سلسلة افكار (2): النظام السياسي الإسلامي في فكر الامام الشيرازي

 اعداد: مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث  

مفهوم النظام السياسي

شبكة النبأ: يعدّ مصطلح النظام من أكثر المصطلحات استخداماً في أدبيات السياسة والعلاقات الدولية في الكتابات العربية أو الأجنبية على حد سواء.

وفقاً للمفهوم التقليدي كان يقصد بالنظام السياسي أشكال الحكومات المختلفة التي تباشر السلطة في المجتمعات الإنسانية وكانت دراسة النظام السياسي تتركز في تحديد شكل الدولة ونوع الحكومة ولا تتعدى البحث في مجالات نشاط السلطة والجوانب الاجتماعية والاقتصادية لهذا النشاط، وبذلك يرى البعض إن النظام السياسي استخدم بدلالة القانون الدستوري تقليدياً حيث أن كل منهما تتركز الدراسة فيه على نظام الحكم من الناحية القانونية المجردة.(1)

لقد أسست الشريعة الإسلامية أسساً لنظام سياسي إسلامي، وكان ذلك على أساس الحكم الشرعي الذي يقابل القاعدة القانونية، فكلاهما خطاب يوجه إلى الكل ويلزمهم بانتهاج سلوك معين، وكلاهما ينطوي على معنى التنظيم أي تطبيق ما يشير أليه باطراد واستمرار وانتظام، وكلاهما يقلل إلى عنصرين هما الفرض والحكم، أما الفرض فيعني ما يفترض من مشكلة أو قضية يراد حلها، وأما الحكم فيعني الحل المنشود للقضية التي افترضت .(2)

لذلك فان الفكر السياسي الإسلامي فكر رصين ومنشق من أرضية صلبة، فهو فكر يحافظ على حل المشاكل والقضايا الاجتماعية من خلال المحافظة على القيم والعادات والتقاليد النافعة، وأن يشذب كل ذلك ويهذبه ويرتقي به إلى مستوى ما يتطلبه الأساس المقدس وتفرضه نظرية النهضة، فعلم السياسة الحديث يقرر إن للعلماء الواعين الدور الأول في تغير بين المجتمع وعليهم تطوير الأداء السياسي وتصعيد العمل النهضوي بامتلاك الإرادة الواعية والنزاهة والإخلاص.(3)

ركائز بناء الدولة الإسلامية

وهناك ركائز كثيرة  لبناء الدولة الإسلامية  يمكن أن نشير إليها بإيجاز وهي كما يأتي:

1. الشورى: ورد لفظ الشورى ثلاث مرات في القرآن الكريم:

أ- ( وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُـنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاّ وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ).(4)

فإذا كان القرآن الكريم يوجِّهنا إلى أن نُشاور في أدنى أعمال تربية الولد وهو الفصل في الرضاع، فبشكل أولى يوجهنا نحو الاستشارة في الحكم فلا يبيح الإسلام لرجل واحد أن يستبد في الأمة.

فقـد أمرنا الله سبحانه رحمـة بالطفل أن تتشاور الأم مع الأب قبل أن يقررا فصله عن الرضاعة، فكيف وأمر الحكومة وفيها مصير الأمة بأسرها ، فرحمة بالأمة أمَر اللهُ سبحانه وتعالى الحكام بأن يتشاوروا.

ب-( فَبِـمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقـَلْبِ لانْفَضـُّوا مـِنْ حـَوْلـِكَ فَاعـْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَـاوِرْهُمْ فِـي الأَمـْرِ فَـإِذَا عَـزَمْتَ فَـتَوَكَّـلْ عَـلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الـْمُتَوَكِّلِينَ).(5)

لما نزلت هذه الآية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ( اما أنّ الله ورسوله لغنيان عنها ولكن جعلها الله تعالى رحمة لأمتي، فمن استشار منهم لم يُعدم رُشداً ومن تركها لم يُعدم غيّاً).

فقد كانت المشورة رحمة لعباده، فقد حفظ عبر الشورى وحدتهم، وجعل منهم شخصيات بارزة في المجتمع. والقسم الأخير من الآية ( فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ…)(6)، ففيه رأيان، رأي يقول بالعزيمة على رأيه (صلى الله عليه وآله وسلم).

