تأثير التفسير المتطرف للجهاد على الأمن الدولي

شبكة النبأ: تظل مفردات من قبيل الجهاد واولوياته والارهاب وطرقه محط لغز وخلاف كبير يفتقد للاجماع عليه من قبل المجتمع الدولي وحتى بين العرب وطوائف المسلمين المختلفة، حيث الى الان لم يتم وضع مفهوم موحد من قبل المسلمين لحدود الجهاد وخصوصا فيما يتعلق بالعمليات الانتحارية، ولا تعريف متفق عليه لمصطلح الارهاب.

دكتور جليل روشاندل، هو أستاذ مساعد ومدير قسم الدراسات الأمنية بجامعة شرق كارولينا، ومؤلف مشارك لكتاب "الجهاد والأمن الدولي" (2006) مع Sharon Chadha. وقد قام روشاندل بالتدريس وشغل مواقع بحثية بعدد من الجامعات، منها جامعات دوك Duke، وكاليفورنيا ـ لوس أنجلوس، وستانفورد، ومعهد بحوث كوبنهاجن لبحوث السلام بالدنمرك، والجامعة الفنية للشرق الأوسط بتركيا، كما شغل منصب نائب عميد كلية القانون والعلوم السياسية بجامعة طهران. وقد أجرى تقرير واشنطن حواراً معه حول تأثير الجهاد الاسلامي على الأمن الدولي جاء فيه:

يقول روشاندل في جواب على سؤال حول الفرق بين المنهجين السنّي والشيعي بخصوص مسالة الجهاد وبالذات العمليات الانتحارية: نعم هناك فرق بين المنهجين السني والشيعي فيما يتعلق بمسألة الجهاد؛ إذ تظل العمليات الانتحارية – على الأقل حتى الآن ـ مرتبطة بالجهاديين السنّة. وعلى العكس من الجهاديين السنّة، فإن إيران، وهي الدولة الشيعية الوحيدة في المنطقة، لازالت تقف موقفا رافضا من فكرة العمليات الانتحارية، وقد أصدر العديد من رجال الدين الشيعة الإيرانيين، مثل أية الله يوسف صانعي، فتاوى تحرم العمليات الانتحارية، باستثناء حالة الدفاع عن النفس.

ولكن يظل الخلاف حول ما هية الحدود الفاصلة بين حالة الدفاع عن النفس وحالة الهجوم أو الاعتداء. وربما يرجع الاختلاف بين موقف الشيعة والسنة من العمليات الانتحارية إلى أن المجتمعات الشيعية لا تعيش نفس الظروف التي تعيشها المجتمعات السنّية في المرحلة الراهنة، خاصة في العراق وفلسطين.

ومع ذلك، فإن هذا لا يعني عدم وجود قاسم مشترك بين الجانبين، إذ يتراجع هذا التمايز بين رجال الدين المتشددين والقيادات الأصولية على الجانبين. هناك بعض رجال الدين الشيعة، مثل أية الله أحمد جاناتي، الذين يتبنون مفهوما للجهاد أقرب إلى المفهوم السنّي، ويعتبرون الجهاد جزءا من حياتهم اليومية ويتجاهلون المفهوم الإسلامي للجهاد والخبرة التاريخية لتطبيق هذا المفهوم.

وفي سؤال لتقرير واشنطن عن رايه بقول عالم الاقتصاد السياسي الشهير فوكوياما، في أحد

كتاباته الحديثه إلى أن الديمقراطية لا يمكن أن تضع نهاية للجهادية قال روشاندل: لا أوافق فوكوياما في هذه المقولة، ولا أرى أن الديمقراطية لا يمكنها وضع نهاية للجهادية.

وخطورة هذه المقولة أنها تجعل "الجهادية" صفة لصيقة بالمجتمعات الشرق أوسطية، الأمر الذي يمكن أن يلحق آثارا وتداعيات شديدة السلبية على حياة الملايين من ذوي الأصول الشرق أوسطية والذين يعيشون في سلام في الدول الغربية.

إن الأفكار التي يطرحها البعض مثل فوكوياما وأيان حرسي عليAyan Hirsi Ali، العضوة السابقة في البرلمان الهولندي ومؤلفة كتاب "الملحد" Infidel، تعني أن هناك مؤامرة من قبل المسلمين ضد العالم الغربي، وأن هؤلاء المسلمين يرسلون أطفالهم وأولادهم إلى العالم الغربي ويقومون بزرع هؤلاء الأبناء داخل المجتمعات الغربية بهدف تغييرها من الداخل من خلال الإقناع وليس من خلال القوة بالضرورة.

