الصوماليون: البحر من امامهم والعنف والارهاب من ورائهم

 شبكة النبأ: الصراع الدموي الدائر في الصومال والذي اكتسح الحيوات الانسانية بما يقارب مئات الآلاف قتلا فانه ايضا الجأ اضعافا من البشر الى الآفاق في دول الجوار نحو مصير غامض يكتنفه عرض البحر.

ومنذ العقد الماضي والصوماليون يهربون الى اليمن من الصراع الدائر في وطنهم، وعادت أزمة اللاجئين لدائرة الضوء مع المعارك الدائرة بين القوات الصومالية والاثيوبية المدعومة من الولايات المتحدة والمقاتلين الاسلاميين والقبليين في مقديشو التي وصفت بأنها الاسوأ منذ 16 عاما.

ويغامر الاف الصوماليين بحياتهم لعبور خليج عدن كل يوم هربا من الصراع والفقر في بلدهم محشورين في قوارب متداعية بحثا عن حياة أفضل.

والعديد منهم لا ينجح اذ يلقيه مهربوا البشر في البحار المليئة بأسماك القرش، ومن يتمكنون من النجاة يتركون على شواطيء اليمن الذي يمنحهم وضع اللاجيء، لكن بصفته أحد أفقر البلدان خارج افريقيا لا يمكنه أن يقدم لهم الكثير.

ويدبّر البعض معيشتهم في أكواخ متربة على أطراف ميناء عدن اليمني الرئيسي، ويحاول أخرون العبور الى دول الخليج  بحثا عن العمل، أما الاكثر فقرا فينتهي بهم المطاف في معسكر للاجئين في عمق الصحراء.

ودفع علي حسين حسان البالغ من العمر 37 عاما 125 دولارا للمهربين للقيام بالرحلة منذ شهر مضى، واستغرقت رحلة القارب أربعة أيام مات خلالها خمسة من اصل 225 شخصا كانوا على متن القارب من العطش في الطريق. حسب تقرير لرويترز.

ويبيع حسان الآن السلع المستخدمة مثل مذياع معطل أو بطاريات مستخدمة من على عربة في ضاحية البساتين الفقيرة في مدينة عدن المكونة من أكواخ من الطوب واللبن وأزقة غير معبدة تمتلئ بالقمامة.

وقال انه يحاول كسب مال كاف لارساله لزوجته وثلاثة أطفال تركهم في الصومال.

وقال حسان "اخترت اليمن لانني لم أكن أملك المال للذهاب لأي مكان اخر، والآن أعيش هنا وحدي دون أي شخص يعتني بي... لم أكن أملك المال لاحضر عائلتي معي."

ومنذ العقد الماضي والصوماليون يهربون الى اليمن من الصراع الدائر في وطنهم، وعادت أزمة اللاجئين لدائرة الضوء مع المعارك الدائرة بين القوات الصومالية والاثيوبية المدعومة من الولايات المتحدة والمقاتلين الاسلاميين والقبليين في مقديشو التي وصفت بأنها الاسوأ منذ 16 عاما.

وتقول المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة انها على دراية بوصول 60 قاربا الى اليمن هذا العام وبموت 363 شخصا على الاقل في طريقهم من القرن الافريقي.

وقال عبد المالك عبود مساعد العلاقات الخارجية للمفوضية في صنعاء انه على مدى أعوام كان من يصلون شهريا يفوقون الالف بما يضيف لما يقدر بنحو 102 ألف لاجئ يعيشون في اليمن.

وقال: من الممكن أن يكون هناك الالاف الذين يصلون ولا نعلم عنهم شيئا أبدا، ونسبة نحو 98 بالمئة من اجمالي اللاجئين صوماليون.

وتسجل الوكالة القادمين الجدد على الساحل وتقدم لهم المساعدات العاجلة، ثم تخيرهم خيارا صعبا، اما العيش في المدينة أو الذهاب الى معسكر خرز الذي يحصلون فيه على الطعام والماء والدواء وتوجد به مدرسة لكنه على بعد ساعتين بالسيارة من عدن على طول طريق ساحلي ومسار مترب.

