العراق بعد اربع سنوات في الصحافة البريطانية.. الطريق إلى الحرية معبد بالدماء

شبكة النبأ: رغم مضي حوالي أربع سنوات على غزو العراق، لا زال العراقيون يرزحون تحت وطأة الخوف وعدم الاستقرار

هكذا كتب باتريك كوبرن في صحيفة الاندبندنت اون صنداي حول الوضع الحالي في العراق مقارنا بما كان عليه أيام نظام صدام حسين.

وقال كوبرن إنه قبل أربع سنوات وخلال عملية الغزو قاد سيارته بأمان من أربيل إلى بغداد حيث كان حطام الدبابات العراقية منتشرا على جوانب الطرق، لكنه الان لا يستطيع أن يفعل ذلك لانه سيقتل أو يختطف قبل أن يصل إلى هدفه بمدة.

ولذا لا يجرؤ الوزراء الاكراد في الحكومة العراقية على السفر برا بين العاصمة وكردستان، حيث قتل ثلاثة من حرس وزير الخارجية هوشيار زيباري عندما حاولوا ذلك، بحسب المقال.

وأوضح الكاتب أنه ليس هناك أكذب من حديث رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والرئيس الامريكي جورج بوش حول تحسن الاوضاع واستقرارها في أجزاء من العراق.

ورأى الكاتب أن هناك تهوينا في الاعلان عن معدلات العنف وساق مثالا على ذلك تمثل في اختيار لجنة بيكر-هاملتون التي تشكلت من ديمقراطيين وجمهوريين بارزين في الولايات المتحدة، ليوم واحد فقط من الصيف الماضي أعلن فيه الجيش الامريكي وقوع 93 حادث عنف في العراق، وطلبت اللجنة من الاستخبارات الامريكية مراجعة هذه المعلومات فتبين أن الرقم الحقيقي لاعمال العنف في هذا يوم بلغ 1100 وأن الجيش الامريكي تعمد التقليل من مدى خطورة الاوضاع.

ولم تواصل القوات الامريكية تقدمها تجاه بغداد قبل 16 عاما، والكلام للكاتب، لان واشنطن لم ترغب في استبدال نظام صدام بأحزاب دينية شيعية تربطها علاقات بإيران، وهذا ما حدث بالضبط لان 60 بالمئة من الشعب من الشيعة.

أما الكارثة التي كانت في انتظار الشعب العراقي، بحسب الاندبندنت، فكانت الابعد عن التنبؤ حيث ساءت أوضاع الحياة اليومية خلال السنوات الاربع، فقد كان سكان بغداد في مايو 2003 يحصلون على ما بين 16 و 24 ساعة من التيار الكهربي يوميا.

أما اليوم فإن الرقم الرسمي هو ست ساعات فقط في أفضل الاحوال في مدينة من أكثر مناطق العالم سخونة بحيث يكون كارثيا غياب الثلاجات والمبردات وأجهزة التكييف، بحسب الكاتب.

وأشار الكاتب إلى وجود حوالي خمسة ملايين طفل عراقي دون الخامسة، عاشوا معظم حياتهم منذ سقوط نظام صدام، موضحا أن أرقام منظمة اليونيسف تؤكد أن 20 بالمئة من هؤلاء يعانون من سوء تغذية حاد تعوق نموهم.

ويختتم الكاتب مقاله بعد عقد مزيد من المقارنات والمشاهدات المباشرة له في بغداد، بالقول إن الناس في بغداد اعتادوا على القول إن الحياة في ظل نظام صدام كانت آمنة إلى حد ما طالما ابتعدت عن السياسة، وهذا صحيح فيما يتعلق بالجريمة: فخلال حرب عام 1991 علقت ذات مرة في المنطقة شبه الصحراوية بين بغداد والموصل بسبب تعطل سيارتي فواصلت رحلتي إلى الموصل من خلال طلب توصيلات من المزارعين المحليين دون أن أتعرض لاي تهديد.

وإذا فعلت ذلك الان فسوف يتم إيقافي وربما قتلي عند أي حاجز تفتيش رسمي أو غير رسمي على الطريق.

