القاعدة في الجزائر تقلد نسخة الارهاب في العراق 

شبكة النبأ: "لعنة الله على من جعلوا إبني يقتل نفوساً بريئة... لعن الله كل من حرمني من قبر أبكي عليه وأترحم على روح ابني الذي مزقه الانفجار"، بهذه الكلمات عبرت مسعودة والدة الانتحاري الذي فجّر سيارة مفخخة امام القصر الحكومي في العاصمة الجزائرية عن غضبها ومرارتها.

وبدت علامات العجز على مسعودة التي لم تتجاوز الخمسين من عمرها وهي تقف فوق الارض الموحلة لمزرعة في حي المقرية التي تعتبر من معاقل التطرف الاسلامي في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية.

يعدّ صوت مسعودة المفجوع صوتا معبراً عن مدى دموية الوضع الجزائري في خارطة الارهاب ومدى خشية الجزائريين من عودة العمليات المسلحة للمتطرفين التي اودت بحياة اكثر من 150 الف جزائري على مدى عشرة اعوام خلت، كذلك التجاذبات والتكتيكات التي يسلكها المتطرفون، مع حكومة الجزائر، حيث نقلت رويترزعن مؤسس الجماعة دعوته الى الفئة التي أعلنت مسؤوليتها عن التفجيرات الدموية في العاصمة الجزائرية المتشددين الى القاء أسلحتهم في اطار العفو الحكومي والكف عن محاولة تحويل الجزائر الى "عراق ثان".

وجاءت تصريحات حسن حطاب في رسالة موجهة الى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ونشرت في صحيفة الشروق بعد مقتل 33 شخصا في ثلاثة انفجارات في الجزائر العاصمة.

ووصف حطاب الجماعة التي أعلنت مسؤوليتها عن التفجيرات والتي غيرت اسمها في يناير كانون الثاني من الجماعة السلفية للدعوة والقتال الى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي بأنها "فئة قليلة تريد أن تجعل من الجزائر عراقا ثانيا".

وقال حطاب المعروف باسم أبو حمزة انه يطلب من "النشطين أن يكفوا نشاطهم ويلتحقوا بالمصالحة الوطنية الحقيقية."

وأضاف دون الخوض في تفاصيل "نحن نطلب من رئيس الجمهورية.. اعادة فتح ملف المصالحة الوطنية من جديد واعادة النظر فيه وتمديد المهلة.. يمكنني أن أوجه ضربة قاضية لكل العناصر الخبيثة التي تريد أن ترجع الجزائر الى ماضيها المؤلم."

ولايزال حطاب شخصية لها تأثير على المقاتلين الاسلاميين رغم أن الجماعة التي ساعد في تأسيسها تخضع الان لقيادة رجل اخر هو عبد الملك درودكال المعروف أيضا باسم أبو مصعب عبد الودود.

وأثارت التفجيرات مخاوف من أن البلد المصدر للنفط والغاز قد يسقط مرة أخرى في دوامة العنف السياسي التي عصفت به في التسعينيات عندما خاض عشرات الالاف من الاسلاميين صراعا ضد الجيش في مسعى لاقامة حكم اسلامي.

وعرض بوتفليقة العفو على المتمردين الاسلاميين العام الماضي في اطار سياسة للسلام والمصالحة تهدف لانهاء نحو 15 عاما من العنف السياسي في الجزائر.

وأفرج عن أكثر من ألفي متمرد من السجون وسلم عشرات المقاتلين أسلحتهم بموجب العفو الذي استمر منذ أواخر فبراير شباط حتى أواخر أغسطس اب عام 2006.

ورفض درودكال عرض العفو وليس معروفا ان كان حطاب نفسه قد قبله رسميا.

لكن ثارت تكهنات العام الماضي بأن حطاب توصل الى تسوية من نوع ما مع الحكومة عندما قال في مقابلة مع صحيفة الشرق الاوسط في الجزائر انه يؤيد العفو.

وتفجر الصراع في الجزائر عندما بدأ متشددون جهادا بعد أن ألغى الجيش انتخابات جرت في عام 1992. كان من المتوقع أن يفوز فيها حزب الجبهة الاسلامية للانقاذ المتشدد. وقتل زهاء 200 ألف شخص خلال الصراع. الذي استمر لاكثر من عشر سنوات.

