الفرنسيون يرغبون بالتغيير نحو رئاسة النساء

 شبكة النبأ: الماراثون الانتخابي في فرنسا لا زال محتدما والمرشحين الـ12 في هذا المضمار يطرحون أجنداتهم ورؤاهم إعتمادا على جملة من الافكار والخطط التي يسعون الى تحقيقها، والتي اعلنوها للجمهور عبر وسائل الاعلام، كبرامج عمل في صالح المواطن الفرنسي. ولكن المرشحين الاوفر حظا بدخول قصر الرئاسة الفرنسية هم الثلاثة الاقوياء، نيكولا ساركوزي مرشح اليمين الحاكم، بايرو مرشح اليمين المتطرف، وسيغولين مرشحة الحزب الاشتراكي الفرنسي.

وتسعى سيغولين روايال المرأة الوحيدة بين المرشحين البالغة من العمر 53 عام الى تجسيد اليسار المتجدد عبر الجمع ما بين الاطلالة اللبقة والجريئة والمواقف المحافظة وهي ميزات مكنتها من التفوق على شخصيات مخضرمة في الحزب الاشتراكي. فهل تصبح هذه المرأة اول رئيسة لفرنسا؟.

هل يمكن للمرأة ان تكون رئيسة لدولة عظمى؟.

هل يمكنها التعايش في وسط ذكوري متجانس منذ أجيال، بحيث انها تبدو فيه وكانها النشاز الوحيد، قد يكون هذا الكلام صحيحا في وسط الدول النامية، لكنه يبدو مقبولاً في التقاربات الثقافية الاوربية وخصوصا فرنسا.

انه سؤال طالما يخطر على بال المراة العربية ايضا، وهو يتشكل على مستوى الثقافة النسوية ، وعلى هامش الإدعاء الذكوري المتضامن زيفاً في واقع الحال، كما هو سائد في محيطنا العربي.

ولعل روايال الأم لأربعة ابناء تتراوح اعمارهم بين 14 و22 عاما قد فرضت نفسها بنجاح كمرشحة عن الحزب الاشتراكي من خلال اهتمامها بجملة من المواضيع الاجتماعية التي غالبا ما يهملها السياسيون بدءاً من سوء معاملة الاطفال ووصولاً الى العنف المستشري على التلفزيون. حسب تقرير لوكالة فرانس برس.

وكان الطرح الجوهري في حملة روايال بناء "ديموقراطية تقوم على المشاركة" يتم التركيز فيها على التربية والتعليم.

اما بالنسبة لأوروبا فتدعو الى "اعادة بنائها عمليا" بواسطة "مشاريع تؤثر على حياة الفرنسيين اليومية".

غير ان بعض مواقفها جاءت غريبة عن خط حزبها فزرعت البلبلة داخل معسكرها وجعلتها عرضة لاتهامات بالانحراف الى اليمين او الى الشعبوية وهو ما حصل على سبيل المثال حين اقترحت وضع الجانحين الشبان من اصحاب السوابق في اصلاحيات تحت اشراف عسكريين.

وقادت روايال حملة اتسمت احيانا بالفوضى وتخللها عدد من "الهفوات" على صعيد السياسة الخارجية غذت الانتقادات حيالها وجعلت خصومها يأخذون عليها افتقارها الى الخبرة و"المصداقية" والتبدل في طريقة اشراكها كبار شخصيات الحزب الاشتراكي (الملقبين في فرنسا بـ"الفيلة") وبعضهم لم يؤيدها الا بفتور.

وبعد ان كانت التوقعات تشير قبل ثلاثة اشهر الى فوزها على ساركوزي باتت استطلاعات الرأي الحالية تفيد كلها تقريبا بان خصمها اليميني سيهزمها في حال تواجها في الدورة الثانية.

ولكنها لا تكف عن ترديد انها تريد ان تعمل على ارساء " قوة واعية" وتدعو الفرنسيين الى التوحد خلفها لسد الطريق على اليمين المتشدد الذي يمكن ان يقود الى الفوضى وحتى الى "الحرب الاهلية".

وحين ينكر البعض عليها تمتعها بمواصفات تخولها الدخول الى قصر الاليزيه لا تتردد روايال في القول انها ضحية افكار مسبقة ذكورية مؤكدة ان "تمكين امرأة من تولي الرئاسة في يتطلب احداث ثورة هائلة".

