بعد أربعة أعوام من بدء حرب العراق: هل فشلت استراتيجية النجاح لبوش؟

 

شبكة النبأ: بعد أربع سنوات من بدء الحرب على العراق يقول محللون ان الرئيس الامريكي جورج بوش ضحى بالكثير من برامجه في الداخل وأضعف مصداقية الولايات المتحدة في الخارج في سعيه لتحقيق نوع من بناء الدولة كان يسخر منه في السابق حسب رويترز.

وتراجعت نسبة التأييد لادائه من 90 في المئة بعد قليل من هجمات 11 سبتمبر ايلول عام 2001 الى ما يزيد قليلا عن 30 في المئة.

وبدد بوش حُلم تأكيد سيطرة الجمهوريين على الكونجرس وأصبحت إدارته تتعرض لانتقادات شديدة من الديمقراطيين والجمهوريين على السواء.

وقال ريتشارد ايتشنبرج الاستاذ في جامعة تافتس الذي اجرى دراسة على معدلات التأييد لبوش "ليس لدي شك ببساطة في أن حرب العراق قوضت الى حد كبير قدرة بوش على عمل أشياء أخرى محليا ودوليا."

وأضاف "عندما أُعيد انتخابه في خريف عام 2004 فسر هذه الانتخابات... بقوله (لديَ رصيد سياسي سوف أنفقه). ولكن حقيقة الامر أنه أنفقه كله على العراق ولم يبق لديه سوى القليل."

وتوصل ايتشنبرج وريتشارد ستول من جامعة رايس في بحثهما في نتائج استطلاعات الرأي الخاصة بالرئيس الى أن معدلات التأييد لبوش بعد غزو العراق أصبحت مرتبطة بأعداد القتلى والجرحى وأقل ارتباطا بالعوامل التقليدية مثل الاقتصاد.

وقال ستول "الامر يشبه من نواح كثيرة ما حدث للرئيس ليندون جونسون في فيتنام." وأضاف أن الحرب "تبدو نوعا ما قضية كبيرة لدرجة انها تزيح كل شيء آخر تقريبا من جدول الأعمال."

وفي سنواته الاولى في الرئاسة حصل بوش على موافقة الكونجرس على خفض للضرائب بقيمة 1.35 تريليون دولار على مدى 11 عاما وأجرى إصلاحا شاملا لقانون التعليم في البلاد وأضاف إعانة أدوية لبرنامج الضمان الصحي للمسنين.

وقفرت معدلات التأييد لادائة الى 90 في المئة بعد هجمات 11 سبتمبر أيلول وساعده ذلك التأييد في المضي في عملية إعادة تنظيم كبيرة للمخابرات الاتحادية وعمليات رد الفعل الطارئة ودمجها في وزارة الامن الداخلي.

وحتى بعد أن شن حربه على الارهاب ضد تنظيم القاعدة ومؤيديه من حركة طالبان في أفغانستان حافظ بوش على دعم قوي في الداخل والخارج خصوصا بين الحلفاء في غرب أوروبا على حد قول ايتشنبرج.

وبدأ القلق يتصاعد بشأن سياسات بوش إثر قيامه بغزو العراق في 20 مارس اذار عام 2003. واعتبر اعلانه انتهاء العمليات العسكرية الرئيسية بعد ستة أسابيع من بدء الحرب متسرعا.

وفشل المفتشون في العثور على أسلحة الدمار الشامل التي كانت ذريعة بوش لشن الحرب وأبطأ الامريكيون في وقف النهب واعادة الكهرباء واستئناف انتاج النفط. وبدأ مشروع العراق يبدو أنه مهمة متسرعة بلا مبرر يذكر ودون تخطيط لما بعد الحرب.

ومع تزايد أعداد القتلى أخذت معدلات التأييد لاداء بوش تتراجع بشكل مستمر حتى الان. وأُعيد انتخابه للرئاسة بفارق ضئيل في عام 2004 حيث تعهد بكسب الحرب على الارهاب واصلاح برنامج الضمان الاجتماعي الخاص بالتقاعد والتصدي للهجرة غير المشروعة وتعزيز الاغلبية الجمهورية في الكونجرس.

ولم يُحقق تقدما يُذكر في القضايا الداخلية بعد الانتخابات.

وقال بول لايت وهو أستاذ في جامعة نيويورك متابع لشؤون الكونجرس "لا أستطيع (مجرد) التفكير في تشريع رئيسي واحد أثر فيه أو بلوره."