ورأي ثانٍ يقول: إذا عزمت بعد المشاورة في الأمر على إمضاء ما ترجحهُ الشورى وأعددت له عدته فتوكل على الله في إمضائه، وكن واثقاً بمعونته وتأييده لك فيه ، وهو الرأي الأظهر يدعمه في ذلك سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) في بدرٍ وأُحد.

ج- -( وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصّــــــــــَلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ )، والآية في وصف المؤمنين وفي تحديد واجباتهم، ومن جملـــة تلك الواجبات الشورى، فــقد وردت الشورى بـــين أمور واجبة مـــنها إقامة الصلاة والانفاق.(8)

فالأولى في المجال العبادي، تزكية النفس وبناء الشخصية الإيمانية، والثانية: فـي الأمور العامة كبناء الدولة ونـظام الحكم ، والثالثة في المجال الاقتصادي… وهـي ثلاث حلقـات مترابطة، وهـي أركان للمجتمع الإسلامي.

واستناداً لهذه الآيات الثلاثة يتضح ما يلي:

اولا -  إنّ الشورى مبدأ إسلامي عام لا يختصّ فقط في المجال السياسي بل حتى في         الحياة الأسرية والاجتماعية.

ثانيا - إنّ للشورى مجالان، الأول: مشورة الحاكم المسلم للمسلمين في الأمور  المتعلقة بهم، والثاني: مشورة المسلمين فيما بينهم على إدارة شؤونهم، فهي دعوة  الطرفين إلى الشورى، طرف الحاكم وطرف الرعية.

ثالثا- مبدأ التشاور قائم في الأمور المتعلقة بشؤون المسلمين دون الأحكام الشرعية  التي ورد فيها النص.(9)

ويؤكد الإمام الشيرازي على الشورى كمبدأ في مقابل الاستبداد الفردي في الحكم وتتمثل مسألة شورى الفقهاء والمراجع بأهم ملامح هذه النظرية لديه اذ يجب إشراك الجميع في الحكومة على نحو الاستشارة وما قررته الأكثرية منهم يلزم العمل والأخذ به وبهذا يمكن استيعاب المراجع الفقهاء مع اختلافهم في وجهات النظر. (10)

2. العدل: قال تعالى: (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط).(11)

وفق هذا المنطق القرآني فلقد اعتبر ان قيمة العدل يجب ان تميز المجتمع الرسالي في بنيته، وان تطبع علاقاته مع غيره، سواء كانوا مؤمنين او غير مؤمنين- الناس كما نص القرآن الكريم- وفي آيات أخرى (لايجرمنكم شنآن قوم على الا تعدلوا أعدلوا هو اقرب للتقوى) ،   (يا ايها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط).(12)

هذا التوجه المتميز في الخطاب القرآني دفع علماء تناولوا  مسألة العدل من أمثال السيد الامام الشيرازي (رحمه الله) إذ يقول (من الضروري على الانسان ان يكون عادلا في جميع الامور المرتبطة به سواء كانت في شؤونه الشخصية او اموره العائلية او اموره الاجتماعية او كان حاكما او رئيسا او غير ذلك وقد جعل الله سبحانه وتعالى في كل ذلك ميزانا في نفسه يعرف به العدل من الزيغ .... وهذا من افضل الفضائل والملكات التي يسمو بها الانسان الى ارفع الدرجات).(13) 

ان اشكالية العدل في العصر الحديث اصبحت مقترنة بالانسان اساساً لمواجهة التحديات السياسية والاجتماعية الحادة التي عرفها المسلمون في القرون الاخيرة. ان محرك مسألة العدل ظل واحدا ً في الماضي والحاضر، لكن طرق التعبير عنه اختلفت، ففي حين ارتبط موضوع العدل بعلم الكلام في القرون المتأخرة، نظراً لاولوية التوحيد في تلك المجتمعات، ونظراً للتركيبة الاجتماعية والفطرية لها، نجد أنفسنا اليوم نربط بين العدل ومشاكل الانسان المادية والاجتماعية اساساً، نظراً للتحولات التي طرأت على فهمه للدين من ناحية، وعلى

تعقيد بنيته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية  من ناحية أخرى.

