هدر المليارات والفساد المالي والقيود على هيئة النزاهة تطيح بجهود إعمار العراق

 شبكة النبأ: لا تزال قضايا الهدر في المال العام العراقي واستشراء الفساد الاداري في كافة مفاصل الدولة تمثل تحديات كبيرة للحكومة وهيئة النزاهة الجهة المسؤولة عن رصد ومكافحة التجاوزات المالية وهو ما جعل العراق في مقدمة دول العالم في الفساد الاداري وهدر الاموال

واعلنت هيئة "النزاهة العامة" في العراق ان القيمة التقديرية لأموال "الهدر" و"الفساد الاداري والمالي" تبلغ ثمانية مليارات دولار خلال اربع سنوات.

ونقل بيان رسمي عن رئيس الهيئة العامة للنزاهة القاضي راضي الراضي قوله ان "القيمة التقديرية للمبالغ المهدورة بسبب حالات الفساد الاداري والمالي تبلغ ثمانية مليارات دولار" منذ سقوط النظام العراقي في 2003.حسب تقرير لوكالة فرانس برس، ولم يحدد البيان هذه الحالات او ما هي الوزارات او الدوائر المتورطة.

يشار الى ان هيئة النزاهة انشئت بالتزامن مع عملية نقل السيادة الى العراقيين.

واكد الراضي،انه تم رفع دعوى امام المحكمة الدستورية لإلغاء المادة 136 التي وصفها بانها "معرقلة" مؤكدا انها تنص على "عدم احالة المتهم الا بموافقة المرجع اي الوزير" المختص.

وأوضح ان "قيمة الاموال التي اهدرت بسبب هذه المادة تبلغ سبعين مليار دينار(55 مليون دولار)".

الى ذلك اعلن الراضي ان التحقيق جار "مع 180 موظفا من وزارة النفط في محافظة البصرة متهمين بقضايا فساد اداري ومالي".

وكانت الهيئة اتهمت وزيري كهرباء ودفاع سابقين باختلاس اموال طائلة تقدر بملياري دولار.

وادرجت منظمة "الشفافية الدولية" في 2006 العراق الى جانب هايتي وبورما بين اكثر الدول فسادا في العالم.

واضاف تقرير لوكالة (اصوات العراق)، ان النزاهة العامة رفعت دعوى أمام المحكمة الدستورية لإلغاء المادة ( 136ب) المعرقلة لعملها.

وتنص المادة ( 136ب) على عدم الإحالة على القضاء في المخالفات داخل الوزارات والأجهزة الرسمية للدولة إلا بموافقة المرجع( الوزير).

ونقل البيان عن الراضي قوله "إن القيمة التقديرية للمبالغ المهدورة بسبب حالات الفساد الاداري والمالي تقدر بثمانية مليارات دولار."

وأضاف الراضي, وفقا للبيان, إن جهود وعمل هيئة النزاهة ومكتب المفتش العام وديوان الرقابة المالية "يصب في مصلحة الحفاظ على المال العام، استنادا الى مبدأ سيادة القانون... ولا أحد فوق القانون."

وشدد على ان الهيئة العليا للنزاهة "عازمة على السير بخطى ثابتة نحو مكافحة الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة."

ويضيف تقرير نقلته الحياة، ان هيئة النزاهة الوطنية في العراق تحقق بأكثر من 2500 قضية فساد أدت الى اهدار نحو 80 بليون دولار منذ الاحتلال الاميركي في العام 2003.

وقال الناطق باسم الهيئة علي الشبوط لـ الحياة ان الهيئة تتعرض لضغوط من اطراف سياسية رفيعة المستوى لم يرق عملنا لها.

وشدد على ان الهيئة تواجه وحشاً كاسراً يتمثل بالفساد الاداري والمالي، وهي في حرب مفتوحة مع الفساد ملاحظاً ان العراق في المركز الثاني من بين اكثر الدول فساداً في العالم، كما جاء في التقرير الاخير لـ منظمة الشفافية العالمية.

في المقابل تقول وزارة العدل العراقية ان القضاء حسم عدداً كبيراً من قضايا الفساد الاداري والمالي، لكن الهيئة التي ترى ان دورها في متابعة القضايا ينتهي مع احالة المتهمين على القضاء تشير الى ان الضغوط السياسية التي تتعرض لها تنتقل مع المتهمين الى المراحل التالية لمتابعة قضاياهم ما ترك عدداً من القضايا معلقة في اروقة القضاء.

ويتندر العراقيون على مساعدة قوات اميركية في اطلاق سراح وزير الكهرباء السابق أيهم السامرائي الذي تتهمه الحكومة العراقية بقضايا فساد، وعلى هجرة وزراء ونواب سابقين وحاليين الى الخارج بعد ورود اسمائهم في قضايا اهدار المال العام او اختلاسات.

في المقابل تتهم اطراف عراقية معارضة الهيئة بتسييس قضاياها لمصلحة احزاب سياسية تشارك في الحكم، الامر الذي تنفيه الهيئة التي سبق ان تعرضت لاتهامات فساد وجهها اليها صباح الساعدي النائب عن الكتلة الصدرية.

وقال الشبوط ان الوزارات الامنية تحتل المرتبة الاولى في قضايا الفساد تليها الوزارات الخدمية. واشار الى ان بين قضايا الفساد 44 تعود الى وزراء ووكلاء وزراء ومديرين عامين، تم تحويلها الى القضاء.

