
شبكة النبأ: رغم عرض وزير الدفاع
الامريكي روبرت جيتس على روسيا مستوى لا سابق له من التعاون في أنشطة
الدفاع الصاروخي ولكن الروس أوضحوا أنهم لا يزال لديهم اعتراضات وشكوك
استراتيجية وفنّية لمشروع الدرع الصاروخي الذي تعتزم واشنطن اقامته في
اجزاء من أوروبا الشرقية.
وتقول واشنطن انها تريد وضع أجزاء من الدرع في بولندا وجمهورية
التشيك لحمايتها وحلفائها من الهجمات الصاروخية من جانب ما تصفها
"بالدول المارقة". لكن موسكو تقول ان المشروع يهدد أمنها القومي.
وتسببت القضية في تراجع العلاقات بين موسكو وواشنطن الى مستوى منخفض
جديد كما دفعت بعض المسؤولين الى اجراء مقارنات بالحرب الباردة.
لكن جيتس الذي يقوم بجولة في أوروبا لتهدئة المخاوف بشأن المشروع
قال "انتهت أيام الحرب الباردة ولا ينبغي لاحد أن يسعى للعودة اليها...
اننا ندعو روسيا للانضمام الى جهودنا الدفاعية كشريك."
وقال مسؤول أمريكي رفيع لرويترز، ان البنتاجون يعتزم المضي قدما في
مشروع الدرع الصاروخي أيا كان الرد الذي ستبديه روسيا.
وتريد واشنطن وضع عشرة صواريخ اعتراضية في بولندا ونظام رادار في
جمهورية التشيك بتكلفة تبلغ 3.5 مليار دولار.
وقال المكتب الصحفي التابع للكرملين ان جيتس التقى بالرئيس فلاديمير
بوتين وان بوتين تحدث هاتفيا مع الرئيس جورج بوش ولكن دون اعطاء
تفاصيل.
وقال مسؤول روسي للصحفيين ان بوتين وجيتس أجريا نقاشا "جادا
ومبدئيا" ولكنه لم يعط مؤشرا على ما تعتزم موسكو فعله ردا على العرض
الذي تقدمت به وزارة الدفاع الامريكية.
لكن وزير الدفاع الروسي اناتولي سيرديوكوف رد ببرود على العرض وقال
" الموقف الروسي بشأن هذه القضية لم يتغير."
ونقلت وكالة انترفاكس الروسية للانباء عن الوزير الروسي قوله "نظام
الدفاع الصاروخي الاستراتيجي يمثل عامل زعزعة استقرار خطيرا قد يكون له
أثر كبير على الامن الاقليمي والعالمي."
ولكن جيتس أشار الى ان لقاءاته كانت بناءة. وأضاف انه يعتقد ان
تصريحات سيرديكوف
كانت معدة قبل الاجتماع وانها لا تبين حدوث تقدم خلال المحادثات.
وتابع في حديث للصحفيين "لا أريد ان أضع الكلام في أفواههم ولا أريد
أن أصف الامور بانها أكثر تفاؤلا مما هي عليه ولكنني شعرت بان ذلك كان
اجتماعا مفيدا وشعرت باننا أحرزنا بعض التقدم."
وأشار الى انه مستعد لبحث مشاركة تكنولوجيا الدفاع الصاروخي مع
روسيا مثل البيانات الخاصة بنظم الانذار المبكر والتعاون في "جميع
مجالات أنشطة الدفاع الصاروخي".
واقترحت واشنطن في السابق مشاركة روسيا المعلومات الدفاعية ولكن
الطلب رفض. وقال جيتس ان العرض الحالي يتجاوز كثيرا المقترحات السابقة
من حيث الحجم والمدى وان ذلك قد يغري الروس كي يوافقوا.
وقال مسؤولون أمريكيون ان العرض الامريكي تضمن دعوة روسيا لتفقد
منشآت الدفاع الصاروخي في الولايات المتحدة التي تشبه تلك المقترحة في
أوروبا. "عندما تعمل الولايات المتحدة وروسيا معا.. يربح البلدان
وبلدان أخرى. وعندما نفشل في العمل معا.. قد يخسر البلدان."
وقال كل من سيرديوكوف وجيتس عقب محادثاتهما انهما اتفقا على اجراء
مزيد من المناقشات عبر خبراء.
ويعرض المسؤولون الامريكيون القضية على انها فنية وليست سياسية
ويقولون ان الموضوع بسيط. ويقولون ان النظم التي تعتزم واشنطن نشرها في
بولندا وجمهورية التشيك لا يمكن أن تتغلب على صاروخ روسي.
ولكن روسيا لديها اعتراضات فنية واستراتيجية. ويقول بعض المسؤولين
الروس ان المواقع قريبة من الحدود الروسية بحيث يمكنها أن تضر بأمن
روسيا.
وفي سياق متصل نفى السكرتير العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، جاب
دي هوب شيفر، مخاوف موسكو من أن قيام واشنطن ببناء درع صاروخي في
أوروبا قد يؤدي لانطلاق سباق تسلح جديد مع روسيا. حسب تقرير للـبي بي
سي.
