الرمادي بين خيار الوطنية وخيار القاعدة

النبأ /كتب- عدنان عباس

شبكة النبأ: شهدت مدينة الرمادي كثير من الاحداث الدامية نتيحة لتعرضها الى مفاهيم متعددة للخطاب السياسي الذي يتصف في احيان كثيرة بصفة الاجبار والقسر كأمر واقع، وهي الى ذلك بين نيران متعددة تتقد باستمرار بين جنباتها، مما ادى بالنتيجة الى تذتذب خطابها المعتدل او في الاقل عدم استمراره بالصيغة الثابتة على شكل كيان سياسي يمثل الموقف العام والحقيقي للمجتمع هناك، وهذا الامر مرتبط بصورة المتلازمة مع قوة الدولة.

فحين تنشط الفعالية الحكومية باي صورة كانت، يظهر الخطاب السياسي المعتدل ويقل نشاط القوى المسلحة هناك. وعندما تتضاءل سطوة الدولة في تلك المناطق تنبري بالقوة ويحدث الاصدام بين الدولة وبين بعضها البعض. كذلك ازدياد التفجيرات في الشارع العراقي العام.

والخطابات المتعددة هذه كانت ولا تزال مختلفة من حيث الهدف والاسلوب وهي ايضا متضاربة المصالح بشكل كبير والمواطن في هذه المدينة هو الذي يدفع الثمن ويتعرض للمخاطر اسوة بمناطق البلد الاخرى.

قال مسلحون لا يدينون بالولاء لتنظيم «القاعدة» ان قادة «ما يسمى بدولة العراق الاسلامية» وضعوا «المقاومة أمام خيارات محدودة وغيروا خريطة الصراع ليصبح مذهبياً فأحرجونا ودفعونا الى مواجهة الحكومة أو التفاوض معها».

وأكدت مصادر أخرى حصول انشقاق في صفوف جماعة «كتائب ثورة العشرين» وشكل المنشقون فصيلاً جديداً باسم «حماس - العراق» بعد مفاوضات سرية خاضها قادة الكتائب مع الاميركيين والحكومة حديثاً.

وأكد ابو حذيفة، القائد الميداني في «ثورة العشرين» التي يعتقد ان عشائر زوبع العربية تشكل الثقل الأكبر فيها لـ «الحياة» ان اقدام «القاعدة» على اغتيال حارث ظاهر الضاري، أحد كبار قادة الكتائب ومؤسسيها عام 2003، وابن عم الشيخ حارث الضاري، الأمين العام لـ «هيئة علماء المسلمين» وضع مجموعات المقاومة أمام خيارين:

«اما قتال «القاعدة» والتفاوض مع الاميركيين أو قتال الاميركيين والانتماء الى «دولة العراق الاسلامية» التي تقسم العراق، وكلاهما مر».

ونفى أبو حذيفة ابرام الكتائب اتفاقاً نهائياً مع الحكومة أو «مجلس انقاذ الانبار» لمحاربة «القاعدة»، لافتاً الى ان أزمة «المقاومة العراقية تتعدى عمليات الاغتيال التي تنفذها تنظيمات دولة العراق الاسلامية ضد الفصائل التي لم تبايع أميرها «ابو عمر البغدادي» الى قطع الكثير من خطوط الاتصال والتمويل الداخلي والخارجي، والاستيلاء على ذخائر وأسلحة يتم تخزينها في مناطق نائية وتهديد كبار الممولين المحليين لعدد من الجماعات بينها «الجيش الاسلامي» و «جيش المجاهدين» و «جيش الراشدين» إذا لم يحول المال الى قيادات القاعدة».

وكان مثنى حارث الضاري الناطق باسم «هيئة علماء المسلمين» اتهم «القاعدة» باغتيال حارث ظاهر الضاري وثلاثة من مرافقيه، بتفجير انتحاري مزدوج في حي عشيرة زوبع في ابو غريب.

الى ذلك أصدرت قيادات في «كتائب ثورة العشرين» بياناً أكدت فيه حصول انشقاق في التنظيم على خلفية «تغير رؤى بعض قياداته».

وجاء في البيان «بناء على المتغيرات الجديدة التي ظهرت في الساحة خلال الأيام القليلة الماضية اجتمعت قيادة كتائب ثورة العشرين (فيلق الجهاد الإسلامي) وتوصلت إلى التمسك بالاسم الأصلي للكتائب بعد ان كان بيان من فيلق الفتح الاسلامي قرر الغاء العمل بالاسم القديم والتعامل باسم حماس - العراق وتأسيس هيئات سياسية وإعلامية وقانونية علنية».

وذكر قياديون ان الموقف من «القاعدة» من جهة، وشروع قيادات في التنظيم بمفاوضات مع الحكومة والتنسيق مع «مجلس انقاذ الانبار» من جهة أخرى وراء الانشقاق الأخير.

