العراق على شفا التقسيم: الفوضى الشاملة او الحرب الاهلية

 

شبكة النبأ: صعود الاغلبية الشيعية في العراق الى السلطة عن طريق الانتخابات الحرة أثار قلق دول الخليج السنّية وبخاصة السعودية التي تراقب بحذر نفوذ ايران الشيعية في العراق، واذا كان انسحاب الولايات المتحدة سيمثل بداية حرب أهلية شاملة بين السنّة والشيعة في العراق فان السعودية قد لا تقف مكتوفة الايدي مع احتمال أن يكون القتال بين ايران والسعودية بالوكالة في العراق او عن طريق دعم كل منهما لمن يعتبره حليفا او منفذا لسياسته ومصالحه من شرائح الشعب العراقي.

وقال محللون لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، في ظل ما يجري من ضبابية وعدم وضوح بالنسبة للموقف على الارض في العراق فان مسالة الفيدرالية وتكوين الاقاليم تلوح في الافق كحل اخير لا مفر منه اذا اخذت الامور منحى المواجهة بين السنّة والشيعة بصورة علنية ومباشرة، وهذا سيبدأ اذا ما انسحبت جبهة التوافق من العملية السياسية ومن الحكومة حيث ستعلن تلقائيا معارضتها العسكرية لاي جهود استتباب دون موافقة السنة على مراحل الاستمرار فيها.  بالاضافة الى ان المهلة التي اتفق عليها الفرقاء السياسيين في العام الماضي بعدم الاعلان عن تكوين الاقاليم خلالها قد شارفت على الانتهاء.

واضاف المحللون، لا شئ سيوقف تدهور الاوضاع المستمر الى الهاوية سوى اقرار متعلقات مهمة للشعب ومنها قانون توزيع الثروات النفطية، وانجاز التعديلات الدستورية، وايجاد الطرق الكفيلة بتحويل الميليشيات الى قوى فاعلة ضمن اطار البناء والاعمار في البلد او دمجها في الاجهزة الامنية واخيرا وهو الامر الاهم في الموضوع ان يدرك العراقيين وممثليهم في الكتل السياسية ان الحل يكمن في التفاهم فيما بينهم وتفويت الفرصة على اعداء العراق والتوقف عن الجري خلف مصالح دول الجوار التي لا يهمها نهر الدم الذي يجري في العراق منذ اربع سنوات.

وقال مركز أبحاث بريطاني بارز إن حكومة العراق فقدت السيطرة على مناطق واسعة من البلاد لصالح فصائل محلية وان العراق يقف على حافة الانهيار والتفتت.

وقال معهد تشاتام هاوس أيضا إنه ليس هناك حرب أهلية واحدة في العراق وإنما "عدة حروب أهلية" بين الطوائف والعرقيات المختلفة واتهم جيران العراق الرئيسيين ايران والسعودية وتركيا بأن لديهم أسبابا تدعوهم "لرؤية استمرار عدم الاستقرار هناك".

وذكر في تقرير أنه "لا جدال في أن العراق يوشك أن يصبح دولة فاشلة تواجه احتمالا جليا بالانهيار والتفتت.

"الحكومة العراقية ليست قادرة على بسط سلطتها بقدر متساو أو بفعالية على البلاد. وفي

مناطق شاسعة من البلاد ليس لها (الحكومة) سلطة فيما يتعلق بتنظيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية."

وقال التقرير أيضا ان الحملة الامنية التي تدعمها الولايات المتحدة في بغداد والتي بدأت في فبراير شباط فشلت في خفض معدلات العنف في أنحاء البلاد بعد أن نقلت الجماعات المسلحة أنشطتها ببساطة الى خارج العاصمة.

ورغم تحذيره من أن العراق قد لا ينتهي به المطاف ككيان موحد وصف التقرير المؤلف من 12 صفحة مسودة قانون بشأن توزيع ثروة العراق النفطية بعدالة بين العرب السنة والشيعة والاكراد بأنها "المفتاح لضمان بقاء العراق".

وقال مركز الابحاث "عائدات النفط هي التي ستحافظ على تماسك الدولة بدرجة أكبر من أي محاولة لبناء مشروع وطني مترابط على المدى القصير."

ولم يوافق البرلمان العراقي بعد على قانون النفط الذي حددته واشنطن ضمن معايير أخرى لبغداد باعتبارها خطوات حيوية لانهاء العنف الطائفي. ويعارض الاكراد صياغة المسودة. وتضم منطقة كردستان التي تتمتع بحكم ذاتي كميات هائلة من الاحتياطيات النفطية غير المؤكدة.