وذكر ان بعض النصوص القانونية تحد من عمل الهيئة ابرزها الفقرة باء من المادة الـ136 من الدستور التي لا تسمح بإحالة موظف على القضاء الا بإذن من الوزير المختص، ما تسبب في طي قضايا ادت الى خسارة 200 مليون دولار.

وقال الشبوط إن لا جدوى من محاكمة المسؤولين الفاسدين من دون استرجاع المسروقات التي غالباً ما تكون هُربت الى الخارج، ما دفع الهيئة الى اقتراح انضمام العراق الى الاتفاق الدولي لمكافحة الفساد ما يُساعد في استرداد الاموال المنهوبة.

وعن الاتهامات التي وجهت في مجلس النواب الى الهيئة، قال الشبوط ان الهيئة تمكنت في زمن قياسي ان تضع يدها على جرائم الفساد التي اختلست بلايين الدولارات ما لم يرق بعض الاطراف والقيادات السياسية. واشار الى ان كل من وجه التهم كانت الهيئة رفعت ضده قضايا فساد، واعتبر ان اتهام الهيئة بعدم النزاهة سيؤدي الى فقدان صدقية اجراءاتها وتحقيقاتها.

وشدد الشبوط على ان الهيئة تعرضت لضغوط من قادة سياسيين رفيعي المستوى في الدولة لحضها على رفض النظر في بعض القضايا كما تعرضت مكاتب الهيئة في بغداد والمحافظات الى هجمات وتهديد موظفيها بالقتل. يذكر ان الهيئة جهاز حكومي مستقل، تأسس بموجب الامر 55 في عهد الحاكم المدني الاميركي بول بريمر العام 2003، ويكون رئيسها المعين لمدة خمس سنوات غير قابلة للتجديد، مسؤولاً عن تنفيذ قوانين الفساد في العراق.

الاعتراضات الوزارية والعنف تعرقل محاربة الفساد في العراق

بدوره قال مسؤول أمريكي لرويترز، إن افتقار المحققين الى الأمن والاعتراضات الوزارية على التحقيقات تعرقل جهود مواجهة الفساد في العراق أحد أكثر البلدان فسادا في العالم.

وقال بوتس بوليكين مدير مكتب المحاسبة والشفافية الامريكي الذي أقيم حديثا في بغداد انه يعمل على تشكيل مجلس مشترك لمحاربة الفساد لمساعدة الاجهزة الرقابية العراقية على العمل سويا بشكل أفضل.

وأبلغ بوليكين مؤتمرا صحفيا في بغداد أن أكثر الوزارات العراقية تعرضا لمزاعم الفساد هي وزارة النفط ثم وزارة الداخلية ووزارة الدفاع.

وقال "تلك هي أكبر ثلاث (وزارات) نشهد فيها ادعاءات." وأضاف "لكن تذكر أن الادعاء هو مجرد ادعاء. انه زعم الى أن تخضع القضية لتدقيق كامل."

لكن ثبت ان تقديم حالات للمحاكمة أمر صعب. وقال بوليكين انه منذ تأسيس هيئة النزاهة العامة في 2004 قدمت اليها 2627 حالة منها 450 أحيلت الى القضاء.

وقال بوليكين "أسفر هذا عن 80 اعتقالا منها ست حالات فصل رسمي."

ويقول منتقدون ان الوزارات العراقية تدار كاقطاعيات للحزب المسؤول عنها مع تفشي المحسوبية والفساد لاسيما في قطاع النفط. ووجدت مراجعة حسابية رعتها الامم المتحدة العام الماضي أن مئات الملايين من الدولارات من ايرادات النفط قيدت بصورة خاطئة أو أنها ببساطة فقدت بالكامل في 2005.

ووسط عنف طائفي أودى بحياة أكثر من 34 ألف مدني العام الماضي وفقا لارقام الامم المتحدة يصبح من يحققون في الفساد أهدافا واضحة.

وقال بوليكين إن الامن "أحد التحديات الكبيرة" التي تواجه أجهزة محاربة الفساد.

وقال "المسألة الامنية تؤثر بالفعل في القدرة على المضي قدما في القضايا" مضيفا أن جزءا من ميزانيته سيخصص لتوفير مكاتب آمنة للمحققين في قضايا الفساد من داخل المنطقة الخضراء الدولية المحصنة في بغداد.

وقال بوليكين ان مكتبه عرض تمويلا للحصول على مركبات مصفحة.

وقال "أرى أنه مع تحسن الوضع الامني أو مع مساهمتنا في توفير مناخ أكثر أمنا لهؤلاء الافراد فان مزيدا من القضايا سيقدم للقضاء." لكن العنف ليس العقبة الوحيدة أمام احالة القضايا للقضاء.

وقال "أحد الاسباب الاكثر الحاحا التي نراها هو أنه عندما تتحرك قضية... هناك مادة بوسع الوزير المسؤول أن يضعها موضع التنفيذ لوقف القضية بالاساس."

وقال "هناك عدد من الوزراء الذين فعلوا هذا" لكنه رفض الافصاح عن أسماء الوزراء.

وقال "هذا جزء من القانون... اذا لم يكن يعجبك فينبغي على المنظمات العمل سويا لتعديل القانون."

وسئل ان كان هذا يمثل فسادا على مستوى المؤسسات فقال بوليكين "يمكن اعتباره كذلك."

لكنه أضاف أنه يمكن القول أيضا ان المادة كانت تهدف الى تجنب المزاعم الكيدية من رجال أعمال فاسدين.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 10 نيسان/2007 -19/ربيع الاول/1428