وتشكلت الجماعة السلفية للدعوة والقتال في عام 1998 عندما انفصل حطاب عن الجماعة الاسلامية المسلحة احتجاجا على المذابح التي ارتكبتها ضد المدنيين. وقال حطاب ان الجماعة السلفية ستركز هجماتها على الشرطة والجيش.

وأدان مؤسسا حزب الجبهة الاسلامية للانقاذ عباسي مدني وعلي بلحاج أيضا الهجمات. ونقلت صحيفة الخبر اليومية عن مدني الذي يعيش في قطر قوله ان تنظيم القاعدة "أخطأ في استعمال العنف في بلد أحوج ما يكون لاتباع الحل السياسي القائم على التراضي" مضيفا أن هذا "خطأ كبير لا يمكن السكوت عنه."

أما بلحاج فقال "هذه أفعال غير مقبولة استهدفت أشخاصا أبرياء."

ولايزال نشاط الحزب محظورا كما لاتزال حالة الطواريء التي أعلنت في عام 1992 سارية.

وقوبلت الهجمات بادانة من زعماء الحزب في الخارج رابح كبير وأنور هدام.

وقال كبير من ألمانيا حيث يقيم في بيان ان هذه الهجمات اجرامية وغير مبررة لانها تستهدف الشعب الجزائري ومؤسساته.

أما هدام الذي يعيش في واشنطن فقال ان قتل الجزائريين الابرياء لا يصب في مصلحة الشعب.

وقد بث تنظيم القاعدة صورة مروان بودينة (28 سنة) ولقبه معاذ بن جبل بوجهه المكشوف على موقع اسلامي على شبكة الانترنت مع صورة انتحاريين اخرين مع بيان تبنيه تفجيرات العاصمة الجزائرية التي اسفرت عن سقوط 33 قتيلا واكثر من 200 جريح.

وكان وجها الانتحاريين الاخرين اللذين فجرا سيارتيهما امام مركز شرطة باب الزوار شرق العاصمة ملثمين. ولم تتعرف الشرطة بعد على هويتهما.

ونقلت رويترز عن ام الارهابي قولها وكانها تعتذر "كان ابني يقضي معظم اوقاته في بوروبة بمنزل ابيه الذي تركني وتزوج من اخرى".

واوضحت ان ابنها كان "بائع خضر متجول وكان عنيفا مع اخوته واخواته وقد سجن عشر مرات على الاقل ولم يكن يصلي. فوجئت عندما رايت صورته في التلفزيون".

وبث تنظيم القاعدة صورة مروان بودينة (28 سنة) ولقبه معاذ بن جبل بوجهه المكشوف على موقع اسلامي على شبكة الانترنت مع صورة انتحاريين اخرين مع بيان تبنيه تفجيرات العاصمة الجزائرية التي اسفرت عن سقوط 33 قتيلا واكثر من 200 جريح.

وكان وجها الانتحاريين الاخرين اللذين فجرا سيارتيهما امام مركز شرطة باب الزوار شرق العاصمة ملثمين. ولم تتعرف الشرطة بعد على هويتهما.

وقال شقيق مروان الصغير عاشور (24 سنة) وهو صاحب سوابق كذلك ان أخاه الانتحاري لم يكن يواظب على اداء الفروض الدينية بل "كان دائما مطاردا من الشرطة بسبب السرقة وكانت له تصرفات مخالفة للاسلام".

واضاف عاشور وهو يشير الى الكوخ الذي يتكدس فيه اخوانه واخواته العشرة الذين تخلى عنهم ابوهم دون معين "اننا نعيش في الفقر في هذا الحي البائس لكن ذلك لا يبرر ما فعله شقيقي ولا الارهاب".

وقال الياس، صديق طفولة مروان الذي يسكن الحي نفسه الذي اقيم بجانب الطريق في منعرجات وادي وشايح الذي يشكل مصبا مفتوحا لمياه الصرف "شربنا الخمر معا ودخنا الحشيشة واعرف انه لم يكن متطرفا دينيا".

