أمريكا تتعقب الصدر وتبحث عن التعاون وغياب جيش المهدي يؤدي الى فراغ امني

 شبكة النبأ: قال جنرال أمريكي ان القوات الامريكية تقتفي عن كثب أثر مقتدى الصدر وتعتقد أنه موجود في ايران لكنه رفض الافصاح عما اذا كان رجل الدين الشيعي المناويء للولايات المتحدة مطلوبا أم لا حسب رويترز.

ومنذ أشهر قليلة فقط وصفت واشنطن ميليشيا جيش المهدي التابع للصدر بأنها تمثل الخطر الأكبر على الأمن في العراق. وقاد الصدر انتفاضتين ضد القوات الامريكية في عام 2004 لكن حركته السياسية هي الان من الاحزاب المهمة في حكومة رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي.

وقال الميجر جنرال وليام كالدويل كبير المتحدثين باسم القوات الامريكية في العراق "حتى 24 ساعة مضت لم يكن (الصدر) موجودا هنا في العراق. كل المؤشرات تدل على أنه ما زال في ايران."

ولدى سؤاله خلال مؤتمر صحفي في بغداد عن السبب في تعقب القوات الامريكية للصدر اذا لم تكن تسعى للإيقاع به أحجم كالدويل عن القول ما اذا كان الرجل مطلوبا أم لا.

وقال كادويل "واضح أنه جزء بالغ الاهمية من هذه العملية السياسية برمتها.. اننا في الحقيقة نسعى جاهدين لمعرفة مكانه.. فما زلنا نشعر بالقلق. لكن ... نحن مفعمون بالامل بما نراه على الارض حاليا في مدينة الصدر."

وينحي العرب السنة وواشنطن على جيش المهدي باللائمة فيما يتعلق بفرق الموت التي قتلت العشرات كل يوم في بغداد خلال العام المنصرم منذ تفجير مرقد الامامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء في فبراير شباط عام 2006.

وتحاول واشنطن اقامة توازن دقيق بين الاخذ على أيدي مسلحي جيش المهدي المسؤولين عن جرائم القتل الطائفية والهجمات على القوات الامريكية وبين دعم المالكي في جهوده الرامية الى تحقيق المصالحة واعادة دمج الميليشيات داخل العملية السياسية بما في ذلك بعض الميليشيات المرتبطة بحلفائه.

وقال كالدويل ان العمليات العسكرية الامريكية والعراقية الاخيرة في حي مدينة الصدر معقل جيش المهدي في شمال شرق بغداد حظيت بتعاون جيد من جانب رئيس الحي والسكان ونتيجة لذلك يجري العمل حاليا في اثني عشر مشروعا لاعادة البناء هناك.

وتأتي العمليات الدائرة في مدينة الصدر في اطار حملة أمنية كبرى تدعمها الولايات المتحدة في بغداد بهدف وقف العنف الطائفي الذي يهدد بالتحول الى حرب أهلية شاملة.

وينظر الى مدينة الصدر التي كانت لفترة طويلة منطقة محظورة على القوات الامريكية على أنها اختبار لمدى تصميم الحكومة على التصدي للميليشيات الشيعية بالحزم ذاته الذي تبديه حيال المسلحين من العرب السنة الذين ينحى عليهم باللائمة بخصوص الكثير من تفجيرات السيارات الملغومة في المدينة.

وفي المؤتمر الصحفي ذاته أحجم دانييل سبيكهارد القائم بالاعمال في السفارة الامريكية عن الافصاح هو الاخر عن وضع الصدر.

وردا على سؤال بشأن سياسة وزارة الخارجية الامريكية في ضوء تصريحات الحكومة العراقية بأن الصدر ليس مطلوبا قال سبيكهارد ان العراقيين "في المقدمة" بالنسبة لكل المفاوضات السياسية من هذا القبيل.

وقال "في الماضي كان يعترينا قلق بالغ ازاء جيش المهدي."

واضاف "وسررنا ببعض البيانات التي ترامت الى أسماعنا خلال الاشهر الاخيرة بشأن الرغبة في ألا تصبح تلك المنظمة ميليشيا بعد الان وأن القيادة تقول انهم يدعون الى مشاركة بناءة وانهاء الأدوار العسكرية أو المسلحة لأعضاء تلك المنظمة."

وحتى اللحظة الراهنة ليس هناك مقاومة تذكر أو أي مقاومة على الإطلاق في مدينة الصدر وهو ما يأمل المسؤولون الامريكيون أن يكون مؤشرا على تغير جذري حقيقي من جانب جيش المهدي وليس مجرد قرار بعدم الظهور بصورة مكثفة وتجنب المواجهة على المدى القصير.

وذكر كالدويل أن التعاون الذي يبديه مواطنو مدينة الصدر شرقي بغداد "شجعنا على إنشاء المشاريع وإنشاء مركز أمني مشترك فيها" ،موضحا أنه تم توفير مبالغ لتلك المشاريع... ومنها مشاريع للصرف الصحي وإنشاء محطة كهرباء وغيرها .

