فتاوى التكفير الوهابية حسب الطلب لا حسب الشريعة

  عبر رجال الدين السعوديون الذين صعدوا لهجتهم المعادية للشيعة في الأشهر الأخيرة مع تصاعد العنف الطائفي في العراق عن سخطهم وأسفهم لإعدام الطاغية صدام، بالرغم من أن المفتي السعودي المعروف عبد العزيز بن عبد الله بن باز اصدر سابقا "فتوى تكفر صدام ونظامه البعثي".

ويذكر أن الفتوى موجودة على موقع ابن باز وكان نصها صريحا وواضحا(هل يجوز لعن حاكم العراق؟ لأن بعض الناس يقولون: إنه ما دام ينطق بالشهادتين نتوقف في لعنه، وهل يجزم بأنه كافر؟ وما رأي سماحتكم في رأي من يقول: بأنه كافر؟ الجواب : هو كافر وإن قال: لا إله إلا الله، حتى ولو صلى وصام، ما دام لم يتبرأ من مبادئ البعثية الإلحادية، ذلك إن البعثية كفر وظلال.

ونقلت رويترز أن إعدام صدام حسين في عيد الأضحى بيد جلادين ملثمين من الشيعة وجهوا له إهانات وهو على منصة الإعدام قد أثار مخاوف العرب السنة بان الحكومة العراقية يديرها شيعة طائفيون تملئهم الرغبة بالانتقام.

وتزداد هذه المشاعر بدرجة خاصة في السعودية ومصر وهما معقلان رئيسيان للسنة.

ويرى رجال دين من الوهابيين المتشددين في السعودية أن الإعدام يثبت إن شيعة العراق المتحالفين مع إيران كفار أعلنوا الحرب على السنة في حين إنهم سابقا"الوهابيون"قد كفروا صدام وأفكاره البعثية عندما اعتدى عليهم واحتل منطقة الخفجي السعودية أبان غزوه للجارة الكويت عام 1991.

ويستغرب المراقبون من أن نفس المؤسسة الدينية في السعودية التي كفرت صدام وأحلت دمه هي نفسها اليوم تعتبره شهيدا وتكفر من أقام القصاص عليه رغم انه انتهى على نفس المبادى المريضة التي يحمل، مما يوجه علامات تفيد بان الفتاوى تصدر طبقا لما تمليه مصلحة السلطة في السعودية لا طبقا لما تمليه الشريعة الإسلامية.

وأضافت رويترزان بعض السعوديين يقولون،كان إعدام صدام إهانة لإحساسهم بالشرف القبلي العربي.

 وقال تركي رشيد الذي ينحدر من قبيلة سعودية كبيرة "انها فرقة اعدام التي فعلت ذلك ... لكننا يجب ان نشكر كبار مسؤولي الحكومة الذين كانوا هناك لتصوير ما حدث والسماح لنا بأن نرى الحقيقة."

وقال "لكن أفضل شيء هو الطريقة التي تعامل بها (صدام) مع الموقف. حاربهم بلغة الجسد بعينيه وحديثه. لقد أصبح بطلا."

والفيلم غير الرسمي لإعدام صدام الذي التقط فيما يبدو بهاتف محمول أظهر مسؤولين شيعة وهم يوجهون الإهانات إلى صدام ويرددون اسم رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر ويلعنونه قبل إعدامه مباشرة.

وظهر صدام وهو يقف على منصة الإعدام شامخا في مواجهة السباب والإهانات مما جعل الإعدام يبدو مثل عمل انتقامي وليس تنفيذا للعدالة لارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

وتقول الحكومة العراقية المتحالفة مع الولايات المتحدة إنها تحقق في كيفية وصول لقطات تنفيذ الإعدام إلى وسائل الإعلام.

 وتشبه اللقطات غير الواضحة التي أذاعتها قناة تلفزيون العربية شرائط فيديو عمليات الإعدام التي قام بها مسلحون سنة عراقيون ينتمون لتنظيمات مثل القاعدة.

ويتبادل بعض السعوديين فيضا من الرسائل المؤيدة لصدام عبر الهواتف المحمولة، ونشرت صحيفة خليجية قصيدة شعر يشتبه السعوديون في أن مسؤولا حكوميا هو الذي أرسلها.

وفي جزء من القصيدة يوجد تهديد بالانتقام لإعدام صدام حيث تطالب القصيدة بالاستعداد للانتقام لصدام وتقول إن المجرم الذي وقع أمر الإعدام دون سبب صحيح مارس الغش في يوم الاحتفال بالعيد، وتمضي قائلة كم سيكون جميلا أن تخترق رصاصة قلب ذلك الرجل الذي خذل العروبة.

وأعدمت بغداد صدام في أول أيام عيد الأضحى.

وانتقدت كل من مصر والسعودية العراق بشأن التوقيت الذي أثار مشاعر دافقة مؤيدة لصدام في مصر أيضا.

وقال الكاتب مكرم محمد أحمد في صحيفة الأهرام المصرية يوم الأربعاء "الجميع داخل العراق وخارجه فهموا سوء التوقيت المقصود على انه رسالة ذات مغزى تستهدف امتهان كل إنسان عربي."

