التكفيريون يستبيحون جامعة المستنصرية والطلبة مصرون على المواصلة

 سادت حالة من الترقب الحذر بغداد الاربعاء غداة التفجيرات التي استهدفت جامعة المستنصرية واوقعت سبعين قتيلا فيما اكد طلاب اصرارهم على مواصلة الدراسة لمحاربة الارهاب.

وحضر عدد قليل من افراد الهيئة التعليمية والموظفين الى الجامعة لتفقد المكان ومعاينة الاضرار بعد هذا الاعتداء الاول من نوعه وسط حالة من الذهول بدت واضحة على اوجه الجميع.

ورفض معظمهم التحدث الى الصحافيين لكنهم شددوا على "الاستمرار" في عملهم رغم المخاطر.

وقال احد اساتذة اللغة الفرنسية لوكالة فرانس برس "لم يحضر الطلاب اليوم كما تغيب غالبية الاساتذة والموظفين".

واضاف رافضا ذكر اسمه ان ادارة الجامعة ووزارة التعليم العالي اعلنت الحداد ثلاثة ايام. وتابع "نحن في حالة من الترقب حاليا (...) فالاوضاع ليست مستقرة".

ونظم حوالى ستين من طلاب الجامعة التكنولوجية اعتصاما للاحتجاج على التفجيرات وتجمعوا امام مبنى رئاسة الجامعة فيما طوقت قوات امن عراقية المكان خارج الحرم الجامعي واغلقت الطرق الرئيسية بغية منع تكرار هجمات مماثلة لما حدث الثلاثاء.

وابدت غالبيتهم خشية تجاه احتمال استهداف جامعات او معاهد اخرى.

ورفع المشاركون لافتات كتب عليها "نستنكر وندين العمليات الارهابية والفعل الوحشي ضد الطلاب" و "كلنا يد بيد من اجل عراق واحد" كما طالبوا الحكومة "بحماية الطلاب والاساتذة من الاعتداءات الارهابية".

وقال ياسر محمد احد اعضاء اتحاد الطلاب "رغم بشاعة العمل الاجرامي العملية الدراسية لن تتوقف في بغداد (...) هذه الاعمال تتكرر نشهد تفجيرات مماثلة في المناسبات الدينية والاسواق لكن تفجيرات الامس هدفها وقف عجلة العلم".

وتابع "سنواصل الدوام حتى بقاء اخر استاذ واخر طالب".

من جهتها قالت الطالبة ياسمين محمد ان "الارهابيين يحاولون قتل كل المعلمين والطلاب لانهم عجزوا عن ذلك بوسائل القتل الفردي".

واضافت "هذه العملية لا تستهدف طائفة معينة لان الجامعة تضم خليطا من الشيعة والسنة والاكراد والمسيحيين انها حرب على كل شيء اسمه عراقي".

واكدت ياسمين اصرارها على مواصلة الدوام رغم معارضة اسرتها.

وقالت "اسرتي ترفض باستمرار ذهابي الى الجامعة بسبب الوضع الامني المتدهور واصروا اكثر بعد تفجيرات الامس لكني رفضت لان ذلك يعتبر نصرا للارهاب".

بدوره حمل الطالب ياسر غازي الحكومة المسؤولية بسبب عدم توفير الحماية الكافية للجامعات وقال "انها المسؤولة لانها وعدت بتوفير الحماية لكنها لم تفعل وتركت الامور سائبة فكانت هذه النتيجة".

وتابع ان "الطالب انسان بريء لم يفعل شيئا يستحق ان يقتل داخل مؤسسة مثل الجامعة (...) فالارهابيون يريدون انشغال الشبان بالمليشيات حتى لا يتطلعوا الى الحضارة والتطور".

يذكر ان القتلى سقطوا عندما فجر انتحاري نفسه امام المدخل الرئيسي للجامعة بينما انفجرت حافلة ركاب صغيرة في الجهة المقابلة حيث يتجمع الطلاب بانتظار وسائل نقل" تقلهم الى اماكن سكنهم.

