بالاضافة الى الفقر أمراض تاريخية تنهش فقراء مصر

شبكة النبأ: رغم نهج الانفتاح على العالم وتبني سياسة العولمة من قبل النظام المصري وما تبع ذلك من مساعدات ومنح وقروض ودعم قدمه الغرب الى السلطات المصرية إلا انه ما يزال الملايين من المصريين يعيشون تحت مستوى خط الفقر ويعانون من امراض انقرضت في انحاء العالم ولم يعد لها وجود منذ عشرات السنين.

واضطرت السلطات المصرية الى اغلاق العديد من المدارس، في مختلف المحافظات، بعد انتشار مرض "الحصبة الألمانية" بين الآلاف من تلاميذ تلك المدارس، في عودة جديدة للمرض، الذي كانت مصر قد أعلنت التخلص منه نهائياً أواخر القرن الماضي.

ويبدو ان أمراضاً من مختلف العصور، القديمة والحديثة، تحالفت معاً ضد فقراء مصر، الذين ظهرت بينهم أعلى معدلات الإصابة بفيروس أنفلونزا الطيور، خارج قارة آسيا، حسب تقرير نقلته الـ CNN، بالإضافة إلى عودة مرض "الدرن"، المعروف باسم "السُل" للظهور مجدداً في أكثر من عشر محافظات في مصر، بعد أكثر من عشر سنوات من إعلان السلطات المصرية ان المرض "أصبح تحت السيطرة."

وبحسب البيانات الصادرة من وزارة الصحة المصرية، فقد بلغ عدد حالات الحصبة الألمانية، التي تم تسجيلها في المستشفيات والمراكز التابعة للوزارة، نحو 2943 حالة، خلال الشهرين الماضيين، بالإضافة إلى اكتشاف ما يزيد على 300 حالة إصابة بمرض السل، فضلاً عن ارتفاع عدد الحالات البشرية المصابة بمرض انفلونزا الطيور الى 32 مصاباً، توفيت منها 13 حالة.

اجتماع وزاري عاجل

ومن المقرر أن تتصدر قضية "الانتشار الوبائي" للحصبة الألمانية جدول أعمال الاجتماع الطارئ للحكومة، الذي دعا رئيس الوزراء احمد نظيف، لعقده بهدف مناقشة سبل التصدي لهذا الوباء، الذي تقول وزارة الصحة ان خطر انتشاره سيستمر حتى منتصف أبريل/ نيسان الجاري.

ورغم تأكيدات الاطباء بأن مرض الحصبة الألمانية يسهل علاجه، فقد أثارت الإجراءات التي تم اتخاذها لمواجهته، قلقاً بالغاً لدى جموع المصريين، خاصة بعد لجوء السلطات الى إغلاق عدد من المدارس، واعطاء التلاميذ والمدرسات الحوامل، اجازات اجبارية في منازلهم بناءً علي تعليمات التأمين الصحي.

وفي تصريحات لـCNN بالعربية، أكد الدكتور حسين الجزائري، المدير الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية بشرق المتوسط، ان الحصبة الألمانية، تعتبر أخف ضرراً من الحصبة العادية، والتي قد تسبب وفاة المصابين بها، موضحاً ان النوع الاول يتطلب عزل المريض لمدة قد تصل إلى 21 يوماً.

تشوهات خلقية للأجنة

إلا ان مسؤول منظمة الصحة العالمية WHO، حذر من ان الحصبة الألمانية، قد يكون لها "تأثيرات خطيرة" على السيدات الحوامل، خاصة في اول ثلاثة شهور، حيث يمكن ان تسبب "تشوهات خلقية" للجنين.

كما أشار الى ان اهمال علاج الاطفال المصابين بالمرض، قد يتسبب في اصابتهم بالعجز مدى الحياة.

وتتمثل أعراض مرض "الحصبة الألمانية" في ارتفاع درجة الحرارة "الحمى"، والطفح الجلدي، وتضخم الغدد الليمفاوية خلف الاذن وبالعنق، والتهاب المفاصل، وملتحمة العين.

وفيما أكد الجزائري أن "التطعيم ضد الحصبة العادية، لا يقي من الاصابة بالألمانية"، فقد ذكر الدكتور نصر السيد، وكيل اول وزارة الصحة والسكان للطب الوقائي، ان مصل "MMR" الذي يعطى للاطفال في سن تسعة أشهر، للوقاية من الحصبة العادية، "هو نفسه الذي يقيهم من الإصابة بالحصبة الألمانية."

