استقالة ولفوفيتز: تساقط المحافظين الجدد تباعا هل ينبأ  بنهاية أيدلوجيتهم؟

 شبكة النبأ: تعتري البيت الابيض ظاهرة ضعف غير مسبوقة والمتمثلة باستقالة شخصيات مهمة بالنسبة للرئيس الامريكي بوش من الادارة الامريكية بدءا من وزير الدفاع رامسفيلد ومرورا بالحملة الديمقراطية الشعواء على ديك تشيني ووزير العدل الامريكي ونهاية باعلان موعد استقالة رئيس البنك الدولي المقرب من بوش بسبب قضية محاباة وانحياز، ولكن الامر الواضح والذي يظل التركيز عليه في دائرة الضوء هو ان ثمة اخطاء متزايدة في السياسة الامريكية يكون الرد عليها اما بالتخلي او الاستقالة وتؤدي بمرور الوقت لسحب البساط تحت ارجل الادارة الامريكية الحالية ومعها المحافظين الجدد لصالح الديمقراطيين.

وقضية استقالة ولفوفيتز تعد نموذجا من تلك التي تحمل طابع الفساد، وتعتبر استقالته من رئاسة البنك الدولي الحلقة الاخيرة في سلسلة الاخبار السيئة التي تتكاثر باطراد بالنسبة للرئيس الاميركي جورج بوش مع اقتراب نهاية ولايته.

فبول ولفوفيتز الذي يعد واحدا من كبار المهندسين للاستراتيجية التي قادت الى شن الحرب على العراق لم يعد جزءا من الادارة الاميركية منذ العام 2005.

لكن المسؤول الثاني السابق في البنتاغون حصل على منصبه على رأس المؤسسة المالية الدولية بفضل هذه الادارة، فالولايات المتحدة هي التي تختار رئيس البنك الدولي تبعا لتقليد غير مكتوب.

وقال بوش قبل استقالة رئيس البنك الدولي "آسف لوصول الامور الى هذا الحد، اني اكن كل اعجاب لبول ولفوفيتز" وذلك بحسب ما نقلته الفرانس برس.

لكن دعم البيت الابيض اخذ يتضاءل يوما عن يوم وقد امتنع بوش اخيرا عن تكرار قوله بان ولفوفيتز يجب ان يحتفظ بمنصبه.

وقال المتحدث باسم الرئاسة الاميركية توني فراتو بعد الاستقالة "نأسف لهذه النتيجة"، واضاف "ان بول ولفوفيتز رجل نزيه حريص بوله على مصير الفقراء في العالم اجمع، كنا نفضل ان يبقى في البنك، لكن الرئيس (بوش) يقبل قراره بكل تحفظ".

واكد ان بوش انه سيعلن "قريبا" اسم الذي يقترحه ليحل مكانه على رأس المؤسسة المالية الدولية.

يبقى ان استقالة ولفوفيتز تؤكد ان الاوقات عصيبة بالنسبة لبوش وحلفائه، غير ان بعض الخبراء يلفتون النظر الى ان بوش لديه مشاغل اخرى غير ولفوفيتز.

وقال الخبير لاري ساباتو "انه من اقل الهموم لديه" مضيفا ان "همه الاكبر هو العراق واعتبر حتى ان (انقاذ) وزير العدل (البرتو) غونزاليس مشكلة اهم".

وتشكل الاطاحة ببول ولفويتز من رئاسة البنك الدولي في خلاف آخر بين الولايات المتحدة وحلفائها الاوروبيين تحديا لم يسبق له مثيل للقيادة الامريكية للنظام المالي العالمي. كما افادت رويترز.

ولم يتمكن الرئيس جورج بوش الذي أضعفته الفوضى السائدة في العراق وتراجع شعبيته من الحيلولة دون اجبار ولفويتز على الاستقالة ليصبح أول رئيس للبنك الدولي يضطر لترك منصبه بعد أسابيع من المقاومة والانتقادات العلنية لترقيته صديقته.

وابدى بعض المسؤولين والخبراء الامريكيين قلقهم من ان الجدل الدائر قد يجبر الولايات المتحدة على التخلي عن عادة تعيين رئيس البنك المتبعة منذ زمن بعيد.

