من مكتبة النبأ: السبيل الى انهاض المسلمين

 

 الكتاب: السبيل الى انهاض المسلمين 

المؤلف: الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي(قده)

الاصدار:

الناشر:  دار صادق للطباعة والنشر- العراق

عددالصفحات: 352 صفحة من القطع الكبير

تقديم: عدنان عباس سلطان

 

 

شبكة النبأ:لا شك بأن اية نظرية فكرية أو مبدأ لن يكون لهما حظا من النجاح في الحياة ما لم يخطط لهما أولاً ومن ثم ممارستهما في ميدان الواقع، هذا بغض النظر عن كون تلك الأفكار أو المبادئ صالحة كانت أو طالحة. وذلك لأن التجريب العملي سيصل بتلك المبادئ الى حقائقها النافعة، وتستطيع أن ترسي اللبنات بشكل راسخ ومتين ..

اضافة الى كونها سوف تكتسب من حيثيات التطبيق أفكارا وأساليب متميزة وجديدة من فصال التفاعل الانساني, ويخرجها من مربع الاحلام والطوباويات المجردة, ويزجها في معترك الحياة بشكل حميمي وفاعل يحقق الطموح من خلال تهيئة الارضية الملائمة والسير بأقدام ثابتة ورصينة باتجاه المستقبل.

الذي تقدم من القول قد يطرح بشكل عام كمفهوم إنساني ليس له طابع التخصيص, لكننا نتكلم الآن عن رسالة ربانية أنيطت أواصرها بالإنسان المسلم وعلى عاتق المثقف الإسلامي بصورة مركزة سواء كان بجهد وعزم ذاتي أو داخل المؤسسات الثقافية أو عبر مؤسسات المجتمع المدني في الدائرة الإسلامية. أو الحوزات المتخصصة بعلوم الدين.

هذه الإناطة تستدعي فيما تستدعيه ان يكون هناك تخطيط مواز للظروف المحيطة أو الدرجة التي عليها الوعي الاجتماعي، ومن الأكيد ان أقوى الاولويات التي تقف بحدة أمام العمل الإسلامي في المرحلة الراهنة مسالة الثقافة وتشكيل الوعي وايلائها الاهمية القصوى حيث يعد التخلف الثقافي العثرة الكأداء الكبيرة وهي الاصطدام الهائل الذي يواجه المسار الإسلامي.

يتطرق الإمام الشيرازي الى أهمية الثقافة الجماهيرية وضرورة تكوين مؤسسات ذات تماس مباشر مع الوسط المجتمعي لإحداث اليقظة الفكرية بقيادات نموذجية تتمكن من تنظيم الجماهير بصورة تفاعلية.

ويقول أيضا:( ليس المطلوب بالطبع إيجاد أسس تنظيمية فأن مثل هذه الأسس موجودة في القرآن الكريم وفي سنّة الرسول الأعظم ( ص) وأهل بيته الطاهرين (ع) انما المطلوب أن يتصدى المطلعون(ويقصد المثقفون) لمهمة ترسيم الخطوط التنظيمية للعمل الإسلامي وفق آليات ومفاهيم العمل الحديثة ... ).

ويؤكد بأن الفكرة الأولية لمدخل العمل لن تكون الوحيدة على الساحة العملية بقوله (اننا لا نقول بالطبع ان هذه يجب أن تكون الأطروحة الأولى والأخيرة في هذا المجال لكننا نتمنى أن تكون هذه الأطروحة منطلقا لاطروحات أخرى يتقدم بها رجال الفكر الإسلامي وان تتكامل هذه الاطروحات ويعزز بعضها بعضا وصولا إلى الصيغة الامثل لمشروع نهضة إسلامية حديثة نحن بأمس الحاجة إليها).

وهكذا يطرح الإمام الشيرازي النظرة الواقعية إلى المستقبل مستشرفا اليوم القادم بكثير من الأمل وهو يحث المجتمع بكل تنوعاته الثقافية أن يبدأ خطواته على الارض الحقيقية الواقعية بالعمل وليس غير العمل, أو كما يقال ان مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة, وهذه الخطوة الأولى(الواحدة) إنما هي إنارة الظلمات المتكدسة في ثنايا المجتمع.

