نتيجة اليأس والحكم الشمولي.. الشعوب العربية تفقد الثقة في الانتخابات البرلمانية

شبكة النبأ: يشكل الضعف الشديد للاقبال على صناديق الاقتراع في دول عربية جرت بها مؤخرا عمليات انتخابية واستفتاءات اشارة واضحة على مدى الاحباط والعجز عن المطالبة بالحقوق والجهل الذي يصيب المجتمعات العربية بسبب تسلط انظمة حكم شمولية لا تولي للفرد اهمية تطوير امكانات اجتماعية او تنموية او سياسية خوفا من الوعي الذي قد يصيب المجتمع ويؤدي لتزعزع انظمة السلطات التي تتشبث بالحكم لعقود وتجعل من احزابها غطاءا لتوفير المد الانتخابي الذي تحتاجه من خلال استغلال السلطة واوجه النفوذ المتعددة التي توفرها.

ومن هذه الامثلة حالة الاقبال الضعيف جدا على صناديق الانتخابات البرلمانية التي جرت بالجزائر حيث فاز الائتلاف الحاكم  بأغلبية ضئيلة في انتخابات برلمانية أعرض عنها ناخبون لا يعتقدون انها تقدم الكثير من الحلول لمشكلاتهم اليومية. حسب رويترز.

وقال نور الدين زرهوني وزير الداخلية لدى الاعلان عن النتائج ان المشاركة الضعيفة بالاضافة الى وجود عدد كبير من الاصوات الباطلة في انتخابات الخميس أدى الى أقل نسبة اقبال على الاطلاق وهي 35 في المئة.

وأضاف انها تظهر ان المواطنين ينتظرون من السياسة ان تتكيف بطريقة ملموسة ومقنعة مع التغيرات في المجتمع الجزائري. وقال ان الشعب اظهر انه ينتظر الكثير.

ويعتبر كثيرون في الجزائر البرلمان مؤسسة ضعيفة تخضع لتأثير رئيس يتمتع بنفوذ كبير.

وحصلت جبهة التحرير الوطني على 136 مقعدا كما حصل التجمع الوطني الديمقراطي المؤيد لقطاع الاعمال على 61 مقعدا وحركة مجتمع السلم الاسلامية المعتدلة على 52 مقعدا.

وخاضت هذه الاحزاب الانتخابات على اساس وعود بتوفير المزيد من فرص العمل والمنازل التي تدعمها الدولة وهو جهد يقول معظم الجزائريين انها تسير ببطء شديد رغم الثروات الناجمة عن صادرات النفط.

والانتخابات التي جرت يوم الخميس هي ثالث انتخابات برلمانية في الجزائر منذ الغاء نتائج انتخابات عام 1992 التي كان من المرجح ان يفوز فيها حزب اسلامي اصولي محظور الان.

وقتل ما يصل الى 200 الف شخص في العنف السياسي منذ ذلك الحين.

وتراجع العنف بدرجة كبيرة في السنوات القليلة الماضية لكنه مازال يحدث بين حين واخر.

وقتل في ثلاثة تفجيرات اعلنت القاعدة المسؤولية عنها 33 شخصا في الجزائر العاصمة يوم 11 ابريل نيسان. وقتل شرطي حين انفجرت قنبلتان صغيرتان في مدينة قسنطينة بشرق الجزائر يوم الاربعاء.

وبلغت نسبة الاقبال في الانتخابات التي جرت لاختيار 389 عضوا في المجلس الشعبي الوطني (مجلس النواب) للسنوات الخمس القادمة 35 في المئة مقارنة بنسبة 46 في المئة في انتخابات عام 2002 مما يجعل معدل الاقبال هذا العام الادنى منذ اول انتخابات تجري على اساس التعددية الحزبية عام 1990.

ومن بين 6.6 مليون صوت كان هناك 961 ألف صوت اي 14.5 في المئة باطلة. وقال زرهوني انه يرى في ذلك تصويتا احتجاجيا. وأضاف ان الناس غير راضين عن الوضع الراهن.

وجمعت الجزائر 80 مليار دولار من احتياطي النقد الاجنبي بفضل ارتفاع اسعار النفط والغاز. وتعتزم الحكومة انفاق 140 مليار دولار لبناء المدارس والمستشفيات وشق الطرق ومد السكك الحديدية.

لكن كل ما هو خارج عن قطاع النفط والذي يوفر غالبية الوظائف ما زال يعاني من عدم الكفاءة والعمالة الزائدة في شركات مملوكة للدولة.

ومازالت الجزائر تعاني في الاساس من مشاكل اجتماعية مثل البطالة بين من تقل اعمارهم عن 30 سنة والتي تصل نسبتها الى 75 في المئة.

وقال المحلل السياسي ناصر محل ان ضعف الاقبال يعبر عن الفجوة بين السياسة والشعب.

ومنصب الرئاسة هو الاقوى نفوذا في الجزائر ويقول الجزائريون ان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة هو الذي بيده المفتاح لمستقبل افضل للجزائر وليس البرلمان او اي حزب سياسي منفرد.

وقال بوب باركس وهو محلل أمريكي مقيم في الجزائر "يعلم معظم الناس بأمر الاصلاحات وينسبونها الى بوتفليقة ولكن هناك احباط في نفس الوقت تجاه نسبة التقدم في التغييرات."