ومعسكر خرز مكون من مجموعة من الملاجئ والاكواخ الحديدية المتعرجة التي تمنع النسيم حيث يلعب الاطفال كرة القدم على أرض صخرية، ويأوي المعسكر 8245 صوماليا و 654 اثيوبيا.

وأمضت حليمة حسان نصف عمرها في المعسكر، فقد كانت فتاة صغيرة عندما تركت الصومال منذ 15 عاما، وتبلغ حليمة من العمر الان 30 عاما وتزوجت في خرز و أطفالها الثلاثة في المعسكر ويعيشون جميعا هناك.

وقالت "حمدا لله نحصل على ما يكفي للافطار والغذاء والعشاء هنا، لا شيء أخر.. الحصص ليست كافية."

وتقول مفوضية اللاجئين التي سجلت ما يقرب من 40 ألف لاجئ اخرين خارج المخيم وقدرت أن 50 ألفا اخرين لم يسجلوا: انها لا يمكنها العمل الا بما تملك حاليا من تمويل.

وقال سامر حدادين وهو مسؤول كبير في المفوضية في صنعاء "وضع اليمن يتطلب المزيد من المساعدة من المتبرعين والمجتمع الدولي وكلما زاد المتبرعون كلما زاد ما يمكننا أن نفعله."

وقال المحامي أحمد عرمان السكرتير التنفيذي للهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات اليمنية ان اللاجئين من العراق وفلسطين واثيوبيا وبلاد أخرى يعيشون أيضا في ظروف سيئة الا أن الصوماليين هم المجموعة الاكبر والافقر.

وقال عرمان "وضعهم يتدهور من سيء الى أسوأ... اليمنيون يعيشون في فقر مدقع فكيف سيعيش اللاجئون؟.."

وعلى الرغم من فقرهم فان اليمنيين يميلون الى التعاطف مع اللاجئين الصوماليين وعادة يعيشون بجانبهم في مناطق فقيرة في أحوال من النادر أن تكون أفضل، واليمن هو الدولة الوحيدة في شبه الجزيرة العربية الموقعة على معاهدة الامم المتحدة للاجئين لعام 1951.

ولا تمنح جارات اليمن الاغنى الصوماليين كوضع اللاجئين التلقائي، لكن ذلك لا يمنع البعض من محاولة الوصول الى الخليج للعثور على وظيفة لا تتاح في اليمن التي يرتفع فيها معدل البطالة.

وقال محمد حسن وهو يحاول التوازن على عكازين "لقد وصلت منذ خمسة أعوام لكنني ذهبت أولا الى كينيا ورواندا وتنزانيا والسودان.. لم أعتزم البقاء في اليمن.. أنا معاق وأجنبي ولذلك ليس من السهل العثور على عمل، لكنني أحصل على طعام كاف كل يوم.. الحياة هي القدرة على البقاء."

وتقول مفوضية اللاجئين ان المهربين يقذفون بالناس من القوارب اذا رأوا حرس الحدود أو شعروا أن قواربهم محملة بأكثر من طاقتها، وبعض اللاجئين يختنقون أو يموتون من الجفاف مع سعي المهربين الى شواطئ جديدة لتركهم فيها على طول الساحل الممتد لمسافة 2400 كيلومتر.

وكثف اليمن دورياته الساحلية بعد أن انضم للحرب التي تقودها الولايات المتحدة على الارهاب اثر هجمات الحادي عشر من سبتمبر أيلول عام 2001 لكن عبود من مفوضية اللاجئين يقول ان المهربين كانوا عديمي الرحمة مع المهاجرين حتى قبل ذلك.

وقال "ابتداء فان القوارب ليست صالحة لنقل البشر... انهم يحشرون الاشخاص تحت المقاعد وبالقرب من المحركات تحت تهديد السلاح."

وتقول مفوضية اللاجئين ان من بين 26 ألف شخص عبروا العام الماضي هناك 330 على الاقل توفوا، واعتبر 300 اخرين في عداد المفقودين ويعتقد أنهم ماتوا.

وقالت اسيا عبد الله وهي تحمل رضيعا وطفلين اخرين متعلقين بعباءتها السوداء "لا حياة هنا... أتمنى لو أستطيع العودة... لو كان الصومال ينعم بالسلام لكنت عدت."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 21 آيار/2007 -3/جمادي الأول/1428