وافاد مصور لوكالة فرانس برس ان جثث الطلاب تناثرت في الشارع واحترق معظمها.

وقال شرطي في مكان الحادث "كان رنين الهواتف النقالة لبعض الطلاب متواصلا في جوار جثثهم" واضاف متسائلا "على من اجيب؟ وماذا ساقول له؟ ابنك قتل حرقا".

وقد تحولت الباحة الامامية للجامعة الى مستنقع من الدم اختلط باوراق المحاضرات والكتب والاقلام.

واحترقت اكثر من عشر سيارات بينها حافلة يستقلها عدد من الطلاب ولم يتمكن الدفاع المدني والاطفاء من اخراج الجثث التي تفحمت الا بعد ساعة.

وأدان رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، الهجمات، وألقى بتبعتها على "صداميين وإرهابيين يائسين."

وتعهد المالكي بملاحقة منفذي الهجمات، التي تزامنت "وتعرض فلول النظام السابق لضربة قوية وضعت نهاية لأحلامهم للأبد، وإنهاء العراقيين لفصل مظلم لطاغية وديكتاتورية بإنزال العقاب بالمجرمين، والذين كانوا وراء القبور الجماعية بالعراق"، وفقا لبيان صادر من مكتب المالكي.

وقد شهدت جامعة المستنصرية، شمال شرقي بغداد، أكثر هجمات الثلاثاء دموية سقط خلالها 70 قتيلاًً و170 مصاباً في هجومين مزدوجين.

وبدأ التفجيران المتزامنان بعملية انتحارية فجّر خلالها المنفذ حزامه الناسف في المدخل الخلفي للجامعة، ليعقبها انفجار سيارة ملغومة متوقفة قرب المدخل الرئيسي للمبنى.

وقال أحد العاملين بـCNN إن قوات الأمن العراقية أغلقت المنطقة التي انتشرت فيها عناصر "جيش المهدي" المدججة بالسلاح، والتابعة للزعيم الشيعي، مقتدى الصدر.

وتزامن الهجوم على الجامعة مع نشر تقرير للأمم المتحدة جاء فيه أن المؤسسات التعليمية في العراق تتعرض "لحملة ترهيب."

وشجب الممثل الخاص للأمين العام في العراق ، أشرف غازي، الهجومين المزدوجين بـ"الجريمة الشنعاء."

وجاء في التقرير أن نحو 155 تربوياً، على الأقل، قتلوا منذ غزو العراق عام 2003.

من جانبه قال السيد حاكم الزاملي وكيل وزير الصحة اليوم الاربعاء ان جرحى انفجار المستنصرية الذي حدث امس توزعوا على مستشفيات الجملة العصبية والكندي والامام علي وابن النفيس وان فريقا طبيا برئاسته يقوم الان بزيارة الجرحى الراقدين في تلك المستشفيات للاطمئنان على اوضاعهم الصحية."

وأضاف في اتصال هاتفي مع وكالة أنباء (أصوات العراق) ان رصيد مصرف الدم كاف لمعالجة كافة الجرحى الذين اصيبوا جراء عمليات التفجير التي شهدتها بغداد امس وان البعض منهم يتماثل للشفاء بعد ان استنفرت وزارة الصحة كافة طاقاتها لعلاجهم."

وكانت وزارة الصحة ومصرف الدم في بغداد قد وجه نداءات يوم امس الى المواطنين طلبوا منهم التبرع بالدم لانقاذ الجرحى وخاصة الاصناف السالبة من الدم.

