أزمة البحارة البريطانيين: هل تكون شرارة الحرب الخليجية الخامسة ام بوابة للسلام؟

شبكة النبأ: قيام ايران باحتجاز 15 بحارا بريطانيا وطريقة معالجتها للمواجهة كشفت عن انقسامات داخلية في الجمهورية الاسلامية لا تقل عن الانقسامات بشأن علاقاتها مع الغرب. كما يكشف عن مدى التوتر الذي تعيشه المنطقة التي تغلي فوق صفيح ساخن.

واستعداء أقرب حلفاء واشنطن في وقت تتواجد فيه اثنتان من حاملات الطائرات الامريكية في الخليج وبينما تفرض الامم المتحدة عقوبات جديدة على ايران بشأن برنامجها النووي لا يبدو انه يخدم مصالح الجمهورية الاسلامية.

لكن المتشددين ولاسيما في الحرس الثوري الايراني ربما ارادوا ان يبعثوا برسالة قاسية الى البراجماتيين داخل النخبة الحاكمة الايرانية الذين يطالبون طهران بتبني موقف دولي يعكس قدرا أقل من المواجهة. بحسب رويترز.

وقال دبلوماسي اوروبي رفيع أمضى سنوات عديدة في متابعة ايران عن قرب "مثلما هو الحال في اغلب الاوقات عند التعامل مع ايران فان الاساس المنطقي لما يحدث هنا من المرجح ان يكون داخليا وخارجيا."

وقال الدبلوماسي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه "نحن نعرف من تجاربنا السابقة ان المتشددين مستعدون غالبا للتصرف بطريقة تستوجب الشجب من اجل استعادة زمام المبادرة من البراجماتيين وهذا ما يحدث فيما يبدو هنا."

وأيد الرئيس محمود أحمدي نجاد بقوة حق ايران في بناء صناعة نووية. وعدم استعداده لتقديم تنازلات أدى الى فرض مجموعتين من العقوبات من جانب مجلس الامن الدولي الذي يضم بريطانيا كعضو دائم فيه.

لكن محللين قالوا انه سيكون من الخطأ النظر الى المواجهة الحالية مع بريطانيا من خلال منظور النزاع النووي الذي هيمن على العلاقات بين الغرب وطهران طوال السنوات الاربع الماضية.

وفي حادث مماثل تقريبا في عام 2004 عندما احتجزت ايران ثمانية من البحارة والجنود البريطانيين لمدة ثلاثة ايام اعتبر هذا الامر في ذلك الوقت لعبة قوة محلية من جانب الحرس الثوري ضد حكومة أكثر اعتدالا كان يتولاها انذاك الرئيس محمد خاتمي.

وأصبح للحرس الثوري الايراني الذي يعمل بالتوازي مع القوات المسلحة النظامية والذي يتولى مسؤولية أمن الحدود دور سياسي واقتصادي أكبر منذ انتخاب العضو السابق بالحرس الثوري أحمدي نجاد رئيسا في عام 2005 .

لكنهم أصبحوا بدرجة متزايدة في موقف الدفاع في الاشهر الاخيرة نتيجة لموقف امريكي أكثر تشددا ضد الانشطة الايرانية في العراق.

واعتقلت القوات الامريكية خمسة رجال قال المسؤولون الامريكيون ان لهم صلة بالحرس الثوري الايراني خلال غارة على القنصلية الايرانية في شمال العراق في يناير كانون الثاني.

واحتجت ايران قائلة ان الذين اعتقلوا كانوا دبلوماسيين وطالبت بالافراج عنهم لكن علي الانصاري مدير معهد الدراسات الايرانية في جامعة سان اندروز قال ان اعتقالهم أغضب الحرس الثوري بشدة.

وقال الانصاري "أعتقد ان (اعتقال البحارة) كان محاولة من جانب الحرس الثوري الايراني للانتقام لخطف مسؤوليهم في اربيل واماكن اخرى ولتوضيح موقف في الداخل والخارج من انهم لن يقبلوا الضغوط."

ويقول معظم المحللين ان احتجاز البحارة ما كان سيحدث بدون موافقة أكبر شخصية في هيكل السلطة في ايران.

وفي كلمة قبل يومين من اعتقال البحارة البريطانيين قال الزعيم الايراني الاعلى اية الله علي خامنئي ان المسؤولين الايرانيين سيستخدمون "كل ما لديهم من قوة" ضد الذين هاجموهم.

وكان توقيت اعتقال البحارة البريطانيين وسط عطلة العام الفارسي الجديد مفاجأة فيما يبدو لبعض المسؤولين الايرانيين. وقال محللون ان الرسائل المتباينة التي تأتي من طهران بشأن القضية تبين وجود انقسامات داخلية.

وقال مارك فيتزباتريك خبير حظر الانتشار النووي بمعهد الدراسات الاستراتيجية "من الواضح ان وزارة الخارجية الايرانية ليست هي المسؤولة هنا."

وقال محللون ان رغبة ايران في التعامل مع هذه المواجهة على مستوى ثنائي دون اللجوء الى مجلس الامن الدولي ربما يرجع الى رغبة في الا يفقدوا ماء الوجه الذي يعتبره الايرانيون انه على درجة كبيرة من الاهمية.

وقال فيتزباتريك "سيتعين عليهم العمل من اجل التوصل الى حل دبلوماسي ينقذ ماء الوجه لكنني لا اعتقد ان الحرس الثوري يريد حلا دبلوماسيا."

وقال "لذلك سيكون من الصعب التنسيق لشيء في وقت لديك انقسام داخلي بشأن طريقة المضي قدما."