وقال "قمنا بعمليات عسكرية على أفراد (جيش المهدي) التابع لمقتدى الصدر ،وتم إلقاء القبض خلالها على (700 ) منهم... معظمهم متورطون في أاعمال قتل ويعملون مع فرق الموت."

واوضح كالدويل" في الشهر الاول من خطة فرض القانون لمسنا انخفاضا في اعمال العنف وصل الى نسبة 50% رغم عدم اكتمال عدد القوات."

وقال"حصلنا على عشرة الاف معلومة من المواطنين في عموم بغداد ساعدتنا من القاء القبض على اعداد من الارهابيين وهذا يؤكد تعاون المواطنين مع جميع القوات من اجل الخلاص من العنف."

واشار الى ان" هناك اشخاصا مطلوبين مهمين ومتورطين باعمال عنف وان هناك قوائم صدرت باسماءهم بالتنسيق مع الحكومة العراقية وسنلاحقهم واننا نناقش هذه القائمة باستمرار مع الحكومة."

ولم يفصح كالدويل عن طبيعة هؤلاء الاشخاص ومراكزهم.

من جهته دعا السيد مقتدى الصدر في بيان يوم الجمعة أتباعه في مدينة الصدر ببغداد الى عدم التعاون مع القوات الامريكية والوقوف ضدهم واعتبارهم اعداء.

وحث البيان الصادر عن المكتب الرئيسي للشهيد الصدر في مدينة النجف ويحمل توقيع مقتدى الصدر اهالي مدينة الصدر ذات الاغلبية الشيعية والتي تقع في شرق العاصمة بغداد الى عدم التعاون مع القوات الامريكية قائلا ان هذه القوات تسعى "الى تشويه سمعتها (مدينة الصدر) بان تبث الدعايات والشائعات الكاذبة وتقول ان هناك مفاوضات وتعاونا بينكم وبينهم، حسب رويترز.

واضاف البيان "انا على ثقة انكم قد اتخذتموهم اعداء لكم... فعدو الله عدوكم لا محالة."

وتأتي تصريحات الصدر بعد اعلان القوات الامريكية في الاونة الاخيرة عن وجود تعاون بين اهالي مدينة الصدر وبين القوات الامريكية التي تنتشر في المدينة من حين لآخر ضمن عمليات خطة امن بغداد.

واعلنت القوات الامريكية قبل ايام انها تعتزم فتح مركز امني مشترك في المدينة لقواتها وللقوات العراقية.

ودعا البيان اهالي مدينة الصدر الى الوقوف امام التواجد الامريكي في المنطقة وقال "ارفعوا اصواتكم جميعا متحابين متاخين متوحدين ضد عدوكم هاتفين ... كلا كلا امريكا."

واضاف "بوقفتكم هذه وتظاهركم هذا وطاعتكم لحوزتكم وقياداتكم قد اغظتم الاعداء فكتب الله لكم عملا صالحا."

وكان الصدر قد اعلن عن تاييده للخطة الامنية التي اعلنت الحكومة العراقية انها ستنفذها بمساعدة القوات الامريكية.

ويصنف مسؤولون امريكيون مليشيا جيش المهدي التي تزعمها مقتدى الصدر بانها باتت تمثل التهديد الاكبر الان في العراق امام جهود اعادة الامن في البلاد.

وتظاهر في مدينة الصدر بعد صلاة الجمعة العديد من اتباع الصدر منددين بقرار فتح المركز الامني المشترك.

وقال مسؤول في مكتب الصدر ان عدد الذين اشتركو في التظاهرة يقدر بالاف.

وقال المتحدث الرسمي باسم القوات الامريكية وليام كودويل قبل ايام ان انتشار القوات الامريكية في مدينة الصدر يلقى قبولا من قبل الاهالي وعلل ذلك بالتعاون الذي يبديه اهالي بعد انتشار القوات الامريكية هناك مؤخرا.

من جهة اخرى اعترفت مجلة تايم الاميركية ، بان غياب جيش المهدي عن حراسة مواكب زوار الاربعين هو الذي شجع الارهابيين من تنظيم القاعدة في قتل عدد غير قليل من زوار الامام الحسين .

وقالت هذه المجلة ان جيش المهدي استجاب لضغوط من المالكي وسحب عناصره المسلحة من الشوارع تجنبا للصدام مع القوات الاميركية والحكومية . والملفت للنظر ان تقرير مجلة تايم الاميركية تساءل عما وصفته بالدور الايجابي الذي كان يؤديه جيش المهدي في حماية هذه المواكب خلال الموسم  السابقة حسب الـ نهرين نت.

