ليس من السهل على الالمان النظر الى الوراء للعهد النازي والضحك
لكن فيلما جديدا جرؤ على السخرية من الرجل الذي قاد ألمانيا نحو حربين.
وفيلم داني ليفي "الفوهرر.. الحقيقة الكاملة عن ادولف هتلر" الذي
بدأ عرضه في دور السينما الاسبوع الماضي هو أول فيلم كوميدي عن
الدكتاتور النمساوي المولد يعرض عرضا عاما.
واثار أول فيلم الماني عن ادولف هتلر الذي عرض في عام 2004 وقام
ببطولته الممثل السويسري برونو جانز تحت عنوان "السقوط" جدلا محموما
لانه تجرأ على تصويره كانسان ينهار في الايام الاخيرة للحرب.
ويأمل ليفي وهو يهودي سويسري المولد ان يذهب فيلمه ابعد من ذلك في
تصويره كانسان عادي في بلد تعتبر السخرية منه امرا غير اخلاقي.
وقال ليفي في حديث "يهمني ان اضع حدا لتصوير هتلر كانسان خارق شرير.
يمكن ان تفعل ذلك بشكل لطيف من خلال الكوميديا حتى يضحك الناس ايضا من
قلبهم."
ويحاول ليفي في فيلمه تخطي العديد من المحظورات ويصور هتلر على انه
يبلل فراشه وانه عانى من صدمات في طفولته والعنة مع عشيقته ايفا براون.
ويقوم بالدور الرئيسي في فيلم ليفي الساخر الفنان والموسيقي والممثل
الكوميدي الالماني الشهير هيلجه شنادير ويصعب تبين ملامحه تحت
المساحيق.
ويحكي الفيلم قصة وهمية تشبه الرواية الشعبية للفلاح الذي يحل محل
الملك.
فاثناء احتفالات عيد الميلاد في عام 1944 بينما كانت قوات التحالف
تجتاح الجيش الالماني اصيب هتلر بانهيار عصبي مما دفع وزير الدعاية
يوزيف جوبلز للاستعانة بممثل يدعي ادولف جرونباوم ويعطيه دروسا في
التمثيل ليلقي خطاب العام الجديد بدلا من هتلر.
في بداية الامر يرفض جرونباوم العرض ثم يقبل بعد ان يأتوا بزوجته
واطفاله من مركز زاخسنهاوزن للاعتقال ليقيموا معه في مقر المستشارية
الالمانية. ومع اقترابه من هتلر يخطط جرونباوم للانتقام من النازيين.
وسبق تقديم معالجات كوميدية للحقبة النازية والمحرقة على الشاشة
وربما يكون أشهرها فيلم تشارلي تشابلن "الدكتاتور العظيم" الذي قدم في
عام 1940.
ويقول ليفي (48 عاما) ان فيلم "الحياة حلوة" وهو فيلم ايطالي نال
جائزة اوسكار في عام 1997 اوحي له بفكرة الفيلم. ويصور الفيلم الايطالي
ابا يحاول حماية ابنه من الاهوال التي يراها في معسكرات الاعتقال
النازية بتصويرها على انها لعبة متقنة.
ويضيف "فعل الفيلم المحظور وسمح بما لم يكن مسموحا. حين شاهدت
الفيلم صدمت تماما. تأثرت كثيرا لامكان حدوث مثل هذا التصور الخيالي
والشاعري في معسكر اعتقال."
لكن فيلم ليفي واجه انتقادات في ألمانيا ليس لانه يتناول قضية جادة
جدا في اطار كوميدي خفيف .
ويقول الناقد كريستوف بيترسن في تعليقه على الفيلم على موقع على
شبكة الانترنت انه ممل جدا ويدفع المشاهدين للنوم.
ويري بيتر تساندر الناقد في صحيفة دي فيلت ان السخرية كانت رقيقة
جدا ويضيف "النقد الذي يمكن ان يوجه لليفي ليس لانه قدم فيلما كوميديا
عن هتلر بل لانه لم يكن ساخرا بالقدر الكافي. كان ينبغي ان تكون
النتيجة لاذعة اكثر واقسى."
وتعرض الفيلم الكوميدي "قائدي"، للمخرج اليهودي داني ليفي، الذي
يجسد شخصية هتلر بشكل ساخر من خلال إظهاره في مواقف هزلية مضحكة بدا
فيها عاجزا عن الكلام ومدمنا على الكحول إلى النقد بوصفه يهون الفظائع
التي ارتكبها النازيون .
كما سلط المخرج ليفي الضوء على طفولة هتلر في إطار كوميدي وذلك من
خلال التطرق إلى علاقة هتلر بوالده، الذي لم يمنحه ما يكفي من العطف.