وفي تصريحات لوسائل الاعلام الجزائرية اعلن شقيق الانتحاري الاكبر نور الدين وهو سمكري وعنصر امني ان "مدبري الاعتداء استغلوا جهل مروان".

وفي الصعيد ذاته نقلت وكالة فرانس برس، اعلان وزير الداخلية الجزائري نور الدين زرهوني للصحافيين انه تم التعرف على هوية انتحاريين نفذا احد الاعتداءين اللذين شهدتهما العاصمة الجزائرية في 11 نيسان/ابريل مؤكدا ان "مكافحة الارهاب مستمرة".

وقال زرهوني "تم التعرف على هوية الارهابيين" مشددا على ان "مكافحة الارهاب مستمرة" وينبغي "البقاء في حالة تيقظ وتضييق الخناق على المجموعات الارهابية".

الى ذلك هاجمت الصحف الجزائرية بحدة سفارة الولايات المتحدة لانها بثت على موقعها من شبكة الانترنت تحذيرا من احتمال وقوع هجمات ارهابية في وسط العاصمة الجزائرية.

وتساءلت صحيفة الوطن اذا لم يكن السفير الاميركي روبرت فورد مضطرا لشرح موقفه في وزارة الخارجية فلماذا تم "اعتباره شخصا غير مرغوب فيه وطرده من البلاد".

وكانت السفارة الاميركية حذرت رعاياها من احتمال وقوع اعتداءات ارهابية جديدة  في حي البريد المركزي (وسط المدينة) ومقر التلفزيون الرسمي على مرتفعاتها.

وقالت الوطن ان "السفارة بثت الرعب في قلوب سكان العاصمة الجزائرية".

من جانبها قالت صحيفة ليبرتيه ان "الاشاعات الاميركية زادت في هاجس الاعتداءات في العاصمة" وان السفارة استندت الى "مصادر غير موثوقة". واضافت الصحيفة ان "المقاربة الاميركية تثير الاستياء وتلقي بظلالها على شراكة استراتيجية استثنائية في مكافحة شاملة على الارهاب بين الجزائر وواشنطن".

وكتبت صحيفة "لكسبرسيون" انه "كان الاجدر بالسفارة الاميركية ان تترك اي معلومة امنية في نطاق ضيق" وشددت على ان "الامر يتعلق بسيادة الجزائر".

وقالت صحيفة لوجور ان "محاولة الاميركيين استبدال اجهزة الاستخبارات امر غير لائق اللهم الا اذا كان للاميركيين خلفيات بالسعي الى التسبب في اثارة الهواجس" في حين اكدت صحيفة لو جون اندبندان ان التحذير الاميركي يساهم في "زعزعة سكان كانوا اصلا مصدومين".

وكانت السفارة الاميركية حذرت السبت رعاياها من احتمال وقوع اعتداءات ارهابية جديدة السبت في حي البريد المركزي (وسط المدينة) ومقر التلفزيون الرسمي على مرتفعاتها.

ويعد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من أكثر الجماعات الإسلامية المسلحة ضراوة في الجزائري، وهي الجماعة السلفية للدعوة والقتال.

وقد شنت الجماعة السلفية، التي أنشأت في أواخر التسعينيات من القرن الماضي بهدف إقامة دولة اسلامية في الجزائر، حملة عنيفة بعد إلغاء الجولة الثانية من الانتخابات التي جرت في يناير/ تشرين الثاني 1992، والتي أوشك حزب اسلامي على الفوز بها.

يذكر أن حوالي 150 الف شخص لقوا حتفهم خلال السنوات العشر التي يصفها الجزائريون الآن بـ "العشرية السوداء" التي شهدت عمليات عنيفة.

لكن بنهاية السنة الماضية، اقتصرت العمليات المسلحة التي تقوم بها هذه الجماعة الإسلامية على المناطق الجبلية، شرق الجزائر العاصمة، وفي منطقة القبائل، شرق البلاد.

وقد رفضت هذه الجماعة دعوة الحكومة الجزائرية للعفو عن المسلحين، بل وأعلنت ولائها لتنظيم القاعدة في سبتمبر / أيلول الماضي، وغيرت اسمها إلى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" منذ حينها.

