تركيا بين اخطار توجهات العسكر وصلاحيات الاسلاميين

 شبكة النبأ: فيما تتواتر الهجمات الارهابية في بعض الاماكن العامة بتركيا واستهداف الجنود بين فترة واخرى وهو ما ينبإ بقرب المواجهة مع حزب العمال الكردستاني في العراق، يستمر من جهة ثانية الصراع بين العلمانيين وعلى راسهم المؤسسة العسكرية والنخب من القضاة والشخصيات مع الحكومة ذات التوجهات الاسلامية لتصل ذروتها بالخلاف الاخير حول قرار يدعو الى اختيار مباشر من الشعب لمنصب الرئاسة في تركيا وهو ما سيؤدي الى زيادة الشرخ بين الطرفين مع احتمال دخول تركيا نفق حرب طاحنة مع حزب العمال.

واستخدم الرئيس التركي احمد نجدت سيزر حق النقض ضد تعديل دستوري يجعل انتخاب رئيس البلاد بالاقتراع الشعبي المباشر في خطوة يرجح أن تعمق المواجهة بين النخبة العلمانية والحكومة المنبثقة من تيارات اسلامية. حسب رويترز.

وينتخب الرئيس حاليا في البرلمان الذي لم يمنح الشهر الماضي مرشح الرئاسة عن حزب العدالة والتنمية ذي الجذور المرتبطة بالإسلام السياسي الأصوات الكافية.

وقال مكتب سيزر إنه اعترض على التعديل الدستوري المثير للجدل لأسباب من بينها أنه قد يضعف توازن السلطات داخل النظام السياسي بالبلاد.

وقال المكتب في بيان "لم يجد الرئيس احمد نجدت سيزر القانون ملائما وأعاده إلى البرلمان." وكان قرار سيزر متوقعا على نطاق واسع.

وتخشى النخبة العلمانية التركية التي تضم قادة الجيش وزعماء المعارضة وكبار القضاة من أن حزب العدالة والتنمية قد يقوض الفصل الصارم بين الدين والدولة في هذه الدولة العلمانية رسميا والتي تسكنها اغلبية مسلمة.

وكان التعديل الدستوري المقترح الذي أيده مطلع الشهر الجاري أكثر من ثلثي نواب البرلمان البالغ عددهم 550 يدعو إلى انتخاب الرئيس لفترة رئاسية من خمس سنوات قابلة للتجديد لخمس أخرى.

وينتخب البرلمان حاليا الرئيس لفترة واحدة من سبع سنوات غير قابلة للتجديد.

وقرر حزب العدالة والتنمية المضي قدما في اقرار التعديل الدستوري في لجوء مباشر للناخبين بعد أن فشل مرشحه للرئاسة عبد الله جول في الحصول على التأييد اللازم في البرلمان.

وكان رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان قال قبل قرار سيزر إن حكومته ستطرح التعديل الدستوري مرة أخرى على البرلمان دون تغيير إذا استخدم الرئيس حق النقض ضده. وقد يمهد ذلك لاجراء استفتاء على التعديل.

ولا يمكن لسيزر وهو أحد المدافعين بشدة عن العلمانية الاعتراض ثانية على تشريع إذا لم يتم تعديله. ويتعين عليه عندئذ اقراره أو الدعوة للاستفتاء عليه.

وأرجأ البرلمان الانتخابات الرئاسية إلى ما بعد الانتخابات العامة المبكرة المقررة في 22 يوليو حزيران. وسيظل سيزر في السلطة بصفة مؤقتة لحين اختيار خليفة له.

ويقول حزب العدالة والتنمية إن التعديل الدستوري يهدف لجعل تركيا أكثر ديمقراطية في حين يقول منتقدون إن التعديل لم يدرس جيدا وقد يخل بميزان السلطات في الدستور.

ويمتلك رئيس الوزراء ومجلس الوزراء أغلب السلطة في تركيا غير أن الرئيس يمكنه الاعتراض مرة واحدة على القوانين كما يرجع إليه تعيين كثير من المسؤولين الكبار. والرئيس أيضا هو القائد العام للقوات المسلحة.

وتعهد اردوغان بتقليص سلطات الرئيس إذا أقرت التعديلات الدستورية.

ويخشى البعض من أن الحد بشكل أكثر من اللازم من سلطات الرئيس قد يكون خطوة مستفزة بشكل خطير للنخبة العلمانية التي لا تثق في اردوغان أو الحزب الذي يتزعمه بسبب جذورهما الإسلامية.

وشهدت تركيا مسيرات ضخمة مناهضة للحكومة خلال الشهر الفائت كان آخرها في مدينة ازمير المطلة على بحر ايجة حيث احتشد نحو مليون شخص أغلبهم أتراك من الطبقة الوسطى الذين يسكنون بالمدن للتعبير عن تأييدهم للعلمانية وعدم ثقتهم في حزب العدالة والتنمية.

وتدخل الجيش في الأزمة أيضا وذكر الأتراك بمهامه الدستورية بالتدخل عند الضرورة للدفاع عن الفصل بين الدين والدولة.

وينفي حزب العدالة والتنمية أن يكون له جدول أعمال إسلامي. وقاد الحزب البلاد لتحقيق نمو اقتصادي قوي وفي بدء محادثاتها للانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي.

