دفن النفايات النووية استثمار كوري مربح مهما كانت الخسائر

 شبكة النبأ: تلاقي مشكلة طمر النفايات كثير من المصاعب لدى الدول النووية، ولعل من اكبر تلك العقبات هي المنظمات الانسانية والبيئية التي ترفض بحزم تدمير وتلويث البيئة، ولكن العكس تماما يحدث في كوريا الان، حيث ان الناس يصوّتون لصالح الطمر للمخلفات النووية في مدينتهم كيونج جو لما يحقق لهم سبلا واسعة للعمل.

وينعكس ماضي العاصمة الكورية القديمة كيونج جو من خلال المقابر التي تضم رفات ملكية تعود لاكثر من ألف عام، أما في المستقبل فستكون المدينة أكبر مكان لدفن النفايات النووية في البلاد بناءا على استفتاء شعبي.

وفي استفتاء غير معتاد أجري عام 2005 لوّحت كوريا الجنوبية بمساعدات قيمتها 300 مليار وون (325 مليون دولار) على الاقل، ووعد بتوفير الاف من فرص العمل في المنطقة التي ستستضيف مدفن النفايات النووية.

وتقدمت أربع مدن بطلبات ليقع عليها الاختيار لتدفن فيها النفايات وكان الفوز لمدينة كيونج جو إذ قال نحو 90 في المئة من الناخبين إنهم يريدون المنطقة التي تضم العشرات من المواقع الاثرية المسجلة لدى الامم المتحدة أن تخزن في نهاية الامر نحو 800 ألف برميل من النفايات المشعة.

لقد ضاق السكان بالقوانين التي تحمي الاثار القديمة لعدد محدود من السائحين وسببت قيودا على التنمية وأبعدت الصناعة.

وقال جين كو وهو عضو في مجلس المدينة ساعد في حملة تأييد مدفن النفايات "لم يكن أمامنا سبيل اخر لزيادة النمو، هذه الصفقة كانت أفضل ما يمكن الحصول عليه."

وقال أنه الى فترة الثمانينيات كان الاقتصاد منتعشا اذ كان يفد نحو ثلاثة ملايين سائح سنويا لزيارة الاماكن التاريخية لأسرة شيلا التي بدأت عام 57 قبل الميلاد واستمرت لنحو ألف سنة

وكانت أول مملكة توحد كوريا.

ولكن القيود على جوازات السفر التي أعاقت السفر الى الخارج منذ عقد مضى انتهت وأصبح نحو مليون سائح فقط حاليا يزورون هذه المدينة القديمة سنويا، ويشكو البعض من أن التكلفة مبالغ فيها.

وفرضت قوانين قيودا صارمة على أنواع المباني التي يسمح ببنائها في كيونج جو وتطالب بضمانات لحماية أي اثار لم يكشف عنها، وأدى هذا الى ابعاد الصناعة عن المدينة.

وقال "يبدو الامر وكأنه في كل مرة تجري فيها أعمال حفر يتم اكتشاف قطع أثرية."

ومضى يقول انه منذ أن صوتت المدينة لصالح اقامة هذا المدفن ارتفعت أسعار الاراضي وتتأهب المدينة لاول تدفق للسكان منذ سنوات.

وتفخر كيونج جو الواقعة داخل الجبال على بعد نحو 280 كيلومترا الى الجنوب الشرقي من سول بوجود أقدم مرصد فضائي في اسيا ومعبد بولجوكسا الذي بني عام 528 والمقابر الكبيرة التي تضم رفات أسرة شيلا الملكية.

وقال تشوي سيوج جيو زعيم الاتحاد الكوري لحركة كيونج جو البيئية التي شنت حملة ضد المدفن "لقد أعمى المال الناس."

وأضاف "أصبحوا لا مبالين بشكل مدمر بمسألة السلامة" واصفا الاستفتاء بأنه ضربة للسياسة الحكيمة.

وحاولت كوريا الجنوبية وهي مستهلك كبير للطاقة الذرية العثور على مدفن لمدة 20 عاما ولكن الاحتجاجات كانت تمنعها دائما.

وقال تشوي أن الامر لم يكن متعلقا بأثر المدفن على البيئة بقدر ما تحول الى منافسة على فرص العمل والصناعة ووعاء من الذهب تعد به الحكومة.

ويوجد في كيونج جو بالفعل محطتان نوويتان ويجري العمل في بناء محطتين أخريين، وتعتمد كوريا الجنوبية على المفاعلات النووية في انتاج نحو 40 في المئة من الكهرباء وتشتهر بوجود معايير قوية للغاية في السلامة لم يشبها سوى عدد محدود من الحوادث الصغيرة.

وتبدأ أعمال البناء هذا العام في المدفن للتخلص من النفايات من المستوى المنخفض الى المتوسط، وسيقع المدفن خارج المدينة بمسافة 30 كيلومترا وفي المرحلة الاولية سيضم 100 ألف برميل من النفايات النووية تحت الارض، بل ان بعض السكان المحليين يأملون في جعله

وجهة سياحية.

وكانت كيونج جو وهي معقل للمحافظين على الطرف الخاسر في السياسة الاقليمية المشحونة بصورة كبيرة في البلاد منذ نحو عشر سنوات.

اذ ان آخر رئيسين وهما من اليسار خصصا أموالا لمشاريع ترميم في معقليهما بجنوب غرب البلاد بدلا من كيونج جو التي شهدت أوج مشاريع الترميم خلال حكم الرئيس المستبد بارك تشونج هي خلال الفترة من 1961 الى 1979.

وقال كيم سانج تاك وهو نشط شن حملة لصالح المدفن "لدينا ما يكفي من المال لتنظيف مواقعنا السياحية وصيانتها ولكننا ليس لدينا المال الكافي لتطويرها أو ترميم أي أماكن أخرى تمثل جزءا من تاريخنا."

وأضاف كيم أن جزءا من الارباح الكبيرة التي سيحققها المدفن يجب أن يخصص لبناء قطاع سياحي والحفاظ على التراث الى جانب التأكد من أن السكان سيحصلون على خصم على رسوم الكهرباء.

وقال كيم "نحن فخورون بتاريخنا جدا ونحن قلقون ازاء ما سيلحق بصورة المدينة بسبب المدفن، ولكن اقتصادنا سيكون راكدا بدونه."

وخارج محطة القطار الرئيسية يتحدث التجار عن ركود العمل والبطالة والامل في أن تكون الطاقة النووية مصدرا ثابتا للدخل يحافظ على بقاء كيونج جو منتعشة.

وقال تشوي النشط في مجال حماية البيئة ان الوقت تأخر كثيرا كي توقف الحكومة بناء المدفن لان منشات تخزين النفايات النووية المؤقتة أصبحت ممتلئة تماما.

ومضى تشوي يقول "سلمنا أجدادنا كنزا تراثيا يرجع الى ألف سنة، ونحن سنسلم أحفادنا تاريخا من النفايات المشعة ستبقى ألف سنة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 21 آيار/2007 -3/جمادي الأول/1428