وكان حارث الضاري شن هجوماً على تنظيمات «دولة العراق الاسلامية»، واصفاً إياها بـ «المشروع المشبوه الذي يهدف الى تقسيم العراق»، لكن الناطق باسم الهيئة محمد بشار الفيضي حذر في تصريحات صحافية فصائل المقاومة من قتال «القاعدة والانشغال بذلك عن الاميركيين».

على الصعيد ذاته، قال أحد القادة الميدانيين لجماعة «الجيش الاسلامي» في حي الدورة جنوب بغداد ان عمليات «القاعدة» الأخيرة تتجه الى تحقيق هدفين:

أولهما رفع وتيرة العمليات ذات البعد الطائفي على غرار عملية تلعفر التي ذهب ضحيتها العشرات من المدنيين لإشعال فتنة مذهبية كبيرة تجبر فصائل المقاومة على الخوض فيها للدفاع عن أهل السنة في وجه الميليشيات، فيما يتركز هدفها الآخر على جر المقاومة الى حرب أخرى مع عناصر القاعدة وصولاً الى الإذعان لمشروع «دولة العراق الاسلامية»، لكنه لفت الى ان «المواجهات التي حصلت حديثاً في مناطق التاجي والطارمية والمقدادية (شمال وشرق بغداد) بين فصائل من الجيش الاسلامي وعناصر القاعدة لم تنتقل الى داخل بغداد بسبب اتفاقات محلية».

الى ذلك أفاد مسلحون من فصائل مختلفة ان نحو 30 قيادياً من «كتائب ثورة العشرين» و «الجيش الاسلامي» اغتالتهم «القاعدة» أو قتلوا في اشتباكات متفرقة قرب مخابئ أسلحة في الانبار أرادت «القاعدة» الاستيلاء عليها خلال الشهر الماضي.

وكان تنظيم القاعدة قد تلقى خلال الاسابيع القليلة الماضية ضربات في معقله الاساسي وهو مدينة الرمادي على ايدي رجال شرطة الانبار، وأكدت مصادر مقتل عدد من قياديي التنظيم والقبض على آخرين، فيما فرت مجموعة اخرى باتجاه دول مجاورة او مدن عراقية اعلن جيش الاحتلال الأمريكي في العراق أنه بدأ ما وصفه بـ"عملية كبيرة ضد مسلحي القاعدة" في مدينة الرمادي غربي بغداد. ووفق هيئة الإذاعة البريطانية "البي بي سي"، يأتي ذلك بعد يوم من مواجهات عنيفة يبن الشرطة العراقية وقوى قبلية من جهة ومسلحي "القاعدة" من جهة أخرى أكد رئيس الوزراء، عن ان جيش الاحتلال الأمريكي في العراق بدأ ما وصفه بـ"عملية كبيرة ضد مسلحي القاعدة" في مدينة الرمادي غربي بغداد.

ووفق هيئة الإذاعة البريطانية "البي بي سي" ،يأتي ذلك بعد يوم من مواجهات عنيفة يبن الشرطة العرافية وقوى قبلية من جهة ومسلحي "القاعدة" من جهة أخرى.

وقال مصدر في مستشفى الرمادي ان مهاجما انتحاريا فجر سيارة ملغومة أمام مطعم يقع على طريق رئيس شمال الرمادي مما أسفر عن مقتل 17 شخصا على الأقل وإصابة 32 آخرين في أسوأ هجوم.

ويقع المطعم الذي يقصده رجال شرطة عراقيون في منطقة انضمت عشائر تقطنها إلى تحالف عشائري مناهض لتنظيم القاعدة.

وهذا ما دفع القاعدة الى تصعيد تهديدها لهذه القيادات والنخب والاشتباك العسكري معها، كما حصل مع عشيرة زوبع، اضافة الى عشائر الرمادي وديالى.

ويساعد هذا التطور بطبيعة الحال على اقتراب النخب والقواعد السنية من الحكومة الحالية، مقابل ابتعادها عن فكرة حكومة الانقاذ الوطني.

وقال ضابط في القوات متعددة الجنسيات في العراق انه بدأت عملية كبيرة ضد ارهابيي القاعدة في مدينة الرمادي غربي بغداد.ويأتي ذلك بعد يوم من مواجهات يبن العشائر التي تريد طرد الارهابيين من مناطقهم وبين ارهابيي القاعدة من جهة أخرى.

على ذلك تشهد مدينة الرمادي جهداً أستخباراتيا ً قويا ً للكشف عن بقايا القاعدة أضافة الى مدن الصقلاوية والعامرية والفلوجة والحبانية والعشائر القاطنة هناك.

يبقى السؤال الذي ستجيب عنه الاسابيع القادمة: هل نجحت خطة فرض القانون بالإعلان عن تطهير مدينة الرمادي من تنظيم القاعدة؟ وهل تستطيع الدولة فرض نفسها بحيث تضطر القوى الاخرى أن توحد نفسها في خطاب معتدل لتمثيل الشارع الرمادي أم يضل الوضع رماديا وغامق يتلفع بالضباب ورائحة الموت والترقب والخوف ؟.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 1 نيسان/2007 -10/ربيع الاول/1428