على العكس من تلك الرؤية، فإنني أطرح "نظرية المؤامرة الجديدة"؛ إن فوكوياما وأمثاله مثل أيان حرسي علي يتجاهلون ويقللون من شأن دور العوامل الاجتماعية والتي تلعب دورا مهما في تشكيل الفكر الإرهابي المتطرف. هذه العوامل تلعب دورا مهما في تحويل العلاقات الإنسانية من علاقات اجتماعية طبيعية إلى مجتمع ذو توجهات وعلاقات أمنية عالية، حيث يولي مسألة الأمن اهتماما مبالغا، وهو ما يؤدي تدريجيا إلى جعل الفرد شديد الحساسية لمسألة الأمن، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تغيير شديد في أسس الديمقراطية إلى الحد الذي يجعل الفرد على استعداد للتضحية بالديمقراطية والتضحية بحرياته الشخصية مقابل الشعور بالأمن، ويضع الفرد في سجن كبير في مواجهة العالم الخارجي. إنني احترم كتابات وآراء فوكوياما وكتابات إيان حرسي ولكني لا أقبل أن يعمما استنتاجاتهما على العالم كله، أو أن يضعا قواعد وأحكام عامة لتطبيقها على العالم.

وفي سؤال اخر عن جذور الجهاد في التاريخ الايراني المعاصر يقول روشاندل لتقرير:

باستثناء العمليات الانتحارية، نعم هناك جذور للجهاد في التاريخ الإيراني المعاصر، فقد استخدمت فكرة الجهاد بشكل أو بآخر في إيران خاصة بعد الثورة الإيرانية في عام 1979.  إلا أنه تجدر الإشارة إلى ملاحظة مهمة، وهي أن مفهوم الجهاد يعني في الثقافة الإيرانية "الصراع" من أجل النجاح، فنسمع على سبيل المثال عن "الجهاد في البناء" Jihad in construction، والجهاد في الزراعة Jihad in agriculture ...الخ. ولكن عندما يستخدم مفهوم الجهاد في المجال السياسي والعسكري (مثل حالة الحرب الإيرانية- العراقية) فإنه يقترب هنا من المنهج السني في تطبيق مفهوم الجهاد، حيث يصبح الموت هو الطريق إلى الجنة، سوف قتلت أو قُتلت.

وحول قول البعض أن الأمن الدولي أضحى يواجه خطر التهديد النووي يقول جليل روشاندل:

هذه المقولة تقلل من أهمية وجود – إن لم يكن هيمنة – المنهج العقلاني في العلاقات الدولية. إنني أتفق معك أن بعض القيادات السياسية غير العقلانية قد تستطيع الوصول إلى السلطة أو الوصول إلى مواقع قيادية في بلدانها، ولكن عندما يتعلق الأمر باستخدام الأسلحة النووية فإنهم سيفكرون جيدا قبل الإقدام على استخدام السلاح النووي، فاستخدام هذا السلاح سوف يعني أيضا تدمير بلادهم. أنا أؤيد واحترم بقوة المنهج العقلاني في العلاقات الدولية، ودائما ما أوصي تلاميذي بدراسة وفهم هذا المنهج قبل الإيمان أو التأثر بالأفكار المثالية للنظرية الليبرالية. يصعب علي أن أتصور إقدام البشرية مرة أخرى في التاريخ على استخدام القنبلة النووية لحل أي صراع سياسي.

من الغريب أن مثل تلك المقولات تأتي من هؤلاء الذين اعتادوا القول أن "القنابل النووية لم تصنع للاستخدام في الحروب وأنها أسلحة للردع وتحقيق المكانة الدولية". في تقديري أن الباعث الرئيسي لامتلاك الأسلحة النووية هو باعث سياسي، يدور حول وظيفة الردع ليس أكثر من ذلك. إذا أقدمت دولة صغيرة تمتلك عشرات القنابل النووية أو حتى المئات منها، على استخدام هذا السلاح ضد دولة أخرى، فإن النتيجة المباشرة الأولى لهذه الخطوة غير العقلانية ستكون تدمير هذه الدولة قبل أي شيء. إن الفلسفة الرئيسية وراء امتلاك السلاح النووي هي مواجهة وموازنة التهديدات ضد البقاء وليس البقاء الآمن من خلال استخدام هذا السلاح ضد الآخرين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثلاثاء 15 آيار/2007 -26/ربيع الثاني/1428