
الف كلمة وكلمة للسيد المرجع صادق
الحسيني الشيرازي(دام ظله) يتناول فيها قيم الايمان والفكر والولاء
والسياسة والاخلاق والمجتمع والمراة واسس التعاون المشترك
شبكة النبأ: في زمن تخوض فيه القيم
السامية والمبادئ القويمة معركة المصير مع العنف الذي اصبح الصفة
السائدة في مجتمعاتنا حيث طغت لغة السلاح والدم على مفاهيم مثل التسامح
واللاعنف وتقبل الاخر، صار لزاما علينا تبني الافكار التي تدعو الى
تغليب لغة الحوار واحترام الراي والراي الاخر كونها الطريق السليمة
التي تؤدي الى الخلاص من شتى الاشكاليات وتوفر الارضية الملائمة لتداول
الاراء والافكار والخروج بالنتائج الصائبة.
ولعل التاريخ لاسلامي وخاصة في العراق يزخر منذ كانت الكوفة عاصمة
الدولة الاسلامية في عهد امير المؤمنين الامام علي(ع) بالكثير من
المشاريع الانسانية العالمية التي بثتها المرجعيات الدينية المتعاقبة
على مدى القرون الماضية وكانت الكلمة فيها هي العصب الحيوي الذي يثير
المكامن ويستنهض الهمم ويسموا بالقيم الالهية الى ابعد مدى في قلوب
المسلمين ويزيدهم تقوى ويعلمهم ما لم يكونوا يعلمون.
لذلك نحن اليوم احوج ما نكون الى الكلمة السواء لتنير لنا طريق
الظلام الذي اصبح يحيط بنا من كل جانب، ومن اجل ذلك لابد ان نتبع نهج
النبي الاكرم، وسيرة الائمة الاطهار والاولياء الصالحين ومراجعنا
العظام وننهل من معينهم ما نتزود به للدنيا والاخرة.
ان كتاب "من عبق المرجعية"
يضم الف كلمة وكلمة، لـ سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد
صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) تناول فيها قيم الايمان والفكر
والولاء والسياسة والاخلاق والثورة والشهادة والحكم والدولة والمجتمع
والمراة والثقافة والاقتصاد واسس التعاون المشترك.
انها محاولة مباركة مكللة بالنجاح للاقتراب اكثر فاكثر الى واحة
الانتماء والولاء لاهل بيت النبوة عليهم السلام ونشر ثقافة المرجعية
بين اوساط الناس لما في ذلك من خدمة تربوية واخلاقية وعلمية.
وهي دعوة لنشر الكلمة الطيبة"والكلمة الطيبة صدقة"، من اجل الخير
للانسانية جمعاء.
يتناول سماحة المرجع السيد صادق الشيرازي (دام ظله) في اول فصول
الكتاب فقرة "الدين"، ويقول فيها:"ان وظيفتنا هي تعلم الاسلام، والعمل
به وتعليمه، سيان كان الشخص رجلا ام امراة، زوجا ام زوجة، اولادا ام
اباء وامهات، وباعة ام مشترين، وجيرانا ام ارحاما، وفي كل الظروف
والاحوال".
ويقول ايضا "كما تكون الميتة الجاهلية على كفر وشرك والحاد، لانها
ليست في ظل الاسلام، كذلك تكون حال من يموت ولا يعرف امام زمانه، اي
يموت وحكمه حكم المشرك والملحد والكافر".
ان سماحة السيد المرجع يبين لنا هنا ان الوظيفة الاساسية للانسان هي
العلم والعمل بالرسالة الخاتمة للأديان السماوية وهي رسالة النبي
الاكرم محمد(ص) وذلك انطلاقا من قوله تعالى"وما خلقنا الانس والجن إلا
ليعبدون"، ولا يكون ذلك إلا باتباع نهج الرسالة المحمدية وسنتها من
خلال الالتزام بتعاليم أهل بيت النبوة عليهم السلام والتاسي باخلاقهم
والتقيد بتوجيهات وكلائهم من مراجعنا العظام الذين بهم نتولى ومنهم
نتخذ قدوة وقيادة.
ويقول السيد المرجع في الفصل المخصص للرسالة المحمدية وخاتم النبيين
المصطفى محمد(ص):"على المسلمين بل كل العالم ان ارادوا لانفسهم خيرا،
الاقتداء بسيرة النبي الاكرم(ص) والتاسي باخلاقه".
ويقول ايضا "القران معجزة الرسول(ص) الحية الخالدة لأنه الكتاب
السماوي الوحيد الذي ارادت له مشيئة السماء ان يبقى مصوناً من الزيادة
والنقصان، والتبديل والتغيير، رغم كثرة المتصدين لتحريفه، والمخططين
لتزويره، ليكون الكتاب الخالد والدستور الدائم الى يوم القيامة
ما دام هناك انسان يعيش على كرة التراب، وذلك لما يحمل بين دفتيه من
احكام راقية، وتعاليم عالية يضمن تطبيقها سعادة الانسان وتقدمه، ورقيه
وتعاليه".
