فشل الخطة الامنية يكرس تقسيم بغداد والحماية الامريكية للسنّة

 شبكة النبأ: يبدو ان الحكومة الامريكية تضع الشيعة بين خيارين أحلاهما مر، فهي من جهة تؤيد الجهود الحثيثة لإحلال الامن وتزيد عديد الجيش الامريكي من اجل المساهمة في ذلك، ومن جهة اخرى تمارس ضغطا تصاعديا لتقديم المزيد من التنازلات السياسية للمتمردين بهدف كسبهم بغض النظر عما اذا كان ذلك يلبي طموحات الشعب العراقي أم سيكون نقمة في المستقبل بناءاً على ما هو معروف من بنية البعثيين والمتطرفين السنّة من تحايل على الشرعية والتفاف وانقلابات عسكرية، المهم لدى الامريكان الان هو حفظ ماء الوجه والخروج من مازق كبير اسمه العراق.

وقال محللون لـشبكة النبأ المعلوماتية، لعل بوادر التحول نحو حماية السنّة وتحقيق مطالبهم المشروعة وغير المشروعة بغية كسبهم قد ظهرت بداياتها من خلال مشروع اقامة جدار عازل على محيط حي الاعظمية ذو الاغلبية السنّية، اضافة الى بوادر تقسيم العاصمة الى كانتونات طائفية وفصلها عن بعضها وترسيخ حالة العزل بين مكونات العاصمة السكانية.

في حين ان التفجيرات الانتحارية التي تفتك يوميا بالمواطنين في المناطق الشيعية ويقع ضحيتها المئات من الابرياء لا تزال مستمرة دون رادع او مانع او خطة امن تضمن عدم دخول السيارات المفخخة اليها.  

وتقول مصادر عسكرية أمريكية في العراق إن الجيش الأمريكي يعكف حاليا على بناء جدار عازل بطول خمسة كيلومترات تفصل بين ضاحية الأعظمية السنية والمحيط الشيعي الأوسع حولها في العاصمة العراقية بغداد.

وقالت المصادر إن الأعظمية ستصبح مسيجة بجدار فاصل عليه بوابات يحرسها رجال شرطة عراقيون يراقبون الدخول إليها لدى انتهاء العمل في الجدار.

ونقلت وكالة اسوشيتدبرس عن الكابتن سكوت مكليرن من كتيبة الإسناد 407 التي تقوم ببناء الجدار " إن المسلحين الشيعة يأتون إلى هنا لمهاجمة السنّة ويرد السنّة بعمليات انتقامية"، في حين ان الخسائر الفادحة عادة تقع في صفوف المواطنين الشيعة جراء هجمات القاعدة الانتحارية المدعومة بالفصائل السنّية المسلحة.

وقد بدأت الكتيبة في عملية البناء في العاشر من الشهر الجاري، ويمارس الجنود الأمريكيون مهمتهم كل ليلة لإنجازها بأسرع ما يمكن.

وتقع الأعظمية على الضفة الشرقية من نهر دجلة في شمال بغداد وتحيطها مناطق شيعية.

جدران وحواجز

ويقول بيان للجيش الأمريكي إن الجدار الخرساني سيشمل حواجز فاصلة بارتفاع ثلاثة أمتار ونصف وإنه "جزء رئيسي من الاستراتيجية الجديدة التي تتبعها القوات الأمريكية والعراقية لكسر دائرة العنف التي تعيشها بغداد".

واضاف البيان الأمريكي، إن الجدار الجديد سوف يسمح بمراقبة الداخلين إلى الأعظمية والخارجين منها وسوف يؤدي بالتالي إلى منع الانتحاريين من الاحتماء بالضاحية، كما سيؤدي - حسب البيان - إلى تحسين مستوى الأمن في الضواحي الشيعية.

ويقول مراسل اسوشيتدبرس بعد زيارة مكان البناء إن سكان الأعظمية يرحبون بالبناء كخطوة لتحسين الوضع الأمني، لكنهم يرون في الجدار علامة أخرى على العداء العميق الذي بات يغلف العلاقة بين شيعة وسنة العراق.