وبطبيعة الحال انه لم يكن الجهد الثقافي منصبا بالعمل الإسلامي حيث ان نسبة 80 بالمائة منه متوجهة للمسالة الطقوسية! هذا إذا استثنينا الجهود الفردية لمفكرينا الذين دفعوا ثمن نضالهم وهم سائرون باتجاه الهدف الكبير.

ولعلنا نأخذ أنموذج العنت الذي تعرض له الإمام الشيرازي وصورته المأساوية من تهجير ومطاردات وتعرضه لأنواع قاسية من الظلم والتنكيل, كما هو شان أهل المبادئ في كل زمان ومكان.

إن تجنيد كل هذه الطاقات باتجاه واحد ولفترات زمنية طويلة قد ساهم إلى حد بعيد في فتور الإنجاز وانعدام الحيازة على ارض صلبة يمكن التحرك عليها. وقد يجد المعتذر شيئا من التبرير كون الظروف السياسية المتعاقبة كانت تقبض على الأمور بشكل جائر وعدم امكان العمل بالاتجاه الآخر.

إضافة الى ان الطقوس تعد بالمعيار السياسي لغة رفض ولغة استنكار ولغة نضال ضد الطغاة المستبدون، على انها وبزوال تلك الظروف بشكل لا باس به وحدوث انفراج سياسي بالحد الذي يمكن التحرك على أكثر من صعيد فان الاستمرار بإعطاء تلك الطقوس كل الجهد المتاح وخصوصا إذا استمر التثقيف في نقطتها ولا يتعداها إلى تغيير الواقع  فان الأمر يقع في مربع النمطية والبحث في الشكل دون المضمون.

كما لو ان العابد يباشر النوافل ويترك الواجبات. فان الأجدى وما يتطلبه العمل الإسلامي أن يكون الجهد متوازنا في خدمة القضية الأساس التي هي مطمح كل مسلم من اجل إقامة العدل الإسلامي.

إن البحث المثالي عملية عقيمة لا تتولد أبدا من الانبهار المجرد بالشخصيات النورانية التي عبرت الأفق الإنساني لأنها وقياسا بإنسان اليوم في المجتمع الراهن شخصيات مستحيلة وذلك لان السياسات الظالمة والأنظمة الاقتصادية الجائرة والافكار المغرضة وما أفرزته من ركامات، هذه كلها لا تؤهل المجتمع لولادة شخصيات عسيرة المثال.

لكن العمل وحده كفيل بان يرقى بالمجتمع برمته لان يصل إلى حالة التوازن التي يرضاها الله سبحانه وتعالى، إذن فإنها الخطوة الأولى في رحم التنمية الاجتماعية.

الخطوة العملية في الميدان الواقعي التي جسدها الإمام الشيرازي عبر ارثه الفكري كمطبوع, ومن خلال تفاعله الشخصي في المشهد الثقافي والفكري وثقته برهانه على المستقبل وإيمانه بحدوث تطور طبيعي في مستوى الفكر وفي مستوى الفعل:

(وإذا اتحد هذان المستويان واستفادا من الأرصدة الفكرية والتاريخية فان هذه الأيديولوجية سوف تتأهل للقيام بهذا الدور الكبير الذي يعني فيما يعني إعادة تشكيل العالم من جديد).

يتألف كتاب سماحة المرجع الشيرازي(قدس سره) من قسمين:

1 ـ شؤون الحركة الإسلامية وأسسها:

كيف يتحقق الحلم الى يقين وكذلك الخروج من مربع الامنيات المجردة الى آليات العمل الخلاق؟ بل وكيفية الانتصارعلى الذات وتحقيق الخطوة الاولى لتكوين حكومة الالف مليون مسلم؟ وماهي الآليات المطلوبة لعلاج الامة من مأساتها عبر إعطاء الامة الرشد الفكري، وماهي الصياغة الراشدة للذهنية وكيف يتم نشر الوعي لأمة تحررت بالامس وسقطت اليوم؟؟

 اليس الاجدى ان نثقفهم قبل ان يثقف غيرنا؟ اليس الباب الاول لهذا الامر هي الثقافة باعتبارها تصنع المعاجز؟ والتي من خلالها يمكن أن تقام الدولة الاسلامية؟.

قد تطرح هذه التساؤلات في الذهن المتحصل نتيجة الاحباطات، وربما اليأس المزمن الذي حول هذه الامور الى نوع من الاوهام في الاحباط العربي الاسلامي.