لكن مسؤولا امريكيا كبيرا قال يوم الخميس ان حاملات الطائرات الامريكية في الخليج لا تهدف لاثارة مواجهة مع ايران وان واشنطن ما زالت ملتزمة بالجهود الدبلوماسية النشطة التي تظهر نجاحا.

وارسلت الولايات المتحدة حاملتي طائرات الى الخليج لكن وكيل وزارة الخارجية الامريكية نيكولاس بيرنز ابلغ لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ان "وجودهما هناك لا يهدف لاثارة اي نوع من الصراع مع ايران."

واضاف "نحن مقتنعون ان الدبلوماسية هي الطريق الواجب اتباعه. نحن نمضي بالتأكيد على مسار دبلوماسي. لا نعتقد ان الصراع مع ايران محتوم. نحتاج ان نكون صبورين ومثابرين."

وسعت بريطانيا لمساعدة دولية في عزل ايران يوم الخميس في مواجهة بشأن احتجاز 15 من افراد البحرية البريطانية في الخليج وردت ايران بتأخير الافراج المقرر لامرأة ضمن البحارة المحتجزين.

ويبدو ان القرار الايراني يستهدف استبعاد وجود نهاية سريعة للازمة التي اضافت الى الاحتكاك المتزايد مع ايران. وفرضت الامم المتحدة عقوبات على ايران في مطلع الاسبوع بسبب برنامجها النووي المثير للشبهات. وتلوم واشنطن ولندن ايضا ايران لدعمها للمتمردين الذين يقاتلون قواتهما في العراق.

وقال بيرنز ان البحارة البريطانيين المحتجزين "ابرياء تماما" وكانوا يعملون "بوضوح داخل المياه العراقية".

واضاف ان الخليج "ليس بحيرة ايرانية (وانما) ممر مائي دولي."

وتابع "سنحمي حق الشركات والدول في استخدام الخليج للتجارة الدولية ومن اجل ان يكون منطقة مسالمة وليس منطقة عنيفة."

من جهته حذر الملك السعودي الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد من الاستخفاف بالتهديد الاميركي بتوجيه ضربة عسكرية لايران حسب ما ذكر موقع مجلة "نيوزويك" على شبكة الانترنت الجمعة.

وكان احمدي نجاد التقى العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في الرابع من اذار/مارس في الرياض حيث اعلن الزعيمان نيتهما مواجهة النزاعات الطائفية بين الشيعة والسنة في المنطقة.

وفي مقابلة مع المجلة قال وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل ان الملك السعودي نصح الرئيس الايراني بعدم الاستخفاف بالتهديدات الاميركية بشن عمل عسكري بسبب رفض بلاده وقف تعليق عمليات تخصيب اليورانيوم.

وقال الامير سعود الفيصل ان العاهل السعودي قال لاحمدي نجاد بخصوص المسالة النووية "لا تلعب بالنار. لا تظن ان التهديد بتوجيه ضربة اميركية لايران غير قائم. فكر في ان التهديد حقيقي وحتى انه ملموس".

واوضحت المجلة نقلا عن الوزير السعودي بان الملك عبد الله سأل الرئيس الايراني "لماذا تجازفون بذلك وتلحقون الاذى ببلادكم؟ لماذا انتم مستعجلون؟ لماذا انتم بحاجة (لتخصيب اليورانيوم) هذا العام وليس العام المقبل او الذي يليه؟ او حتى بعد خمس سنوات؟"

واوضح وزير الخارجية السعودية ان الملك "يتحدث الى الجميع بصراحة" مضيفا ان العاهل السعودي قال ايضا لمحمود احمدي نجاد "انكم تتدخلون في الشؤون العربية" في اشارة واضحة الى التدخل الايراني المفترض في شؤون عدد من الدول العربية.

واضاف الوزير السعودي ان الرئيس الايراني استمع الى ما قاله الملك السعودي الا انه نفى اي تدخل لبلاده "ولكننا قلنا سواء نفيتم ذلك ام لا فان ذلك يخلق مشاعر سيئة تجاه ايران ويجب ان يتوقف ذلك".

وقال الامير سعود الفيصل "بالتاكيد فان ايران تتدخل في شؤون العراق (...) وقلنا لهم ان ذلك لن يفيدهم بل سيضرهم. الا اننا لم نضع انفسنا في موقف النزاع مع ايران".

وقال السعوديون للايرانيين كذلك ان "تدخلهم في الشؤون العربية يخلق رد فعل معاكس في العالم العربي والاسلامي. وتشتكي الدول الاسلامية الاخرى من التدخل الايراني في شؤونها الداخلية".

واضاف "وقد تحدثنا اليهم بصراحة وصدق حول هذه المسالة وهم يرون الخطر في ان ما يحدث يمكن ان يؤدي الى نزاع بين الشيعة والسنة".

وبالنسبة للبحارة البريطانيين الذين تحتجزهم ايران منذ 23 اذار/مارس اوضح الوزير السعودي للمجلة ان الامر هو بمثابة "كارثة" لايران.

وتؤكد ايران ان البحارة اعتقلوا اثناء دخولهم المياه الايرانية بينما تصر بريطانيا على انهم اعتقلوا في المياه العراقية.

وقال "لقد قلنا لهم ان الان ليس الوقت مناسبا لهم لحصول مثل هذه المشكلة".

وكان العاهل السعودي انتقد الاربعاء الاحتلال الاميركي للعراق في الكلمة الافتتاحية للقمة العربية السنوية التي عقدت في الرياض في خطوة قال عدد من المراقبين انه هدف منها النأي بنفسه عن ادارة بوش.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 1 نيسان/2007 -10/ربيع الاول/1428