صحيفة الصنداي تايمز نشرت تقريرا حول استطلاع بريطاني للرأي حول الاوضاع في العراق. وأظهر الاستطلاع الذي شمل أكثر من خمسة آلاف عراقي أن الغالبية من العراقيين يعتقدون أن أوضاعهم الحياتية الان أفضل مما كانت عليه في ظل نظام صدام حسين.

وكشف الاستطلاع الذي أجرته هيئة أبحاث الرأي البريطانية أن واحدا من كل أربعة عراقيين فقد أحد أفراد أسرته، وأن واحدا من كل أربعة في العاصمة بغداد تعرض أحد أقاربه للاختطاف، وأن واحدا من كل ثلاثة عراقيين قال إن أفرادا في عائلته هربوا إلى خارج البلاد.

لكن عند سؤالهم عما إذا كانوا يفضلون الحياة في ظل نظام صدام حسين، الذي أعدم شنقا في ديسمبر كانون الاول الماضي، أم نظام رئيس الوزراء نوري المالكي، جاء رد الغالبية بأن الاوضاع الحالية أفضل، بحسب التايمز.

ومن بين نتائج الاستطلاع التي نقلتها الصحيفة اعتقاد 27 بالمئة فقط من العراقيين أن العراق يعيش حربا أهلية مقارنة بـ 61 بالمئة لا يعتقدون ذلك.

مراسل صحيفة الصنداي تليجراف، كولن فريمان، نشر تحقيقا حول مشاهداته في العراق خلال مرافقته للقوات الامريكية والعراقية في بغداد.

وجاء التقرير تحت عنوان "دع ضميرك يتحدث وقد يغفر الله لك"، أما العنوان الفرعي فكان: مع تراجع عمليات القتل وانتشار المسلحين تزعم الولايات المتحدة بحذر أن بغداد تشهد تحسنا في الاوضاع الامنية منذ بداية تطبيق خطتها للعاصمة قبل شهر. ومع ذلك فإن كولن فريمان المصاحب للقوات الامريكية والعراقية في شوارع المدينة وجد أدلة قوية على استمرار انتشار عمليات الخطف والصراع الطائفي".

وفي إحدى مشاهداته التي رواها الصحفي قال إنه حضر تحقيقا قام به عسكريون أمريكيون وعراقيون مع أحد سكان حي الجامع السني والذي قال إن عصابة خطف طرقت بابه ذات يوم وعرضت عليه مبلغ ألف دولار نظير حراسته ورعايته برهينة شيعية.

ونقل الصحفي عن الشخص قوله "قالوا لي لدينا خروف، خروف شيعي، ونريد أن نحتفظ به هنا، وعرضوا علي 100 دولار لمراقبته وقد وافقت وقلت لهم أني محتاج للمال، وبمجرد رحيلهم أبلغت السلطات".

وبفضل بلاغ "المصدر" تمكنت السلطات من اعتقال نصف عدد أفراد خليفة الخطف وجاري التحقيق معها لمعرفة مكان الرهينة وباقي أفراد العصابة الذين لا يزالون يتصلون بشقيقه مطالبين بفدية، بحسب الكاتب.

وأضافت التليجراف أن أحد المحقق معهم في هذه القضية شاب في السابعة عشر من عمره وأنه كان الحلقة الاضعف حيث كان يرتجف خلال التحقيق معه وأن الضابط العراقي قال له "دع ضميرك يتحدث وقد يغفر الله لك"، لكنه أصر أنه لا يعرف شيئا عن مكان الرهينة وأن والده هو من أجبره على العمل مع العصابة .

في صحيفة "الديلي تليجراف" يلخص جون كيجان صورة الوضع الراهن في العراق، ويقول إن كثيرين يرون أن العراق وقع بالفعل في أتون الحرب الأهلية، إلا أنه يرى أن الحرب الأهلية عادة ما تتصارع فيها القوى المتنازعة من أجل السيطرة على السلطة، في حين أن النزاع في العراق هو صراع طائفي وعرقي يتداخل فيه عنف الجماعات الإرهابية تحت شعارات إسلامية.

ويقول إن القوى الغربية تأمل في إنزال الهزيمة بالمسلحين والإرهابيين عن طريق تقوية الجيش العراقي وتجهيزه لكي يحل محل القوات الأمريكية والبريطانية هناك.

