السلطات المصرية تتستر على اندثار اللغة العربية وتتنصل من الوعود الانتخابية

 شبكة النبأ: تعاني اللغة العربية في مصر منذ مدة ليست بالقصيرة من التهميش وتقليل الشان، حيث تنتشر في كل مكان الاعلانات بلغات اجنبية، وكذلك الحال في اغلب وسائل الاعلام المختلفة، ويرافق ذلك صمت حكومي مطبق ازاء تطبيق مواد دستورية تلزم ان تكون مواد الاعلام والاعلانات بلغة عربية واضحة الى جانب لغات اخرى بحجم او بروز اقل.  

وقال الكاتب المصري عبد الوهاب المسيري مؤلف موسوعة "اليهود واليهودية والصهيونية" انه رفع دعوى قضائية ضد الرئيس حسني مبارك يلزمه فيها بتطبيق مادة دستورية تنص على أن العربية هي اللغة الرسمية للدولة.

وأضاف لرويترز في مؤتمر صحفي بنقابة الصحفيين بالقاهرة أن ما دفعه الى ذلك غيرته على اللغة العربية التي قال انها تتعرض في مصر لموجة من "الهوس التغريبي" وهو ما يخالف في رأيه نص الدستور المصري وقوانين تنص على حماية اللغة العربية.

واستعرض صورا فوتوغرافية لعدد من واجهات المحال التجارية واللافتات والشركات والاحياء السكنية والقرى السياحية التي كتبت بلغات أجنبية "وكأنها أصبحت خارج نطاق الدولة المصرية" اضافة الى اعلانات في صحف مصرية تخلو من أي كلمة باللغة العربية.

ووصف ذلك بأنه استهانة باللغة العربية وتعبير عن "عقدة نفسية" واستلاب الى الغرب.

وقال المسيري ان جهات حكومية مصرية تشترط على من يعملون بها أن يكونوا من خريجي الجامعة الامريكية بالقاهرة "وهذا طعن في نظام التعليم المصري وتأكيد على فشله في تخريج كفاءات... كما يؤكد أن الجامعة الامريكية أصبحت أكبر مشروع استثماري في مصر."

وتضامن مع المسيري في الدعوى المقامة ضد رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء "بصفتهما" مثقفون مصريون وجمعيات أهلية منها (الجمعية المصرية لتعريب العلوم) و(جمعية لسان العرب).

واضافة الى الدستور الذي ينص أن العربية هي اللغة الرسمية للدولة فان القوانين المصرية تنص على "وجوب استعمال اللغة العربية في المكاتبات واللافتات" كما أجازت كتابة اللافتات بلغة أجنبية الى جانب اللغة العربية "بشرط أن تكون اللغة العربية أكبر حجما وأبرز مكانا" كما تنص أيضا على أن تكون البيانات التجارية المتعلقة " بأية سلعة يتم انتاجها في مصر" مكتوبة باللغة العربية.

وقال المسيري ان نصوص القوانين تحتاج الى صحوة من جهات الرقابة مشيرا الى أن الدعوى التي ستنظر أمام هيئة مفوضي الدولة تطالب بمنع استخدام ألفاظ أجنبية للاعلان في وسائل الاعلام أو أسماء المحال التجارية والمستندات الحكومية.

وأضاف أن التدهور الذي شهدته اللغة العربية في العقود الاخيرة لا يكشف عجز اللغة "فالعجز ليس في اللغة بل في أهلها وارادتهم وتواطؤهم على اعلاء اللغة أو وأدها" مشددا على أن حماية اللغة اختبار " حقيقي" للايمان بقدرة أهلها وقدرتها على أن تظل وعاء للثقافة والتفكير والتعبير.

ويتولى المسيري منصب المنسق العام للحركة المصرية من أجل التغيير ( كفاية) التي تأسست نهاية عام 2004 وأصبح لها في الشارع تأثير يفوق الاحزاب المعترف بها وتضم رموزا من ألوان الطيف السياسي والفكري والثقافي والنقابي. وتتلخص جهود الحركة في شعار "لا للتجديد (للرئيس حسني مبارك) لا للتوريث (لابنه جمال)

وعود انتخابية كاذبة

وفي تقرير لـ(الحياة) يصور حالة الياس والاحباط في المجتمع المصري من الوعود التي اطلقتها السلطات وخصوصا الحزب الحاكم للمواطنين بتحقيق الرفاه والازدهار وتوفير فرص العمل ورفع المستوى المعيشي حيث تثقل كاهل المواطن المصري مسؤوليات لا حصر لها من بينها الدروس الخصوصية وعدادات التاكسي والأمن الغذائي.

ويتكيف المصريون رغماً عنهم مع اندثار الشعارات واختفاء الوعود الحكومية تدريجياً ومن دون أن يشعر أحد.

