تحت موس العلاس

حامد الحمراني

 ليس هناك متسع من الوقت للترفيه في الزمن الانتقالي، وليس هناك مجال للترويح عن النفس في اليوم الممتلىء بالتفخيخ والبطيخ والانقلابات السياسية والتصريحات النارية والعبوات الناسفة والنقص الحاد لمحبوبة الملايين (الحصة التموينية) اطال الله في عمرها وصانها من النواقص وزاد من فقراتها البروتينية.

والعراقيون اجلوا مباهجهم وافراحهم ويعولون على الدستور الدائم فهو الذي يؤمن حقوقهم المدنية بما فيها سيادة القانون واحترام حقوق الانسان وبضمنها الضحك السلمي والاسترخاء الوطني بدون التاثير على رئات الاخرين وتجاعيد وجوههم، فقد قيل ان الضحك يوسع الرئتين والمعدة ويمنع تجاعيد الوجه ويحصن الافراد من السيارات المفخخة..

فقد غادرتنا المسلسلات الكوميدية الهادفة منذ دخول القوات الامريكية الهائلة وجيشها الدرامي ودباباتها التراجيدية بالرغم من المشاهد الساخرة هنا والصارخه هناك والسافرة هنا وهناك، لكن العراقيون يضحكون بنصف الافواه كما انهم متفاؤلون بنصف القلوب مثلما هم يستلمون (الرواتب بنصف الجيوب.. فان اولاد (العلاس مخلوش لاولاد الحلال حاكه)

في سبعينات القرن الماضي نتذكر مسلسل تحت موس الحلاق وما اجمله وما احلاه بالرغم من انه كان ابيض واسود (بالالوان) فانه وثيقة للالفة والتالف والحب والابداع الفني الاصيل بعيدا عن الفديو كليب وعصر السرعه والاكتفاء الذاتي بالفيديو تيب وقناة سبعة وتسعة..

اما اليوم وبعد الهجمة الشرسة للستلايت نشاهد مع الاسف مع اطفالنا الابرياء بدلا من (سبيس تون) او(ابطال النينجا و ابطال الدجتل) نشاهد المسلسل العربي المشترك (تحت موس العلاس)، ولا نعرف متى ينتهي هذا المسلسل الدموي.. من اجل تفعيل دخول الدولار الامريكي ووضع سقف زمني لخروج روح المواطن العراقي......وفرق كبير ايها السادة بين هذين المسلسلين..

فالحلاق: يعتبر قديما طبيب المنطقة ومختارها وصديقها وعنده يجتمع ابناء المحله يتسامرون ويتبادلون شؤونهم الودية ولم يهدده احد بانه خارج عن الدين او المله بحجة ان الخيط الذي ياخذ به الشعر الزائد من الوجه مستورد من الدول الكافره، ولم يفتي احدا بقتله، لسبب بسيط فان النظام السابق كان يؤمن بالتكنوقراط والاختصاص، وكان القتل من مهماته الشخصية(قطاع مؤمم) وقد ابلى بلاءا حسنا...

 واما العلاس : بتشديد الالف واللام فهي مهنة جديدة على العراقيين اذ العلاس هو الشخص الذي يتوسط بين الضحية(المخطوف) واهله بعد اختطافه وبين عصابات الخطف الذين يختارهم، فهو يلعب دور المفاوض لانه هو الذي ينتخب الضحية لمعرفته الدقيقة بما يملك من الاموال (حرامي البيت).

تحت موس الحلاق ابطاله المرحوم سليم البصري – حجي راضي – والدكتور حمودي الحارثي -عبوسي -وراسم الجميلي -ابو ضوية.. مكشوفي الوجوه والنوايا وسلاحهم التلقائية والحب والمواقف الذكية التي تنتقد الانحرافات باسلوب كوميدي ساخر

اما تحت موس العلاس فابطاله عصمان السوداني وانس السوري ومله مهدي النباح والحجي ابو محمود الذباح ومخرجه ابو العلاس السفاح – بالمناسبة ليس له اي قرابة بعباس ابن فرناس –ومنتج المسلسل العلاس ابن يوسف الثقفي.. وهم ملثمي الوجوه والقلوب والضمائر وسلاحهم القتل والتخريب والارهاب،

موس حجي راضي الحلاق اضحك العراقيين كثيرا لبساطته والفته وجمعه لاهل المحله وانشودته المشهوره (كوزي تكوز عليه.......وانا لسه الحنه بيديه) وموس العلاس ابكى العراقيين وسرق اموالهم وسياراتهم وايتم اطفالهم وخطف اَبائهم وارعب نسائهم وانشودته البغيضة (لو (ترجعونه.......... لو انكسر الجام)

وموس الحلاق يفخر به كل عراقي وعراقية لانه كان اصيلا وطنيا نقيا نظيفا صافيا كماء دجلة.

وموس العلاس يشمئز منه كل شريف لم تلوثه المرحلة الانتقالية المؤقتة وصان نفسه من الحواسم،. فبينماعلمنا حجي راضي القراءة والكتابة وهو لا يعرف القراءة والكتابة.

علمنا العلاس ان يكون دليلا للمارقين الخارجين عن القانون اعداء الفضيلة والوطن والحياة مستغلين الظروف الحرجة التي يمر بها عراق الصابرين....

 رحل حجي راضي وترك موس حلاقته للناس كمنديل عرس لا يجرح خدا فرحمة الله عليه وعلى امثاله..وانهزم العلاس ابن العلاس بدولاراته وكبسلته وترك لجماعته امير العلاسين يعلسهم متى ما جاع...

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 18 آيار/2007 -29/ربيع الثاني/1428