وتبدي روايال التي انضمت الى الحزب الاشتراكي عام 1978 وعينها الرئيس السابق فرنسوا ميتران مستشارة له تمسكا كبيرا بالقيم الاخلاقية والعائلية وهي من قيم اليمين التقليدية وتشدد باستمرار على ضرورة احلال "نظام عادل".

وتركز روايال والدة فلورا وجوليان وكليمانس وتوما على خبرتها كأم ورئيسة لمنطقة بواتو-شارانت (وسط غرب) كما انها تولت حتى الان ثلاثة مناصب وزارية هي البيئة والتعليم المدرسي والعائلة والطفولة وهو ما يجعلها وفق تعبيرها "قريبة من عامة الشعب"..

وتشكل روايال مع رفيقها السكرتير الاول للحزب الاشتراكي فرنسوا هولاند ثنائيا متميزا في الطبقة السياسية الفرنسية غير ان شعبيتها طغت على طموحاته الشخصية.

ولدت سيغولين روايال في داكار في عائلة كاثوليكية. وكانت الرابعة بين ثمانية اولاد. واوضحت المرشحة التي لا تفارقها الابتسامة انها تلقت من والدها الذي كان ضابطا "تربية صارمة جدا بل قاسية" غذت لديها ميلا الى التمرد. وقد درست في المدرسة العليا للادارة (اينا) التي خرجت كبار المسؤولين في فرنسا.

وبحسبCCN  ، دعا المرشح للانتخابات الرئاسية الفرنسية اليميني المتشدد جان ماري لوبن إلى تغيير عملة اليورو في بلاده واصفا إياها "بعملة إحتلال."

ونقلت أسوشيتد برس عن مرشح "الجبهة الوطنية" في تصريحات لإذاعة فرنسيّة قوله إنّ فرنسا فقدت سيادتها عندما اعتمدت هذه العملة.

ويدخل في مضمار السباق الانتخابي ايضا المرشح نيكولا ساركوزي 52 عاما الذي يمتلك ارضية انتخابية، تؤهله ان يكون احد اقطاب المنافسة في ماراثون الانتخابات الفرنسية.

ويضيف تقرير وكالة فرانس برس، يعتبر نيكولاي ساركوزي الرجل القوي في اليمين الحاكم منذ سنوات ويتمتع بحيوية كبيرة الى القطيعة مع السياسات السابقة بهدف احداث "تغيير عميق" في البلاد.

دخل ساركوزي المتحدر من مهاجرين مجريين المعترك السياسي قبل اكثر من ثلاثين عاما وضع خلالها كل طاقته في خدمة طموحه السياسي للوصول الى رئاسة الجمهورية.

ولم يدّخر ساركوزي اي جهد لتحقيق ذلك وكانت الخطوة الاولى توليه في 2004 رئاسة الحزب الحاكم الاتحاد من اجل حركة شعبية الذي اسسه جاك شيراك.

لكنه أعلن اخيرا "ان كنت مرشحا للرئاسة فليس الهدف منه تتويج مسار سياسي" بل "من اجل العمل" واحداث "تغيير عميق" في فرنسا.

ويقدم هذا المحامي رغبته في "الحديث بصدق" ومواجهة المشكلات التي يعاني منها الفرنسيون وهذا ما يدفع خصومه الى اتهامه "بالشعبوية".

وشدد "ساركو" كما يلقبه المقربون منه والذي يتقدم استطلاعات الرأي منذ ثلاثة اشهر على العمل على "التغيير" قبل ان يلطف هذا المفهوم لطمأنة مخاوف قسم من ناخبيه مستخدما عبارة "التغيير الهادئ" من اجل تبديل المشهد السياسي الفرنسي.

ويدعو ساركوزي المعجب بنمط المجتمع الاميركي الى "ابتكار نموذج فرنسي جديد" يقوم على "قيم العمل" و"اعادة احياء الجمهورية".

كذلك يدعو الى ثورة اقتصادية مع تخفيض كبير للضرائب واعدا بخفض معدل البطالة الى 5% خلال خمس سنوات.

وخلال سنواته الطويلة في وزارة الداخلية عمل على مكافحة الثغرات الامنية والهجرة غير الشرعية ما اضفى عليه صورة "شرطي فرنسا الاول".