وتجمع عدة مئات من الأشخاص عند مبنى نقابة المحامين في القاهرة يوم الأربعاء لإقامة صلاة الغائب على روح رجل تولى على مدى ثلاثة عقود واحدة من أكثر الدكتاتوريات قسوة في العصر الحديث.

وقال ناصر العمر وهو من كبار رجال الدين الوهابيين هذا الأسبوع على موقعه بشبكة الانترنت إن التوقيت يبين الى أي مدى يكره الشيعة السنة في العراق وفي أنحاء العالم الإسلامي.

وقال العمر إنهم يريدون ربط صدام بالسنة وإلقاء اللوم على السنة في أخطائه وإظهار إعدامه على انه انتصار للشيعة.

وأوضحت السعودية أنها تريد بقاء القوات الأمريكية في العراق خوفا من تعرض السنة لمذابح على يد الشيعة.

واستخدم العمر لغة طائفية تستخدمها جماعات متشددة مثل القاعدة واصفا الشيعة بأنهم "صفويون" في إشارة إلى الأسرة الصفوية في القرن الخامس عشر التي جعلت من المذهب الشيعي المذهب الرسمي في إيران وبأنهم "أبناء العلقمي" في إشارة إلى الوزير الشيعي لآخر الخلفاء العباسيين الذي يقول السنة انه تآمر لجعل المغول ينهبون بغداد عام 1258 .

ويعتقد أن السعوديين يشكلون جزءا كبيرا من المقاتلين العرب الذين انضموا إلى تنظيم القاعدة الإرهابي في العراق بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 والذي أنهى حكم صدام،ووضع الشيعة في السلطة عن طريق الانتخابات كأكثرية مطلقة.

واستخدمت القاعدة التفجيرات الانتحارية في ارتكاب مذابح ضد المدنيين الشيعة في العراق وكذلك في المناطق المختلطة منطلقين من فتوى سنية تفيد انه لو قتل البرئ فأنت قد عجلت له بالجنة ولو قتل المجرم عجلت له بالنار ولا يهم إن قتل الأطفال والنساء واستبيحت دماؤهم بغير ذنب،علما أن هناك حديث نبوي شريف صريح وواضح يقول إن هدم جدار الكعبة لهو أهون على الله من إراقة دم مسلم.

وفي تقرير ذكرته الـ(bbc) إن الولايات المتحدة اتهمت السعودية بانتهاك الحريات الدينية في تعنيف رسمي نادر لحليف وثيق ومنتج رئيسي للنفط.

وفي تقرير سنوي حول الحريات الدينية أدرجت وزارة الخارجية الأمريكية المملكة العربية السعودية لأول مرة ضمن قائمة تضم ثمانية بلدان وصفت بأنها "مصدر قلق خاص".

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية "لا وجود لحرية الدين" في السعودية.

ويتيح تصنيف يوم الأربعاء المفاجئ فرض مجموعة من العقوبات على السعودية لكن ليس هناك أي توقعات بفرض أي منها على اكبر مصدر للنفط في العالم.

وقال مسؤول بوزراة الخارجية الأمريكية طلب عدم ذكر اسمه "إنه أسلوبنا في إرسال إشارة واضحة إلى السعوديين بان هذه مسالة خطيرة بالنسبة لنا وإننا نريد الحديث معهم بشأن إبداء تسامح مع المعتقدات الدينية والممارسات الأخرى."

وقال التقرير انه" لا وجود لحرية العقيدة في المملكة العربية السعودية" وإن المسيحية وكل رموزها- بما في ذلك الصليب وشجرة عيد الميلاد، محظورة في المملكة إلى جانب أماكن العبادة الأخرى بخلاف المساجد. وأضاف التقرير أن الجماعات التي لا تلتزم بالتعاليم الصارمة للإسلام تواجه "أصداء عنيفة على أيدي الشرطة الدينية في المملكة.

يذكر أن منظمة العفو الدولية كانت قد نشرت عام ألفين تقريراً حول انتهاكات حقوق الإنسان بالمملكة العربية السعودية. وقد اتهم التقرير المملكة بانتهاكات واسعة المجال لحقوق الإنسان، كما اتهم القوى الغربية بالسكوت على تلك الانتهاكات لاعتمادها على النفط السعودي.

وقالت منظمة العفو الدولي إن القانون الجنائي السعودي يسهل التعذيب، بهدف انتزاع الاعترافات أو فرض الأمن والنظام، كما ذكرت أن غياب الإشراف القضائي، وحرمان السجناء من زيارات الأقارب والأطباء والمحامين يتيح المجال لإساءة معاملة السجناء.

كل ماتقدم يدعو الى التأمل في مصير ألا سلاميين المتطرفين والسلطة التي تقف ورائهم وتحميهم من غضب الشعوب لتحصل بالمقابل على الفتاوى التي تبيح لها استغلال المواطنين ليرضوا بالقليل ويجعلوا من الحاكم ولي أمر للمسلمين ومخالفته مخالفة للشريعة الإسلامية في حين يعرف القاصي والداني أن الرئاسة لا يحددها سوى الكفاءة والإخلاص للوطن لا حكم الوراثة والعائلة الذي لم ينزل الله به من سلطان. 

شبكة النبأ المعلوماتية - الاثلاثاء 9/كانون الثاني/2007 - 18 /ذي الحجة /1427