والحقيقة ان هذا الكم من الاسئلة انما هي مدار هذا الفصل تحت عنوان الاساس الاول الموسوم بالتوعية.

وفيه يتجلى الفكر الاسلامي بادوات الاصالة وخطوطها وثوابتها النورانية الرشيدة، وهي تبحر بنا في مياه حقيقية تروي الضما، وتبرد النفوس، وتحتويها الاكف.

وهي الى ذلك لا تفارق السراج وحملته، والنور وموئله، والحكمة ومضانها.

فقد اسهب المؤلف الجليل (قدس سره) في الشروح والادلة بقدمين لا تفارق التراب، وعينين لا تطرفان بسراب، فلكل شئ مرده الى يقين في كتاب الله وسنة نبيه(ص) وروافده الرقراقة بالصدق والنصيحة.

2ـ شؤون الحكم الاسلامي وطريق الوصول اليه:

ويتكون هذا القسم من ثلاثة فصول:

أـ الفصل الاول*

يتعرض في بحثه لجملة خطوط منها أقسام الحكم وصعوباته المحتملة كونها ستكون حكومة واحدة ، وكيفية الاحتفاظ بها متوازنة، وكذلك تعامل الحاكم في هذا الوسط الجديد الذي لم يجرب سابقا .ثم يرتجع الى موئل الفعاليات لسيرة الرسول الاعظم (ص).

والقرار الحاسم في التصدي لخيارات الحرب والسلام والعلاقة بين القمة والقاعدة والدين والدنيا والمعرفة والتعقل ثم الحزم في مواجهة الواقع وتحديه ليس من خلال الشعارات والروح الجاهلية بما يفرضه الاعتزاز الفارغ بالنفس كما هو شأن الثوراتية وإنما من خلال الرؤية الواقعية الصائبة ، وتقدير الاوضاع بشكل واضح ورصين.

ب ـ الفصل الثاني والثالث**

الحكومة الاسلامية في عهد الرسول (ص): سيرة الامام علي بن ابي طالب (ع) :

وفيه عود ميمون الى المنبع الاصيل في تحصيل الحقيقة وصراطها الذي لا عوج فيه ،ومنه يهتدي لكسر الحدود واعادة النظر بالخرائط والفواصل التي حطمت الآمال ولا زالت تلقي بظلالها على الفكر الضيق، بحيث صار الامل لديها ضربا من الوهم وايغالا بالمستحيل.

ذلك بما شكلته تلك الحدود والفواصل بين المسلمين ولفترات طويلة من الاحساس السايكولوجي كما لو ان الحدود شئ واقعي وصل حد التقديس مثلما هو الاحساس بالملكية.

يتوغل المؤلف في حياة الرسول الاعظم (ص) كانموذج للشمائل الكريمة كونه يشكل القدوة الحسنة التي يجب الاتصاف بها، كذلك حياة الامام علي بن ابي طالب والعترة الطاهرة (ع).

والحكومة التي اديرت في العهدين، والشعبية الحقيقية التي آزرت فعالياتها.

ابتداءا من الانتخابات ثم الى الشورى وفق تلازم سلوكيات الحاكم والمحكوم.

واعتمادا على هذه النفسية في العلاقات الاسلامية الرفيعة في كل المسلمين هو الدافع للمضي في تشكيل حركة اسلامية عالمية، لإيجاد تيار عام في كافة بلاد الاسلام لأجل النهوض بالمسلمين الى حكومة ذات الف مليون مسلم.

ان هذه الوصايا والتعليمات المستلهمة من الكتاب والسنة هي المنهاج القويم والصراط السوي الذي يكفل إقامة الدولة الاسلامية المرتقبة على أسس العدل والسلام والشورى وتضمن النهضة الاسلامية العالمية.

والكتاب يعد من الكتب التي لاعسر فيها على المتلقي كما هو شان مؤلفات الامام الشيرازي (قدس سره) حيث لا يقتصر فهمها على النخبة وانما هي تشمل كل ذا رغبة للاطلاع على امور الدين والدنيا.

نسأل الله التوفيق لإقامة دولة كريمة، ويجعلنا من الدعاة الى طاعة الله سبحانه وتعالى ، انه مجيب الدعاء.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 8 نيسان/2007 -17/ربيع الاول/1428