
شبكة النبأ: العدد الجديد من الآداب
البيروتية حمل عدة انشغالات تهم القارئ العربي توزعت على عدة أبواب..
في باب المقالات والأبحاث كتبت يمنى العيد (الرواية العربية وآفاق
المستقبل)، ولسهير أبو عقصة داود نقرأ (المرأة الفلسطينية في العمليات
الاستشهادية) وكتب ميشيل شحادة (نحو جالية عربية – أمريكية واحدة)..
فيما شارك صقر أبو فخر بمقاله المعنون (الحرية الفكرية في منظمة
التحرير الفلسطينية)..
وفي هذا العدد تستأنف المجلة تغطيتها لملف الطائفية في الوطن العربي
بجزئه الثالث.. كتب فيه أحمد الخميسي(وحش الطائفية في مصر) ونقرأ
لأسامة المقدسي (فهم الطائفية) يقول فيها (منذ زمن طويل والتفسير
الطاغي للطائفية يقول بأن الطائفية والحداثة – والأخيرة تعرّف على
الدوام بأنها ذات أصول علمانية وغربية – خصيصتان متناقضتان ومتنابذتان
mutually excluive ويصر هذا النسق الأوروبي التمركز على أن المشاعر
والمعتقدات والثقافات والعواطف الدينية ثابتة لا تحول ولا تزول. وهكذا
تعرّف الطائفية في الغالب بأنها مشكلة تصيب الدول الأقل نمواً، مناطق
من أوروبا تقع خارج (المركز) مثل البلقان أو إيرلندا الشمالية.
فغالباً، مثلاً، ما يُفسر تدمير الهندوس لجامع في الهند أواخر القرن
العشرين بأنه (حصيلة محتومة) لتاريخ طويل من العداء بين الهندوس
والمسلمين في جنوب آسيا، كما يوضع صراع الموارنة مع الدروز في لبنان في
سياق ما يوصف بأنه (صراع حضاري عريق) في المنطقة الشرقية من حوض
المتوسط، وتعتبر الاعتداءات السنية على الشيعة في العراق مجرد مثال
جديد على (شقاق بدائي) داخل الإسلام.
يمكن تفسير قوة هذا النسق بملاحظة بسيطة، وهي أن التعبير عن الخطاب
الذي يرافق العنف الطائفي ويبرره يتم، هو نفسه، بلغة لا تترك إلا
مجالاً ضيقاً جداً للفويرقات التاريخية (historical nuances). فغالباً
ما تتضمن تلك اللغة مقولات من قبيل أن المسلمين (سنة أو شيعة) والهندوس
واليهود والمسيحيين في الشرق مختلفون اختلافاً لا يقبل التسويات، وأنهم
عنيفون بالفطرة، وأنهم معارضون معارضة راسخة للهوية الجمعية المتجاوزة
للطوائف، وأنهم – من ثم – في حال ثابتة جامدة من العدوانية والعدائية،
ويقدِّم مفهوم (العداوة القديمة) الذي تعززه أعمال العنف الناشئة بين
الجماعات الدينية، والذي يتجاهل السياقات التاريخية المحددة، تفسيراً
تبسيطياً لما هو، في واقع الأمر، ذو طبيعة مربكة لعالم حديث ومركب.
مكونات الثقافة الطائفية
الطائفية، إذن، كثقافة، أكثر من مجرد عنف ديني غبي: إنها لحظة
مرتبطة بتاريخ، وذلك حين تصبح الاختلافات الدينية مقبولة ومتخيلة
بوصفها الأساس المكين لسياسة حديثة قائمة على التمثيل المتساوي، إن
تعددية الهوية الدينية، بدلاً من أن تشدد على المساواة الفردية، أو على
مواطنية عامة قادرة على / وطامحة إلى / تجاوز الانتماءات الدينية، تصبح
هي أساس المواطنية العامة. وعليه، فإن أساس التعايش في لبنان الحديث
يعتمد على مفهوم يقول بأن على الجماعات الدينية أن تمثل بوصفها جماعات
سياسية، التعددية، بحسب هذا المفهوم، تجعل لبنان ممكناً؛ ولكنها تعوّق
– على الفور وبشكل فعلي – أي معنى لمواطنية علمانية لبنانية.