وعبر ثاني أكبر قادة القاعدة، أيمن الظواهري، عن ترحيبه بهذا الانضمام الجديد قائلا إنه "نابع من الشعور بالنكد والإحباط والحزن" من السلطات الجزائرية.

وفي أعقاب الهجمات الانتحارية في العاصمة الجزائرية مطلع الأسبوع الجاري، والتي خلفت 33 قتيلا و53 جريحا، نبّه رئيس الوزراء الجزائري (رئيس الحكومة) عبد العزيز بلخادم، بأن مرتكبي التفجيرات يريدون إرجاع الجزائر إلى "سنوات المعاناة".

وبالفعل، فقد عادت الجماعة إلى الساحة القتالية خلال الاشهر القليلة الماضية، باستهداف باصات في الجزائر العاصمة، بحيث شنت هجوما على باص كان يقل موظفين من فرع شركة النفط الأمريكية، هاليبورتن، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وهجوما آخرا على باص كان يستقله موظفون روس في مارس/آذار الماضي.

كما قتل 6 أشخاص وجرح 13 آخرون في سبع تفجيرات خارج مركز للشرطة في منطقة القبائل شرق البلاد في شهر فبراير/ شباط الماضي، فيما أفادت تقارير بأن 33 جنديا جزائريا لقوا مصرعهم هذا الشهر.

وتشير أحداث أخرى وقعت في منطقة المغرب العربي إلى أنه قد تكون للجماعة طموحات أقليمية.

ففي يناير/ كانون الثاني الماضي، قتل رجال الأمن في تونس 12 شخصا قرب بلدة سليمان جنوب العاصمة التونيسية.

وفيما وصفت السلطات هؤلاء بأنهم مجرمون في بداية الأمر، أعترفت في وقت لاحق بأنهم مسلحون إسلاميون تربطهم صله بالجماعة السلفية.

أما في المغرب، فتعيش قوات الأمن حالة تأهب عقب تفجير ثلاثة انتحاريين أنفسهم الثلاثاء الماضي في مدينة الدار البيضاء.

وقال المحلل المختص في شؤون المغرب العربي، محمد بن مدني، إن المسلحين ناشطون أيضا في موريتانيا التي أثارت سخط الإسلاميين بسبب علاقاتها بإسرائيل.

وأوضح بن مدني "إن هذه الجماعة تلقت تدريبها في الجزائر واستفادت من التجربتين العراقية والأفغانية".

ويعرف زعيم هذه الجماعة باسم أبو مصعب عبد الودود، في الثلاثين من عمره، وهو طالب جامعي سابق درس العلوم، ومشهور بخبرته في صناعة القنابل، تولي قيادة الجماعة منذ 2004.

ومن الأعضاء البارزين الأخرين، مختار بلمختار، المعروف ايضا باسم "الأعور"، وهو جندي سابق شارك في الحرب الأفغانية ضد القوات الروسية.

ويقود بلمختار حناح الجماعة السلفية في الصحراء الذي ينظم إيراد الأسلحة عبر شبكة سرية من النيجر والمالي.

وطالما حذر خبراء في الأمن بأن فضاء الصحراء المفتوح وحدودها سهلة التوغل تجعل هذه المناطق ملاذا آمنا للجماعات المسلحة.

ويعتقد بأن للجماعة ما بين 600 و800 عضو موزعين على التراب الجزائري وأوروبا.

إلا أن العشرات من الإسلاميين الذين كانوا معتقلين في السجون الجزائرية، ثم اطلق سراحهم بعد صدور قانون العفو في الجزائر السنة الماضية، قد عادوا إلى عملهم المسلح.

يشار إلى أن الجماعة السلفية للدعوة والقتال نفسها انبثقت من جماعة الجيش الإسلامي، وتتهم كلتا الجماعتين بالضلوع في مقتل 150 الف شخص منذ 1992.

وقد حكم قبل سنتين على نائب قائد الجماعة السلفية، عماري سيفي، بالسجن مدى الحياة لاختطاف 32 سائحا أوروبيا في 2003.

وكان مسلحون تشاديون قد اعتقلوا سيفي في ظروف غامضة وسلموه للسلطات الليبية قبل أن تتم محاكمته في الجزائر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 19 نيسان/2007 -28/ربيع الاول/1428