وينقل عن عراقي هو أحمد عبد الستار قوله " لا أظن أن هذا الجدار سوف يحل مشكلاتنا الأمنية المعقدة، سوف يزيد الفصل بين أهلنا وهو ما يتزايد نحو الأسوأ منذ الحرب".

وتضيف رويترز، بدأ العمل في العاشر من ابريل نيسان في السور الاسمنتي بطول خمسة كيلومترات في حي الاعظمية وهي منطقة يغلب عليها العرب السنة تحيط بها مناطق شيعية من ثلاثة جوانب.

وكتب ضابط العلاقات العامة السارجنت مايك بريور في مقال نشره الجيش الامريكي أن "هذا السور هو أحد الاجزاء المركزية في استراتيجية جديدة لقوات التحالف والقوات العراقية لكسر حلقة العنف الطائفي".

وقال مسؤولون بارزون بالجيش الامريكي في بغداد ان الجدار لا يهدف الى تقسيم العاصمة الى مناطق منفصلة ضمن حملة أمنية مستمرة منذ شهرين.

ودفعت القوات الامريكية والعراقية بألوف من القوات الاضافية في العاصمة لفرض خطة ينظر اليها على أنها محاولة أخيرة لابعاد العراق عن خطر حرب أهلية شاملة.

لكن مسؤولين عسكريين بارزين قالوا ان الحملة الامنية لا تشمل تقسيم العاصمة الى مناطق سنية وأخرى شيعية.

وقال المتحدث العسكري اللفتنانت كولونيل كريستوفر جارفر "ليس الهدف المعلن لخطة بغداد الامنية هو تقسيم كل شيء الى... مناطق صغيرة (تغلق) ببوابات."

واضاف أن هذا ليس "متناقضا تماما" مع السور الذي يشيد في الاعظمية لان القادة المحليين يستطيعون القيام بعمليات تتلاءم مع الظروف الميدانية.

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في وقت سابق من هذا الشهر أن مشروعا مماثلا بدأ  حول حي الدورة وهو منطقة سنّية أخرى في جنوب بغداد.

وقال مقال بريور ان الاعظمية اصبحت محاصرة وسط "تصاعد العنف الطائفي والاعمال الانتقامية" وان العمل سيتواصل في السور الذي يصل ارتفاع جدرانه الى ثلاثة امتار ونصف المتر.

والاعظمية هي جيب سني عربي صغير على الضفة الشرقية من نهر دجلة. ويهيمن الشيعة على شرق بغداد الا أن هناك بعض المناطق السنية مثل حي الفضل القريب وهو معقل للمسلحين السنة.

ونقل عن الكابتن سكوت مكليرن من كتيبة الدعم الامريكية 407 قوله "يأتي الشيعة ويضربون السنة والسنة ينتقمون عبر الشارع."

وقال المقال ان السور سيحمي العرب السنة الذين يعيشون في الاعظمية من هجمات المسلحين الشيعة وسيمنع المسلحين السنة أيضا من شن هجمات في مناطق شيعية ثم العودة الى الاعظمية.

وستكون نقاط المرور التي تحرسها الشرطة العراقية هي الطريق الوحيد لدخول الاعظمية والخروج منها بمجرد الانتهاء من بناء السور.

وقال اللفتنانت كولونيل توماس روجرز قائد الوحدة التي تبني الجدار "هذه المنطقة ستكون لها بوابات و(تفرض عليها) حماية بشكل كامل".

وقال المقال ان الجنود الامريكيين يصفون الخطة على سبيل الدعابة بانها "سور الأعظمية العظيم".

وأوضح الجيش أنه عند اكتمال الجدار الفاصل الذي يحيط بحي الأعظمية شرقي نهر الفرات، سيتم بناء بوابة له وستكون محروسة بجنود عراقيين، نقلاً عن الأسوشتيد برس.