وفقد حزب بوش الجمهوري السيطرة على الكونجرس في انتخابات عام 2006 وسط فضائح وتزايد الاستياء العام إزاء الحرب.

ومنذ سيطرتهم على الكونجرس وضع الديمقراطيون الادارة في موقف دفاعي ووضعوا برنامجهم الخاص موضع التنفيذ واجروا تحقيقات وضغطوا على بوش لتغيير المسار في العراق.

ولا تزال صورة الولايات المتحدة في الخارج تواجه مشاكل رغم جهد منسق من الادارة لاصلاح الضرر الذي لحق بتلك الصورة عبر التشاور مع الحكومات الأُخرى.

وقال ايتشنبرج ان "التاثير كان مدمرا". وأضاف "مكانة أمريكا في الخارج هي بكل المقاييس في أدنى مستوياتها على مدى التاريخ. هذا أمر حقيقي في اوروبا وحقيقي في غيرها من مناطق العالم. وما اذا كان ذلك سيمكن تغييره في ظل ادارة جديدة جمهورية أو ديمقراطية هو ما يتعين علينا ان ننتظر لمعرفته."

لكن للمعسكر بوش رأي آخر فقد أصدر البيت الأبيض بمناسبة حلول الذكرى الرابعة لبدء العمليات الحربية المعروفة بعملية حرية العراق بيان حقائق عدد ما تم تحقيقه من تقدم على صعيد الانتخابات وإقرار دستور دائم للبلاد وتشكيك حكومة دائمة وحلول حكم ديمقراطي محل دكتاتورية النظام السابق.

وعدد البيان الإنجازات التي تم تحقيقها على صعيد تشكيل ونشر قوات الأمن العراقية من شرطة وجيش يبلغ عددها نحو 329 ألف جندي. وأشار إلى اتفاق العراقيين على تحقيق التوافق السياسي والمصالحة الوطنية وعلى ضرورة إنهاء الاقتتال الطائفي وتوفير الأمن في البلاد.

وعرض البيان الاستراتيجية الجديدة التي أعلنها الرئيس بوش للعراق في بداية العام وتهدف إلى تحقيق الأمن في بغداد وتخفيض العنف إلى جانب العمل المدني والسياسي وإشراك جيران العراق في تلك الجهود.

وقال البيان الذي جاء تحت عنوان، بعد أربع سنوات، استراتيجية جديدة تتطلب الأناة والتصميم:

مع حلول الذكرى السنوية الرابعة لبداية عملية حرية العراق قد حلّت محل نظام دكتاتوري وحشي حكومة منتخبة ديمقراطيا تعمل في ظل دستور من أكثر الدساتير تقدما في العالم العربي. وفي حين أنه ما زال هناك كثير من العمل الذي ينبغي أداؤه، هناك بوادر تقدم مشجعة.

إن تحقيق أهدافنا يحتاج إلى تأن وتصميم فقوات الأمن العراقية تنهض وتتقدم لتولي زمام السيطرة على أمن بلادها. وتواصل قوات الأمن العراقية اكتساب قوتها وهي تقاتل إلى جانب قوات الائتلاف. والتزامها وتضحيتها فعلية. فمستوى الإصابات بين قوات الأمن العراقية الآن أعلى منه بين قوات الإتلاف.

يشغّل العراق الآن 9 ألوية شرطة وطنية و31 لواء من الجيش العراقي، أي ما يعني أن هناك نحو 329,000 عنصر في قوات الأمن العراقية يخاطرون بحياتهم في سبيل ضمان أمن بلدهم وإتاحة المجال أمام المسيرة السياسية.

هناك 9 فرق من أصل 10 فرق من الجيش العراقي تتولى مركز الصدارة في مناطق عملياتها.

تسلمت 3 محافظات من أصل 18 محافظة عراقية المسؤولية الكاملة عن أمنها.

تستمر العمليات التي خططها ونفذها العراقيون في جميع أنحاء البلاد. والأهم من ذلك كله أن تلك العمليات تتم بقيادة عراقية.

بدأ العراقيون في إنجاز المعايير الخاصة بتحقيق التوافق السياسي

في شباط/فبراير 2007 وافق مجلس الوزراء على قانون الهيدروكربون (النفط والغاز والفحم) الوطني الذي يوفر توزيعا منصفا لعائدات النفط على كل البلاد. ويحتاج القانون الآن إلى موافقة مجلس النواب لتنفيذه.

