من يريد أن يستلم العراق، فليستلمه أرضا بلا أنسان !

الدكتور محمد مسلم الحسيني

 بمثل هذا الشعار وهذه المقولة، كان صدام حسين يهدد ويتبجح !. وكنا نستغرب من درجة أستخفافه بحياة البشر وقوة جنون العظمة التي أبتلى بها هذا الطاغية !. ولم يكن يساورنا الشك يوما بأنه يعني ما يقول، وأنه يسعى جاهدا في تطبيق مقولته هذه في ما وراء الكواليس وفي الطرق الخفية المظلمة !. ويثبت للتأريخ والبشرية بأنه شر للأنسانية في حياته ومماته.

ولم ندرك بأن هذا العراق الأبي ذي التأريخ الطويل الحافل بالكرامات والحضارات الذهبية العتيدة يحوي بين ثناياه أكثر من صدام وفي نفس المكان والزمان !.

كنا نعتقد - واهمين - بأن صدام هو طفرة هجينية نادرة وظاهرة أستثنائية غريبة ضربت تأريخ العراق ولن تتكرر!. الاّ أن الأيام والزمن قد أباحا بحقائق لم نكن ندركها أو نصدقها فيما لو حدثنا بها أحد من قبل!. الوقائع المرة المستمرة ويوميات العراق المحروقة بنيران الغدر والكراهية، قد بينت وبشكل لا يقبل الشك والجدل بأن هناك جيشا من الصداميين والقتلة والأرهابيين لا تختلف رؤاهم المريضة وسياساتهم المنحرفة وسيرتهم المنبوذة وهمجيتهم المغولية عما كان في نهج وتصرف ونفسية صدام حسين المريضة البائسة !.

كان صدام يحتجز الناس ويقتلهم ولا يخبر أهالي القتلى بهم ويضع جثثهم في حفر المقابر الجماعية، واليوم جيشه يقتل ويرمي جثث القتلى في الحارات والشوارع ولا أحد يعرف هويتهم.

 كان صدام يعذب ويقطع اللسان والأذن واليد والأصابع، وجيشه اليوم يحرق الأجساد ويمثل بها ويقطف رؤوسها وينكل بها.

كان صدام يشتري بقوت الشعب الدبابات والأسلحة والمدافع ويحرق بها أجسادهم، واليوم فلول جيشه تشتري بقوت الشعب السيارات المفخخة والعبوات الناسفة والهاونات وتجعل أجساد الشعب طعاما لها.

 كان صدام يبيع نفط الشعب ويحول العائدات الى حساباته وحسابات أهله والمحسوبين عليه الى الخارج ويبني القصور ويشتري الأسلحة، واليوم فلول جيشه تحرق آبار وأنابيب النفط لتحرم الشعب من عائداته وتحوله الى بؤر تلويث لأتلاف صحة الشعب وصفاء هوائه ومائه وغذائه....

 كان صدام قد ورط شعبه في حروب خاسرة وطويلة مع الجيران والأشقاء، واليوم فلول جيشه تفتعل أزمات طائفية بين أبناء الشعب الواحد وتحاول جره الى حرب طائفية بشعة لا تبقي ولا تذر وتتورط بها دول المنطقة وربما يصبح العراق ساحة للصراعات وأرضا محروقة.

 كان صدام يهجّر الناس من بيوتهم ويسلب أموالهم ويقتل رجالهم وتحت أغطية طائفية، واليوم فلول جيشه تهجر العوائل المسالمة قسرا من بيوتها وتختطف عنوة أبناءهم وتقتل ظلما رجالهم وتحت شعارات طائفية خسيسة. فما أشبه اليوم بالبارحة !.... وما أصدق صدام في تطبيق شعاراته وطموحاته وأراداته المنحرفة حيا كان وميتا !!!؟.

 قد يتساءل المرء وبأستغراب شديد كما يتساءل كل ذي عقل ووعي، ماذا جنى صدام حسين من شدة بطشه وقساوته وأنانيته وعنفه ضد الأبرياء وأبناء الشعب المسالمين، غير الخزي والمذلة والعار وضياع كل شيء منه !؟. لقد ضاعت سطوته وتبعثرماله وتشتت عائلته وزهقت روحه. فماذا تبغي فلول جيشه الخاسرة من بعده !؟، غير ما جناه قائدهم على نفسه وعلى أهله وعلى أبناء الوطن !؟.

 ألم يكن ذلك درسا قاسيا لهم لينتبهوا على أنفسهم ويحافظوا على سلامتها وسلامة عوائلهم وأحبائهم قبل أن ينال منهم قدر الحق بما نال به قائدهم ومثلهم الأعلى !؟. أم أنهم سينتبهوا ويعوا بعد فوات الأوان كما كان يعمل قائدهم ومعلمهم من قبل !؟. لنترك الأيام لتجيب..!!!.

شبكة النبأ المعلوماتية - الاثنين 15/كانون الثاني/2007 - 24 /ذي الحجة /1427