ويخصص سماحة السيد المرجع الشيرازي في كتابه جزءاً مهما يتناول فيه
بعض خصائص ومناقب وصفات مولى الموحدين الامام علي(ع) وتاثير هذه
الشخصية الانسانية العظيمة على تاريخ الاسلام منذ اول أيام الرسالة
المحمدية المباركة وحتى انتشار الاسلام في مختلف اصقاع الارض ابان
ولاية الامام عليه السلام وحكمه في المسلمين، ومن قوله في هذا
الشان:"اينما ورد ذكر اتمام النعمة في القران الكريم كان المراد منها
النعم التي يصيبها الانسان في الدنيا، ومن هنا توجد علاقة مباشرة بين
ولاية امير المؤمنين علي (ع) والتمتع بالنعم الدنيوية واحدى الشروط
المهمة والرئيسية للوصول بنا الى مجتمع الحرية والبناء القائم على اساس
العدالة والاخلاق وسيادة القيم والفضائل الاخلاقية الانسانية.. ان نسلم
لما بلّغ به رسول الله(ص) في يوم الغدير، وان نقبل عملياً بولاية امير
المؤمنين علي (ع) بعبارة اخرى.
ومما يقول في "وصية الرسول وبيعة الغدير": "يعد انكار الغدير بمثابة
انكار لجميع القيم الاسلامية السامية الممتدة على ارض الاسلام
الواسعة".
ومما يقوله السيد المرجع في الامام (ع)،"الامتثال لطاعة امير
المؤمنين علي عليه السلام وابنائه الطاهرين سلام الله عليهم، فريضة
انزلها الله تعالى، ثم قبض النبي(ص)".
ان سماحة السيد يؤكد على أهمية الامتثال والاعتراف بولاية الإمام
علي عليه السلام وجعلها شرطا جازما من شروط القبول في الآخرة، لان قضية
الولاية ليست شان انساني انما هي تنصيب من رب العالمين جعله على لسان
خاتم النبيين محمد(ص) حينما أعلن على الملأ ان علي خليفته وولي
للمسلمين من بعده، وهذا مذكور في كتب جميع طوائف المسلمين المعتبرة.
وفي الفصل المخصص لعاشوراء يتناول سماحة المرجع اهمية هذا الشهر
الكريم والتاكيد على ممارسة الشعائر الحسينية فيه بجميع اشكالها.
ومما يقوله في هذا الموضع:"ان الله سبحانه وتعالى اعطى للحسين(ع)
مالم يعطي احدا من العالمين، اذ ربط دمه بعالم التكوين، فالقى مسؤولية
دمه على الارض كلها وعلى كل من عليها، فكأن الجناية وقعت من كل بقاع
الارض ومن عليها، ثم حملهم جميعا مسؤولية الثار له صلوات الله عليه".
ومما يقوله ايضا في هذا المجال:"ان التعريف بالحسين وقضيته من خلال
اقامة مجالس العزاء والشعائر الحسينية، من جانب، والعمل على تحقيق هدف
الامام الحسين المتمثل بانقاذ العباد من جهالة الكفر وضلالة الباطل الى
نور الحق والاسلام والايمان، من جانب اخر، هما ضمن المسؤولية الملقاة
علينا جميعا تجاه الثار للامام الحسين(ع)".
ويهتم سماحة السيد المرجع في فصل اخر بالامل المنتظر"الامام المهدي
عج"، ويعتبره من المواضيع العميقة الواسعة والمتشعبة الجوانب، الامر
الذي يتطلب كل منا ان يزيد مطالعاته في هذا الموضوع العقائدي المهم.
ومما يقوله السيد المرجع(دام ظله) في هذا الموضع:"ان المولى صاحب
الزمان سيشرفنا بحضوره، ان شاء الله، ويظهر للناس كافة ويعلن للعالم
انه المهدي من آل محمد (ص)، وهو الان يرانا ويرى اعمالنا كما ورد في
تفسير قوله تعالى"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.
وفي فصل اخر يهتم السيد(دام ظله) بجانب "التعليم وطلب العلم" واهمية
ذلك للانسانية ووجودها ومما يقوله في هذا الشان:"اذا كنت تريد ان تصبح
عالما ومرشدا ينبغي ان تكون قدوة في الحق والحلم وكظم الغيظ، لا ان
تثور بسرعة او تتوتر اعصالك لاتفه الاسباب".
ويقول سماحته ايضا"لا ينبغي لطالب العلم ان يفعل كل مكروه بدعوى ان
كل مكروه جائز، ولا يترك المستحبات بدعوى ان كل مستحب جائز الترك، لان
ذلك سيكون سببا في تساهل العامي حتى في الواجبات والمحرمات".
ومما قال(دام ظله) في فصل "الأخلاق": لنخطط لأرواحنا قبل أن نخطط
لبطوننا وأيدينا وبيوتنا وأهلينا، ولنسر قليلا بهذا الاتجاه لنحظى
بلقيا المولى صاحب الزمان(عج).