وياخذ عليه خصومه انه يصطاد في مياه اليمين المتطرف وقد اثيرت هذه الاتهامات مجددا في ضوء طرحه استحداث "وزارة للهجرة والهوية الوطنية".

غير انه يشدد على ان الفرنسيين يؤيدون تطرقه الى هذه المسائل ويقول "اريد ان يكون في وسعي التحدث عن الامة بدون ان اصنف قوميا وعن الهجرة بدون ان اصنف عنصريا" معتبرا انه الوحيد الذي يمكنه احتواء اليمين المتطرف.

ومن الامور التي طبعت صورته تصريح بات شهيرا اكد فيه عزمه على "تنظيف" الضواحي الفرنسية التي تشهد اعمال عنف يقوم بها احداث جانحون وصفهم ب"الحثالة" ما اكسبه عداء العديد من الشبان ذوي الاصول المهاجرة.

ويتخذ ساركوزي احيانا مواقف مفاجئة بطرحه افكارا بعيدة عن خطه فيؤيد اشراك المقيمين الاجانب في الانتخابات المحلية او يندد ب"ارباب العمل الانذال" مع اعتناقه الليبرالية.

ولم يكشف ساركوزي عن موقف ضعف سوى مرة واحدة حين تحدث عبر التلفزيون عن "مشكلاته الزوجية" مع زوجته سيسيليا التي هجرته لفترة قبل ان تعود وتظهر الى جانبه.

ويضيف تقرير فرانس برس، يبدي فرنسوا بايرو "المرشح الثالث" من ضمن الثلاثة الاكثر احتمالاً للفوز في الانتخابات الرئاسية الفرنسية ثقة بمساره السياسي وبانه سيتمكن من ردم الهوة بين اليمين واليسار في فرنسا لاحداث"الثورة السلمية" التي يرجوها مواطنوه.

ويعتقد بايرو البالغ 55 عاما والذي يعبر عن اقتناعات اوروبية راسخة ان دوره حان وان حكومة تضم "نساء ورجالا ذوي شجاعة وكفاءة" من المعسكرين يمكنها وحدها اصلاح البلاد وتلبية "تطلعات الفرنسيين الى التغيير".

ويقدم بايرو نفسه بوصفه "رئيسا مصلحا" سيعمل على تضميد جروح بلد تؤرقه الخلافات بين اليمين واليسار.

حصل بايرو عام 2002 على 6,8% من الاصوات لدى ترشحه للمرة الاولى للرئاسة الفرنسية وسجل هذه السنة تقدما كبيرا في استطلاعات الرأي وصل الى 24% من نوايا الاصوات في الدورة الاولى قبل ان تستقر نسبة التأييد هذه عند 18 الى 20%.

ويؤكد بايرو الذي يترأس الاتحاد من اجل الديموقراطية الفرنسية (وسط يمين) انه سيكون "رئيس الشعب" وسينجح في الدورة الثانية.

وابدى بايرو ارتياحه الى الدعوة التي وجهها رئيس الوزراء السابق الاشتراكي ميشال روكار الى التحالف بين بايرو والمرشحة الاشتراكية سيغولين روايال والتي رفضها الاشتراكيون. وقال بايرو ان "ذلك يثبت ان خطتي لجمع رجال ونساء من اليسار والوسط واليمين ومن انصار البيئة للعمل معا بات تحقيقها ممكنا".

ويصف بايرو نفسه بانه مرشح "مناهض للسلطة القائمة" ولو انه يتقن تفاصيلها وآلياتها وهو الذي دخل السياسة في سن مبكرة.

واتهم بايرو وسائل الاعلام الرئيسية التي تملكها مجموعات صناعية مرتبطة برجال السياسة بالعمل على توجيه الفرنسيين نحو "خيار معلب" بين نيكولا ساركوزي وسيغولين روايال.

ويطرح بايرو برنامجا يقوم على خفض الضرائب على الشركات ومكافحة الدين العام واجراءات تحفيزية لايجاد وظائف جديدة ويدعو الى "جمهورية سادسة" يستعيد فيها البرلمان "مكانته الحقيقية".

ولا يتردد بايرو ابن المزارعين المولود في بيارن جنوب غرب فرنسا في الحديث عن اصوله المتواضعة ويهوى التقاط صور له وهو يسوق جراره ويعود بانتظام الى قرية بوردير مسقط رأسه للاهتمام بخيله.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 18 نيسان/2007 -27/ربيع الاول/1428