ويقول اخرون ان التغيير الجذري لنظام اختيار رئيس البنك وسياسات الاقراض هو السبيل الوحيد لان تستعيد المؤسسة مصداقيتها.

ويقول كينيث روجوف كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي "هناك استياء متنام من فكرة ان الولايات المتحدة هي التي تختار رئيس البنك الدولي دون مشاورات."

وقال روجوف من مؤسسة بروكينجز انه على الرغم من أن ولفويتز قد يكون شديد الذكاء الا انه يفتقر للخبرة في مجال التنمية ومكافحة الفقر والتمويل وما كان يمكن أن يقع عليه الاختيار اذا كانت عملية الاختيار تتسم بالشفافية وتشمل مرشحين اخرين.

وتختار الولايات المتحدة رئيس البنك الدولي منذ أن قادت تأسيس النظام المالي الدولي بعد الحرب العالمية الثانية في مؤتمر بريتون وودز عام 1944، وفي المقابل تختار أوروبا رئيس صندوق النقد الدولي.

وكان اختيار ولوفويتز للمنصب مثار جدل بسبب دوره في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق اثناء عمله بوزارة الدفاع الامريكية.

والاوروبيون الذين أذعنوا مرغمين لتعيين ولفويتز قبل عامين غيروا موقفهم في الاسابيع القليلة الماضية باصرارهم على رحيله على الرغم من استماتة البيت الابيض في الدفاع عنه.

وقال البيت الابيض ان بوش قبل "على مضض" استقالة ولفويتز، وقال توني فراتو المتحدث باسم البيت الابيض "بول ولفويتز رجل طيب ومتعاطف مع معاناة فقراء العالم.. كنا نفضل أن يبقى في البنك الدولي."

وكان تعامل ولفويتز في مسألة ترقية صديقته شاها رضا الموظفة بالبنك وزيادة راتبها هو السبب المباشر للازمة لكن الكثيرين يرون انها مجرد غطاء لشكاوى أخرى.

وقال ايفو دالار المشارك في اعداد دراسة عن سياسة بوش الخارجية في فترة ولايته الاولى "ولفويتز لوى أعناق الجميع في 2005 والسبب الوحيد لنجاح ذلك هو أن الاوروبيين والامريكيين كانوا يأملون في طي الصفحة" بعد الغزو الامريكي للعراق في عام 2003.

وتابع دالار في اتصال هاتفي أنه أعيد انتخاب بوش في 2004 "ووجد الاوروبيون أنهم يجب ان يتعايشوا معه لمدة اربع سنوات أخرى فلماذا يعارضونه في ذلك."

وقال ان تقريرا للبنك هذا الاسبوع اتهم ولفويتز بمخالفات اخلاقية كان بمثابة فرصة كذلك لحشد التأييد لفكرة أن "الادارة الامريكية أساءت التصرف دوليا... انها حبكة فرعية في رواية أكبر عن أوروبا في مواجهة الولايات المتحدة في عهد بوش."

وقال جيمس ستاينبرج نائب مستشار الامن القومي للرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون ان واشنطن لن تفقد بالضرورة الكثير من نفوذها العالمي بقبول رئيس غير أمريكي للبنك الدولي.

وأضاف ستاينبرج عميد كلية ليندون بي جونز للعلاقات العامة بجامعة تكساس في أوستن: انه طالما أن خليفة ولفويتز "سيعمل بشكل جيد مع الولايات المتحدة فان كونه أمريكيا أمر أقل أهمية بكثير... نحن نحتاج لشخص يشترك مع الولايات المتحدة في وجهات النظر الاساسية فيما يتعلق بالتنمية."

واعلن البيت الابيض انه لا يستبعد اختيار شخصية غير اميركية لترؤس البنك الدولي بعد استقالة بول ولفوفيتز. بحسب الفرانس برس.

وقال متحدث باسم الرئاسة الاميركية هو توني فراتو "بالتأكيد" هناك امكانية لتعيين شخص غير اميركي على رأس البنك الدولي.

واضاف "تقليديا مرشح الولايات المتحدة هو الذي يصبح رئيس البنك الدولي".

واوضح ان وزير الخزانة هنري باولسون يقود عملية الاختيار وسيرفع توصياته الى الرئيس جورج بوش قريبا ولكنه لم يحدد اي موعد.