وافقت الحكومة العراقية في الشهر الماضي أيضا على ميزانية تشمل مخصصات تبلغ 41 ألف مليون دولار منها 10 آلاف مليون دولار لإعادة البناء واستثمارات رأس المال و7 آلاف و300 مليون دولار لتطوير قوات الأمن العراقية وللنفقات المتعلقة بالشؤون الأمنية.

يجب على القادة والزعماء العراقيين أن يوفوا بتعهداتهم التي التزموا بها وتشمل ما يلي:

تخفيف القيود التي يشملها قانون تصفية البعث.

وضع إطار وتحديد موعد لانتخابات المحافظات.

مواصلة ملاحقة عملية إعادة النظر في الدستور. ولجنة مراجعة الدستور التي تشمل ممثلين عن كل الكتل السياسية الرئيسية عاكفة الآن بمساعدة فنية من الأمم المتحدة على عملها، ومن المرجح أن تعرض التعديلات المقترحة للدستور على البرلمان خلال الشهرين القادمين.

عقد العراق في 12 آذار/مارس مؤتمرا إقليميا ضم ثلاث عشرة دولة بما فيها دول الجوار والولايات المتحدة والأمم المتحدة والمؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية أيضا. وقد بحث المشاركون في المؤتمر القضايا ذات الاهتمام المشترك بالنسبة للعراق واتفقوا على تشكيل مجموعات عمل مختصة بأمن الحدود واستيراد الوقود واللاجئين. وهم ينوون عقد مؤتمر إقليمي آخر على المستوى الوزاري في نيسان/أبريل القادم، وستحضره وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس.

أعلن العراق والأمم المتحدة في 27 تموز/يوليو البداية الرسمية للتعاقد الدولي مع العراق. ومن شأن هذا التعاقد الذي تشترك فيه الحكومة العراقية والأمم المتحدة بدعم من البنك الدولي أن يجمع بين المجتمع الدولي والمنظمات الأممية المتعددة الجنسيات لتعمل على مدى خمس سنوات على مساعدة العراق في تحقيق الإصلاحات الهامة، وعلى نموه التام ليصبح عضوا مندمجا في المجتمع الاقتصادي الدولي.

في 16 آذار/مارس 2007 حث الأمين العالم للأمم المتحدة بان كي مون ممثلي أكثر من 90 بلدا على دعم ذلك التعاقد. وقد أنهى الممثلون في ذلك الاجتماع وضع صيغة التعاقد وهم ماضون الآن نحو مرحلة توقيعه رسميا وتنفيذه.

وأعلن الرئيس بوش في كانون الثاني/يناير استراتيجية جديدة للعراق. والأولوية القصوى في هذه الاستراتيجية هي تخفيض العنف في بغداد، ومنح القادة العراقيين فرصة التقاط الأنفاس التي يحتاجونها لتحقيق التقدم السياسي. وتمكّن من إجراء التعزيزات التي تحتاجها، كما تطالب الحكومة العراقية المنتخبة بفعل المزيد. وقد رأينا تقدما ملموسا، لكن العمل هناك لن يتم إنجازه في أيام أو أسابيع، فهو يتطلب نهج عمل مستديم على مدى شهور عديدة. وتشتمل الاستراتيجية على ما يلي:

إنشاء أكثر من 45 "محطة أمنية مشتركة" في بغداد. وهذه المحطات عبارة عن مراكز في الأحياء التي تنتشر فيها القوات الأميركية والعراقية معا على مدار الساعة لتوفير الأمن للمواطنين وتقديم المساعدات الطارئة للسكان المحليين وجمع المعلومات بهدف اجتثاث شبكات المتطرفين من كل العاصمة.

زيادة وتيرة تدريب الجيش والشرطة العراقيين, وذلك لكي نتأكد من أن القوات العراقية تصبح قادرة على توفير الأمن الذي يحتاجه العراق.

الأمر بإرسال تعزيزات إلى العراق تشمل أكثر من 20,000 جندي مقاتل. ومن المقرر إرسال الجزء الأكبر من تلك القوات إلى بغداد. وقد أصبح لواءان من الألوية الخمسة التي تعهدنا بإرسالها لخوض القتال في مواقعهما ويقومان بعمليات مع نظرائهما العراقيين. وقد بدأ تدفق وتحرك اللواء الثالث على الكويت ويستمر وصول القوات يوميا.