حزب العمال وقرب المواجهة  

من جهة اخرى تنامى في الآونة الأخيرة الجدل داخل تركيا بشأن توجيه ضربة عسكرية قاصمة لمقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق. ‏‏

إذ يطالب العديد من المواطنين والمسؤولين الأتراك الجيش التركي بضرب حزب العمال الكردستاني ‏مجدداً.

ويعتقد العديد من أعضاء الحكومة والشعب التركي أن هذه المجموعة الكردية الانفصالية المتشددة مسؤولة عن الانفجار الذي وقع الثلاثاء في منطقة للتسوق في أنقرة والذي أسفر عن مقتل ‏ستة مدنيين على الأقل.‏

إلا أن مسؤولين أتراك رفيعي المستوى ذكروا أن العمليات ضد حزب العمال الكردستاني تتطلب دخول ‏القوات التركية إلى المنطقة الكردية في شمال العراق، حيث يتخذ العديد من مقاتلي الحزب من تلك ‏المنطقة ومن جنوب تركيا أيضاً قاعدة لهم.  ‏

وقد أنكر الحزب تورطه في الانفجار الذي وقع في أنقرة. وبدوره حذر الناطق باسم وزارة الخارجية ‏الأمريكية

طوم كيسي من أن السلطات التركية لم تصل بعد إلى أي نتيجة نهائية تتصل بالمسؤول عن ‏الانفجار، وأن التحقيق بشأن الانفجار مازال "متواصلاًً."‏

ويلاحظ أن الحنق تجاه حزب العمال الكردستاني تنامى في تركيا، فقد صرح رئيس الوزراء التركي ‏رجب طيب أردوغان الخميس أن الجيش إذا طلب الإذن بالانتقام من الحزب، فإن البرلمان الذي ‏يسيطر عليه حزب العدالة والتنمية، الذي ينتمي إليه أردوغان نفسه، سيدعم طلب الجيش.‏

وكان رئيس أركان الجيش التركي الجنرال يشار بويكانيت قد صرح في الآونة الأخيرة أن قواته ‏جاهزة لمهاجمة ما أسماها معسكرات الإرهابيين الأكراد في شمال العراق.

من جانبه، صرح الجنرال التركي ‏المتقاعد أديب باشير لـ‏CNN‏ أنه يعتقد أن الجيش التركي قد يشرع في العملية في غضون أسابيع ‏قليلة. ‏

ويقدر عدد الجنود الأتراك المنتشرين على الحدود التركية - العراقية أو ‏بالقرب منها، بنحو 150 ألف جندي تركي، وخصوصاً أن حزب العمال الكردستاني يستعد لشن ‏الهجمات عبر الحدود بعد ذوبان الثلوج على الجبال الواقعة قرب الحدود.  ‏

وكان سبعة جنود أتراك قد قتلوا هذا الأسبوع في جنوب شرقي البلاد، كما قتل ستة آخرين وجرح ‏عشرة الخميس بانفجار لغم على جانب الطرق بجانب منطقة سيرت، طبقاً للجيش التركي، وتوفي ‏جندي آخر الأربعاء في حادث قرب منطقة فان خلال عملية بحث كان يقوم بها الجيش.

ويثار الجدل بشأن المجموعة الكردية الانفصالية في أنقرة قبل شهرين من الانتخابات العامة التي من ‏المتوقع أن يواجه فيها حزب أردوغان، ذو الجذور الإسلامية، تحدياً من طرف الأحزاب العلمانية.

ويعتقد بعض المحللين أنه في سياق الاستعداد للانتخابات، فإن حزب أردوغان سيستغل الحرب ضد ‏الانفصاليين الأكراد لحشد الرأي العام لمصلحته وتحييد الاختلافات مع المؤسسة العسكرية.

أما الحكومة، ووفقاً لمصطفى آيدن أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أنقرة وأكاديمية الأمن الوطني، ‏‏فإنها "ستحاول استغلال هذه الحرب لحشد الأتراك حول الحكومة، كما أنها ستحاول غالباً استغلال الرموز ‏والمفاهيم الوطنية في حملتها الدعائية." ‏

ويذكر أن حزب العمال الكردستاني، الذي يلقى التأييد من العديد من أكراد العراق وإيران وسوريا ‏وتركيا، يدعم حلم الأكراد بإقامة دولة مستقلة لهم.

وقد قال أحد المتعاطفين مع الحزب، فائق كابلان، ‏لـ ‏CNN‏ إن دعوة الحزب إلى إلقاء سلاحه قد تكون خياراً أفضل من عبور الجيش التركي الحدود. ‏

إلا أن تركيا تقول إنها لن تعقد محادثات مع مقاتلي الحزب، وأن هذا الموقف يعبر عن رأي الشارع ‏التركي. ‏

وقد بدأ الحزب نضاله من أجل ما يسميه الحقوق الكردية منذ أوائل الثمانينيات، ‏وذهب ضحية هذا النزاع أكثر من 30 ألف شخص.

ويذكر أن الجيش التركي قام في أوائل ‏التسعينيات بعملية عسكرية ضخمة ضد مقاتلي الحزب داخل الأراضي العراقية. 

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 27 آيار/2007 -9/جمادي الأول/1428