البحث عن قيصر لإدارة حرب العراق وتحجيم القاعدة يثير قلق طويل الأمد

 شبكة النبأ: يطرح بشدة هذه الايام موضوع الآثار المترتبة على المدى الطويل للداخل الامريكي جراء مكافحة القاعدة وتشظّيها الى انحاء العالم من قبل ادارة الرئيس بوش، وتاخذ هذه الاثار اشكالاً متعددة، تتمثل بالقلق من المتشددين المسلمين داخل امريكا وامكانية ان يصبحوا مشاريع خلايا ارهابية مستقبلية تهدد الامن الداخلي، والتركيز على جهود المراقبة والتحليل والاجراءات الامنية الصارمة بكل ما تستنفذه هذه المقومات من كلفة مادية ضخمة وعراقيل سياسية واجتماعية على صعيد ارتباط تلك الاجراءات بحقوق الانسان.  

وقال خبراء لرويترز،ان إدارة الرئيس الامريكي جورج بوش شّلت قدرة تنظيم القاعدة على تنفيذ هجمات كبرى داخل الولايات المتحدة ولكن ذلك تحقق بتكلفة سياسية واقتصادية قد تترك البلاد أكثر عرضة للهجمات لسنوات قادمة.

وبرغم محاولة تنظيم القاعدة اعادة تنظيم عملياته في باكستان يعتقد خبراء من بينهم مسؤولو مخابرات حاليون وسابقون أن التنظيم سيجد صعوبة شديدة في اعداد هجوم آخر على غرار هجمات 11 سبتمبر ايلول بسبب نجاح الولايات المتحدة في قتل أو اسر أعضاء كبار لم يتمكن من تعويض مهاراتهم وخبراتهم.

وقال مسؤول سابق بالمخابرات الامريكية طلب عدم الكشف عن اسمه "اذا كان السؤال هو لماذا لم ينفذ القاعدة هجوما اخر مثل 11 سبتمبر.. فأعتقد أن الاجابة هي أنه لو كان تمكن من ذلك لفعل."

وقال خبراء ان تشديد الأمن في المطارات الامريكية وتشديد عمليات الفحص للاشخاص الذين يدخلون الولايات المتحدة إلى جانب تحسين التنسيق بين وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الاتحادي ووزارة الأمن الداخلي صعب أيضا على المتطرفين دخول البلاد.

أما المتطرفون المحليون بالولايات المتحدة فيعتقد انهم معزولون ويفتقرون للارادة أو القدرة على تنفيذ عمليات كبيرة.

ويحذر بعض الخبراء من ان النجاح الذي حققته إدارة بوش في الحرب على الارهاب تقلصت قيمته بسبب التكاليف الأمنية الباهظة والأعباء التي ينوء بها كاهل الجيش الامريكي بسبب الحربين في العراق وافغانستان إلى جانب مشاعر الاستياء المتصاعدة الحدّة من الولايات المتحدة في الخارج.

وقال مايكل شيور الذي كان يقود فريق المخابرات المركزية الامريكية المكلف بالبحث عن اسامة بن لادن "انظر إلى خطط القاعدة... إنها بكل بساطة موضحة في عبارتين .. انتشار القوات الامريكية لأقصى طاقة لها.. واستنزاف الولايات المتحدة حتى الافلاس. أقول إن أمريكا تتعرض لهجوم ناجح يوميا منذ 11 سبتمبر من هذا المنظور."

ووصفت المخابرات الامريكية حرب العراق بأنها مجال مهم لتجنيد أنصار لتنظيم القاعدة وساحة تدريب للمتشددين على استخدام المتفجرات وأساليب حرب العصابات في المدن.

وقال المدير بالآنابة السابق للمركز الوطني لمكافحة الارهاب جون برينان "ربما يوجد أفراد تمكنوا من تجنيدهم في العراق لديهم المسوغات والقدرات على الآنتشار في اماكن أخرى.. رغم أن تنظيم القاعدة الاساسي تضرر."

وينظر خبراء إلى هجمات وقعت مؤخرا في أوروبا مثل تفجيرات يوليو تموز 2005 التي استهدفت وسائل نقل في لندن باعتبارها دليلا على أن الجماعات المرتبطة بالقاعدة تفتقر رغم خطورتها إلى المهارات المتطورة والقدرات التنظيمية التي تتمتع بها جماعات متشددة مثل حزب الله.

وقال المسؤول الكبير السابق بالمخابرات المركزية الامريكية روبرت باير "ما تبقّى للقاعدة هو مجموعة من المتشددين السنّة في عواصم متعددة يتلقون الاوامر والتكنولوجيا على شبكة الإنترنت. غير ان اتصالهم بالمركز ليس قويا للغاية كما انهم ليسوا شديدي الانضباط."

وتقول مؤسسة انتل سنتر ومقرها بولاية فرجينيا وهي متعاقدة مع المخابرات إن الجماعات الاسلامية المتشددة قتلت نحو 1600 شخص في 53 هجوما في الخارج منذ عام 2001.