رأي السيد الشيرازي في نظام الحكم

وللسيد الامام الشيرازي راي في نوع الحكومة إذ يرى إن مهمة الحاكم في الحكومة في الإسلام هي إدارة البلاد والعباد إدارة تؤدي إلى عمران البلاد وازدهارها وأن تلك الإدارة يجب أن تكون قائمة على سياسة اللاعنف، كما إنه ليس للحاكم حق الديكتاتورية والاستبداد، ويجب أن تكون السياسة من صميم الإسلام، لأنه هو المستوعب لا حكام ما يفعله الإنسان .

ويقول الامام (قدس سره): ( منهاج الحكم في الاسلام: أن السلطة على البلاد الإسلامية يجب أن تكون مستمدة من الله سبحانه ، لا من غيره إطلاقا، وقد أعطى الله سبحانه هذه السلطة للنبي ثم الأئمة الأثني عشر، ثم إن الإمام (عليه السلام) أعطى هذه السلطة بأمر الله تعالى، لرجل يفهم الأحكام ويطبقها بحذافيرها، ويكون عادلاً في الشريعة (بمعنى أن له ملكة وحالة نفسانية تبعثه على إتيان الواجبات وترك المحرمات).. ويحق لهذا الحاكم الإسلامي أن يوكل أحداً أو جماعة للقيام بإدارة شؤون المسلمين ممن يصلح لذلك.

وإذا كان الحاكم الجامع للشرائط متعدداً فكل واحد منهما يصلح أن يأخذ زمام أمور المسلمين..

وإذا كان في قطرين من أقطار المسلمين شخصان يـــحكمان فذلك ليس بمهم إذا كان كل واحد منهما يحكم حسب موازين الإسلام.. والحاكم يبقى حاكما ما دام فيه الشروط المقررة، فإذا فقدت بعض الشروط ــ مثلاً سقطت عدالته ــ سقط الحاكم عن صلاحية الحكم تلقائياً.(14)

والإمام الشيرازي في هذا قد وضع مجموعة من الشروط التي يجب ان تتوفر في الحاكم الاسلامي حتى يأخذ بيد هذه الدولة او تلك الى طريق الصلاح والرشاد ومن هذه الامور:

1- يجب ان تكون الحكومة الاسلامية قائمة على سياسة اللاعنف والابتعاد عن مفهوم العنف.(15)

يقول الامام (قدس سره) واللازم أن يعرف الجميع من الرؤساء، والأثرياء، والعلماء، وسائر الناس من أصحاب الحرف والمؤسّسات: بأنّ الإسلام إذا أخذ بالزمام يعمل بالنسبة إلى الرؤساء والاُمراء بما عمله رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث قال لهم: (إذهَبوا فأنتُم الطلقاء).(16)

وبالنسبة إلى الأثرياء ما ذكرته الآية الكريمة، حيث قال سبـحـانه:(لَكُمْ رُؤوس أمْوالكُمْ لا تَظْلِمونَ وَلا تُظْلَمون).(17)

2- وانه يجب على الحاكم الابتعاد عن النهج الدكتاتوري والاستبدادي التسلطي ، إذ ان      الضرورة القصوى التي يؤكد عليها الامام قدس سره الشريف هي ضرورة وجود الحريات الإسلامية إذ يعدها أساس تقدم الإنسان وتطوره ويرى أن الحكومة الإسلامية في العراق بأن تستند إلى القدرة الواقعية المنبثقة من الشعب والقائمة على وجود الأحزاب والمنظمات والمؤسسات الدستورية أي إنه يؤمن بالتعددية وضرورة وجود رقيب على الحكومة أو معارضه تمنع الاستبداد. (18)

3- أن يكون جامعاً لشرائط الفتوى وهي العلم بأمور الدين والدنيا والعدالة والذكورة والايمان وغير ذلك مما ورد أعلاه في الكتب الفقهية.

4- أن يكون مختاراً من قبل الشعب بأكثرية الآراء وهذا انما يكون تطبيق حي لمبدأ الشورى الاسلامي الذي اكد عليه سماحته.

ومن جهة أخرى يجب إطلاق العمل الحزبي والتنافس الحزبي مما يدفع نحو التقدم والرقي وكذلك ضرورة التعايش السلمي مع الأقليات على أن يكون الحكم بيد الأغلبية.