وشفعت هذه المجلة تساؤلها هذا ، بتصريح للجنرال لقائد القوات الأميركية في العراق ديفد بتريوس ، الذي أجاب في مؤتمر صحفي عقده في بغداد مؤخرا عن سؤال حول ما إذا كان سيتم السماح لجيش المهدي بحماية الزوار مستقبلا، بأن هذا الأمر قد يكون مقبولا، مشيرا إلى وجود قوات شرطة وغيرها تقوم بدور مساند، كما هو الحال في بعض دول التحالف.

وتساءل بتريوس قائلا : إن التحدي يكمن في كيفية السيطرة على العناصر المتشددة التي تمارس عمليات الخطف والقتل، والتعاون مع العناصر التي تريد أن تمارس دورها بشكل إيجابي.

ووجّه نفس هذا السؤال للسفير ديفد ساترفيلد المستشار الخاص لوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليسا رايس حول العراق، فأجاب بكلمة حازمة واحدة "كلا".اي انه كشف عن وجود تباين كبير في عقلية الجيش وصناع القرار السياسي في واشنطن .

وأضاف ساترفيلد أن الهجمات على مواكب الزوار ينفذها مسلحون سنة، حسب توجيهات تنظيم القاعدة لاستفزاز الشيعة ودفعهم لإعادة ماسماه السفير بـ " فرق الموت " إلى الشوارع وإفشال خطة أمن بغداد. ولعل تعمد السفير في وصف جيش المهدي بفرق الموت يكشف هو الاخر عن القراءة المغلوطة لهذا الجيش ، وتغافل عن فرق الموت الحقيقية التي تمارس القتل والاغتيال والاختطاف حتى الان ، فتفجيرات المتنبي والمستنصرية والصدرية التي خلفت اكثر من ثلثمائة وخمسين شهيدا واكثر من خمسمائة جريح وتفجير الحلة التي تسبب في استشهاد اكثر من مائة وعشرين زائرا ، لم يشأ ان يعتبرها هذا السفير المؤثر في رسم السياسة الاميركية ، عملا من اعمال فرق الموت ، ووجود مثل هذه العقلية المؤثرة في رسم السياسة الاميركية في العراق يشكل خطرا حقيقيا على الاستقرار لانه يحرض على العنف ويصنف شريحة واسعة من الشعب العراقي باعتبارها من فرق الموت !!! فيما يتجاهل التكفيريين الوهابيين ويتجاهل فلو لانظام البائد ويتجاهل تنظيم  القاعدة الارهابي .

وعلّق أنتوني كوردسمان خبير الإستراتيجية العسكرية قائلا : إنه على المدى القصير، فإن الأولوية القصوى لواشنطن هي تدريب القوات العراقية بأسرع وقت ممكن، تجنبا للمواجهات "غير الضرورية" مع جيش المهدي، والتركيز بدلا من ذلك على التهديدات الفعلية سواء كان مصدرها المسلحون السنة أو الشيعة.

وعند سؤاله عن هذا التباين بين العقلية العسكرية والسياسية في الادارة الاميركية وعما إذا كان الفرق بين لهجتي بيتريوس وساترفيلد يمثل انشقاقا في إدارة بوش، قال كوردسمان: ليس بالضرورة، فالرجلان يتحدثان إلى جمهورين مختلفين، وسنسمع الكثير عن " العناصر الشريرة والعناصر الخيرة"، مؤكدا أن هذه التكتيكات يستخدمها السياسيون في كل مكان لأنها جزء من متطلبات عملهم.

ويقول كوردسمان إن ساترفيلد، كان يتحدث في واشنطن أمام جمهور أميركي ولهذا كان من الضروري أن يؤكد لهم أن أولى بشائر الخطة الجديدة هو انخفاض عمليات القتل على الهوية.

أما بتريوس فقد كان يتوجه بكلامه بشكل غير مباشر إلى العراقيين والعرب، على حد قول كوردسمان الخبير في مركز واشنطن للدراسات الدولية والإستراتيجية.

وهكذا يتضح جيدا ان كثيرا من وجهات النظر هذه لمسؤولين في الادارة الاميركية او مستشارين، تفتقد للموضوعية والدقة وتتاثرة بتقارير كاذبة ، هي التي تقف وراء الخطوات والمشاريع السياسية والعسكرية الاميركية في العراق ، والتيار الصدري وقادته وخاصة السيد مقتدى الصدر هم ضحية لهذه العقلية الاميركية المشوشة والتي لاتريد معرفة البناء السياسي والامني الحقيقي في العراق ، وتعتمد على تقارير كيدية وتضليلية من اطراف عراقية كانت تشكل جزءا من النظام البائد وتقارير لدول الجوار تخضع لحماس وابتزاز طائفي افقدها العقلانية في المنهج السياسي ، وحولها الى فريق طائفي متشنج يحرض على الارهاب كما نرى ذلك متجسدا في مواقف السعوديين والاردنيين .

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 18 آذار/2007 -28/صفر/1428