تفجير الخميس

وكانت مصادر في وزارة الداخلية العراقية قد أكدت، مقتل ما لا يقل عن 12 شخصاً وجرح 28 آخرين بهجوم انتحاري بسيارة مفخخة وقع في حي الجادرية ذي الاغلبية الشيعية المكتظ وسط بغداد.

وقد فجّر الانتحاري سيارته قرب صهريج وقود كان متوقفاً في المنطقة في الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر، مما فاقم من تأثير الانفجار.

ومن بين القتلى، كان هناك شرطيان و10 مدنيين، إضافة إلى 24 مدنياً بين الجرحى وأربعة من عناصر الشرطة، وفق ما أكدت مصادر في الشرطة العراقية.

وأفراد الشرطة الضحايا والمصابين هم من حراس أحد المعتقلات التابعة لوزارة الداخلية، غير أنه لم يتضح بعد ما إذا كان المعتقل هدفاً لعملية التفجير.

المتعددة تشرك الطائرات فى الغارة على مسجد البياع

وفي تقرير لوكالة(اصوات العراق) إعترفت القوات المتعددة الجنسيات فى العراق بإشتراك طائرات هليكوبتر فى الهجوم على مساجد البياع في القاطع الجنوبي الغربي من بغداد، فيما قالت انها تمكنت من القبض على أحد قادة القاعدة شمال الطارمية، وخمسة مسلحين فى الديوانية.

وقال بيان للمتعددة  "إن التقارير السابقة كانت قد ذكرت ان الطيران لم يشترك في مهاجمة اهداف للمتمردين لكن المراجعة المستفيضة أظهرت مشاركة الطيران."

وقال البيان" استخدم الطيران بعد أن تعرض أحد جنود الفريق اللواء الرابع القتالي من فرقة المشاة الأولى لنيران أسلحة خفيفة في حوالي الساعة 9:45 صباحاً حيث كان مصدر النيران أحد المساجد في البياع."

وأضاف "لم يتعرض المسجد أو المدنيين الى أية أضرار، كما لم يتم إستخدام الصواريخ في الهجوم."

كانت القوات المتعددة أعلنت أمس إن قواتها قتلت إثنين قالت إنهما من المتمردين وإعتقلت ثالث فى هجوم على جامع جنوب غربى بغداد الجمعة بعد تعرض جنودها لنيران أطلقت من الجامع.

فى حين ذكر تلفزيون (العراقية) الرسمي أن ثمانية مواطنين أصيبوا عندما قامت طائرات مروحية أمريكية بقصف جامع علي البياع في منطقة البياع جنوبي بغداد قبيل مراسم صلاة الجمعة.

من ناحية اخرى، قال بيان آخر للمتعددة إن "جنود فرقة بغداد المتعددة الجنسيات تمكنت من القاء القبض على أحد قادة منظمة القاعدة في شمال الطارمية صباح أمس الجمعة و14شخصا آخرين يشتبه بقيامهم باعمال التمرد."

كما ذكر بيان ثالث أن القوات المتعددة عُثرت على مواد لتصنيع العبوات الناسفة في منزل قائد احد الميليشيات مشتبه به وخمسة مسلحين اخرين وتم اعتقالهم في الديوانية أمس.

جيتس يحث العراقيين على اقرار قوانين اساسية بحلول نهاية الصيف ويضيف تقرير لرويترز إبلاغ وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس زعماء العراق بأن احراز تقدم في المصالحة بين الطوائف المتحاربة سيكون "عنصرا مهما" عندما تقرر واشنطن هذا الصيف ما اذا كانت ستحافظ على وجود مستويات أعلى من القوات.

وتعهد الرئيس الامريكي جورج بوش بارسال 30 ألف جندي اضافي معظمهم الى بغداد محور العنف المرير بين الاقلية السنية والاغلبية الشيعية للمساعدة في حملة امريكية عراقية كبيرة تهدف الى منع انزلاق العراق الى حرب اهلية شاملة.