وبدلا من حرب أهلية واحدة بين الشيعة والسنة على مستوى العراق قالت الدراسة ان "صراعات (البلاد) المتشابكة" تؤججها مواجهات بين جماعات طائفية وعرقية وعشائرية ذات أهداف اقليمية وسياسية وأيديولوجية مختلفة بينما تتنافس على موارد البلاد.

وذكر معد التقرير جاريث ستانسفيلد الخبير في شؤون الشرق الاوسط أن عدم الاستقرار في العراق "لا يتعارض بالضرورة مع مصالح" ايران والسعودية وتركيا.

وقال ستانسفيلد ان العراق "أصبح الان مسرحا يمكن لإيران أن تقاتل الولايات المتحدة فيه دون أن تفعل ذلك بصورة علنية." وأضاف أن ايران هي "الاقدر بين القوى الاجنبية" في العراق فيما يتعلق بالتأثير على الاحداث المستقبلية وبدرجة أكبر بكثير من الولايات المتحدة.

وذكر في تقريره أن صعود الاغلبية الشيعية في العراق الى السلطة أثار قلق دول الخليج السنية وبخاصة السعودية التي ترتاب بشدة في نفوذ ايران الشيعية في العراق.

وقالت الدراسة انه اذا كان انسحاب الولايات المتحدة سيمثل بداية حرب أهلية شاملة بين السنة والشيعة في العراق فان السعودية "قد لا تقف مكتوفة الايدي.. مع احتمال أن يكون القتال بين ايران والسعودية بالوكالة في العراق."

الجيران يسيطرون على العراق اكثر من امريكا

وأكد تقرير ان هناك العديد من الحروب الأهلية وحركات التمرد في العراق بين مختلف أطياف المجتمع العراقي ولن يقتصر الأمر على حرب أهلية واحدة أو ظهور بضع من حركات التمرد. حسب تقرير لـ(كونا).

وقال معد التقرير الذي صدر عن (المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية - تشاثمان هاوس) بعنوان "قبول الوقائع في العراق" الدكتور غاريث ستانسفيلد ان الحكومة العراقية هي جهة واحدة وسط أطراف أخرى تمتلك سلطة دول ولن تتمكن مطلقا من تنظيم الحياة السياسية والاقتصادية في العراق. وشدد على ان جيران العراق يسيطرون عليه بنحو يفوق سيطرة لندن أو واشنطن.

وفيما يتعلق بالتسوية السياسية رأى ستانسفيلد أنها تتطلب اشراك أفراد الطائفة السنية العرب في الحكومة العراقية والاعتراف بمقتدى الصدر شريكا سياسيا شرعيا واظهار ردود أفعال ايجابية ازاء اهتمامات الأكراد.

وأضاف أنه يمكن الآن "اعتبار العراق أشرف على الانهيار ويواجه احتمالات جلية ترجح انقسامه" وتهدد أصل وجوده.

وأكد ان ممارسات تنظيم القاعدة التخريبية في العراق وفي كبرى المدن على وجه الخصوص في وسط وشمال العراق تواجه تحدي الجماعات العراقية المسلحة.

وأوضح ان النزاعات الناشبة اثر الانقسامات السياسية والدينية والاجتماعية التي يشترك فيها ممثلون عن دول تصعب مهمة القوات متعددة الجنسيات في احلال التطبيع الأمني.

واعتبر ستانسفيلد أنه من الخطأ اعتبار القوى السياسية في العراق ضعيفة اذ يمكن أن تعترف بها واشنطن أو أعضاء المجتمع الدولي.

رغم ذلك التقدم  يلوح في الافق

وقال السفير الامريكي في العراق رايان كروكر إن العراق اقترب من "حافة الهاوية" لكنه يظهر مؤشرات على أنه قادر على الوفاء بالمعايير السياسية التي تم تحديدها كخطوات أساسية نحو المصالحة. حسب تقرير لرويترز.

وفي الوقت الراهن يحرز العراق تقدما فيما يتعلق بمشروع قانون لاقتسام عائدات الثروة النفطية وتشريع للسماح للاعضاء السابقين في حزب البعث المحظور بتولي الوظائف العامة والاصلاح الدستوري وهي الخطوات الرئيسية الثلاث التي حددتها واشنطن لزعماء بغداد.

وقال كروكر انه متفائل لان العراق لم يسقط مجددا في دائرة أعمال العنف الطائفي واسعة النطاق التي عانى منها قبل عام رغم استمرار استفزازات حوادث السيارات الملغومة المروعة لكنه اقر بأن الصبر ليس " بلا حدود".

وأبلغ كروكر الصحفيين "اذا كان علي أن أقيم الوضع اليوم والنظر فقط الى الوضع الامني الذي يبدو مروعا بقدر ما تبدو الهجمات الانتحارية بالسيارات الملغومة التي تشنها القاعدة مروعة فان ذلك لا يشير في رأيي مطلقا الى فشل الدولة أو المجتمع."

