نكبة فلسطينية جديدة بأيد فلسطينية والقناصون سادة الفتنة

 شبكة النبأ: خرج عشرات من سكان غزة واحتشدوا يوم الاربعاء للمطالبة بانهاء القتال بين الفصائل لكنهم حوصروا في تبادل اطلاق النار الذي اصاب ثمانية منهم بجروح. وهتف محتج في وجه المسلحين في اشارة الى مناسبات وضع مدنيون فلسطينيون انفسهم فيها بين الناشطين والقوات الاسرائيلية "تماما مثلما اعتدنا حمايتكم من الاحتلال من خلال القيام بدور درع بشري فقد اتينا لحمايتكم من انفسكم."

وقال شهود ان المحتجين الذين وضعوا انفسهم بين اعضاء الفصائل المتحاربة الذين انتشروا في طرفي شارع بمدينة غزة اضطروا الى الركض للنجاة بحياتهم عندما اندلعت معركة بالاسلحة. بحسب رويترز.

ولم تكن اسرائيل بعيدة عن استغلال فرصة الاقتتال الداخلي حين أسهمت في سخونة الموقف بشنها ضربة جوية على موقع لحماس مما أدى لمقتل أربعة مسلحين على الاقل. وأكد الجيش الاسرائيلي استهداف المبنى الذي تستخدمه حماس في القطاع الذي يحتدم فيه القتال بين مقاتلي حماس وفتح مما دفع الفلسطينيين الى شفا حرب أهلية شاملة. وكانت اسرائيل قد قالت انها لن تتدخل في هذا الاقتتال الفلسطيني الاعنف منذ شهور ولكنها تحتفظ بحقها في الرد على الصواريخ التي تطلقها حماس وغيرها من النشطاء في غزة.

وأدى الاقتتال الداخلي الفلسطيني المستعر منذ يوم الجمعة الى مقتل 40 فلسطينيا على الاقل بينهم 16 قتلوا يوم الاربعاء. وقال مسؤولون فلسطينيون ان الاقتتال الاخذ في التصاعد من شأنه ان يطيح بحكومة الوحدة الفلسطينية المؤلفة من حماس وفتح. وحذر فلسطينيون من ان انهيار الحكومة من شأنه أن يقود لمزيد من العنف ويفضي الى نهاية السلطة الفلسطينية.

ويقول بعض المسؤولين الغربيين ان انهيار الحكومة من شأنه أن يتيح لعباس مزيدا من السيطرة بما ينهي المقاطعة المالية الغربية للسلطة الفلسطينية.

واختبأ أهالي غزة المذعورين في منازلهم فيما اشتبك مسلحون ملثمون في الشوارع. وقال شهود عيان ان متشددين اخرجوا بعض المدنيين من سياراتهم ليحتجزوهم رهائن.

وناشدت امرأة مذعورة في اتصال هاتفي مع اذاعة محلية عباس ورئيس الوزراء اسماعيل هنية للتحرك. وقالت "لا تتركونا لنموت هنا."

وبالنسبة لكثير من الفلسطينيين فان الاقتتال الطائفي جاء مفاجئا. وأخفقت حكومة الوحدة التي تشكلت بوساطة سعودية في حل قضية السيطرة على قوات الامن وتركت الجماعات المسلحة تقتتل. وقوات فتح أكبر عددا. ولكن كثيرا من المحللين يعتقدون ان القوة التنفيذية التابعة لحماس والجناح العسكري أفضل تجهيزا وأكثر تنظيما.

القناصة يزرعون الرعب

اعتلى عشرات القناصة الابراج المرتفعة في غزة ليطلقوا النار على كل من يجرؤ على الخروج فيما سيطر الرعب على سكان المدينة بعد هجوم نفذته عناصر مسلحة من حماس على منزل قائد الامن الداخلي الفلسطيني فجر الاربعاء. بحسب الـ فرانس برس.

وتمركز القناصة من افراد حركة حماس والاجهزة الامنية على الابنية العالية وخلف التلال الرملية او على حواجز عسكرية انتشرت في كل الطرقات والشوارع.