وحث جيتس في اول زيارة له للعراق منذ بدء الحملة في فبراير شباط الزعماء العراقيين على اقرار قوانين تتعلق باقتسام ثروة العراق النفطية والتراجع عن الحظر الشامل لتولي اعضاء سابقين بحزب البعث المنحل الذي كان يتزعمه صدام حسين مناصب وذلك بحلول اواخر الصيف.

وقال في مؤتمر صحفي "التزامنا تجاه العراق هو على المدى الطويل ولكن ليس التزاما باستمرار الدوريات التي يقوم بها شبابنا ونساؤنا في شوارع العراق الى ما لا نهاية."

وقتل أكثر من 3300 جندي أمريكي منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003. ويواجه بوش ضغوطا متزايدة في الداخل لتحديد جدول زمني لانسحاب القوات الامريكية وهو امر يرفضه رفضا باتا حتى الان.

وقال جيتس "التقدم في احراز المصالحة عنصر هام في تقييمنا في نهاية الصيف" في اشارة الى اطار زمني قال القادة الامريكيون انهم سيستخدمونه لتقييم تقدم الحملة الامنية المستمرة في بغداد منذ تسعة اسابيع.

وغالبا ما تحدثت واشنطن عن "انقضاء الوقت" الا ان هذه هي المرة الاولى التي يحدد فيها مسؤول كبير علانية جدولا زمنيا لاحراز تقدم.

وعندما سئل عما سيحدث اذا لم يقر العراقيون التشريع بحلول ذلك الموعد قال جيتس "اعتقد اننا سننتظر لنرى الى اين ستؤول هذه العملية نهاية الصيف."

وغالبا ما انتقد المحللون العسكريون قرار واشنطن عدم اللجوء للتهديد بسحب القوات الامريكية البالغ قوامها 146 الف جندي لارغام حكومة رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي على تسريع اجراءات المصالحة مع الاقلية السنية.

وقال جيتس في اجتماعه مع المالكي انه عبّر عن الامل في "ألا يبدأ مجلس النواب عطلة الصيف بدون الموافقة على قوانين تتعلق بالنفط واجتثاث البعث والانتخابات الاقليمية واجراءات اخرى."

واضاف "لن تحل هذه الاجراءات كل المشكلات في العراق لكنها ستكشف عن ارادة حكومة العراق بأكملها في ان تكون حكومة لجميع شعب العراق في المستقبل."

وقال ان المالكي ابلغه بان البرلمان العراقي المؤلف من 275 مقعدا هو هيئة مستقلة.

وقال متحدث باسم رئيس البرلمان ان من المتوقع ان يبدأ اعضاء البرلمان العطلة الصيفية في شهري يوليو تموز واغسطس اب.

وستقدم الحكومة مشروع قانون النفط للبرلمان الاسبوع القادم لكن المشروع يواجه معارضة من منطقة كردستان الشمالية الغنية بالنفط والتي تقول ان بعض التفاصيل غير دستورية.

ويعتبر القانون حيويا بالنسبة للعراق لجذب الاسثمارات من الشركات الاجنبية لتعزيز انتاجه من النفط واعادة بناء اقتصاده.

ووافقت حكومة المالكي ايضا على خطة للسماح لالاف من اعضاء حزب البعث السابق بالعودة الى الحياة العامة لكن مشروع القانون لم يعرض بعد على البرلمان ومن المرجح ان تكون هناك معارضة شديدة له.

وقال القادة العسكريون الامريكيون مرارا انه لا يوجد حل عسكري للعنف وان هدف الحملة الامنية في بغداد هو اعطاء حكومة العراق الفرصة لتسريع جهود المصالحة الوطنية.

ونقل مكتب المالكي عنه قوله ان رئيس الوزراء اكد مجددا بان المشكلة الرئيسية التي يعاني منها العراق هي مشكلة سياسية وليست امنية.

لكن المحللين يقولون ان الحكومة فشلت حتى الان في احراز تقدم سياسي يتماشى مع بعض المكاسب التي تحققت في بداية الحملة الامنية وان على المجتمع الدولي ان يقوم بدور اكبر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 22 نيسان/2007 -5/ربيع الثاني/1428