ثقافة الطائفية، بكلام آخر، ليست (مؤامرة) حبكتها القوى الأجنبية في
الماضي والحاضر، بل تعكس الخيارات المتعمدة التي اتخذتها مجموعات
متعددة عند منعطفات تاريخية معينة. وأحد المكونات الأساسية لثقافة
الطائفية المهيمنة في لبنان وغيره – وهي اليوم تنشأ في العراق – هو
التوافر الدائم للاعبين محليين تواقين إلى لعب دور زعماء جماعاتهم
والمحاورين عنها. وباختصار فإن التاريخ، رغم احتشاده بالخطط والمكائد
والتدخلات الخارجية والهيمنة الخارجية، بقدر ما هو قصة كيفية تجسد
القوة في سياقات مختلفة وبنتائج مختلفة. إنها نادراً ما تكون، بل قد لا
تكون أبداً، مجرد قصة عن كيفية هيمنة الأقوياء، وإنما هي دائماً
تقريباً قصة أكبر وأكثر تركيباً يسمح فيها الضعفاء لأنفسهم بأن يهيمن
عليهم. فثمة قلة قليلة من الناس العاجزين عجزاً مطلقاً في التاريخ!.
غير أن المنافسة الحادة بين النخب المحلية وغير المحلية على تمثيل
الجماعات الدينية المختلفة لا تعني أن علينا تجاهل ما هو واضح: وأعني
الطبيعة التجريبية المتقلقلة لجهودهم، وإخفاقاتهم الكثيرة. فبرغم كل
العمل الحازم لصوغ مفهوم وحدوي للجماعة، فقد بقي ولا يزال دائماً
تقريباً صراع عميق عبر الخطوط الطبقية والإقليمية من أجل تعريف تلك
الجماعة، ومن أجل إسكات الانشقاقات الداخلية، والتظاهر بأن الصدوع
الواضحة داخلها لم تعد تشير (وإن أشارت في السابق) إلى اضطراب مفهوم
(الطائفة).
وكتب كمال زاخر موسى (المسألة القبطية في مصر: الأزمة والدستور)
ولسامي عفيش نقرأ (العناصر المؤسسة للطائفية: لبنان نموذجاً) وانصري
الصايغ نقرأ( سيكولوجية الانسان الطائفي) والذي لخص بحثه بالآتي:
إذا كان الفكر بخير، فإن المجتمع بخير.
إذا كانت الحرية بخير، فإن الديمقراطية بخير.
إذا كان الانتماء على قاعدة الاختيار، فإن العقل هو المرجعُ الأخير،
والضابط للأهواء والانفعالات والرغبات.
وعليه، فإن الثقافة الطائفية مبنية على التقليد والفوقية واليقينية،
ولا يمسها نقد. إنها تلغي الاعتراف بالآخر، كإنسان أو كقيمة متميزة في
موقع إنساني، له حقوقه وعليه واجبات. مع الطائفية تنهار العلاقات
الإنسانية، وتسقط فكرة العدالة، وتنتفي فكرة الكفاءة، وتسود الغثاثة مع
الولاء، وتسيطر علاقات النفوذ على قاعدة أداء الواجبات والحقوق.
لا وظيفة للمعرفة والفكر في المجتمع الطائفي، ففي هذا المجتمع يتحول
الذكاء، من أساس نظري للإنتاج وتنظيمه وتزخيمه، إلى تحايل، فالذكي هو
الثعلب... لا غير. هو الذي (يصل) كيفما كان، لا وفق قواعد الإنتاج
والعطاء والارتقاء.
ما قيمة برامج التربية الحديثة؟
ما قيمة مشاريع التنمية؟
ما جدوى البحث في الإصلاح؟
ما مستوى صدقية بناء دولة ومؤسسات؟
ما صحة أننا في وطن؟
الطائفية سلاح دمار شامل. إنها أداة لاغية. وأول من تم إلغاؤهم هم
الذين انضووا تحت أقدامها!
وأخيراً لمنذر خدام نقرأ (التحليل السياسي بلغة طائفية).
في باب القصائد شارك كل من سامي مهدي بقصيدته (أحداث في سماء
المدينة) وسالم المساهلي بقصيدته (الدم القاني) وفواز قادري بقصيدته
(كم قلت لك) وبهيجة مصري أدلبي بقصيدتها (شيخ الوجع العربي) باب القصص
احتوى على ثلاث مشاركات لعدنية شبلي قصة حملت عنوان (خارج الوطن)
ولحنون مجيد قصة (قيادة الأعمى) ولرياض بيدس قصة (نذهب إلى البحر). |