وقال فراتو ايضا "نريد ان نسير بسرعة في هذه العملية" موضحا "نريد ان نكون متأكدين من اختيار الشخصية الفضلى لهذا المنصب.. نريد شخصا يكون فعلا موضع تقدير من البيت الابيض بانه سيتصدى للفقر".

وكان ولفوفيتز اعلن استقالته من منصبه بعد فضيحة محاباة تمثلت في رفع اجر صديقته الموظفة في البنك الدولي.

وفي لندن قال رجل الاقتصاد جوزف ستيغليتز ان اسم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير اقرب حلفاء جورج بوش هو بين الاسماء المتداولة لتولي رئاسة البنك الدولي، وطرح اسم توني بلير لخلافة ولفوفيتز على رأس البنك الدولي.

وقال الخبير الاقتصادي جوزيف ستيغليتز المسؤول السابق في البنك الدولي ان اسم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير طرح كخليفة محتمل لرئيس البنك الدولي الحالي بول ولفوفيتز المستقيل.

واضاف ستيغليتز حائز جائزة نوبل لاذاعة "بي بي سي5" ان توني بلير الذي اعلن انه سيغادر منصبه"هو احد الاشخاص الذين طرح اسمهم بوضوح" لخلافة ولفوفيتز.

وتقليديا تسند رئاسة البنك الدولي لاميركي في حين تسند رئاسة صندوق النقد الدولي لاوروبي.

واضاف الخبير الاقتصادي الذي شغل سابقا منصب نائب رئيس وكبير اقتصاديي البنك الدولي انه شخصيا يفضل "شخصا يملك خبرة فعلية في مجال التنمية".

غير انه اقر بان "بلير كان زعيما سياسيا فعليا يملك نوع العلاقات التي نحتاجها وهو الامر الذي سيكون مفيدا بالنسبة لرئيس البنك".

وقالت وسائل الاعلام البريطانية ان توني بلير يمكن ان يتفرغ لدى مغادرته منصب رئيس الوزراء للسلام في الشرق الاوسط او للحوار بين الاديان.

كما يمكن بحسب الصحف ان يبدأ المشاركة في مؤتمرات دولية كما فعل بيل كلينتون وكولين باول مما سيدر عليه اموالا كثيرة، والبنك الدولي هو منظمة دولية متخصصة في مساعدات التنمية.

وأكد مسؤولون رفيعون في الإدارة الأمريكية ، أن رئيس البنك الدولي بول ولفوويتز ومسؤولو البيت الأبيض يجرون محادثات مع مسؤولين في إدارة البنك، لتحديد التفاصيل المتعلقة باستقالة ولفوويتز، والمتوقعة "قريبا" كما تم كشفه لشبكة CNN.

وأضاف المسؤولون المطلعون على مجريات القضية أن البيت الأبيض أصبح مقتنعا بحيلولة بقاء ولفوويتز في منصبه.

وبموجب اقتراح تم التوصل له، فإن ولفوويتز سيستقيل طوعا، وإن كان البنك الدولي سيوجه له بعض اللوم في قضية محاباة صديقته شاها رضا، خبيرة الشرق الأوسط بالبنك، بعد ترقيتها إلى وظيفة في وزارة الخارجية الأمريكية، براتب ضخم.

وقال مسؤول رفيع في البنك لشبكة CNN إن العمل جاري على تحديد لهجة بيان استقالة ولفوويتز، والذي يتوجب على مجلس إدارة البنك تجهيزه في غضون الأيام القليلة المقبلة، وإلا مواجهة فقدان المصداقية بين موظفي المؤسسة الدولية.

وكان مجلس إدارة البنك الدولي استمع إلى أقوال ولفوويتز في دعوى محاباة صديقته، وقد شهد الاجتماع محاولات جاهدة من ولفوويتز للحفاظ على منصبه من خلال إطلاق الوعود أمام المجلس بتغيير سياسته الإدارية ومناشدة أعضاءه تحديد مصيره بـ "عدالة."

وقدم ولفوويتز خلال الجلسة مداخلة مطولة عززها بوثائق وأدلة قال إنها تثبت قيامه بتسهيل ترقية وزيادة راتب صديقته شاها رضا "عن حسن نية،" وقد حرص محاميه بعد ذلك على توزيع تلك الوثائق على الصحفيين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 22 آيار/2007 -4/جمادي الأول/1428