لا تتناسب ثيابهن مع اللباس الاسلامي في نظرهم.

وقال " في يوم من الايام، خطفوا فتى اقدم على الشتم، واقتادوه الى حيهم واوسعوه ضربا. ولما عاد، حمل السلاح مع اشقائه واقاربه. وتسبب هذا بتبادل اطلاق نار ادى الى اغلاق المدارس لمدة يومين.

تمركز بالطرف

ويقول الشهود ان فتح الاسلام تمركزت عند طرف مخيم نهر البارد لتجنب المواجهة مع الفصائل الفلسطينية الاخرى.

وقال شوقي الحاج (40 عاما) في وسط المخيم، فتح عرفات (في اشارة الى الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات) او حماس (حركة المقاومة الاسلامية) كانتا ستمنعاهم من التمركز.

ويتابع "حتى لو ان عددهم قليل، فانهم يخيفون الجميع. هناك فلسطينيون بينهم، انما ايضا عدد كبير من الاجانب: سعوديون ويمنيون وعناصر حاربوا الامريكيين في العراق.

انهم مختلفون عن شباب فتح الذين يحملون الكلاشنيكوفات لكنهم لم يفعلوا شيئا الا حراسة ابواب المخيم او اطلاق النار في الهواء.

مناورات فاشلة

وقال زعيم مجموعة "فتح الاسلام" في شريط مصور بثت مقطعا منه قناة الجزيرة الفضائية  ان من اعتدى على الجيش اللبناني وعلى تنظيمه "واحد" وشن هجوما قاسيا على من اعتبرهم "اصحاب المشروع الاميركي" في لبنان.

وقال شاكر العبسي في مقتطفات من شريط بثته قناة الجزيرة وظهر فيه مكشوف الوجه للمرة الاولى "لم نهدد امن لبنان وان الذي يهدد امن لبنان هم الذي يتغنون بتاريخهم الحافل بالجرائم السوداء ضد البشرية". بحسب فرانس برس.

واضاف "اما الذين يتشدقون بادانة الاعتداء على الجيش نقول لهم ان الذي اعتدى علينا وعلى الجيش واحد... بقيامه بارتكاب الجريمة النكراء التي حصلت مؤخرا في مدينة طرابلس والتي كان نتيجتها احراق 17 أسدا من اسود التوحيد" من دون ايضاحات اضافية.

وبثت القناة ايضا لقطات قالت انها لعشرات العناصر من تنظيم فتح الاسلام يجرون تمارين في باحة مكشوفة.

الى ذلك شن العبسي هجوما على من اسماهم "اصحاب المشروع الاميركي في لبنان".

وقال في الشريط "اما انتم يا اصحاب المشروع الاميركي فانا اقول لكم لن يكون اهل السنّة الا راس حربة في قتال اليهود والاميركان ومن وراءهم وانكم لن تكونوا الا اقزاما اذلاء يستخدمكم اسيادكم ثم يلفظونكم".

وردا على اسئلة للجزيرة علق وزير السياحة اللبناني جو سركيس على ما جاء في الشريط فقال ان هذا "الكلام تضليلي" مؤكدا ان "فتح الاسلام عصابة ارهابية".

واكد سركيس ان كلام العبسي "غير صحيح" مضيفا " لقد سمعنا كلاما دقيقا من الاجهزة الامنية اللبنانية حددت تماما الذين اعتدوا على الجيش ومن هو الطرف الارهابي الذي قام بهذه العملية وهو فتح الاسلام".

وتابع " لم يتكلم احد عن فريق ثالث او طابور خامس (...) هذه العملية قام بها فتح الاسلام. هذا ما اكدته المرجعيات العسكرية ومخابرات الجيش".

وذكر بان الحكومة اللبنانية "اعطت توجيهات لانهاء حالة فتح الاسلام الارهابية بالطريقة التي يراها الجيش اللبناني الامثل".

ويراس العبسي مجموعة من الاسلاميين تضم فلسطينيين وسعوديين وسوريين ولبنانيين وعناصر من جنسيات عربية اخرى.

وروى نازحون من مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين ان عناصر فتح الاسلام قدموا الى مخيمهم في خريف 2006 وانهم يحيطون انفسهم بهالة من السرية ومنطوون على انفسهم ويملكون اموالا طائلة في محيط فقير للغاية رغم انهم لا يعملون.

وحدثت معارك بين الجيش اللبناني والمجموعة  قتل فيها خلال ثلاثة ايام 78 شخصا. وقال وزير الدفاع اللبناني الياس المر ان فتح الاسلام قتلت 27 جنديا من الجيش اللبناني قبل بدء المعارك.

ويحاصر الجيش مخيم نهر البارد الذي بقي فيه حوالى عشرة الاف من سكانه بعدما فرّ حوالى عشرين الف آخرين في ظل هدنة هشة.

وتتهم الاكثرية النيابية والوزارية في لبنان المجموعة بانها اداة في يد الاستخبارات السورية في حين تنفي دمشق ذلك.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 30 آيار/2007 -12/جمادي الأول/1428