زفاف جمال مبارك وترتيبات التوريث والخلافة المصرية

شيكة النبأ: ربما قد انتقل الهمس والاشارات المفهومة بين المتحاورين الحذرين في الشارع المصري الى طور العلن والتحدث بصوت مسموع نسبيا وان كان لا يزال خافتا الى حد ما والذي ينطلق من الاعتقاد بان زفاف نجل الرئيس المصري حسني مبارك يشكل جزءاً آخر من مخطط توريث الحكم للابن الأكبر للرئيس حسني مبارك الذي يرجح الكثير من المحللين الى انه سيكون مرشح الحزب الحاكم في الانتخابات الرئاسية القادمة.

وقد يبدو أن جمال مبارك (43 عاما) نجل الرئيس المصري حسني مبارك كان يقوم بالحملة الانتخابية في المحافظات المصرية. غير أنه ليس مرشحا رسميا لاي منصب يشغل بالانتخاب.

وفي مدينة المنيا على ضفاف النيل ترأس جمال بوصفه مسؤولا كبيرا بالحزب الحاكم اجتماعات عامة وتحدث مع مواطنين كبار وقبل نسخا من المصحف أهديت إليه كما تسلم باقات من الزهور وعاين حرفا يدوية بمدرسة للبنات.

وسيتخذ خطوة أخرى قد تساعده في أن يكون مؤهلا لشغل أكبر منصب في البلاد وهو الرئاسة التي يتولاها والده منذ أكثر من ربع قرن من الزمان.

ففي حفل عائلي بالقاهرة سيعقد قران جمال على خديجة الجمال ابنة رجل الاعمال الثري محمد الجمال والتي تصغره بأكثر من 20 عاما.

ويقول محللون إن المصريين سيصعب عليهم قبول رئيس أعزب لبلدهم. ويشيرون إلى أن الرئيس السوري بشار الاسد الذي كان أعزب عندما خلف والده حافظ الاسد في السلطة في عام 2000 تزوج بعد أقل من ستة أشهر من توليه الرئاسة.

وقالت جميلة اسماعيل زوجة السياسي المعارض السجين أيمن نور الذي خاض انتخابات الرئاسة أمام مبارك في عام 2005 "الامور تسير بشكل كامل نحو هدفها."

واضافت لرويترز، "الزفاف هو الجزء الاخير قبل اسدال الستار وتولي جمال الرئاسة."

وتنسجم خديجة التي ابتعدت الى حد كبير عن المناسبات العامة حتى الآن مع صورة "السيدة الاولى" التي وضعتها حماتها في المستقبل سوزان ومن قبلها جيهان السادات.

وكرست سوزان مبارك وجيهان أرملة الرئيس أنور السادات الذي اغتيل في عام 1981 صورة المرأة الحديثة ذات الشخصية العالمية. ولا تغطي كل منهما شعرها على خلاف أكثر

من 80 في المئة من المصريات.

وتتحدث خديجة الانجليزية بطلاقة مثل كل من سوزان وجيهان. كما أنها تخرجت من الجامعة الامريكية في القاهرة التي درس بها جمال أيضا في الثمانينات.

وكان أبرز ظهور لها خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في مدينة شرم الشيخ الساحلية على البحر الاحمر العام الماضي عندما جلست بين جمال ورئيس الوزراء أحمد نظيف واختلطت برجال أعمال دوليين.

ونفى الرئيس مبارك ونجله وجود أي خطط لديهما لتوريث الرئاسة لجمال وهو مصرفي سابق يتولى منصب الامين العام المساعد ورئيس لجنة السياسات بالحزب الوطني الديمقراطي الحاكم.

لكن محللين والمعارضة يقولون إنه لا يوجد أي تفسير مقبول آخر لانشطته السياسية على مدى السنوات الخمس الماضية وبروزه التدريجي على المسرح العام.

وقالت صحيفة الدستور المعارضة يوم الاربعاء إن "استفادة جمال من الرئيس ليست ماضية أو حاضرة فقط .. فهو أيضا ينتظر استفادة مستقبلية... أن يكون الرئيس القادم."

وكانت وسائل الاعلام الرسمية تغطي أنشطة جمال مبارك السياسية فقط على نحو متفرق وغير متتابع. لكنها الان تنشر صورته مثلما تعرض دائما صور كثير من الوزراء لجعله وجها مألوفا لعدد متزايد من المصريين.

ويقول محللون إن السؤال الآن ليس ما اذا كان جمال هو الخليفة الذي جرى اختياره وانما السؤال هو كيف ستنظم أسرة مبارك والحزب الحاكم عملية نقل سلس للسلطة.

والشخصية الوحيدة التي تعلوه منصبا في الحزب الحاكم هو الامين العام للحزب صفوت الشريف الذي يخدم في الحكومة بلا انقطاع منذ الستينات ولا يعد منافسا جادا على خلافة مبارك.

