زارني أحد مرضى السكر في عيادتي حيث حكى لي قصته مع باعة الوهم
المستوطنين في إحدى الفضائيات (الإسلامية)!!.
سئم الرجل من تكرار تعاطي حقن الإنسولين بصورة يوميه لأنها تذكره كل
يوم بأنه مريض وهو يريد أن يعود كما كان قبل ثلاثين عاما وكان أن اهتز
الرجل طربا عندما شاهد بعينيه إعلان البردقوش العجيب الذي سيعيد شبابه
جديداً جديدا, وصحته حديداً حديدا ووداعا للمرض والإنسولين!!.
عاش الرجل أحلى لحظات عمره لمدة أسبوع واحد بعد أن توقف عن تعاطي
الحقن وعاد إلى طبيعته الأولى في تناول الطعام من دون ضابط ولا رابط ثم
بدأ يترنح بعد ذلك وعندما ذهب لقياس مستوى السكر في الدم وجد أنه تجاوز
الخمسمائة أو يزيد!!.
لم يجد الرجل بدا من العودة إلى أرض الواقع مرة أخرى بعد أن تأكد له
أن ليس هناك حلولا سحرية لأي مشكلة وأن (البردقوش المنتظر) لا يعدو
كونه وصفة مؤكدة للموت السريع لا فارق بينه وبين (وصفة بندر
المنتظر)!!.
تنحصر الآثار المدمرة (للبردقوش المنتظر) في إطار مرضى السكر الذين
يشكلون قطاعا محدودا من السكان لا يتجاوز 6% فقط لا غير (يسهل التضحية
بهم فداء للبرداقوش؟!) خاصة وأن هناك من يفضل الموت بدلا من تعاطي دواء
صنعه كفار الدانمارك, ويريد دواء إسلاميا من دون أن يتعب في اختراعه!!.
إلا أن (وصفة بندر) تهدد أمة بأسرها بحرب جاهلية لا تبقي ولا تذر
كما أنها وصفة فاشلة سبق لها أن جربت وأصابت كل من استخدمها بالعمى
الجزئي والشلل الرعاش والهلاوس المرضية فضلا عن فقدان الذاكرة مما شجع
جماعة العشابين العرب على إعادة بيع نفس الدواء القاتل لجماعة العميان
العربية والدولية!!.
تقول النشرة الطبية الملحقة بوصفة بندر السحرية:
(سنراقب المتطرفين عن كثب!! خلقنا هذا التحرك، ونستطيع التحكم به.
ليس الأمر أننا لا نريد أن يرمي السلفيون القنابل؛ إن الأمر يتعلق
بالجهة التي يرمونها بها ـ حزب الله، مقتدى الصدر، إيران، والسوريون
أيضا إذا استمروا بالعمل مع حزب الله وإيران(.
ولأن السيد بندر هو أحد عباقرة السياسة العرب شأنه شأن معاوية بن
أبي سفيان وعمرو بن العاص فهو حريص على أن يخلد هذا الإنجاز باسمه في
سجل المفاخر والأمجاد ومن ثم فهو لم ينف ما نسب إليه ولأنه يراقب هؤلاء
السلفيين عن كثب سواء كانوا في بلد المنشأ (حيث سيفجرون أنفسهم لاحقا)
أو في العراق بلد المصب والمصائب حيث يفجرون أنفسهم الآن ضد (حزب الله
ومقتدى الصدر والإيرانيين والسوريين) ولذا فالرجل يعرف من فجر شارع
المتنبي في بغداد شارع المكتبات وأحال الكتب والبشر إلى رماد وأشلاء
وهو أيضا يعرف الانتحاريين الذين فجرا نفسيهما في مدينة الحلة الواقعة
جنوب بغداد وسط الزوار المتوجهين إلى مدينة كربلاء لإحياء ذكرى أربعين
الحسين حيث لقي 93 شخصاً مصرعهم وأصيب 147 آخرون - إصابة 40 منهم بالغة
يوم الثلاثاء 7 مارس 2007.
