الصحافة في العراق بين الحرية والقمع

 وتاثيرات عهد الاستبداد والمحيط العربي

تحقيق:عصام حاكم

شبكة النبأ: منذ اكثر من اربعين عاما مضت والمؤسسة الصحفية في العراق والعالم العربي هي اقرب ما تكون الى تبني نهج او ثقافة موحّدة، يتمركز هذا التبني في أيجاد خطاب اعلامي واحد يمثل النظام الحاكم وان اختلفت هنا او هناك في اطر وادوات ذلك الخطاب، والذي هو بالتاكيد لن ياتي بجديد بقدر ما يتعلق الامر في الاستراتيجية او الايديولوجية المتبعة، ولا يتعدى ذلك الخطاب السلطة القائمة التي ينتمي اليها، بل هو ينسجم معها ويروج لأساليب حكمها الاستبدادي. لما يخدم رأس الحكم ليس إلا.

الا ان محاولات الارتقاء الحقيقي للصحافة في وقتنا الراهن رغم التقدم المثير نحو الحرية الذي يشهده العراق تبقى قيد الامنيات الراكدة ما لم تتوفر لها الادوات الاساسية او المستلزمات الصحيحة التي من شانها ان ترفض كل مقومات الثقافة السابقة ومحاولة فرض عوامل التغير القسري، علما ان اغلب مؤسسات الصحافة العربية على حد سواء لاتختلف كثيرا في آلية العزف على وتر الفكر الواحد او الخطاب الاعلامي الواحد وان اختلفت آلية اوعنوان ذلك الخطاب.

وما يحصل في العراق الآن قد يصب في نفس الاتجاه الذي ذكرناه سابقا من نمطية وإستلاب لا شعوري، ولعل الانفتاح الكبير في حرية الراي والصحافة لم يفلح لحد الان في بناء اسلوب الحوار المتحضر، بل هو ابتدع استراتيجية جديدة وفكر جديد قد ينطق بمضامين تنهل من واقع الخطاب احادي الجانب والذي هو بالتاكيد لن يختلف عن ذلك الخطاب الذي يدعو للتخندق وعدم التجانس مع الاخر.

فالصحافة سلطة شعبية تنهض برسالتها بحرية واستقلال من أجل تأمين وممارسة حرية الرأي والفكر والتعبير والنشر والحق في الاتصال والحصول على المعلومات الصحيحة ونشرها وتداولها كحقوق أصيلة غير قابلة للمساس بها. وتسهم الصحافة في نشر الفكر والثقافة والعلوم والارتقاء بها.

والصحافة هي وسيلة للرقابة الشعبية على مؤسسات المجتمع من خلال التعبير عن الرأي والنقد

ونشر الأخبار والمعلومات في إطار من الدستور والقانون مع احترام المقومات الأساسية للمجتمع وحقوق وحريات الآخرين.

وحرية الرأي والتعبير مكفولة لكل مواطن، وله أن يعبر عن رأيه بكافة الطرق كالقول والكتابة

والتصوير والرسم وغيرها من وسائل التعبير.

(شبكة النبأالمعلوماتية) استطلعت آراء المواطنين عن اهمية وواقع حرية الصحافة العراقية الان.

الاستاذ (علي ذياب ) محاضر في جامعة كربلاء، يقول لـشبكة النبأ: لا يمكن ان نضع حدود وفواصل وهمية بين حرية المجتمع وحرية الصحافة، لان الصحافة هي عبارة عن اختزال مهم  لثقافة الشعب نفسه، وثقافة الشعب العراقي بسيطة ولا تتعدى نطاق القبيلة واحكامها الجائرة من دون الولوج اوالارتباط بعامل الزمن وعامل التغيير القسري في السلوك الانساني والاجتماعي على حد سواء.