اللامركزية ممارسة لمبدأ الاستشارية

يرى الإمام السيد محمد الشيرازي أن تطبيق سياسة اللامركزية في أي بلد يحقق الكثير من المزايا، لعل أهمها: أنها ممارسة فعلية لمبدأ الاستشارية السياسية الذي يقوم على أساس اشتراك المواطنين لإدارة شؤونهم والمشاركة في صنع القرار بأنفسهم، وهذا ما يعبر عنه في السياسات الحديثة "بالديمقراطية" فإن النظام الديمقراطي السياسي يمنح الفرد السلطة عن طريق الآخرين الذين يمنحونه هذه السلطة، ولذلك فهي ذلك النظام الذي يستطيع من خلاله المواطنون تحقيق أهدافهم، عن طريق الحكم بواسطة الشعب، ومن أجل الشعب .(19)

وبالتالي، فأن نقل السلطات إلى المحليات، ومنح المحافظين كافة السلطات والمسؤوليات دون الرجوع إلى سلطة مركزية في العاصمة، واختيار المحافظين من أبناء المحافظات، أو ما أشبه من الوحدات الإدارية أو الحكومات المحلية، هو تطبيق عملي للاستشارية بمفهومها الشامل لما في ذلك النظام من توافر للمبادئ التي تكفل له أعلى درجة من الاستشارية التي تستمد السلطة في صنع القرار من أبناء الشعب مباشرة بالمحافظات دون الرجوع إلى السلطة المركزية.

 ونظام اللامركزية الإدارية كما هو مطلوب بالنسبة إلى المجال السياسي، كذلك هو مطلوب بالنسبة إلى سائر المجالات كالمجال الاقتصادي، فإن هذا النظام يعد دعامة أساسية لنهوض الاقتصادي والاجتماعي للمحافظات أو الحكومات المحلية، أو ما أشبه ذلك من خلال الاهتمام بالتنمية الإقليمية، وتطوير أداء الخدمات، وتحقيق برامج الأمن الغذائي، وما أشبه ذلك من سائر ما يكون مقوماً للحكم الشعبي، فإن هذا النظام هو في الحقيقة أقدر على التعرف على الاحتياجات الحقيقية لكل محافظة وتنسيق العمل داخلها، وتوجيه الجهود نحو إشباع رغبات واحتياجات المواطنين، والتيسير عليهم، والبدء في مرحلة جديدة من العمل لزيادة الإنتاج لتحقيق النمو والتقدم والرخاء.(20)

شكل الحكومة وكيفية تشكيلها

أما عن شكل الحكومة وكيفية تشكيلها فأنه يرى (قدس سره )  ان الحكومة:

1-يجب أن تنبثق عبر انتخابات حرة ينتخب فيها الحاكم تبعاً لأكثرية الآراء شرط توافر المواصفات التي اشترطها الله سبحانه وتعالى كالعدالة والاجتهاد في الأمور الدينية والإطلاع على شؤون الدنيا.

2-كما ويجب ان تكون الانتخابات في فترات محدودة ولزمن محدود. ولذلك فهو يرفض النظام الوراثي للحكم كما إنه يرفض الحكم بالانقلاب العسكري حتى وإنْ كان الحاكم مسلماً.

أم بالنسبة لمسألة ولاية الفقيه أو رؤيته للمرجعية القيادية فالمرجعية منصب ديني يحظى بأهمية بالغة في العالم الإسلامي والشيعي على وجه الخصوص وهي لمصطلح تعني الرجوع إلى المجتهد العالم بالحكم الشرعي في مجالات الحياة المختلفة في عصر غيبة الإمام المعصوم.

والمتصدي والمكلف بإدارة المسلمين دينياً ودنيوياً يسمى بالمرجع. ويرى بأن المرجع بمنزلة القائد والأمة بمنزلة الجيش وهذا ما يخلق تفاعلاً بينهما ويرتب الحقوق والواجبات المتبادلة.

والولاية العامة قسمان:

1-الولاية العامة المطلقة: بمعنى أن ما للإمام المعصوم (ع) من الصلاحية تكون للفقيه الجامع للشرائط أيضاً وتشمل الدماء والفروج والأموال.

2-الولاية العامة المقيدة: وهي المرتبة النازلة من تلك الولاية وما فوق الأمور الحسية كالولاية على الاجتهاد والحدود والسياسات وغيرها وهذه وإنْ كثرت الكلمات فيها واختلفت الأقوال لكن الأقوى في النظر جواز تصدي الفقيه لها إلا ما خرج بدليل خاص.