تعزيز جهودنا المدنية والدبلوماسية. يتم في الوقت الذي يجري فيه تعزيز قواتنا العسكرية مهمتها في بغداد الكبرى ومحافظة الأنبار بذل جهد مكمّل على الصعيد المدني من خلال مبادرة مشتركة بين وزارتي الدفاع والخارجية لمضاعفة عدد فرق إعادة إعمار المحافظات في العراق مع التركيز بشكل أساسي على بغداد ومحافظة الأنبار. وقد أتمت أول مجموعة من المتطوعين المدنيين تدريبها وستُرسل إلى العراق بحلول نهاية الشهر الحالي.

تنفيذ هذه الاستراتيجية سيتطلب عملا دائما على مدى شهور عديدة، ولكننا شهدنا تقدما بالفعل.

فقد أكملت الحكومة العراقية نشر ثلاثة ألوية من الجيش العراقي في العاصمة. وتنضم هذه القوات الإضافية إلى تسعة ألوية من الشرطة الوطنية وسبعة ألوية من الجيش العراقي المنتشرة حاليا في منطقة بغداد الكبرى.

أكد رئيس الوزراء المالكي أنه لن يكون هناك أي تدخل سياسي في العمليات الأمنية. ورفع القادة والزعماء العراقيون القيود التي كانت تمنع القوات العراقية وقوات الإتلاف من دخول مناطق معينة، وأصبحت القوات الأميركية والقوات العراقية تتعقب العدو الآن في أحياء كمدينة الصدر التي كانت العمليات ممنوعة فيها في السابق.

تم إنشاء نحو نصف المحطات الأمنية المنوي إنشاؤها في أحياء بغداد.

ألقت القوات الأميركية والعراقية القبض على مئات الأشخاص الذين لهم علاقة بجماعات العنف المتطرفة، وعثرت على منشآت لصنع الأسلحة ودمرتها وصادرت كميات كبيرة من الأسلحة بما فيها أنظمة أسلحة الهاون والقذائف الصاروخية.

شنت القوات العراقية والقوات الأميركية عمليات ناجحة ضد المتطرفين السّنّة.

انخفضت أعمال القتل الطائفي في بغداد خلال عدة أسابيع مضت عن معدلها في الشهر الذي سبق.

تم تدمير مصنعين رئيسيين للغم السيارات المفخخة في ضواحي بغداد.

تم تدمير شاحنتين مجهزتين بمدافع رشاشة ثقيلة كانت تستخدم لمشاغلة طيران الائتلاف.

بدأ عدد من القبائل السنية في محافظة الأنبار الاتحاد ضد المتطرفين موفرين بذلك موجة جديدة من المجندين العراقيين الذين ينضمون إلى القتال ضد الإرهابيين.

خاطر ملايين العراقيين بحياتهم في سبيل تأمين مستقبل الديمقراطية لبلدهم ولن تتخلى أميركا عنهم في وقت الحاجة. فالأغلبية العظمة من المواطنين العراقيين تريد أن تعيش في سلام وهم يبرهنون على شجاعتهم في كل يوم.

وافق الناخبون العراقيون في تشرين الأول/أكتوبر 2005 على دستور جديد دائم.

وفي كانون الأول/ديسمبر 2005 تحدى نحو 12 مليون عراقي السيارات الملغمة والقتلة كي يختاروا حكومة دائمة في انتخابات حرة بموجب دستور جديد.

في نيسان/أبريل 2006 أعلن القادة العراقيون الاتفاق على توزيع المناصب الكبرى في حكومة وطنية توحد بين السنة والشيعة والأكراد برئاسة جلال الطالباني ورئاسة نوري المالكي للوزارة.

في تشرين الثاني/نوفمبر 2006 حكمت محكمة عراقية على صدام حسين بالإعدام للمذبحة التي ارتكبها نظامه في بلدة الدجيل. وأعدم الدكتاتور السابق في كانون الأول/ديسمبر 2006.

إن استراتيجيتنا الجديدة تبني على ما ثبت نجاحه وتصحح ما لم ينجح في العراق. وهي تأخذ في حسابها بشكل خاص المستوى المرتفع للعنف الطائفي الذي شهده مجرى العام 2006، وهي مصمَّمة لكي تساعد العراقيين على هزيمة المتطرفين من كل الفئات وتوفير الفسحة الضرورية أمام التقدم نحو توافق سياسي ذي معنى.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 19 آذار/2007 -29/صفر/1428