اما السيد (علي ابراهيم) وهو صحفي فيقول لـشبكة النبأ: لا يمكن ان نجد صحافة  اليوم متجردة او حيادية ما لم توفر ادوات محددة تسهم من خلال ذلك في رفد او تكوين الشخصية الاعلامية القوية وعدم الاهتزاز او الضعف امام المميزات البسيطة0

الاعلامي( حسن هادي) وهو مراسل قناة فضائية فيقول: ان الصحافة العربية والعراقية اليوم، هي ابعد ما تكون عن الحرية الصحفية باستثناء  بعض التجارب البسيطة والمتواضعة والتي هي ربما  تتخذ لها ارضية في العراق وعدد بسيط من الدول العربية من خلال مواجهة الحكومة والطعن بكل الانشطة والفعاليات من باب القدح والذم ليس الا، اما ما عدا ذلك فهي لا تستطيع باي حال من الاحوال ان تشيع ثقافة  الحوار الفكري، والنبض من واقع المجتمع  مخافة الاصطدام  او التعرض لبعض القوى او التيارات التي تأمن بنمط معين من الثقافة، وحيث هي تمتلك قاعدة جماهيرية عريضة فلا يمكن باي حال من الاحوال للقلم ان يجابه او يصمد امام فوهات البنادق وقهر السلطة المستبدة، وفي احيان كثيرة يتحول الاعلام والصحافة الى سلعة رخيصة، حيث يحسم الامر للجهة التي تدفع اكثر.

اما السيد (حسن عبود) وهو مرشد اجتماعي فيقول لـشبكة النبأ: لا يمكن ان نحمل الصحفة العراقية والعربية وزر حالة التشرذم والتخلف العربي والعراقي على وجه واحد،  فهي نتاج طبيعي واكيد للحياة البدائية والبدوية، فالمواطن العربي حتى هذه اللحظة يبحث عن الماوى ولقمة العيش فكيف يتسنى له ان يحيا ويفكر ولا عهد له بالشبع، الا ان يحتفظ ببقايا الفضائل الاخلاقية عله ان يجد ظالته في الصبر وتجشم عناء البقاء، ودائما يبقى سوط الفقر والجهل اقوى الف مرة من كل  اساليب الخطابة والكلمات المنمقة.

اما السيد (احمد كريم) خريج ادارة واقتصاد فيقول: ان الصحافة العراقية كالمواطن العراقي

يخضع لمنظومة ثقافية وفكرية ذات طابع محدد ولا يستطيع الخروج من هذه البودقة او هذه

المنظومة تحت أي عنوان من عناوين التغيير او الاصلاح لانه يشكل خروج على المالوف،  وبالتالي يعتبر التغيير بمثابة الكفر والالحاد، لذا ترى الصحافة  العربية عموما او الاعلام العربي  لا ينطق بالحقيقة الا بقدر ما يتعلق الامر بمستوى الضرر او الفائدة على اصحاب القرار السياسي التابع له.

اما السيد (عقيل هادي) موظف فيقول: ان فوضى الاعلام العربي او الصحافة العربية اليوم، تكاد ان تكون جزء من فوضى وارهاصات الحالة العربية والمتمثلة بالصراع او التصادم الحضاري الحاصل بين الشرق والغرب وذلك الشرخ او الهوة الواسعة بين ما يمتلكه الغرب من تطور كبير وبين الحالة الاخرى التي تحتفظ ببعض الاحلام والامنيات، وهذا مما يعزز الشعور المضطرب بين الرفض والقبول في تبني قراءة دون سواها ضمن اجواء الشعور الانساني المنسجم مع الرفاهية والاستقرار.

لذا يجب ان نعترف بان الصحافة العراقية اليوم مشوهة قبل ولادتها حيث استقرت في رحم هذه الامة وهو نتاج اكيد او انعكاس طبيعي لكل امراض الماضي وأدران الحاضر كما انها تتغذى من رحيق الاكاسرة، فمتى استطاعت الذات العربية ان تتحررمن عقدة العبودية والتبعية فعندها يغادر القلم عقدة العزف على اوتار الماضي السحيق، ويترك له مساحة او حيز  لا يستهان بها لاستنطاق الحقيقة على شفاه واقلام الشرفاء.

شبكة النبأ المعلوماتية- االخميس 3 آيار/2007 -14/ربيع الثاني/1428