وقال المسؤول رفيع المستوى إن الدرع الصاروخي محل الخلاف لن يخل
بالتوازن الاستراتيجي أو يهدد روسيا.
وكانت روسيا قد رفضت فكرة التعاون مع الولايات المتحدة في مجال ما
بات يعرف بالدرع المضاد للصواريخ، وذلك بعد يومين من اعلان واشنطن ان
لديها اقتراحات تقدمها لموسكو في هذا المجال.
وقال سيرغي ايفانوف نائب رئيس الحكومة الروسي انه "لا يرى اي مبرر
لمحادثات حول
التعاون مع واشنطن في مجال الدرع المضاد للصواريخ"، مضيفا ان "هذا
الدرع يمكن وصفه بالوهمي".
في المقابل، حذرت دول حلف شمالي الاطلسي الـ26 من امكانية تعرض
اوروبا لتهديد صاروخي من قبل ايران، وذلك في محاولة لطمأنة موسكو ان
الدرع الامريكي المضاد للصواريخ الذي تقيمه الولايات المتحدة ليس موجها
ضد روسيا.
وقال الناطق باسم دول حلف شمالي الاطلسي جيمس اباتوراي ان "ايران
تعتبر من الدول التي قد تشكل تهديدا صاروخيا على اوروبا والمجموعة
اليورو-اطلسية".
يذكر ان الولايات المتحدة تكثف جهودها من أجل طمأنة روسيا بخصوص
الصواريخ التي تنوي نصبها في أوروبا.
وتقول واشنطن ان النظام الدفاعي يهدف الى حماية الولايات المتحدة من
هجوم صاروخي محتمل من ايران أو كوريا الشمالية، ولكن روسيا ترى فيه
تهديدا لمصالحها الاستراتيجية.
وقال مراسل بي بي سي للشؤون الدبلوماسية جوناثان ماركوس ان هناك
ضرورة لاقناع الولايات المتحدة دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) بالحاح
المشروع ومداه.
مهمة ثنائية
وقد أرسلت واشنطن وفدا رفيع المستوى الى الناتو لاقناع مسؤوليه
بضرورة نصب الصواريخ، ويتضمن الوفد نائب وزير الدفاع اريك اديلمان
ومدير وكالة الدفاع الصاروخي الأمريكية العميد هنري أوبرينج.
رسم لخطة دفاع صاروخية أمريكية
وحتى الان كان رد روسيا غاضبا على نية الولايات المتحدة نصب 10
صواريخ اعتراضية على الأراضي البولندية ونظام رادار في تشكوسلوفاكيا،
وتنظر روسيا الى المشروع على انه يقلل من فعالية نظامها الدفاعي ولكن
الأمريكيين يقولون ان حجم النظام يجعل الاعتراض الروسي غير معقول.
واضاف تقرير للـ CNN، عن ان المقترحات الامريكية التي قدمتها واشنطن
بهدوء الأسبوع الفائت، هي مشاركة روسيا في بيانات أجهزة الإنذار المبكر
من إطلاق صواريخ باليتسية، والتعاون المشترك في أبحاث الصواريخ
الدفاعية، وإجراء تجارب مشتركة على بناء النظام المضاد للصواريخ، وفق
ما نقلت الأسوشيتد برس عن مسؤولين يرافقان غيتس في رحلته.
وعلق مصدر مطلع قائلاً "لا نتوقع حل القضية خلال هذه الرحلة أو حتى
الحصول على إجابة شافية من الجانب الروسي.. آمل أن نحصل، على الأقل،
على استجابة مبدئية."
وستلتقي وزيرة الخارجية الأمريكية، كوندليزا رايس، على هامش
اجتماعات حلف شمال
الأطلسي "ناتو" في النرويج هذا الأسبوع، بعدد من المسؤولين الروس
لمناقشة قضية المنظومة الصاروخية بجانب عدد من القضايا الاخرى.
وتجري واشنطن مشاورات مع بولندا لإقامة قاعدة أمريكية تنشر فيها
عشرة صواريخ اعتراضية، ومع الحكومة التشيكية لإقامة نظام رادار لاقتفاء
أثر الصواريخ المهاجمة.
وتشكك روسيا، ليس فقط بجدية التهديدات التي تمثلها الصواريخ البعيدة
المدى الذي يقول المسؤولون الأمريكيون إنه قائم وحقيقي، بل في مدى
استجابة التنقية الأمريكية المضادة للصواريخ في مواجهة مثل هذه
التهديدات.
ونقلت وكالة انترفاكس الرسمية الأسبوع الفائت عن النائب الأول لرئيس
الوزراء، ووزير الدفاع السابق، سيرغي إيفانوف قوله "لا أرى أرضية
للمحادثات بشأن تعاون مشترك محتمل حول الصواريخ الدفاعية."
وترى إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش أن توسع المنظومة الدفاعية
الصاروخية الراهنة في أوروبا ضرورة، لا مناص عنها شاءت روسيا أم أبت. |