ويتناقض تقييم كروكر الذي يتسم بالتفاؤل النسبي تناقضا صارخا مع تقرير لمركز الابحاث البريطاني تشاتام هاوس الذي قال ان العراق على شفا الانهيار مع عجز الحكومة عن بسط سلطتها على مساحات شاسعة من البلاد.

وتقوم واشنطن حاليا بارسال عشرات الالاف من الجنود الاضافيين الى العراق في محاولة أخيرة لتفادي الانزلاق لحرب أهلية طائفية شاملة بين الاغلبية الشيعية والاقلية العربية السنية.

ولجأت الولايات المتحدة الى هذا التكتيك لكسب الوقت حتى تتمكن حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من التوصل الى أسس سياسية تعتبرها واشنطن حاسمة في تحقيق المصالحة الوطنية. ومن المقرر أن يقدم قائد القوات الامريكية في العراق في سبتمبر أيلول المقبل تقريرا عن مدى التقدم المحرز.

وقال كروكر "لو كنا الان في سبتمبر لكان خطأ فادحا في اعتقادي استنتاج أنه .. بما أنهم قادرون على شن هذه الهجمات فبالتالي ليس هناك جدوى ولن يكون هناك جدوى وكل ما  علينا ببساطة هو الانسحاب.

"في بعض الاحيان تتعلق المسألة بأنه يتعين عليك أن تطل من فوق الحافة لتقف على مدى عمق الهاوية في حقيقة الامر."

ويتعرض الرئيس الامريكي جورج بوش لضغوط لاظهار تقدم ملموس في الحرب الدائرة منذ أربع سنوات. وتستهدف القوانين الاساسية الثلاثة بالاساس ابقاء العرب السنة داخل اطار العملية السياسية وبعيدا عن التمرد.

وأحرز بعض التقدم فيما يتعلق بقانون النفط لكن ثمة خلافات بين الحكومة المركزية واقليم كردستان الغني بالنفط والذي يتمتع بالحكم الذاتي في شمال العراق حول مرفقات مسودة التشريع التي ستقرر الجهة التي ستكون لها السيطرة على ثالث أكبر احتياطيات نفطية في العالم.

وقال كروكر ان مسؤولين من كردستان سيتوجهون الى بغداد خلال الايام القليلة المقبلة لمناقشة اخر النقاط المتنازع عليها في اطار مهلة زمنية تنتهي بنهاية شهر مايو أيار.

ووافقت لجنة هذا الاسبوع على ارسال خطة لاصلاح الدستور للبرلمان لكن لازالت هناك مصاعب جمة.

فالعرب السنة يريدون اجراء تعديلات على دستور يقولون انه يخول الشيعة والاكراد سلطات أكثر مما ينبغي. ويعارض الاكراد كذلك صياغة تنص على الهوية العربية للعراق.

ويعارض بعض الشيعة أيضا "قانون اجتثاث البعث" لكن كروكر قال ان نائبي الرئيس العراقي الشيعي عادل عبد المهدي والسني طارق الهاشمي التقيا من أجل مزيد من العمل على الصياغة.

وقال كروكر "انها مهمة بالنسبة للعراق ولكن أيضا ... من المهم في الولايات المتحدة والغرب أن نرى دليلا على أنهم قادرون على الاتفاق وانجاز هذه الامور" وذلك في اشارة الى القوانين الثلاثة.

ماذا إذا رحلت أمريكا؟

وقال خبير بارز في شؤون تنظيم القاعدة إن انسحاب القوات الامريكية من العراق سيجعل ذلك البلد قاعدة انطلاق فعالة للارهاب الدولي، وان واشنطن ستضطر للعودة مرة أخرى الى هناك في غضون عامين. حسب تقرير رويترز.

وأبلغ روهان جوناراتنا مؤتمرا أمنيا في سوق لويدز للتأمين في لندن أن العراق شأنه شأن أفغانستان في التسعينيات سيصبح "ديزني لاند للارهابيين" حيث يمكن للقاعدة تعزيز قوتها دون أن يمنعها شيء.

وقال انه في حالة انسحاب القوات الامريكية والبريطانية وسائر قوات التحالف من العراق في العام المقبل "من المؤكد أن نطاق الهجمات التي تقع داخل العراق والتي تنطلق من العراق لضرب بلدان أخرى غربية .. بلدان في أوروبا وأمريكا الشمالية .. سيصل الى مستوى بعد عامين أو ثلاثة يتعين معه على القوات الامريكية العودة الى العراق."