ولا شك أن هؤلاء (الأوغاد القتلى) يستحقون أكثر من هذا لأنهم يشكلون
التربة الخصبة التي أنبتت (حزب الله ومقتدى الصدر والإيرانيين
والسوريين) ومن ثم فهم أهداف مشروعة لوصفة بندر السحرية أو البردقوش
السياسي المنتظر!!.
الآثار الجانبية لوصفة بندر
ولأن أي دواء في هذه الدنيا يمكن أن تكون له بعض الآثار الجانبية
ولذا تذكر النشرة الطبية لخبير البردقوش السياسي بعض هذه الآثار التي
لا تدعو للقلق ولا تثير الريبة (إن سمعت بعض الانفجارات أو أصوات
الرصاص بالقرب من رأسك, فلا تقلق فنحن نراقبهم عن كثب!!! وإن سمعت بعض
أصوات السب والشتم والتكفير بالقرب منك أو عليك, فلا تقلق فنحن أيضا
نراقبهم عن كثب!! وإن قتل بعض الفرنسيين أثناء ذهابهم لأداء العمرة فلا
تقلق ولا تمتعض فنحن أيضا نراقبهم عن كثب!! وسنلقي القبض عليهم عن
كثب!!! وإن أحسست ببعض الغثيان أو القرف الشديد لكثرة ما تشاهده من جثث
وأجساد محترقة من كثب فيمكنك أن تتعاطى دواء ضد القيء وأن تصمد حتى
تفشل الخطة الأمنية في العراق عن كثب وإلى أن يرضخ العراقيون لمن
يطالبهم بتعديل دستورهم ليفرغوا هم بعد ذلك لوضع دستور لبلادهم التي ما
زالت حتى الآن بلا دستور ومن ثم فهم لا يحتاجون تعديل شيء لا وجود
له!!).
برداقوش إعلامي
جلست أتابع (عن كثب!) لقاء مسجلا مع أحد هؤلاء الانتحاريين والذين
جرى تفجيرهم عن بعد (وليس عن كثب!!) ونجا على طريقة (أعطني عمرا وفجرني
عن بعد في صهريج نفط)!!.
إنه نموذج للبلاهة والعته متجسد في إنسان له عينين ولسان وشفتين,
فالرجل ذهب إلى العراق ليقتل من أوصى السيد بندر بقتلهم ولكنه كان
يتصور على ما يبدو أنه سيركب فرسا أبيض ويقتل على طريقة سيلفستر
ستالوني ويعود إلى حضن أمه بعد ذلك حميدا مجيدا يرتدي ثوبا جديدا
ولكنهم أركبوه صهريجا من الغاز وطلبوا منه إيصاله إلى نقطة محددة وما
إن وصل إلى هذه النقطة الكائنة وسط حي سكني حتى فجروه عن بعد وكان أن
نجا هذه المعتوه رغم احتراق أغلب جسمه ورغم احتراق المئات من البشر
وعشرات المساكن المحيطة!!.
من الذي ساق هذا المعتوه المخدوع ليجري تفجيره وسط المدنيين
الأبرياء ومن الذي يكذب ويحرض في وسائل الإعلام صباح مساء ليسوق هؤلاء
إلى حتفهم ومعهم المئات كل يوم؟!.
أليسوا هم خبراء البردقوش الإعلامي والديني الذين يكذبون ويحرضون
على القتل والانتقام العشوائي ويقدمون خرافاتهم على أنها حقائق غير
قابلة للنقض أو الدحض والتشكيك؟!.
لقد تضخمت إذا واستفحلت ظاهرة الدجل السياسي والطبي والإعلامي فهي
تعكس رغبة جامحة في الحصول على حلول سحرية سهلة مهما كانت درجة لا
أخلاقيتها حتى ولو كانت حلولا وهمية تجاوزها الزمن وتطور المجتمعات نحو
التكامل العلمي والأخلاقي ومن ثم فمهما حقق خبراء البردقوش من نجاحات
زائفة فهي لن تصمد ولن تستمر طويلا والأيام المقبلة كفيلة بكشف هذه
الحقيقة.
(اسْتِكْبَاراً فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلاَ يَحِيقُ
المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ
سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن
تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً * أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي
الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ
وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ
مِن شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ
عَلِيماً قَدِيراً) فاطر 43-44.
[email protected] |