وقالت ام محمد (40 عاما) "نعيش في مدينة اشباح مدينة موت لا يستطيع احد ان يطل من الشرفة او ان يقف مقابل النافذة او الباب لانه يتعرض لاطلاق النار العشوائي من القناصة الذين يعتلون الابراج".

وتابعت هذه المراة وهي ام لستة اولاد تسكن في منطقة تل الهوا الساحلية جنوب غزة التي شهدت اعنف الاشتباكات "كنا نعتقد انها منطقة آمنة (..) اننا في حظر تجول بقوة السلاح. لم يكن الوضع هكذا في عهد الاحتلال الاسرائيلي".

واضافت ان "الخروج غير مسموح حتى للاطفال والنساء. الوضع اليوم اسوأ اكثر من اي وقت مضى واطفالنا لم يناموا حتى هذه اللحظة".

واكدت ان الاطفال "في وضع نفسي سيئ يبكون ونعيش جو توتر وخوف ورعب (..) نريد الخروج من المنزل واللجوء الى منطقة اكثر امانا ولكن اذا خرجنا ممكن ان نموت جميعا".

من جانبه قال ابنها محمد (14 عاما) وهو في الصف التاسع "نمر في فترة امتحانات نهاية عام الدراسي وبسبب القصف لا نستطيع التركيز في الدراسة ولم نذهب الى الامتحانات واصبح مستقبلنا مهددا". وروى انه تعرض لاطلاق النار. وقال "كنت اقف اليوم قرب النافذة واحد القناصه صوب سلاحه تجاهي وركضت نحو والدي".

وخلت الشوارع في غزة من المارة وانتشر فيها المسلحون فيما تواصلت الاشتباكات بين حركتي فتح وحماس التي اوقعت 14 قتيلا الاربعاء. واغلقت جميع المرافق خصوصا المدارس والجامعات والمؤسسات الرسمية والخاصة. كما علقت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الانروا) اعمالها في قطاع غزة لخطورة الوضع الامني وحرصا على حياة موظفيها.

وقال ابو صفوت (45 عاما) "منذ اللحظة الاولى لقيام عناصر من حماس باطلاق الصواريخ تجاه منزل مدير عام الامن الداخلي اللواء رشيد ابو شباك "واطفالي خائفون". وتابع هذا الاب لخمسة اطفال ان "الاطفال يصرخون ويبكون ولا استطيع فعل شىء حتى عندما خرجنا لنسعف بعض الجرحى اطلقوا علينا النار".

وناشد داعية اسلامي كبير في قطاع غزة محمد ماضي عبر التلفزيون الفلسطيني المسلحين الذين يعتلون الابراج "النزول عنها وعدم تعريض حياة المواطنيين للخطر وطعدم اطلق النار على اخهم المسلم".

ولم يستطع عدد كبير من الاطباء الوصول الى المستشفيات التي وجهت نداءات عديدة للتبرع بالدم. وقال مدير عام الطوارئ والاسعاف الطبيب معاوية حسنيين لوكالة فرانس برس "هناك معوقات كثيرة في العمل" موضحا انه "يتم ايقاف السيارات وتفتيشها (...) على الحواجز من قبل العناصر المسلحة في الشوارع وايضا اطلاق النار على سيارات الاسعاف". واضاف "نحن بحاجة ماسة لتوفير الحماية والامن للطواقم الطبية ولسيارات الاسعاف وحرية الحركة وبحاجة ماسة الى التبرع بالدم لانقاذ حياة مايزيد عن مئة جريح". وناشدت وزارة الصحة في بيان "جميع المواطنين افساح المجال لسيارات الاسعاف بالوصول الى كافة مواقع الاحداث وعدم التدخل في عملها او اعاقتها وخاصة عند نقل الجرحى والمصابين وعدم تعريض حياة سائقي الإسعاف والطواقم الطبية للخطر".