وقال الاستاذ الجامعي والكاتب المقيم في سنغافورة ان مركز الارهاب الدولي انتقل بالفعل من أفغانستان الى العراق. "من وجوه عديدة .. خطر الارهاب تحرك الان ليصبح أقرب من أوروبا بألف وخمسمائة ميل (2400 كيلومتر)."

ويخوض الرئيس الامريكي الجمهوري جورج بوش حاليا مواجهة مع الكونجرس الذي يقوده الديمقراطيون حول تشريع لتمويل الحرب في العراق والتي دخلت عامها الخامس وقتل خلالها ما يربو على 3400 جندي أمريكي.

ويمارس الديمقراطيون ضغوطا لوضع جدول زمني للانسحاب وهو ما يعارضه البيت الابيض على أساس أن ذلك سيبعث برسالة خاطئة للقوات الامريكية وحلفائها وأعدائها على السواء. ويشكك بعض الجمهوريين أيضا علنا في جدوى استمرار الحرب.

وتقوم بريطانيا الشريك الاكبر للولايات المتحدة في العراق حاليا بخفض قواتها هناك على الرغم من أن جوردون براون وزير المالية الذي من المتوقع أن يخلف توني بلير حليف بوش المقرب كرئيس للوزراء الشهر المقبل رفض هذا الاسبوع فكرة سحب القوات قريبا.

وفي خطاب أمام المؤتمر ذاته اعترف مسؤول أمني بريطاني رفيع بأن المتشددين الاسلاميين داخل بريطانيا استغلوا وجود القوات البريطانية في أفغانستان والعراق لاغراض دعائية.

لكن المسؤول وهو السير ريتشارد موترام قال ان أي قرار بخصوص مسألة الانسحاب يجب أن يتخذ استنادا لاثره على البلدين وليس بناء على اراء المتشددين في بريطانيا.

وقال موترام وهو مسؤول شؤون المخابرات والامن الدائم بالحكومة "سأكون حذرا جدا فيما يخص الانسحاب من أفغانستان في ظروف تترك فيها الساحة نهبا لطالبان." وأحجم عن التعليق على العراق.

ووصف رئيس سابق لجهاز المخابرات الخارجية البريطاني (ام.اي.6) تحليل جوناراتنا بأنه مقنع.

وقال السير ريتشارك ديرلوف للصحفيين "واضح أن القاعدة تركز على العراق الان وتركز بطريقة ما على دعايات تزعم من خلالها تحقيق النصر على الولايات المتحدة."

سواء كان ذلك نصرا حقيقيا أم لا .. اذا أمكنهم الادعاء داخل العالم الاسلامي أنهم أبلوا بلاء حسنا فان ذلك يضعنا في موقف مختلف تماما. هذا في الحقيقة جانب من جوانب مسألة الانسحاب لم يوضع في الاعتبار بصورة مناسبة. وذلك هو السبب في أنني أعتقد أننا لا نستطيع ببساطة السماح للعراق بأن يشق طريقه بنفسه."

الجيش يحتاج الوقت بالعراق

وقال قائد سلاح مشاة البحرية الامريكي يوم الخميس ان الجيش الامريكي يحتاج الى وقت في العراق أكبر مما يرغب الشعب الامريكي في منحه إياه وان هذا الخلاف "مزعج".

وقال الجنرال جيمس كونواي قائد مشاة البحرية "الفرق في الوقت الذي نحتاج اليه نحن في الجيش من أجل النجاح في العراق والوقت الذي يرغب مواطنونا في منحه كبير الى درجة تثير الازعاج."حسب تقرير رويترز.

وقال كونواي ان عمليات الجيش لمكافحة التمرد المسلح يمكن ان تستمر ما يصل الى تسعة أعوام أو عشرة.

وتابع قائلا "أعتقد ان هناك رغبة أقل في بلادنا عما نعتقد نحن في الجيش اننا نحتاج اليه لمواصلة هذا النوع من الجهد خلال تلك الفترة الزمنية."

ولم يعلق كونواي على مدى الفترة الزمنية التي ربما تقضيها القوات الامريكية في العراق او الى اي مدى يعتقد هو انها يجب ان تبقى لتأمين البلاد ومساعدة العراق على بناء جيشه.

ولكنه قال ان الولايات المتحدة تتحرك في إطار زمني أقصر كثيرا مما هو عند القاعدة.

وقال "تعرفون ..المدى الزمني للاشرار 100 سنة. ولكن بالنسبة لنا فانه على الارجح أقل من عامين في هذه المرحلة."

ويبلغ اجمالي عدد القوات الامريكية في العراق حاليا 147 الفا وسيصل الى 160 الفا بحلول يونيو حزيران حيث تقوم وزارة الدفاع الامريكية بزيادة معدل جنودها بغرض المساهمة في تنفيذ حملة امنية تتركز على بغداد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 20 آيار/2007 -2/جمادي الأول/1428