وانخفض العدد الاجمالي للمقاعد التي حصل عليها الائتلاف الحاكم من 284 مقعدا الى 249 وكل هذا بسبب انخفاض التصويت لصالح جبهة التحرير الوطني التي قادت حرب المقاومة التي استمرت من عام 1954 حتى عام 1962 من اجل الاستقلال عن فرنسا وتولت حكم البلاد خلال فترة حكم الحزب الواحد من عام 1962 حتى عام 1989.

ويتزعم الجبهة الان عبد العزيز بلخادم رئيس الوزراء والحليف الوثيق لبوتفليقة.

وتتمثل المعارضة الرئيسية في حزب العمال اليساري وحصل على 26 مقعدا بزيادة خمسة مقاعد. وتتزعم الحزب لويزة حنون التي تعارض الخصخصة.

الائتلاف الحاكم يحتفظ بالغالبية

واحتفظت احزاب الائتلاف الرئاسي التي تدعم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالغالبية المطلقة في المجلس الشعبي الوطني بحصولها على 249 مقعدا من اصل 389 اثر الانتخابات التشريعية التي جرت. حسب فرانس برس.

واتسم الاقتراع بتدن كبير في نسبة المشاركة حيث تغيب عن مراكز الاقتراع اثنان من كل ثلاثة ناخبين.

وافادت النتائج الرسمية التي اعلنها وزير الداخلية يزيد زرهوني ان الحزب الواحد سابقا جبهة التحرير الوطني (قومي) فاز بـ136 مقعدا لكنه خسر 38 مقارنة بالاقتراع السابق العام 2002 لصالح حليفيه التجمع الوطني الديموقراطي (ليبرالي) وحركة مجتمع السلم (حمس/اسلامي).

وكسب كل من هذين الحزبين 14 مقعدا حيث فاز التجمع ب61 مقعدا وحركة مجتمع السلم بـ52 مقعدا في المجلس الشعبي الوطني الجديد وهو المجلس التعددي الثالث منذ 1997.

ويفترض ان يؤدي هذا التغيير في النتائج داخل الائتلاف الرئاسي الى اعادة توزيع الحقائب على حساب جبهة التحرير الوطني في الحكومة المقبلة.

ويفترض ان يقدم رئيس الحكومة الحالية عبد العزيز بلخادم استقالته لرئيس الدولة خلال الايام القليلة المقبلة لتشكيل حكومة جديدة.

وحصل حزب العمال (يسار راديكالي) بزعامة لويزة حنون على 26 مقعدا واصبح اول قوة سياسية ممثلة في المجلس وراء احزاب التحالف الرئاسي.

وهاجمت لويزة حنون (52 سنة) التي تحظى بشعبية بين العمال والنقابات خلال حملتها الانتخابية صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية وركزت انتقاداتها على الوزيرين الليبراليين في الحكومة وهما وزيرا الطاقة شكيب خليل والمشاركة حميد تمار اللذين تدعوهما للاستقالة منذ سنوات.

كذلك تحظى لويزة حنون ايضا بشعبية لدى ناخبي الجبهة الاسلامية للانقاذ المنحلة لانها عارضت قرار الجيش الغاء نتائج الدورة الاولى من الانتخابات التشريعية في كانون الاول/ديسمبر 1991 التي فاز بها الاسلاميون.

اما التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية (علماني) فانه استعاد تمثيله البرلماني بعد مقاطعة الانتخابات التشريعية عام 2002 بحصوله على 19 مقعدا وفاز بنصف مقاعد ولاية تيزي وزو (منطقة القبائل) مستفيدا من مقاطعة جبهة القوى الاشتراكية التي يتزعمها القائد التاريخي حسين آيت احمد.

وانهار حزب الاصلاح الاسلامي ولم يحصل سوى على ثلاثة مقاعد في مقابل 43 في المجلس المنتهية ولايته بعدما حرم من زعيمه عبد الله جاب الله الذي اقصته الادارة من الترشح.

وارتفع عدد النواب المستقلين "الاحرار" الى 33 بعدما كان 30 في البرلمان السابق رغم العراقيل الادارية العديدة التي فرضتها الادارة على ترشيحاتهم مثل زيادة عدد الراعين وتعدد الاستمارات والضمانات.

وحصل العديد من الاحزاب الصغيرة التي تحظى بنفوذ محلي مثل الجبهة الوطنية الجزائرية (13 مقعدا) والحركة من اجل الشباب والديمقراطية (5 مقاعد) التي تتزعمها شلبية محجوبي على بعض المقاعد.

وكانت حركة العدل والتنمية اشتهرت خلال التسعينات بالدعوة الى حرية ممارسة الجنس واعادة فتح منازل الدعارة.

واعلن وزير الداخلية زرهوني ان هذه "الانتخابات برهنت على فعالية وجدية" الضمانات المتخذة لتأمين "شفافية الاقتراع". وقلل من اهمية عمليات التزوير التي اشارت اليها لجنة مراقبة الانتخابات.

وحشدت السلطات الجزائرية جهودا أمنية مكثفة لتأمين سير العملية الانتخابية وتحسبا لوقوع أية اعمال إرهابية خاصة في الجزائر العاصمة ومحيطها حيث انتشرت تعزيزات من الشرطة يقدر عددها بـ15 ألف شخص.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 20 آيار/2007 -2/جمادي الأول/1428