الفرق بين الحكم الاسلامي والحكم الديمقراطي  في نظر الامام

يبرز الإمام الشيرازي الفرق بين الحكم الإسلامي والحكم الديمقراطي بالأتي:

1-وجود سلطة عليا من الفقهاء.

2-تقييد الحكم بأن يكون في الإطار الإسلامي ولذا فمجلس الأمة للتطبيق لا للتشريع.

ويؤكد على إن الحاكم مقيد في البلاد الإسلامية فهو ليس ديكتاتوراً وكما يقول الإمام علي أمير المؤمنين (ع) ليس سبعاً ضارياً يعني إنه يصادر أموال الناس وحرياتهم ويكبت أنفاسهم حتى بالنسبة للكفار الذين يعيشون في البلاد الإسلامية.

3-ويجب على الحاكم إعطاء الحريات العامة لمختلف الأحزاب السياسية والتقدم بالمسلمين وعدم تدخل الحكومة في شؤون الناس بشكل استفزازي. ومثلما يؤكد الإمام الشيرازي على مسألة الشورى وإنها أساس في الحكم الشرعي، فإنه يؤكد على وجوب أن يكون هناك إتباع لسياسة اللاعنف لإدارة وازدهار وعمران البلاد.

4-وإن القوانين الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان.

أما بالنسبة للتعامل مع مسألة الأقليات فيرى أن التعايش السلمي مع الأقليات وهم مخيرون حتى في القضاء بين قضاء الإسلام وفضاءهم مقابل التزامهم باحترام المشاعر الإسلامية لكن لا يجوز لحزب أن يدعو إلى ما يعادي الإسلام وأن أساس الدولة اقتصادياً يكون على أساس مبدأ حرية رأس المال.(21)

..............................................

الهوامش:

(1)عبد الغني بسيوني، النظم السياسية- أسس التنظيم السياسي الدولة والحكومة الحقوق الحريات، (الإسكندرية، الدار الجامعية،1985).

(2)مصطفى إبراهيم الزلمي، عبد الباقي البكري، المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية، (بغداد، المكتبة الوطنية،1989).

(3)أياد موسى محمود، دراسات في فكر الإمام الشيرازي، واشنطن 2001.

(4)سورة البقرة: الآية 233.

(5)سورة آل عمران: الآية 159.

(6)سورة آل عمران: الآية 159.

(7)سورة الشورى: الآية 38 .

(8)وهذه الأمور تستعرضها الآيات 36-38 من سورة الشورى: (فما أوتيتم من شيءٍ فمتاعُ الحياة الدنيا وما عند الله خيرٌ وأبقى للذين آمنوا وعلى ربّهم يتوكلون والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون) .

(9)الشورى في الاسلام للامام الشيرازي (قدس سره ) الفصل الاول ، الشورى في القران الكريم .

(10)نفس المصدر.

(11)سورة المائدة الاية 8.

(12)سورة النساء الاية 195.

(13)ما هو الاسلام _ الامام الشيرازي الراحل _ الفصل الثالث .

(14)- سعد الامارة، نظرية اللاعنف عن الإمام الشيرازي، دراسة مقارنة، بيروت، دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر،2003.

(15)- السيد محمد الحسيني الشيرازي، السبيل إلى إنهاض المسلمين، بيروت، مؤسسة الفكر الإسلامي،2000.

(16)- بحار الأنوار 19 / 181 / 29.

(17)- سورة البقرة، الآية: 279.

(18)- الحسين (ع) مصباح الهدى للامام الشيرازي قدس سره الشريف.

(19)- يوصف أي نظام بأنه استشاري ( ديمقراطي ) بعد توفر شروط ومعايير معينة تتمثل في أهمية توفر مبدأ السيادة الشعبية الممثلة في وجود حرية للمواطنين في اختيار ممثليهم، وفي حرية المعارضة، وفي حرية التعبير عن الرأي، وفي الأخذ برأي الأغلبية، وفي وجود رقابة شعبية على صانعي القرارات.

(20)- المحامي جميل عودة، مفهوم الدولة الفدرالية، مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث.

(21)- الشكل المستقبلي للنظام السياسي العراقي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 13 آيار/2007 -24/ربيع الثاني/1428