وانخفض عدد الهجمات وعدد القتلى في عام 2004.

وتشير احصائيات انتل سنتر إلى أن عدد الهجمات العام الماضي بلغ خمسة فقط أسفرت عن مقتل 28 شخصا. ولا تشمل الاحصائيات الهجمات في العراق وأفغانستان وغيرهما من مناطق الحرب.

غير أن الرئيس التنفيذي لانتل سنتر بن فنزكي قال "اعتقادنا الرئيسي هو اننا أقرب الآن من أي وقت منذ 11 سبتمبر إلى محاولة لشن هجوم كبير في الولايات المتحدة."

البحث عن قيصر لإدارة حرب العراق

من جهة اخرى يبحث البيت الابيض عن شخصية ذات مكانة بارزة لإدارة حربي العراق وأفغانستان من أجل التنسيق بين الوكالات المتنافسة والتأكد من تنفيذ استراتيجية الرئيس جورج بوش التي لا تحظى بشعبية.

ويدرس البيت الابيض استحداث منصب "قيصر حرب" داخل مجلس الامن القومي وجس نبض بعض الجنرالات المتقاعدين لمعرفة ما اذا كانوا مهتمين بذلك.

لكن أحدا لم يقبل حتى الان. وذكرت صحيفة واشنطن بوست ان ما لا يقل عن ثلاثة جنرالات متقاعدين رفضوا المنصب حين عرضه البيت الابيض عليهم خلال الاسابيع القليلة الماضية.

وذكرت الصحيفة ان جنرال مشاة البحرية الامريكية المتقاعد جون (جاك) شيهان وكان قائدا كبيرا في حلف شمال الاطلسي كان من بين الذين رفضوا تولي المنصب.

وقال شيهان لواشنطن بوست "المشكلة الرئيسية هي انهم لا يعرفون الجحيم المتجهين اليه".

وبعد تعرض وكالات المخابرات الامريكية لانتقادات بسبب الفشل المرتبط بهجمات 11 سبتمبر ايلول والعراق تم انشاء "قيصر مخابرات" تنفيذا لتوصيات لجنة 11 سبتمبر ايلول.

ولدى الحكومة الامريكية أيضا "قيصر المخدرات" للاشراف على جهود مكافحة المخدرات.

وسيتلقى "قيصر الحرب" الاوامر مباشرة من بوش ومن ستيفان هادلي مستشار الامن القومي وسينسق السياسة مع وكالات من بينها وزارة الدفاع الامريكية ووزارة الخارجية التي تبنت كل منها في بعض الاوقات برامج عمل منافسة خاصة بها.

ونقلت الصحيفة عن شيهان قوله انه يعتقد ان أفكار ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي المتشددة بخصوص الحرب مازالت تهيمن على سياسة الادارة.

ونقلت الصحيفة عن مصادر قولها ان البيت الابيض عرض المنصب أيضا على جنرال الجيش المتقاعد جاك كين والجنرال بالقوات الجوية المتقاعد جوزيف رالستون لكن الاثنين رفضا.

ويشير استطلاع للرأي نشرته مجلة نيوزويك مؤخرا أن غالبية الامريكيين يؤيدون خطة للديمقراطيين تقضي بالبدء في سحب القوات من العراق. ويرفض بوش الذي يصر على أنه "المقرر" بشأن أمور الحرب تحديد جدول زمني لسحب القوات ويرسل المزيد من الجنود لمحاولة تأمين العاصمة العراقية بغداد.

وفي أفغانستان يتوقع أن يكون القتال ضد حركة طالبان شرسا هذا العام بعدما كان عام 2006 أشد الاعوام عنفا منذ أطاحت القوات التي تقودها الولايات المتحدة بالحركة في عام 2001.

وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض دانا بيرينو ان البيت الابيض يدرس تعيين شخص ما بمجلس الامن القومي يتمتع "بمكانة أعلى بعض الشيء يمكنها المساعدة في تقليل البيروقراطية والتأكد من أن تلك السياسات تنفذ."

وأضافت بيرينو أن ذلك يأتي عقب استقالة ميجان اوسوليفان كبير المسؤولين المختصين بالعراق وأفغانستان في مجلس الامن القومي وعقب انجاز المراجعات الاستراتيجية بشأن الحربين. وأشارت الى أنه لم يتم اتخاذ أي قرارات.

وانتقد النائب الديمقراطي رام ايمانويل البيت الابيض لدراسته انشاء منصب لقيصر للحرب وقال ان ذلك هو دور بوش باعتباره القائد الاعلى للجيش.

وقال ايمانويل في بيان "على شخص ما أن يبلغ ستيف (ستيفان) هادلي بأن المنصب مشغول.. انه منصب القائد الاعلى .. الا اذا أصبح صاحب القرار يفوض غيره."

وردت بيرينو بقولها ان الديمقراطيين الذين يحاولون تحديد مهلة للانسحاب "يعتقدون أنهم القادة الاعلى."

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 13 نيسان/2007 -22/ربيع الاول/1428