وذكر بيان صادر عن وزارة التعليم العالي ان وزيرالتعليم العالي والبحث الدكتور ذياب العجيلي تفقد اليوم الاربعاء ضحايا تفجيرات يوم امس التي استهدف طلاب الجامعة المستنصرية وأكد خلال زيارته التفقدية لعدد من المستشفيات التي يرقد فيها ضحايا التفجير "ان قوى البغي والظلام لن تزيد منتسبي التعليم العالي والعراقيين الشرفاء إلا اصرارا على مواصلة بناء العراق على الحرية والقانون وحقوق الإنسان."

مشدداً على ضرورة النأي بالجامعات عن الصراعات والتجاذبات بانواعها واشكالها كافة.

كما استنكرت جامعة واسط بحسب بيان وزارة التعليم العالي العمل الذي وصفته "بالاجرامي الارهابي الجبان الذى استهدف قافلة العلم والمعرفة في الجامعة المستنصرية يوم امس والذى ذهب ضحيته عددمن طلبة الجامعة."

ودعت جامعة واسط طلبتها ومنتسبيها صباح اليوم الى "الحداد في الساعات الاولى للدوام وقراءة سورة الفاتحة على الارواح الطاهرة لشهداء العلم والمعرفة في عراقنا الجريح."

من جهته قال حسن السنيد عضو اللجنة الامنية في مجلس النواب ان عدد من اعضاء المجلس طالبوا اليوم بتكثيف الحمايات الامنية للطلبة وللمؤسسات العلمية في عموم العراق .

وأضاف ( لأصوات العراق) اليوم لاربعاء "طالبنا الحكومة بتخصيص قطعات عسكرية خاصة لحماية كافة الطلبة في الكليات والمعاهد والمدارس للحفاظ على ارواح الاساتذة والطلبة ولاستمرار المسيرة العلمية."

مشيرا الى ان" الخطة الامنية الجديدة لم يبدأ تنفيذها بعد وان الحكومة قامت بخطوات تمهيدية للخطة."

فيما القى القاضي وائل عبد اللطيف عضو مجلس النواب عن القائمة العراقية باللائمة على بعض السياسين العراقيين الذين يطلقون الخطابات التحريضية داخل العراق وخارجه.

وقال ان " هذه الخطابات يذهب ضحيتها الابرياء من العراقيين."

وتظاهر عدد من الطلاب اليوم في الجامعات العراقية الاخرى منها الجامعة التكنلوجية في بغداد وجامعة واسط احتجاجا على استهداف الطلبة والمسيرة العلمية مطالبين الحكومة العراقية بوضع حد لاستهداف الطلبة وتوفير الحماية لهم .

ووصف علي حسين احد طلاب الجامعة المستنصرية حادث التفجيرات بالمروع وقال انه" لازال مذهولا من هول ما شاهده امس من تطاير اشلاء الطلبة والدماء التي سالت على الارض من شدة الانفجارين."

مشيرا الى ان"فقد زميلين له في الانفجار."

واوضح انه وعدد من زملائه سيمتنعون عن الدوام لحين قيام الحكومة العراقية بحماية الاساتذة والطلبة والمؤسسات العلمية بشكل جاد وفعلي.

في حين اصر عماد وهو طالب في الجامعة المستنصرية ايضا على مواصلة الدوام في الجامعة وقال ان "هذه لاعمال لن تثنينا عن مواصلة الدوام وطلب العلم طالما يحاول" الارهابيون" تعطيل المسيرة العلمية في العراق , ونحن لا نسمح لانفسنا بلاستسلام لهم."

وتأسست الجامعة المستنصرية اواخر سبيعينيات القرن الماضي وتقع في حي المستنصرية بشارع فلسطين شرقي بغداد وتضم عددا من الكليات منها كلية الطب وطب الاسنان والعلوم والتربية والاداب داخل مبنى الجامعة، فيما تقع كلية الهندسة في باب المعظم والادارة والاقتصاد في حي الطالبية ،كما تضم مركز دراسات الوطن العربي.

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 18 كانون الثاني/2007 - 28 /ذي الحجة /1427