"علينا بعلم الأخلاق...فليست أخلاق الاسلام وآدابه كلها مستحبات
ومكروهات فقط، بل ان فيها الواجبات والمحرمات ايضا.
ويضيف (دام ظله) في هذا الباب"ليس المقصود من التخلي عن "الأنا"
التذلل للناس، كما ليس المقصود التكبر عليهم بل ألاّ يكون عملك لذاتك
وإنما يكون لله وحده.
و في فصل خصصه السيد المرجع لتناول موضوع المرأة وأهمية وجودها
بالمجتمع كمكون أساسي لا غنى عنه وان حقوقها على الرجل مماثلة لحقوق
الرجل عليها، ومما يقول السيد في هذا الشأن:"من الطبيعي ان تختلف
واجبات المرأة عن واجبات الرجل بسبب الاختلاف الموجود في طبيعتهما فكما
تختلف واجبات الغضروف عن العظم في بدن الانسان، حيث استقامة البدن
بالعظم وحركته بالغضروف، ولو أردت ان تساوي بينهما فمعناه انك شللت
البدن.
ومما قال ايضا"ان المرأة مثال العاطفة في الحياة، فالامور التي
تحتاج الى العاطفة مخولة للمرأة، بينما الرجل مثال العقل ولذلك أوكلت
اليه الامور التي تحتاج الى العزم والقوة والتصميم.
ويقول ايضا"ان حكمة التشريع الالهية في وضع "الطلاق بيد الرجل" هي
التقليل من حالات الطلاق ودعما لأواصر المحبة بين الزوجين واستمرارا
للحياة الزوجية.
ومما أشار اليه سماحته في هذا الفصل"فرض الاسلام الحجاب للمراة،
لتقل الموبقات، وتشتد علاقة الرجل بزوجته والمراة بزوجها، فتهدا
العائلة وترقد في جو هانئ وسعيد، مفعم بالحب والوداد والوفاق والوئام.
ويتناول سماحته علاقة المراة بالعمل، ومما يقول في هذا الموضع"لم
يحرم الاسلام على المراة علما ولا عملا، بل فرض عليها احيانا العلم
والعمل، وحبذهما لها احيانا اخرى، وانما حرم عليها التبذل والميوعة،
والتبرج والخلاعة، كما حرم عليها ان تقوم باعمال تنافي عفتها وشرفها.
ولم يترك سماحة السيد المرجع شأنا مهما جدا من شؤون المسلمين
وهو"السياسة والدولة"، حيث افرد فصلا خاصا عن هذا الموضوع البالغ
الاهمية، ومما قاله في هذا الفصل:"الديمقراطية تعني حكم الاكثرية، فلو
حصل شخص ما على واحد وخمسين بالمئة من الأصوات، فهذا يخوله ان يصبح
رئيسا للبلاد، وهذا من اكبر اخطاء الديمقراطية.
ويضيف سماحته"الحكم في الاسلام لا جمهوري ولا ملكي بالمعنى المصطلح
لهما في قاموس الغرب اليوم، بل استشاري ويصح إطلاق هذا الاسم عليه
باعتبار الاستشارية اسم..لـ(الجمهوري)، لأنه ليس الحكم في الاسلام
ملكيا وراثيا.
ويقول السيد المرجع في فصل السلام والعنف:"يحرم الاسلام العنف
والارهاب والغدر والاغتيال، ويحارب كل ما يؤدي الى الذعر والخوف والرعب
والاضطراب في الناس الآمنين".
ومما قاله ايضا:"ينفي الاسلام الجريمة من جذورها ويعالج اسبابها،
فان اسباب الجريمة هي "الفقر، الجهل، المغريات، العداء، المشاكل"،
والاسلام يعالجها حتى ينفيها، فإذا انتفت اختفت الجريمة تلقائيا".
ويضيف "تكمن جذور العنف في الجهل والعصبية، والفهم الخاطئ للدين،
والاستبداد والديكتاتورية والحرمان الاجتماعي، والظلم من قبل الحكومات
والافراد الذي يولد العنف المضاد، وغلق قنوات الحوار البنّاء او ضيق
هذه القنوات".
ومما قاله ايضا:"من اضرار العنف.. انه يشوه صورة الاسلام في
الاذهان، ويعطي ذريعة للاعداء كي يسموا الاسلام بالعنف والهمجية
والوحشية، ويخلقوا حاجزا بين الناس والاسلام.
"لاحظ الاسلام تداعيات ونتائج ممارسة العنف اشد الملاحظة حتى اعتبر
رسول الله(ص) ما قد يتخذ منفذا على الاسلام سببا لتعطيل بعض الحدود،
لانه اهم منها".
"من عوامل انتهاج بعض المسلمين منهج اللاعنف هو الابتعاد عن الثقافة
الاسلامية، والجهل بتاريخ النبي الاعظم(ص) والائمة الطاهرين عليهم
السلام".
"ينبغي تجنب خطف الطائرات والاشخاص وانتهاك حقوق الانسان وقمع اصحاب
الفكر المخالف واعتقال الكتاب والمثقفين والباحثين واشاعة الرعب
والارهاب التي هي من مصاديق العنف". |