اعلان حالة الطواريء يزيد من الفتنة

بدورها شنت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية اعنف هجوم على حركة حماس وحملت "قيادات" في هذه الحركة "وقوتها التنفيذية" مسؤولية الاشتباكات الجارية في قطاع غزة بين حركتي فتح وحماس. كما طلبت اللجنة التنفيذية وهي اعلى سلطة فلسطينية في بيان لها اثر اجتماع عقدته في رام الله من الرئيس الفلسطيني محمود عباس الانتقال الى غزة الخميس للعمل على وقف اطلاق النار.

واتهمت اللجنة التنفيذية حركة حماس بالقيام ب"انقلاب" على الاجهزة الامنية وقالت "ان ما جرى في قطاع غزة منذ ايام عدة يمثل مشروع انقلاب على الاجهزة الامنية الشرعية ومن اجل فرض شرعية المليشيات المسلحة بقوة السلاح على حساب شرعية الامن الوطني الفلسطيني خاصة فرض دور المليشيا التابعة لحماس المسماة القوة التنفيذية وكانها هي قوة الامن الشرعية البديلة عن قوات الامن المشروعة". ودعت اللجنة التنفيذية الى "وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة والى سحب المسلحين من جميع الميليشيات من الشوارع وحلول قوات الامن الشرعية مكانها والى انهاء كل مظاهر التعبئة السياسية والاعلامية بدون إبطاء".

من جهته اعلن نائب رئيس الوزراء الفلسطيني عزام الاحمد وهو قيادي في حركة فتح ان اللجنة التنفيذية ناقشت خلال اجتماعها برئاسة عباس اعلان حالة الطوارىء في قطاع غزة. واوضح انه تم طرح "عدد من الخيارات منها اعلان حالة الطوارئ في الاراضي الفلسطينية لمجابهة الاخطار التي تحدق بالسلطة الفلسطينية والمشروع الوطني وكل ابناء شعبنا الفلسطيني".

لكن مصادر برلمانية فلسطينية استبعدت ان يقوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس باعلان حالة الطوارىء وفرض الاحكام العرفية في قطاع غزة معتبرة ان هذه الخطوة في حال اتخاذها ستدفع باتجاه تصعيد المواجهات بين فتح وحماس. واعتبر نائب فلسطيني من خارج دائرة فتح وحماس مفضلا عدم ذكر اسمه "ان فرض حالة الطوارىء بحاجة الى قوة تنفذ الاوامر المعطاة ووضع السلطة في قطاع غزة مقارنة مع ما تمتلكه حماس من قوة عسكرية لا يؤهلها لاتخاذ مثل هذا القرار".

وفي حال الاعلان عن حالة الطوارىء يخشى ان تكون المواجهة المسلحة اكثر شراسة ووضوحا بين اجهزة السلطة الفلسطينية الامنية من جهة وبين المسلحين من حركة حماس والقوة التنفيذية الخاضعة لحماس من جهة ثانية ما سيؤدي حسب مراقبين فلسطينيين الى ارتفاع عدد القتلى بين الجانبين.

وطالب المجلس التشريعي الفلسطيني الاربعاء من الرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء اسماعيل هنية "تحمل مسؤوليتهما ووضع حد لدائرة المواجهة التي تدور في غزة" حسب ما اعلن النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي حسن خريشة. وفي رده على سؤال حول ما اذا كان المجلس التشريعي الذي تسيطر حماس على غالبية اعضائه سيجيز لعباس اعلان حالة الطوارىء قال خريشة "القانون يجيز لرئيس السلطة اعلان حالة الطوارىء لكننا في المجلس التشريعي لا ندعو الى اعلانها لانها ستحد من الحريات العامة وهذا ما لا نريده".

من جهته اعتبر النائب عن حركة حماس ايمن دراغمة ان اعلان حالة الطوارىء "سيزيد الامور تعقيدا". وقال دراغمة لوكالة فرانس برس "اي خطوة غير مدروسة وغير متفق عليها ستزيد الوضع تفاقما واعلان حالة الطوارىء يعطي رئيس السلطة صلاحيات لتطبيق الامن بالقوة ونحن الان لسنا بحاجة الى قوة بل الى تصالح وطني".