فمشكلات المواطن المصري العادي مع التعليم والغذاء والمواصلات والصحة والسكن وكل ما يتعلق بحياته ما زالت موجودة، وما زال المسؤولون يبذلون جهوداً بشكل أو بآخر للتعامل معها، ولكن بطريقة ونبرة مختلفتين تماماً عما كان عليه الامر في الماضي القريب. 

فحتى الامس، كان الشغل الشاغل لأجهزة الإعلام الكبرى ذات الطابع الرسمي هو تناول مأساة الدروس الخصوصية المتفاقمة منذ سنوات طويلة، تارة بنشر تحقيقات حول تفاقم الظاهرة، وتارة أخرى بنقل تصريحات المسؤولين شبه اليومية والخاصة بجهود تطويق هذه الظاهرة السلبية والقضاء عليها سواء من خلال ندوة تعليمية أو جلسة تنويرية أو مجرد تصريح عادي يلقيه الوزير المختص للدلالة الى أن وزارته متنبهة للخطر الذي تؤكد إحصاءات رسمية أنه يلتهم اكثر من خمسة عشر بليون جنيه سنوياً.

لكن الحرب الرسمية الشعواء المعلنة على الدروس الخصوصية التي لا يخلو منها بيت مصري ينتمي أحد أفراده إلى المؤسسسة التعليمية بجميع مراحلها خفتت في الآونة الأخيرة، وصارت مقتصرة على خبر مقتضب هنا أو هناك عن استمرار جهود محاربتها، لا سيما تلك المتصلة بالجهود الالكترونية التي عادة ما تتم بالاتفاق بين الحكومة المصرية وكبرى شركات الكومبيوتر العالمية في مصر.

ولأن معظم المصريين لا يزالون يختزنون العبارة الشهيرة لعميد الأدب العربي الراحل الدكتور طه حسين والتي تشير إلى أن «التعليم كالماء والهواء»، ولم يخطرهم أحد بأنها تحولت في الألفية الثالثة إلى «التعليم والشبكة العنكبوتية كالماء والهواء»، ولأن اقتناء جهاز كومبيوتر متصل بالإنترنت لا يزال يقتصر على خمسة ملايين مستخدم فقط في المحروسة التي يبلغ تعدادها ستة وسبعين مليوناً ونصف المليون نسمة، فإن ميكانيزم الطبيعة الخاص بالقدرة البشرية على التعايش السلمي مع الواقع مهما كان صعباً، مكنهم من تقبل الظاهرة التي أصبحت، بلا مبالغة، جزءاً لا يتجزأ من العملية التعليمية.

ويعود الفضل في جانب كبير من هذا التعايش إلى الاستراتيجية الإعلامية التي انسحبت ببطء شديد يكاد يكون غير ملحوظ من معاداة الدروس الخصوصية.

انسحاب آخر استراتيجي يلحظه المصريون ممن لم يحظوا بالقدرة نفسها على النسيان والتعايش السلمي مع المشاكل، هو التوقف التام للتصريحات الحكومية في شأن عودة العمل بالعداد إلى سيارات الأجرة، على الأقل في القاهرة حيث يزيد عدد سيارات الأجرة على 80 ألف سيارة يتبع سائقوها مبدأ تقاضي المبلغ الذي يحددونه حسب أهوائهم، وإذا اعترض الراكب فليس أمامه سوى البحث عن وسيلة انتقال أخرى.

وإذا كان في مقدور المواطن إيجاد بدائل لسيارات الأجرة حتى وإن كانت غير مناسبة لظروفه المادية أو الصحية، فإن إيجاد بدائل للغذاء أمر أكثر صعوبة. فقد ولى زمن شعار «الأمن الغذائي» الذي كان يبث شعوراً بالطمأنينة لدى المواطن المصري الذي يعاني الأمرين من أجل توفير المتطلبات الغذائية لأسرته في ظل الارتفاع المضطرد في الأسعار. اختفاء العبارة التي انتشرت قبل سنوات انتشاراً وصل إلى كل قرية ونجع، لا يعني أن الأمن الغذائي تحقق، ومن ثم لم تعد هناك حاجة إلى ترديد شعاراته، ولكن العكس هو الصحيح، بدليل أن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة شن قبل أسابيع حملة بغرض خفض معدلات الفقر و «انعدام» الأمن الغذائي. حتى الشعارات التي تلت «الأمن الغذائي» من «غول الغلاء» و «محاربة جشع التجار» و «نحطم الأسعار تحطيماً» ما لبثت أن اختفت، وربما شعر أصحاب القرار بأن مثل هذه الشعارات التي تجذب الانتباه، تثير كذلك قدراً أكبر من الغضب الشعبي، لا سيما في ضوء عدم تحقيق الوعود.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 21 آيار/2007 -3/جمادي الأول/1428