وفيما دعا مسؤول WHO الى ضرورة اعطاء الاطفال جرعات اضافية من التطعيم، بعد نحو سنتين من الجرعة الاولى، لضمان مناعة أكثر فاعلية ضد المرض، فقال المسؤول الحكومي إنه لا ينصح بتطعيم جماعي عند ظهور الاصابات حالياً، خاصة وأن "الفيروس المستخدم في مثل هذه الأمصال من الفيروسات الحية."

وقال نصر السيد، في تصريحات لـCNN بالعربية، عبر الهاتف من القاهرة، إن "مصر ضمن 60 في المائة فقط، من بين دول العالم، التي أدخلت طعم الحصبة الألمانية، ضمن التطعيمات الروتينية للأطفال في العام 2003."

"ما ظهر السُل في بلد إلا وانتشر"

وحول التقارير التي تحدثت عن انتشار مرض السل في عدد من المناطق العشوائية بالعديد من المحافظات المصرية، نفى وكيل وزارة الصحة انتشار المرض بصورة وبائية، قائلاً إن "طبيعة مرض السل انه غير وبائي، لأنه لا ينتشر بين يوم وليلة"، على عكس امراض اخرى، مثل الحصبة والأنفلونزا وغيرها.

وفيما تتخذ منظمة الصحة العالمية عبارة "ما ظهر السُل في بلد إلا وانتشر" شعاراً لها في حملتها للقضاء على المرض، فقد وصف السيد ذلك بأنه "مجرد شعار للتوعية بمخاطر مرض السُل"، مشدداً على ان "هذا الشعار لا يعني ان المرض يمكن انتشاره بشكل وبائي."

وأفادت تقارير صحية بانتشار مرض السُل في عدد من المناطق الفقيرة والعشوائية، بمحافظات القاهرة، والجيزة، والقليوبية، والبحيرة، وكفر الشيخ، وبني سويف، وأسيوط، والفيوم، وسوهاج، وقنا.

وأرجع خبراء واخصائيين بعلاج الأمراض الصدرية والمعدية، السبب في تفشي الإصابة بالسل، بصورة مفاجئة في مصر، الى الظروف الاجتماعية السيئة، وتدهور الاحوال المعيشية للمواطنين، بسبب الفقر.

وقال مسؤول الصحة العالمية ان المشكلة الرئيسية التي تواجه الجهات المختصة في مواجهة المرض، تتمثل في ضعف الاكتشاف المبكر للحالات المصابة، موضحاً ان نسبة الاكتشاف المبكر لا تتعدى 44 في المائة، مما يجعل مكافحة المرض أمراً صعباً، ويزيد معدلات الوفاة الناجمة عنه.

وأضاف ان مرض السُل يحصد سنوياً أرواح أكثر من مليوني شخص حول العالم، منهم 111 ألفاً في المنطقة التي ترتفع بها معدل الإصابة، ومن بينها مصر والسودان واليمن والصومال.

أنفلونزا الطيور تتحدى وزارة الصحة

وكانت وزارة الصحة المصرية قد أعلنت بداية الاسبوع ارتفاع عدد المصابين بفيروس H5N1 المسبب لمرض أنفونزا الطيور،الى 32 حالة، رغم تأكيد وزير الصحة حاتم الجبلي ان المرض، الذي حصد ارواح 13 مصرياً، " اصبح تحت السيطرة."

وتعاني مصر من مرض انفلونزا الطيور منذ ظهوره فيها قبل أكثر من عام، حيث تسبب في خسائر بشرية، واقتصادية ضخمة، نتيجة ضرب صناعة الدواجن في البلاد.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، شهدت مصر انتشار حالات تسمم جماعية، في عدد من محافظات الدلتا شمال القاهرة، أثارت هلعاً واسعاً، بعد ان تم نقل نحو 300 شخص للمستشفيات لإصابتهم بأعراض تشبه مرض "الكوليرا."

كما شهدت مصر مؤخراً، ما اعتبره برلمانيون وخبراء الصحة بـ"فضيحة أكياس الدم الملوث"، والتي كشفت التحقيقات التي أجرتها الاجهزة المختصة، تورط عدد من أعضاء مجلس الشعب ومسؤولين بوزارة الصحة فيها.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثنين 9 نيسان/2007 -18/ربيع الاول/1428