ويجيز القانون الاساسي الفلسطيني الذي هو بمثابة دستور لرئيس السلطة الفلسطينية اعلان حالة الطوارى في حالات محددة. وجاء في القانون الاساسي "عند وجود تهديد للامن القومي بسبب حرب او غزو او عصيان مسلح او حدوث كارثة طبيعية يجوز اعلان حالة الطواريء بمرسوم من رئيس السلطة الوطنية لمدة لا تزيد عن ثلاثين يوما". وجاء في القانون ايضا "يجوز تمديد حالة الطوارىء لمدة ثلاثين يوما اخرى بعد موافقة المجلس التشريعي باغلبية ثلثي اعضائه". ويضيف القانون في المادة 110 "يجب ان ينص مرسوم اعلان حالة الطوارىء بوضوح على الهدف والمنطقة التي يشملها والفترة الزمنية". وحسب ما جاء في القانون الاساسي "يحق للمجلس التشريعي ان يراجع الاجراءات والتدابير كلها او بعضها اثناء حالة الطوارىء وذلك لدى اول اجتماع للمجلس عقب اعلان حالة الطوارىء او في جلسة التمديد ايهما اسبق واجراء الاستجواب اللازم بهذا الشأن". ويمنع القانون فرض قيود على الحقوق والحريات الاساسية في حالة اعلان الطوارىء "الا بالقدر الضروري لتحقيق الهدف المعلن في مرسوم اعلان حالة الطوارىء".

الصحف الفلسطينية: نكبة بايد فلسطينية

من جهتها دانت الصحف الفلسطينية الاربعاء التي صدرت طبعاتها مغطاة بالسواد في عناوينها الرئيسية وقوع "نكبة بايد فلسطينية في ذكرى النكبة" في اشارة الى الاشتباكات في غزة بين حركتي فتح وحماس.

وكتبت صحيفة "القدس" الاوسع انتشارا الصادرة في مدينة القدس في عنوان باللون الاحمر "نكبة بايد فلسطينية في ذكرى النكبة". وقالت الصحيفة في افتتاحيتها "تحت عنوان اقتتال الخزي والعار" انه "في اليوم نفسه الذي يصادف ذكرى النكبة الفلسطينية الكبرى (...) نقلت الانباء الى الشعب الفلسطيني تقارير عن الاقتتال الدامي الذي اسفر عن سقوط ثمانية من شباب الامن الوطني في غير السلاح الذي يفترض ان يسقطوا فيه وبرصاص اشقاء فلسطينين اخرين". واضافت الصحيفة "لقد نسي المتقاتلون في قطاع غزة وجود الاحتلال وتفرغوا لمواجهة بعضهم بعضا من اجل الاستحواذ على كعكة السلطة الوهمية وغاب عن اذهانهم انهم محاصرون في القطاع كما الفلسطينيون محاصرون في الضفة". وتابعت ان "ابسط وصف يطلقه رجل الشارع الفلسطيني على من يحمل السلاح في وجه اخيه الفلسطيني هو ان ذلك خيانة للقضية الفلسطينية وانتهاك لحرمة الدم الفلسطيني ومجلبة للخزي على من يرتكب هذه الفظائع التي لا يرضاها خلق ولا ضمير ولا دين ولا احساس بالانتماء الى الوطن".

اما صحيفة" الحياة الجديدة" الصادرة في مدينة رام الله فعنونت "نكبة في ذكرى النكبة: عشرات القتلى والجرحى في الثلثاء الدامي في غزة". ونشرت الصحيفة قصاصات من صور ليوم النكبة على صفحتها الاولى السوداء وقربهاصورة اخرى لمواطن يخرج جثثا من براد القتلى وهو يصرخ.

اما صحيفة "الايام" الصادرة في رام الله فاكتفت بعناوين سوداء "قتل سبعة جنود في المنطار ينسف تفاهمات وقف الاقتتال" و"الحصيلة مقتل 16 مواطنا واصابة 49 واستشهاد ضابط امن برصاص اسرائيلي" ونشرت الايام مقالات عدة مشابهة حملت عناوين "انقلاب الخيارات الصعبة" و"التدهور الامني والفلتان السياسي" و"الحكم.. ام الوطن".

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 18 آيار/2007 -29/ربيع الثاني/1428