وقال المخرج ليفي على هامش عرض خاص لهذا الفيلم: "مررت بأزمات كثيرة
تساءلت خلالها فيما إذا كنت أملك الحق في القيام بعمل من هذا النوع".
جدير بالذكر أن المخرج داني ليفي، السويسري الجنسية، يقيم في العاصمة
الألمانية برلين. وقد حقق نجاحا كبيرا أيضا من قبل في فيلم له بعنوان
"السيد زوكر"، الذي اعتبر أول فيلم هزلي يهودي ألماني بعد الحرب
العالمية الثانية.
يستند هذا الفيلم في حيثياته إلى أساس تاريخي، فالوقائع والأحداث
تشير إلى أن هتلر لجأ فعلا إلى الألماني بول ديفرينت، لتحسين أدائه
الخطابي في الثلاثينيات، لكن كل ما تبقى فهو محض خيال. وتتخلل الفيلم
مشاهد يقوم خلالها هتلر بإخراج مخدرات من الكرة الأرضية العملاقة التي
يملكها ويلهو بسفينة حربية بلاستيكية خلال الاستحمام. كما أنه يلاعب
الكلبة "بلوندي" التي ترتدي لباسا عسكريا وتعرف كيف تؤدي التحية
الهتلرية.
تم التصوير في الشتاء الماضي في عدة مناطق من العاصمة الألمانية
برلين. وخلال التصوير انتاب الكثير من سكان مدينة برلين الدهشة، لاسيما
وهم يقفون أمام الصلبان المعقوفة الضخمة، رمز النازية، التي انتشرت في
وسط المدينة. ويبدو أن هتافات أكثر من 700 من الكومبارس بعبارة "يحيا
هتلر!" زادت من هذه الدهشة. وعن هذا يقول مخرج الفيلم: "إن من المهم أن
يكون هناك استعداد للقيام بأشياء ممنوعة ومحرمة أخلاقيا. إنها الطريقة
الوحيدة لمواجهة هذه المسائل".
ويشير ليفي إلى أن أفلاما مثل "الدكتاتور" (1940) لتشارلي شابلن
تلهمه أكثر من فيلم ستيفن سبيلبرغ "لائحة شيندلر" (1993) الذي يروي قصة
صناعي ثري يحاول إنقاذ عماله اليهود من بطش النازية. ويرى أن هذا
الفيلم الأخير يتمتع بمستوى جيد، من خلال السعي إلى "شرح الحقيقة"، كما
قال المخرج ليفي.
في معرض توجيهه لانتقادات فيلم "الأفول"، الذي يعتبر نجاحه عالميا
ويروي بواقعية الأيام الأخيرة "للفهرر" في مكان اختبائه، أوضح المخرج
ليفي بأن "كل هؤلاء النازيين يعطون هالة في السينما لا بد من تحطيمها".
غير أن هذا الفيلم ٌقائدي" قد تعرض أيضا للانتقادات. فقد أورد موقع "دي
برسه" الألماني عن الصحفية الألمانية ليا روش قولها بأنها لا ترى
إمكانية لإخراج هتلر بصورة مثيرةً للسخرية، لأنها "تعتقد أن الفيلم
يهون من الفظائع التي ارتكبها الدكتاتور النازي". وتعلق روش على ذلك
بالقول: "رأيت في بعض مشاهد الفيلم هتلر وهو يلهو خلال الاستحمام
بسفينة حربية. غير أن الواقع يختلف عن ذلك تماماً، فقد كان هتلر
دموياً". وفي السياق ذاته تساءلت مجلة "دير شبيجل" الألمانية الواسعة
الانتشار عن هذه الواقعية النقدية والتاريخية بقولها: "هل يجب تقديم
المحرقة على أنها قصة مضحكة".
وأظهر استطلاع للرأي أن غالبية الألمان يرفضون تقديم شخصية هتلر
بشكل ساخر من خلال الفيلم الجديد الذي أخرجه المخرج اليهودي داني ليفي.
وكشفت نتائج الاستطلاع المنشورة في مجلة "شتيرن" الألمانية أن 65% من
الألمان يرفضون فيلم "قائدي" الذيعرض في دور العرض بمختلف أنحاء
ألمانيا.
من ناحية أخرى قال 35% من الألمان إن هذا الفيلم الذي يقوم فيه
الممثل هيلجيه شنايدر بدور هتلر يعد عملا "إيجابيا".
وكان سكان الشطر الشرقي من ألمانيا أكثر اعتراضا على الفيلم حيث
رفضته نسبة 67% فيما لم تقبله سوى نسبة 22% فقط. |