ولا يرى الكاتب أن هذا الأمل قريب التحقق، وبالتالي ليس من الممكن وضع أي تصور عملي أو بالأحرى، جدول زمني للانسحاب من العراق قبل أن تعود الثقة بالكامل إلى القوات العراقية.

وفي افتتاحية صحيفة الديلي تلجراف مقال بعنوان "بوادر أمل في العراق" ورد فيه "ان نتائج استطلاع شمل 2000 عراقي تعطي صورة قاتمة ، حيث أبدى أقل من 40 في المئة من الذي شاركوا في الاستطلاع تفاؤلا في المستقبل، مقارنة بواحد وسبعين في المئة العام الماضي".

ويتابع المقال القول أن ما يدعو للقلق ان 51 في المئة من الذين شاركوا في الاستطلاع عبروا عن دعمهم لهجمات قائمة على أسسس سياسية تشن ضد قوات التحالف، مع أن 63 في المئة من السكان يريدون بقاء قوات التحالف حتى استعادة الأمن.

ويذهب المقال الى القول "حتى أكثر مناصري الحرب حماسا يقرون ان ادارة الأوضاع ما بعد الحرب كانت كارثية".

ويخلص المقال الى القول ان توني بلير وجورج بوش اللذين يتحملان نصيب الأسد من اللوم على الفوضى التي عمت العراق بعد الحرب يدركان أن عليهما اتمام المهمة، وان بوش كان على حق حين صرح بالأمس ان مغادرة القوات الأمريكية للعراق سيجلب كارثة لأمن الغرب.

وفي الختام يقول كاتب الافتتاحية ان ما يمكن استنتاجه من استطلاع الرأي أن غالبية العراقيين لا يريدون أن يروا بلادهم تتردى في حرب أهلية مهما كان المدى الذي تبلغه التناحرات الطائفية.

وفي صحيفة الجارديان كتب سامي رمضاني تحت عنوان "في العراق، الغضب الشعبي يتحول الى وحدة أخيرا".

والوحدة التي يقصدها رمضاني هي وحدة الموقف من عدة قضايا شملها استطلاع للرأي في العراق أعلنت نتائجه بي بي سي ، لعل أهمها اجماع 86 في المئة ممن شملهم الاستطلاع على رفض تقسيم العراق.

ويقول رمضاني ان نجاح قوات الاحتلال في تكتيكات "فرق واحكم" واصرارها على أن تكون الطائفية والأديان والانتماء العرقي هي أساس التركيب السياسي والعسكري يهدد تلاحم ووحدة المجتمع العراقي وهو ما كان صفة مميزة لهذا المجتمع، كما يقول الكاتب.

في صحيفة الاندبندنت أيضا افتتاحية بعنوان "أربع سنوات من المعاناة المؤلمة" تتناول هي الأخرى بالتحليل الاستطلاع الذي أجرته بي بي سي في العراق حول شعور الناس حول ما يجري في بلدهم.

ويقول كاتب الافتتاحية ان العراقيين ليسوا وحدهم الذين عانوا نتيجة الحرب، وان كانوا الأكثر معاناة.

ويعتبر كاتب الافتتاحية من بين الذين يعانون من الحرب الجيش البريطاني الذي يخوض حربا لا يدعمها في بلده الا القليلون، والاعجاب بشجاعتهم واخلاصهم لا ينفي كون القضية التي يقاتلون من أجلها قضية عقيمة وخاطئة، كما تقول الصحيفة.

ويختم كاتب الافتتاحية مقاله بالقول: " لقد جعل العراق الولايات المتحدة تبدو ضعيفة في عيون العالم، وقد أصبحت بريطانيا مناهضة للولايات المتحدة كما كانت فرنسا دائما، حيث لا يتجاوز عدد البريطانيين الذي يعتبرون الولايات المتحدة "قوة خيرة" ثلث عدد السكان.

أما دعم السكان المحليين في العراق وأفغانستان وبقية أنحاء العالم فانه، يقول المقال، يضعف يوميا بدلا من أن يقوى.

أما الذين يظنون أنهم كسبوا الحرب، فانهم يفقدون السلام مع كل يوم يمر، بهذه الكلمات تختتم صحيفة الاندبندنت افتتاحيتها.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 21 آذار/2007 -1/ربيع الاول/1428