ويحتفل مبارك بعيد ميلاده التاسع والسبعين في الرابع من مايو ايار وهو اليوم الذي تجرى فيه مراسم الزفاف في شرم الشيخ. وفاز مبارك بفترة رئاسية سادسة في سبتمبر ايلول 2005 ولم يسبق أن عين نائبا له.

واذا لم يستمر مبارك حتى نهاية فترته الرئاسية الحالية في عام 2010 يتولى رئيس الوزراء السلطة مؤقتا غير أن اختيار خليفة للرئيس سيعود إلى الحزب الحاكم الذي لن يواجه مرشحه منافسة تذكر من أحزاب المعارضة القادرة على طرح مرشحين للرئاسة.

وبموجب تعديلات دستورية أقرت في عام 2005 وخلال العام الجاري لن تتمكن جماعة الاخوان المسلمين أكبر قوة معارضة في مصر من طرح مرشح عنها نظرا لرفض الحكومة السماح لها بتشكيل حزب سياسي.

ويعتقد الكثير من المصريين أن زفاف نجل الرئيس المصري حسني مبارك يشكل جزءاً آخر من مخطط توريث ابنه الأكبر، جمال، الحكم من بعده.

ورغم أن أسرة مبارك تنفي وجود مثل هذه الخطط والمخططات، إلا أن المشاعر بأن جمال مبارك يتم إعداده ليصبح الرئيس المقبل تثير معارضة واسعة النطاق في مصر بل والسخرية والازدراء، ما يلقي بشكوك عميقة بشأن مستقبل واحدة من أهم الدول الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة.

وقد عمل "مبارك الكبير" على تهميش أي منافس حقيقي آخر، بحيث لم يبرز أي مرشح آخر، وفق ما ذكرت الأسوشيتد برس.

فقد بدأ نجم جمال، البالغ من العمر 43 عاماً، يبزغ بصورة سريعة ليصبح الشخصية الأكثر نفوذاً في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، وقاد برنامجاً للتحرر الاقتصادي.

وبات كثيرون ينظرون إلى أي خطوة حكومية باعتبارها خطوة أخرى نحو "التوريث".

وعلى الجانب السياسي، يقول منتقدو الحكومة إن الإصلاحات الديمقراطية الحكومية المثيرة للجدل، بما فيها تعديل

الدستور في شهر مارس/آذار الماضي، جاءت لتمهد الطريقة أمام جمال لتولي الحكم عندما تحين اللحظة المناسبة.

ويهدف زفاف جمال، الذي تم تحديده في الرابع من مايو/أيار المقبل والذي يصادف عيد ميلاد حسني مبارك التاسع والسبعين، للتغطية على الجانب الاجتماعي، وضمان أنه ينسجم مع صورة رجل الأسرة المتوقع من قائد عربي، وفق ما يقول المنتقدون.

يذكر أن جمال سيعقد زفافه على الفتاة الشقراء خديجة الجمال، ذات الأربعة والعشرين ربيعاً، وهي ابنة رجل أعمال ثري، حيث سيعقد في منتجع شرم الشيخ الباذخ في شبه جزيرة سيناء.

وقال الشاعر المصري المعروف، أحمد فؤاد نجم للـCNN، ساخراً في قصيدة بعنوان "تحية شعرية لـ(جمال) عريس الدولة": "مبروك يا عريسنا.. يا أبو شنّه ورنّه.. يا واخدنا وراثة."

ورغم النفي الرسمي، فإن توريث الحكم للابن يؤخذ بجدية أكبر بين أفراد الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، حيث يضطلع جمال مبارك بمنصب نائب زعيم الحزب.

وفي العام الماضي، ثار جدل داخل الحزب وتجاوز مسألة كيفية خلافة جمال لوالده إلى كيفية تنفيذ الأمر بصورة أفضل، وفق ما ذكره مسؤول في الحزب تحفظ على نشر اسمه لقربه من ابن الرئيس.

من جهتها، قالت رباب المهدي، وهي نشطة معارضة وأستاذ علوم سياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة: "كل شيء تم تنفيذه يهدف إلى تسهيل انتقال الحكم إلى جمال مبارك."

أما الولايات المتحدة فلا تقيم وزناً لقضية التوريث باعتبارها مسألة تخص المصريين، الذين

عليهم أن يقرروا ذلك، غير أنها استضافت جمال مبارك في البيت الأبيض العام الماضي، وأثنى الرئيس الأمريكي، جورج بوش، على أعضاء الحكومة المقربين من جمال باعتبارهم "إصلاحيين شباب."

يذكر أنه بقي لحسني مبارك، الذي يحكم البلاد منذ ربع قرن، أربع سنوات من فترة حكمه السادسة.

ومن السيناريوهات المطروحة أن يكون جمال مرشح الحزب الحاكم لانتخابات الرئاسة التي ستجري في العام 2011.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 29 نيسان/2007 -10/ربيع الثاني/1428